لا مناص من نظام فعّال يفكك الشركات المتعثرة الفاشلة

الشاهين1

موقوف
التسجيل
20 أبريل 2009
المشاركات
1,794
لا مناص من نظام فعّال يفكك الشركات المتعثرة الفاشلة


يدرك العالم جيدا أنه بحاجة الى استراتيجية خروج من البرامج التحفيزية والنقدية الضخمة التي بدأت في الأشهر الأخيرة من عام 2008. لكن هناك حاجة أيضا الى استراتيجية خروج من مفهوم «أكبر من أن يسقط»، لأنه مفهوم اذا ما استمر فإنه ببساطة مكلف للغاية.

في أكتوبر 2008، وفي أعقاب الهلع الذي انتاب الأسواق المالية في أعقاب انهيار ليمان براذرز، وعدت الحكومات بأنه لن يسمح لأي مؤسسة ذات أهمية نظامية بأن تنهار. ودعمت الحكومات ذلك الوعد من خلال اعادة رسملة المؤسسات الكبرى والرئيسية. وكان ذلك الدعم بأهمية التحفيز النقدي والمالي لكبح الانزلاق في الاقتصاد الحقيقي. وبدلا من الركود العظيم، تحول عام 2009 الى الكساد العظيم. لكن الحكومات قد لا تكون قادرة على الاستمرار في الحفاظ على وعدها بعدم السماح لأي مؤسسة ذات أهمية نظامية بأن تنهار لسببين: أولهما، انها ترفع انضباط السوق عن تلك المؤسسات مما يزيد من احتمال أن تتوسع تلك المؤسسات المهمة لدرجة تستدعي أن تعمل الحكومات على ضمانها. ثانيا، قد لا يكون الوعد قابلا للاستمرار بسبب التكاليف المحتملة التي ينطوي عليها. فحتى لو كانت الدول على استعداد لدعم تلك المطلوبات، فانها ربما لن تجد الوسائل للقيام بذلك.
ويمكن القول ان هذا ما حدث بالضبط في حالة ليمان براذرز. اذ توقعت السوق أن تنقذ الحكومة الأميركية البنك. لكن عندما لم تفعل، عمت الفوضى، وارتفعت فروقات الفوائد على تمويل البنوك. وشحت السيولة وتلتها حالات من الافلاس في البنوك والشركات وهوى الاقتصاد العالمي في حالة من السقوط الحر.
لذلك الجواب هو الوصول الى حالة حيث لا وجود فيه لأي ضمانة، سواء ضمنية أو صريحة. وينبغي علينا الانتقال الى مرحلة بحيث لا تتوقع فيه السوق انقاذ المؤسسات. وهو ما يتطلب نظاما فعالا لتفكيك المؤسسات، من شأنه أن يعيد الانضباط الى السوق حتى تدفع البنوك ثمنا للمخاطر يتناسب مع ما تقدم عليه من مخاطر بدلا من الدعم الحكومي الذي تحصل عليه.
وبالتالي علينا أن نحدد معالم السياسة الطويلة الأجل الخاصة بتفكيك المؤسسات، ودراسة الكيفية التي سنقوم فيها باتخاذ الخطوات للانتقال من الوضع الذي نحن فيه اليوم الى الوضع الذي ينبغي أن نكون فيه. من الناحية المثالية، نحن بحاجة الى سياسة تفكيك تسمح للحكومات بحل المؤسسات الفاشلة على نحو من السرعة دون اللجوء الى أموال عامة، على أن تتجنب في الوقت ذاته الخلل الاجتماعي الذي قد يحدث من الانقطاع الواسع النطاق في حسابات الودائع والتأمين و/أو السندات. وسيسمح ذلك بأكبر قدر من الاستمرارية في الأنشطة ذات العلاقة بالعملاء، وفي الوقت ذاته ضمان استمرار انكشاف مقدمي رؤوس الأموال على الخسائر وتجنب الحاجة الى تقديم ضمانات واسعة النطاق أو طويلة الأمد مقابل المطلوبات المترتبة على البنك.
وللتأكد من الكيفية التي تمكننا من بلوغ هذا النهج، طلبت السلطات من عدد من البنوك الكبيرة أن تعد ما يطلق عليه اسم «وصايا الحياة» أو خطط الانعاش أو التفكيك. وعلى الرغم من أن من السابق لأوانه التوصل الى استنتاجات بشأن هذه الممارسة، فإنه يمكن ان تندرج التوصيات تحت ثلاثة عناوين تكميلية:
1 - تحديد وربما المطالبة بالخطوات التي باستطاعة المؤسسة نفسها اتخاذها بموجب القانون والأنظمة الحالية لتحسين امكانية حلها وتفكيكها من خلال الاجراءات التي تتخذها السلطات، اذا ما كانت هناك حاجة للتدخل، من دون اللجوء الى أموال دافعي الضرائب (أو الأموال العامة).
2 - تغيير القانون: تحديد التغييرات المطلوب ادخالها على القوانين و/أو النظم التي ستعمل على تسهيل طرق الحل والتفكيك التي لا تحتاج الى دعم أموال عامة. وقد تشمل مثل تلك التغييرات ادخال أنظمة تفكيك خاصة للبنوك و/أو توسيعها لتشمل المؤسسات المالية غير المصرفية، واصلاح برامج ضمانات الودائع بحيث يمكن أن تدفع الودائع المضمونة دون ابطاء في حال فشل أحد البنوك، وادخال قاعدة الأفضلية بين المودعين و/أو ادخال أحكام تسمح للسلطات بتحويل أدوات رأسمال الفئة الأولى والفئة الثانية الى أسهم عامة في حال ارتأت الجهة الرقابية أن البنك لم يعد يستوفي شروط كفاية رأس المال.
3 - تغيير الشركة: اذا تبين أن التوصيتين الأوليين غير مجديتين ولا قابلتين للتنفيذ، يجب النظر في تغيير الشركة من حيث خصائص تكوينها، مثل حجمها وترابطها مع المؤسسات، التي تجعل منها شركة ذات تأثير على النظام برمته. واذا كان لا بد من فرض رسوم، فليكن على شكل رأسمال تكميلي و/أو متطلبات سيولة، ذلك أنها ستعمل على تقوية الشركة نفسها. غير أن تلك الرسوم لا ينبغي أن تستند الى قائمة من المؤسسات التي تؤثر في النظام برمته، لأن ذلك يمكن تفسيره بأن المؤسسات الواردة في القائمة سيتم انقاذها بالتأكيد ولن يتم حلها، اذا كانت هناك حاجة الى التدخل. وسيكون ذلك، للأسباب المذكورة سلفا، وصفة لمزيد من الأزمات مستقبلا. ولا بد أن نخرج من سياسة «أكبر من أن يسقط»، لا أن نستمر فيها الى ما لا نهاية.

970
تبلغ القروض العقارية في البنوك الأوروبية نحو 970 مليار يورو، نصفها يصل الى استحقاقه خلال 3 سنوات، وهذا يؤرق المستثمرين والمصرفيين معا.

¶ فايننشال تايمز ¶
 
أعلى