«المحفظة الوطنية» تعدّ نتائج 2009: إن خسرت فتلك مصيبة... وإن كسبت؟

الشاهين1

موقوف
التسجيل
20 أبريل 2009
المشاركات
1,794
توقعات بتفوّق أدائها على أداء السوق
«المحفظة الوطنية» تعدّ نتائج 2009: إن خسرت فتلك مصيبة... وإن كسبت؟


مع مطلع العام الحالي، أطفأت «المحفظة الوطنية» شمعتها الأولى، لكن الجدل الذي أحاط بعملها أوسع من أن تطفئه نتائج تثلج الصدور.
كانت الأموال قد تحولت من «هيئة الاستثمار» إلى «المحفظة» في الأسبوع الأخير من 2008، ولم يبدأ نشاطها فعلياً إلا مع مطلع العام الماضي. والآن تجري، كغيرها، «جردتها» لمعرفة حصيلة العام الماضي. وتنتظر الهيئة العامة للاستثمار واللجنة الإشرافية على المحفظة من مدير «المحفظة الوطنية»، تزويده بالنتائج السنوية.
لا أرقام متوافرة إلى الآن، لكن ترجيحات بعض المطلعين تميل إلى الاعتقاد بأنها أداء المحفظة خلال العام 2009 جاءت محصلته أفضل من محصلة أداء السوق، الذي أنهى السنة بخسارة المؤشر 9.9 في المئة، وضياع 11.2 في المئة من القيمة السوقية.
ولكن المفارقة أن «المحفظة الوطنية» قد تكون أقل الرابحين سعادة بما كسبته، لأن من شأن مكاسبها أن تطلق نقاشاً جديداً حول الدور الذي قامت به «المحفظة». فهل كان المطلوب منها أن «تتشاطر» في لعبة السوق، وتلعب لعبتها الكاملة في البيع والشراء لتحقيق الأرباح، من دون إقامة الاعتبار لدورها المفترض في تحقيق الاستقرار؟
إلا أن «الهيئة الإشرافية لا تبدو منشغلة بهذا السؤال دون غيره، بل طلبها للبيانات من مدير المحفظة، لا يعدو كونه جزءاً من بدهيات الاحتراف في العمل، لتتمكن من معرفة ما تدفعه من رسوم للمقاصة والمصاريف الأخرى.
وفي الوقت الذي يخوض السوق غمار الحديث الذي بدأه منذ اطلاق نشاط المحفظة الوطنية في البورصة حول ماهية الدور الحقيقي الذي يتعيّن على مدير المحفظة أداؤه في السوق، من دون أن ينتبه أحد إلى انه لا توجد حتى الآن معايير واضحة يمكن من خلالها قياس مؤشر أداء المحفظة، حيث يعلم مسؤولو الهيئة سلفا أن الإجابة التي ستخرج بها اللجنة الإشرافية حول تقييمها لنشاط المحفظة الوطنية لن تقنع الكثيرين، وان كان لا يخفي قناعته وقناعة قياديي الهيئة أثناء تفكيرهم بصوت عال، بأن المحفظة حققت ما ينبغي عليها تحقيقه.
ويعلم مسؤلو الهيئة جيدا ان هناك من قد «يناجرهم» في هذه الإجابة، فعلى صعيد واقع السوق لم يتغير شيء، ولا تزال قيم التداولات متراجعة إلى الحدود التي لا تتناسب مع الدور الذي من أجله تأسست المحفظة، ولعل الشاهد على ذلك الخسارة الكبيرة التي مني بها السوق منذ بداية الأزمة المالية، إذ إن خسارة المؤشر خلال هذه الفترة تصل إلى نحو 30 مليار دينار. الا انه في المقابل يدرك ايضا انه لو كان ساهم بكل «عزمه» خلال الفترة الماضية لكان ضمن الخاسرين بشكل مؤثر، اذ سيتعرض وقتها إلى المحاسبة، حيث هدفه استثماري، بقدر ما هو تحقيق الاستقرار للسوق.
وفيما تنتظر الهيئة تقارير الأداء حول نشاط دور المحفظة بعد مرور عام على تأسيسها، يمكن تسجيل عدة نقاط في اطار تحليل نشاط المحفظة الوطنية خلال هذه الفترة ما لها وما عليها:
أولاً: تتمثل الاشكالية الكبرى التي تواجه دائما قياديي «الهيئة» في الأفكار النمطية الثابتة في السوق، بأن دور «الهيئة» هو انقاذ السوق، وبالطبع هكذا تصور غير صحيح، لاسيما وانه في المبدأ لا يمكن لصناديق الثروة السيادية ان تصبر على خسائر دفترية في استثماراتها في حال قامت بدعم السوق بالمعنى الدارج في شراء كل ما يعرض ايا كان وزنه.
ثانيا: من خلال التقارير التي رفعتها الشركة الكويتية للاستثمار إلى اللجنة الاشرافية باعتبارها مدير المحفظة، يتضح ان التحديات التي تواجه السوق لا تزال قائمة، وتحديدا في ما يتعلق بتشابك الملكيات بين الشركات، وتراجع معدلات الثقة في السوق، خصوصا في شأن المخاوف ما يسمى بأزمة الاصول الخطرة للبنوك، والتي لا تزال تمثل مشكلة للقطاع المالي، إضافة إلى استمرار العيش على أمل تدخل الحكومة، والأزمات السياسية المتلاحقة بين السلطتين.
ثالثا: من الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية على الصعيد المحلي ان سياسة الدعم المباشر للاسواق غير مجدية، فالعلاج الحقيقي يتخطى ذلك بكثير. كما ان حتى اكثر الاسواق تضررا من الأزمة لم تلجأ إلى دعم سوق اوراقها المالي بشكل مباشر مثلما فعلت الكويت، التي كانت الدولة الأولى والاخيرة في تفعيل هذه الآلية.
رابعا: تؤكد تجربة المحفظة الوطنية بانها ليست السبيل الوحيد لضمان استقرار السوق، بل الأمر يحتاج إلى جملة متنوعة من السبل تبدأ من الدولة وسياستها المالية، وتشارك فيها الشركات المدرجة عبر تأكيد ثقتها في السوق من خلال الابقاء على مساهمتها المجدية من دون المضاربة لتحقيق هوامش ضيقة من الربحية.
خامسا: مواجهة تداعيات الأزمة المالية اكبر بكثير من مجرد طرح محفظة وطنية، لا يشكل اجمالي رأسمالها المليار ونصف المليار دينار نحو 5 في المئة من إجمالي الخسائر المحققة منذ بداية الأزمة على صعيد مؤشر البورصة، وهو ما يؤكد بان «الشق عود»، وليكن السؤال، انه في حال ضخت المحفظة الوطنية رأسمالها بالكامل في البورصة خلال الفترة الماضية، هل كانت استطاعت ان توقف موجة الرجوع التي ضربت السوق الكويتي صاحب القيمة الرأسمالية الكبيرة؟
سادسا: لا تتناسب آليات نشاط المحفظة الوطنية المقرة من قبل الحكومة وكذلك اهدافها مع ثقافة تحمل الدولة خسائر لمجرد ان ترفعها عن مستثمرين اتخذوا القرار.
سابعا: رغم انشغال المعنيين منذ البداية بتحديد الهدف من طرح المحفظة الوطنية الا انه في المقابل لم يحدد المؤشر الذي يمكن من خلاله قياس اداء المحفظة.
ثامنا: هناك اتفاق على انه ورغم منطقية عدم قدرة المحفظة الوطنية على مواجهة تراجع السوق، الا ان البعض يوجه اللوم إلى هيئة الاستثمار حول آلية نشاط المحفظة الوطنية التي لم تنجح حتى في تحقيق الاستقرار النفسي للمتداولين، خصوصا وانه بدا للجميع وفي أوقات مختلفة ان مدير المحفظة يهرول مثله مثل الجميع للخروج من بعض الاستثمارات لمجرد تأثرها بالاشاعات.
تاسعا: لا أحد ينكر ان رأسمال المحفظة الوطنية لا يكفي للتصدي لموجة التراجع، الا أن قيمة الاموال المستثمرة حتى الآن من رأس المال والتي لا تصل إلى 400 مليون دينار لا تتناسب أيضا مع المسؤولية التي تقع على عاتق المحفظة.
عاشرا: هناك من يقول ان المحفظة الوطنية لم تقدم شيئاً للسوق... بل إن ضررها كان أكبر من نفعها والدليل أن جميع دول العالم (التي لم يكن لديها محافظ وطنية) تخطت الأزمة وحققت أسواقها أداء موجباً مع نهاية، بل هناك من عوض كل خسائره التي تكبدها أثناء الأزمة وحقق مكاسب إضافية بعضها كان قياسياً، في حين أن سوق الكويت سجل أداءً سالباً بوجود المحفظة الوطنية. وهذا يعني أنه لم يكن للمحفظة أي دور ايجابي في السوق.
حادي عشر: هدف المحفظة تحقيق الاستقرار مع الحفاظ على النفس الاستثماري، بمعني ان تسجيل اي خسائر في حساب المحفظة سيؤدي إلى تعرض مسؤوليها إلى المحاسبة، او على الاقل الاتهام من قبل الحكومة بالتقصير وسوء الادارة.
ثاني عشر: هناك من يرى أن بعض الأطراف التي تولت إدارة المحفظة لم تكن على قدرٍ عالٍ من المهنية التي تؤهلها لتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها... والدليل أن السوق لم يحقق أي مكاسب تذكر في عهد المحفظة التي كان يفترض أن تساعد السوق على مواجهة الأزمة لا أن تغرق معه في التفاصيل وتفشل حتى في تجميع المليار ونصف المليار التي فوضها مجلس الوزراء بضخها في السوق... حيث بات بعض المعنيين بالمحفظة ملكيين أكثر من الملك نفسه... فكانت النتيجة أن سوق الكويت للأوراق المالية كان في ذيل قائمة أسوأ أداء لجميع أسواق العالم.
في المجمل تحتاج تجربة المحفظة الوطنية إلى المراجعة من الجميع، خصوصا بعدما تبين ومن خلال شواهد مختلفة ان تحقيق الاستقرار للسوق يحتاج لعوامل اكثر من تأسيس محفظة وطنية.
 
أعلى