لا تلعنون حلالكم
لاتلعنون حلالكم
الكلام هذا منقول .....
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
روى مسلم في صحيحه بسنده عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد ."
لا شك أن الدابة غير مكلفة، فلاينالها لعنة بمعنى الطرد من رحمة الله، لذلك تناول العلماء قديما هذا الحديث باعتباره من الأحاديث التي يشكل معناها على الفهم ويحتاج إلى تأمل وترو.
فذهب العلماء في تأمله إلى عدة احتمالات، أبرزها أن تكون المرأة وقت دعائها صادفت الساعة التي يعطي الله فيها كل واحد مسألته، والتي من أجلها نهى صلى الله عليه وسلم أن يدعو الإنسان على نفسه وولده ودابته وماله، فيكون قد لحق الدابة اللعن بمعنى خروجها من البركة واليمن ودخولها في الشر والشؤم ، ويكون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تدع الدابة عقابا لها؛ لتجاوزها بظلمها للدابة فارتد العقاب عليها بحرمانها من مالها.
يقول الإمام ابن الجوزي – رحمه الله- :
... إن قيل اللعنة البعد وإنما يكون جزاء الذنب والناقة غير مكلفة فكيف تقع عليها لعنة فالجواب من أربعة أوجه:
أحدها: أن معنى وقوع اللعنة عليها خروجها من البركة واليمن ودخولها في الشر والشؤم، وللعنة تأثير في الأرض والمياه ، كما في مسند ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أرض ثمود واستقوا من بئارها واعتجنوا به فأمرهم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن يهريقوا ما استقوا من بئارها وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يسقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
وكما في حديث أبي اليسر أن رجلاً لعن بعيره فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} انزل عنه فلا تصحبنا بملعون ولا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم ولا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم.
والثاني: أنه نهى عن ركوبها لأن لاعن الناقة ظلمها باللعن فتخوف رجوع اللعنة عليه، قال عمرو بن قيس: إذا لعن الرجل الدابة، قالت له : على أعصانا لله لعنته، ذكره ابن الأنباري.
والثالث :أن دعوة اللاعن للناقة كانت مجابة، ولهذا قال: إنها ملعونة.
والرابع : أنه إنما فعل هذا عقوبة لصاحبها لئلا يعود إلى مثل ذلك حكاهما الخطابي.
وقال الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار- رحمه الله- :
... عن عمران بن حصين قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم , فلعنت امرأة ناقتها , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا متاعكم عنها , فإنها ملعونة " قال عمران: فكأني أنظر إليها ناقة ورقاء - فسأل سائل عن المعنى الذي أمرت به مالكة هذه الناقة بتخليتها للعنها إياها؟