سوق الأسهم وسوق الائتمان... من يتحرّك أولاً؟

التسجيل
12 أكتوبر 2009
المشاركات
1,320
الإقامة
الكويت الحبيبة
الراي الثلاثاء 22 ديسمبر 2009



في الواجهة / البدر: الحل أن تشتري الدولة أصول الشركات وتضعها في «الكراج» ثم تعيدها عندما تستقيم الأوضاع
سوق الأسهم وسوق الائتمان... من يتحرّك أولاً؟



| كتب رضا السناري |

يشكل ارتفاع معدلات السيولة في البنوك مع تراجع الرفع الائتماني ظاهرة في الوقت الراهن، بعد سنوات ظلت عجلة الائتمان خلالها تلف بلا هوادة، حتى كان من اللافت في الفترات التي سبقت الأزمة تسابق البنوك المحلية لاستقطاب العملاء من الافراد والشركات، إلى الحدود التي تراخت معها بعض البنوك في تطبيق بعض قواعد الائتمان الصارمة، وأولها الضمانات، فلم يعد مهما للبنوك ان تدقق جيدا في خانة كهذه، ولا من غرض التمويل، ما دام العميل معروفا «لدينا» ولا ينظر هو الآخر إلى أسعار الفائدة.
وبالرغم من التحسن المستجد في سوق الأسهم، ثمة قناعة لدى العديد من المخضرمين من أهل السوق بأن البورصة لن تتنفس الصعداء تماماً إلا إذا توفر الائتمان للشركات والافراد، وهذا الذي جعل البنوك تتردد في فتحه رغم ان اجواء الازمة بدأت تنحسر.
فقد تحول الجمود في سوق الائتمان منذ بداية العام وما قبل ذلك، إلى ما يشبه موقف التأزيم المصرفي، فلم يعد بالامكان الحصول على تمويل جديد مهما كان اسم العميل ووزنه في السابق، فقواعد كثيرة تغيرت، واولها المتعلقة بالعلاقة بين البنك والعميل، فلم يعد تجديد عمليات الائتمان يسير وفقا للعرف، بل وفقا للقواعد المنصوص عليها من قبل بنك الكويت المركزي، ولعل بعض البنوك زادت من تحفظها بمزيد من الطلبات التي تضمن لها عدم تعثر استحقاقاتها مجددا، الا ان الشركات ترى في هذا الموقف المتحول من البنوك تعجيزا لها، وفي هذه الاثناء تراجع الرفع الائتماني في السوق المحلي ومن قبله في اسوق المنطقة والعالم إلى الحدود التي لم يعد يقتصر فيها التحفظ على الشركات الورقية فحسب بل امتد الى المليئة ايضا، فمستويات المخاطر ارتفعت على الجميع، وقلما سمع السوق عن صفقة تمويلية هنا او هناك، ولم يستطع قانون تعزيز الاستقرار المالي بدوره ردم الحفرة التي صنعتها مخاوف الأزمة بين البنوك والشركات، حيث كل يشد اللحاف ناحيته.
من هنا ظهرت الاشكالية، حيث ارتفاع مستويات السيولة في البنوك من خلال ارتفاع سقف الودائع، مقابل استمرار مخاوف البنوك من تحريك سوق الائتمان وتزايد حاجة الشركات إلى السيولة، وامام هكذا حال، يبدو السؤال مشروعا وهو ليس بجديد ولكن استمرار الاوضاع تجعله مطروحا، هل البنوك محقة في موقفها المتحفظ، وهل كل الشركات لا تستحق التمويل؟ وماذا عن محفزات سوق الائتمان المطلوبة حتى يعود السوق إلى معدلات رفعه الطبيعية؟
ومن خلال رصد للارقام في البنوك يتبين ان معدلات الودائع تبلغ نحو 28.04 مليار دينار، بنسبة نمو خلال العام الحالي حتى نهاية اكتوبر 11.64 في المئة ، فيما تبلغ القروض الممنوحة 24.92 مليار دينار بنسبة نمو خلال الفترة ذاتها تبلغ 5.29 في المئة.

البدر
ويرى رئيس مجلس الادارة في بنك الخليج علي رشيد البدر ان البنوك لا تستطيع ان تزيد من ضخها في سوق الائتمان من دون حساب المخاطر المترتبة عليها في ظل الأزمة من اجل معالجة مشاكل الشركات، خصوصا وان غالبية الطلبات المقدمة تأتي لاعادات الهيكلة، وليس لمشاريع جديدة تشجع البنوك على تمويلها.
وافاد البدر ان البنوك ومن واقع الأزمة لا تستطيع ان تزيد من اعباء المخصصات، فواقع حال الاسواق يؤشر إلى احتمال ان تواجه المصارف صعوبة في الدفع، وفي هذه الحالة ستضطر إلى بناء المزيد من المخصصات في ميزانياتها.
واوضح البدر ان البنوك ترغب في تحفيز نشاطها الاساسي وهو الاقراض لكن اذا كان ذلك يتضمن مخاطرة فهي تفضل ان تخفض العائد من خلال ايداعها في بنك الكويت المركزي وادوات اخرى بدلا من التمويل المباشر، منوها إلى أن البنوك لا تمانع في تمويل الشركات التي تحتاج إلى تمويلات لمشاريع جديدة.
واشار البدر إلى انه على الدولة تحمل مسؤوليتها في تحفيز الاقتصاد من خلال شراء الدولة لاصول الشركات التي تمثل حملا على الاخيرة سواء الداخلية او الخارجية، مع اعطاء هذه الشركات خيار إعادة الشراء مرة اخرى خلال فترة زمنية محددة.
وقال: «يتعين على الدولة شراء الاصول من الشركات ووضعها في الكراج لفترة محددة حتى تستقيم الاوضاع الاقتصادية وتعيدها مرة ثانية إلى الشركات».
وحول قانون تعزيز الاستقرار المالي وموقف الشركات من الانضمام اليه افاد البدر ان الشركات المتعثرة تخاف على سمعتها بدخولها تحت مظلة القانون وطلبها الحماية من الدائنين، ومن ثم كان التردد من قبل الشركات الملاحظ حتى الان في الاستفادة من القانون رغم حاجتها.

السلمي
اما نائب الرئيس في شركة الاستشارات المالية الدولية (ايفا) صالح السلمي فيرى ان ليس كل الشركات الموجودة في سوق الكويت سيئة، فالعديد منها يستحق التمويل، من دون ان تحمل البنوك اي مخاوف امام ذلك، كما ان ليس كل التمويلات المستهدفة ستوجه إلى سوق الاسهم، حيث الكثير من الطلبات المرفوعة للبنوك من شركات في الاصل لتمويل مشاريع ذات عوائد تشغيلية، ومن ثم يتعين على البنوك ان تعيد النظر بطريقة اقل تحفظية في التعامل بسوق الائتمان. بدلا من المبالغة في الشروط.
وقال السلمي: «لسنا ضد ان تتخذ البنوك تحوطاتها الائتمانية وان تطالب بضمانات، فهذا من حقها، لكن ما هو ليس واقعيا ان تطلب البنوك ضمانات اكثر من اللازم، وهو ما يعوق حركة التمويلات، واضاف ان المشكلة التي تعاني منها بعض الشركات والتي ستكون نتائجها غير مرضية لمالكي اسهمها تكمن في جفاف التمويل لانه وببساطة لا نمو من دون توافر السيولة والعكس صحيح ان فقدت السيولة سيكون هناك انحسار في النشاط ما يؤثر على التداولات». مؤكدا ان غالبية اسواق المال العربية تعافت من الأوضاع المحيطة نتيجة لايجاد حلول جذرية ادت الى عودتها الى ما كانت عليه وهو الأمر الذي تحتاجه البورصة الكويتية حتى تعود الى تسجيل الارقام القياسية السابقة.
على صعيد متصل، افادت مصادر ان تراجع نشاط سوق الائتمان مرتبط بالمخاوف من حقيقة مكونات فائض السيولة في البنوك، فغالبية الاموال المودعة هي اموال قصيرة الاجل فاذا كان اجمالي الاموال المودعة في البنوك يبلغ 28.04 مليار دينار، فان معدلات الودائع على فترات قصيرة الاجل تستحوذ على غالبية السيولة المتوافرة في البنوك من الودائع، وتحديدا من شهر إلى 3 اشهر حيث تشكل نحو 59.85 في المئة من اجمالي الودائع، علما بان الودائع بين يوم وشهر تمثل نسبة 7.2 في المئة، واذا اضيفت اليها فترات 3 إلى 6 اشهر فسنجد ان نسبتها من الاجمالي ترتفع إلى نحو 77 في المئة.
كما ان هناك من يرجع تقلص مستويات السيولة خلال الفترة الاخيرة إلى تركز الودائع في البنوك الكويتية، حيث من الملاحظ ان غالبية الاموال المودعة ترجع إلى جهات محددة، في مقدمها الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة البترول الكويتية، وهي جهات لديها أجندة استثمارية، لا ينقصها الا الفرصة لامتصاص اموالها المودعة خارج دورة الودائع، ومن ثم تتخوف البنوك من ان تواجه خللاً في مستويات السيولة لديها اذا زاد الطلب الحكومي على أموالها فجأة .
كما ان بعض الشركات لا تزال تعيش الوضع السابق للأزمة، متناسية ان المسؤولية على البنك تغيرت مع تغير الاعتبارات، ففي السابق كان تعثر شركة أو شركتين لا يغير من استراتيجية البنك التمويلية، كون انه سيعوض هذا التعثر بوضع مالي افضل يلمسه مع غالبية مؤسسات السوق، ام في الوقت الرهن فقد تغير الحال ولحق التعثر بالغالبية، ويقترب من البعض، لذلك كان هناك ضرورة لمزيد من التحفظ.
وبغض النظر عن تركيبة فائض السيولة الموجودة في البنوك ومدى اعتبارها كاحد الاعتبارات الرئيسية في تراجع سوق الائتمان، وبعيدا عن الاسباب التي يقف وراءها كل فريق، ما يمكن التوقف امامه مليا هو ان هناك حلقة مفقودة بين البنوك والشركات وتحديدا الاستثمارية، فإذا كان من حق البنوك طلب المزيد من الضمانات التي تطمئنها، فمن صالح الجميع عودة سوق الائتمان إلى طبيعته من دون توقف مثلما يحدث في الوقت الراهن، خصوصا وان الخطاب الحكومي يؤكد على النية في توسعة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار بالمشاريع الرئيسية قيد الطرح والتي من المقرر ان تقارب تكلفتها حسب التصاريح الحكومية 5 مليارات دينار خلال العام الحالي.


http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=174557
 
أعلى