أزمة ديون أوروبا تتسرب إلى الخليج عبر قنوات عديدة

الشاهين1

موقوف
التسجيل
20 أبريل 2009
المشاركات
1,794
أزمة ديون أوروبا تتسرب إلى الخليج عبر قنوات عديدة



إيمان عطية
يحذر خبراء اقتصاد ومصرفيون من أن دول الخليج ليست بمنأى عن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها أوروبا، على الرغم من أن المنطقة تتطلع لتعزيز الانتعاش الاقتصادي بدعم من انفاق حكومي كبير تغذيه الايرادات النفطية.
ورغم ما تظهره أرباح الشركات من مؤشرات على التعافي من التراجعات التي سجلت في 2009، لكن البورصات الخليجية تظل متأثرة بالأجواء والمشاعر العالمية، التي روعتها المخاوف بشأن الديون التي تثقل كاهل العديد من دول الاتحاد الأوروبي، لاسيما اليونان.
وتقول شعاع كابيتال أن مؤشر مشاعر المستثمرين في الخليج تراجع في ابريل، ويعزى ذلك جزئيا إلى المخاوف بشأن أزمة الديون السيادية اليونانية. كما فقد ام اس سي آي بارا، وهو المؤشر الرئيسي في الخليج أكثر من %5 من قيمته منذ أن سجل أعلى ارتفاعا له في 19 شهرا في 12 ابريل.

التأثير غير المباشر
وفي حين تزداد مستويات التراجع في مؤشرات الأسواق المتقدمة والناشئة، يحذر خبراء الاقتصاد من أن تداعيات وآثار اضطرابات الاتحاد الأوروبي قد تصبح أكثر وضوحا في الخليج.
يقول ماريوس ماراتيفتيس، رئيس الأبحاث في ستاندارد تشارترد في دبي « التأثير المباشر محدود حتى الآن ويمكن احتواؤه، لكن ذلك لا ينبغي أن يولد شعورا بالرضا. فالأسواق مترابطة بشكل كبير وهناك قنوات عديدة يمكن من خلالها لمشكلات الدين الأوروبي أن تتسرب وتؤثر في الخليج».
أحدى تلك القنوات تتمثل في البنوك الأوروبية ومستثمري السندات، التي تعد قنوات اقراض مهمة للحكومات والشركات الاقليمية.
وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قالت في تقرير لها هذا الأسبوع « المخاوف بشأن مشكلات الديون السيادية في أوروبا ربما تكبح اصدارات الشركات مع ارتفاع وتيرة تجنب المخاطر لدى المستثمرين. وقد تتسبب أزمة الدين اليونانية في اتساع هوامش الائتمان وارتفاع تكاليف الاقتراض مما سيدفع الجهات المصدرة إلى التوقف عن جمع الأموال إلى حين تحسن ظروف السوق».
وحتى الوقت الراهن، فان عمليات البيع في سوق الدين الخليجية ظلت ضئيلة نسبيا، لكن اذا ما ساءت الظروف والأوضاع في أوروبا، فان الدول المثقلة بالدين، دبي مثلا، ستعاني على الأرجح.
ويقول مصرفي كبير في دبي: «خطر وقوع عدوى وارد. اذ يمكن أن تؤدي الأحداث إلى تقييد الائتمان في الخليج، كون الكثير من البنوك الأوروبية تعتبر المقرض الرئيسي في المنطقة. كما سيكون هناك تشددا أكثر في أسواق السندات، والخليج ليست بمعزل عن ذلك».

أسعار النفط
ولعل الأهم من كل ذلك اعتماد منطقة الخليج بصورة كبيرة على أسعار النفط التي سجلت تراجعا في الآونة الأخيرة. اذ تراجع سعر نفط خام برنت إلى 76 دولاراً للبرميل من السعر الذي بلغه في أعقاب ذروة ما بعد أكتوبر 2008 عند 89.58 دولاراً للبرميل، في 3 مايو.
ويظل ذلك مستوى مريحا لدول الخليج، لكن اذا واصلت الأسعار تراجعها وبقيت عند مستويات منخفضة، فان الانفاق الحكومي قد يتعرض للضغوط، وربما يتسبب في أن تعيد الحكومات النظر في ميزانياتها الاستثمارية.
كما تواجه أسعار النفط رياحا معاكسة أخرى. فكما تقول سلوى لبيب، كبيرة الاقتصاديين في أرقام كابيتال، فإن الوضع المضاربي في العقود الآجلة للنفط ربما بلغ ذروته، مما يشير الى امكانية تراجع الأسعار الآجلة.
كما ترى في امكانية أن تشدد الصين من سياستها النقدية لتهدئة اقتصادها خطرا آخر قد يهدد أسعار النفط، وينعكس ذلك بالتالي على دول الخليج، اذ تقول «تراجع أسعار النفط ربما يكون واحدا من أكبر المخاطر التي تواجه الخليج في وقت لا تزال فيه أسواق دول مجلس التعاون تتطلع الى قوة الدفع والزخم اللذين تحتاجهما للعودة الى الوضع الطبيعي».

بداية انتعاش
وقد بدأت الآن فقط تظهر مؤشرات انتعاش على المنطقة من تداعيات انهيار ليمان براذرز في 2008 والمشكلات اللاحقة لديون دبي العالمية. وهو ما قد يتغير بصورة جوهرية اذا ما فشلت اليونان بالالتزام بخطة التقشف وأشعلت مخاوف تتعلق بحاجتها لاعادة هيكلة ديونها.
يقول ماراتيفتيس: «اذا ما انفجرت الأوضاع في اليونان، فمن سيكون التالي؟ ان تعثر اليونان عن السداد سيشعل سلسلة من ردود الفعل من شأنها أن تكون أسوأ من ليمان براذرز. فهي دولة سيادية، غربية وعضو في منطقة اليورو».
فكما يقول المصرفي الكبير من دبي فإن «حزمة الانقاذ ليست الا تدبيرا مؤقتا لكنها ليست حلا، والحكومات بدأت متأخرة في تشديد ماليتها العامة. انني الآن أشعر بعصبية وتوتر هما الأشد منذ أن انهار ليمان براذرز». ومع ذلك يقول خبراء الاقتصاد ان بمقدور منطقة الخليج أن تتعلم الدروس من الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو. اذ تخطط كل من الكويت والسعودية وقطر والبحرين لاطلاق عملة موحدة وقد حققت أخيرا تقدما مبدئيا تجاه تحسين تنسيق السياسات.
فكما كتب جارمو كوتيلين، كبير الاقتصاديين في ان سي بي كابيتال، في تقرير صدر اخيرا، فإن «الأزمة الاقتصادية العميقة التي اجتاحت أوروبا تحمل دروسا مهمة لمنطقة الخليج. فمأزق أوروبا يعود الى عدد كبير من العوامل، لكن أهمها هو عدم الالتزام بقواعد واضحة تهدف الى ضمان الاستدامة المالية... ان وجود عملة موحدة دون اطار تنظيمي واضح وموثوق به يهدد بأن تصبح قيدا اقتصاديا».

750
خطة الانقاذ التي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو أزالت مؤقتا شبح التعثر عن سداد المديونيات. ومع ذلك، تثير تدابير التقشف المالي الصارمة في دول أخرى مثقلة بالدين في منطقة اليورو، وهي البرتغال وايرلندا وايطاليا واسبانيا، المخاوف من امكانية حدوث ركود اقتصادي عميق.

¶ فايننشال تايمز ¶
 
أعلى