رأي اقتصادي
إفلاس الشركات ومسؤولية أعضاء مجالس الإدارات
2012/07/11 09:48 م
التقيم التقيم الحالي 5/0
إن الافلاس أمر شائع وطبيعي في عالم التجارة المليء بالمخاطر، وليس من العيب أو الخطيئة الاعلان عن الافلاس واشهاره.وهناك فرق بين الافلاس والتفالس، فالافلاس هو اضطراب في أعمال التاجر وعجز في امكانية سداد ديونه نتيجة الخسارة الطبيعية فهو أمر تجاري يقع على الرغم من ارادة التاجر.
أما التفالس فهو الافلاس الذي يوقع التاجر نفسه فيه بعلمه وتدليسه أو تقصيره ويندرج تحت الشق الجنائي من حالات الافلاس.
والحقيقة ان افلاس الشركات أكثر أهمية من افلاس التاجر الفرد، ففي افلاس التاجر الفرد تكون المحافظة على أمواله ووضع اليد عليها يتمان لمصلحة الدائنين.ولكن بالنسبة للشركات فانه الى جانب الدائنين توجد مصلحة المساهمين الذين لا يشاركون مباشرة في إدارة الشركة وأسهمهم تمثل مدخراتهم واستثماراتهم، لذلك فان وضع اليد على مقومات الشركة في حالة الافلاس صون لهذه الأموال من العبث.
فلقد أجازت المادة 565 من قانون التجارة للمحكمة التي تنظر طلب شهر الافلاس ان تأمر باتخاذ الاجراءات اللازمة للمحافظة على أموال المدين (المفلس) أو لإدارتها الى ان تفصل في طلب شهر الافلاس، ويجوز للمحكمة ان تندب أحد أعضاء النيابة العامة لاجراء تحريات عن حالة المدين المالية وأسباب وقوفه عن الدفع وتقديم تقريره بذلك.
وطلب افلاس الشركة يجوز اذا اضطربت أعمالها المالية حتى لو لم تتوقف عن الدفع، بخلاف افلاس التاجر الذي يعتبر التوقف عن الدفع دليلا على الاضطراب ما لم يثبت عكس ذلك.
ولخطورة طلب شهر الافلاس ومنعا من التلاعب لم يجز القانون للشريك- ما لم يكن دائنا للشركة – ولا لمدير الشركة أو المصفي طلب شهر افلاس الشركة الا بعد أخذ اذن الجمعية العامة العادية.ويجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الشركة أو طلب النيابة العامة ان تؤجل شهر افلاس الشركة اذا كان من المحتمل دعم مركزها المالي، وفي هذه الحالة تأمر المحكمة باتخاذ ما تراه من تدابير للمحافظة على موجودات الشركة.
ويثور التساؤل عن وضع الشركاء وأعضاء مجلس الإدارة في حالة افلاس الشركة؟.
وتقضي المادة 679 من قانون التجارة بأنه اذا شهر افلاس الشركة وجب شهر افلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها ويشمل الافلاس الشريك المتضامن الذي خرج من الشركة بعد وقوفها عن الدفع اذا طُلب شهر افلاس الشركة قبل انقضاء سنتين من تاريخ شهر خروج الشريك من السجل التجاري.كما يجوز للمحكمة ان تقضي بشهر افلاس كل شخص قام تحت ستار الشركة المشهر افلاسها بأعمال تجارية لحسابه الخاص أو تصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة.
أما بخصوص مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة فتثور صعوبة قانونية بخصوص المسؤولية الجماعية لهم اذا صدر عن مجلس الإدارة قرار يشكل نشاطا معاقبا عليه، والحقيقة ان المسؤولية الجنائية بطبيعتها لا يمكن ان تقع على جميع أعضاء مجلس الإدارة بوصفهم جماعة، لذلك فان الأعضاء الذين عارضوا صدور القرار محل التجريم لا يتحملون المسؤولية الجنائية حتى لو قلنا ان القاعدة ان القرار الصادر من مجلس الإدارة يعبر عن المجلس كله وليس بعض الأعضاء دون البعض الآخر لأن هذه القاعدة يمكن ان تطبق في مجالات قانونية أخرى الا أنه لا يمكن تطبيقها في مجال المسؤولية الجنائية.
ولكن تنص المادة 791 من قانون التجارة على معاقبة أعضاء مجلس الإدارة أو مديرها أو القائمون بتصفيتها اذا ثبت أنهم ارتكبوا أحد الأعمال المنوه بها لاحقا في تلك المادة، ولم تقل ان من ارتكب منهم، فظاهر النص يستبان منه ان المسؤولية جماعية ولكن يمكن تفسيره بمفهوم المخالفة أنه اذا ثبت ان جميعهم شاركوا بالفعل المجرم.
وقد جاء نص المادة 791 كما يلي: في حالة صدور حكم نهائي بشهر افلاس شركة يعاقب أعضاء مجلس إدارتها أو مديرها أو القائمون بتصفيتها بالحبس لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات اذا ثبت أنهم ارتكبوا أحد الأعمال الآتية:
-1 لم يمسكوا دفاتر تجارية تكفي للوقوف على حقيقة مركز الشركة المالي.
-2 امتنعوا عن تقديم البيانات التي يطلبها منهم قاضي التفليسة أو مديرها أو تعمدوا تقديم بيانات غير صحيحة.
-3 تصرفوا في أموال الشركة بعد وقوفها عن الدفع بقصد اقصاء هذه الأموال عن الدائنين.
-4 وفوا بعد وقوف الشركة عن الدفع دين أحد الدائنين اضرارا بالباقين أو قرروا تأمينات أو مزايا خاصة لأحد الدائنين تفضيلا له على الباقين ولو كان بقصد الحصول على الصلح.
-5 تصرفوا في بضائع الشركة بأقل من سعرها العادي بقصد تأخير وقوف الشركة عن الدفع أو شهر افلاسها أو فسخ الصلح، أو التجأوا تحقيقا لهذه الأغراض الى وسائل غير مشروعة للحصول على نقود.
-6 أنفقوا مبالغ جسيمة في أعمال المقامرة أو المضاربة في غير ما تستلزمه أعمال الشركة.
-7 اشتركوا في أعمال تخالف القانون أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، أو صادقوا على هذه الأعمال.
بينما نصت المادة 792 على أنه: اذا أقيمت على المفلس أو عضو مجلس إدارة الشركة المفلسة أو مديرها أو القائم بتصفيتها الدعوى الجنائية بالافلاس بالتدليس أو بالتقصير أو صدر عليه حكم بذلك وفقا لأحكام المواد الأربع السابقة، بقيت الدعاوى المدنية أو التجارية محتفظة باستقلالها عن الدعوى الجنائية، كما تبقى الاجراءات المتعلقة بأعمال التفليسة كما نظمها القانون دون ان تحال على المحكمة الجنائية، أو ان يكون من حق هذه المحكمة التصدي لها ما لم ينص القانون على غير ذلك.
وجدير بالذكر انه استنادا للمادة 683 فقرة 2 من قانون التجارة فانه يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العامة أو مدير التفليسة أو أحد الدائنين ان تقضي بسقوط الحقوق السياسية عن أعضاء مجلس إدارة الشركة أو مديريها الذين ارتكبوا أخطاء جسيمة أدت الى اضطراب أعمال الشركة وتوقفها عن الدفع.
وكذلك من آثار شهر افلاس الشركة أنه اذا تبين بعد افلاس الشركة ان موجوداتها لا تكفي لوفاء %20 على الأقل من ديونها جاز للمحكمة بناء على طلب مدير التفليسة ان تقضي بالزام جميع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين أو بعضهم، بالتضامن أو بدون تضامن بدفع ديون الشركة كلها أو بعضها الا اذا اثبتوا أنهم بذلوا في تدبير شؤون الشركة العناية الواجبة.