فضل
عضو مميز
كاتب مميز يروى لنا هذه الاسطر ..،
كان يضحك .. يتحدث معي وهو يبتسم ..
يتحدث عن قريته ، وعن المزرعة الصغيرة التي يمتلكها في بلاده
وكيف جاء إلى الخليج لكسب الرزق
جالت به الحياة وجالت
وبعد عشر سنوات من معاناة الوحدة في الخليج
استطاع أن يقنع كفيله بإحضار عائلته
وفي غرفة فوق سطح العمارة التي يعمل في أحد محلاتها
عاش مع زوجته وطفليه
برع في بيع وشراء الأثاث المستعمل
كان يعرف كيف يشتري الأثاث بسعر رخيص
وكيف يعمل على تصريفه بثمن أعلى
تعجبت ذات يوم كيف حصل على أثاث جيد وبالمجان من رجل ثرى
ينوي السكن في فيلا ، وفي محله استطاع أن يبيعه بثمن جيد
في كل يوم كانت ابتسامته لا تفارقه ، ولا يترك حديثه المعتاد عن قريته
كان يقرن كل شيء يقوله بآية أو حديث
لا ينفك كلامه عن ذكر الله وعن الخوف من عذابه ونيرانه
مرت الأيام ولم أسمع منه شكوى من شيء
ولم أسمع منه تذمر من أمر ..
عندما استمع إليه كنت أقول في نفسي :
ترى أي هم يحمله هذا الرجل ؟
وأي مشكلة قد يعاني منها !
ذات عصر طلب الصغار مني أن أذهب بهم إلى الحديقة المجاورة
فوجدتها فرصة لشم هواء منعش ..
هناك جلست اقرأ في كتاب والصغار يلهون على مقربة مني
كان المكان هادئا
بعض النساء يمارسن رياضة المشي حول سور الحديقة
وأطفال يلهون في حماس
ومراهق يتجول وهو يجر كلبه في استعراض ممقوت
بعد وقت لفت انتباهي صوت امرأة عربية تقف عند حافة الحديقة
كانت تنادي على طفلين
من شكلها بدا وأنها تنادي من في الشارع
كان منظرها وهي تنادي يوحي بوجود خطأ ما
عدت إلى قراءتي وبدأت أنساها
لكني وجدتها في مكان آخر تسير ببطء وتنادي على طفليها مرة أخرى ..
هنا لمحت صديقي المبتسم يدخل الحديقة ويتجه نحو المرأة
ويمسك بيدها ليقودها إلى مكان خال من الحديقة ويجلسان
عرفت أن المرأة زوجته
وأنها عمياء لا تبصر
تأثرت بما شاهدت
وبت أتساءل هل تزوجها وهي عمياء ؟
أم أصيبت بعد ذلك ؟
وهل هو دائم أم مؤقت ؟
في الغد كنت أقف عند محله
رأيته يبتسم في وجوه الزبائن
لم أجرؤ على سؤاله
ولم اقل له شيئا مما شاهدت
تعجبت من روحه المعنوية المرتفعة
وكيف أننا لو أصبنا بصداع بسيط لعرف به القاصي قبل الداني
بينما هو أم أطفاله عمياء لا تبصر
وتحتاج إلى من يرعاها ويهتم بها
ومع ذلك كان صابرا محتسبا
والأغرب أنه كان يبتسم باستمرار
< اقنع بما قسمه الله لك .. تكن اسعد الناس >