من يستهلك أكثر يدفع أكثر.. أحد حلول أزمة الكهرباء

القصاص 2

عضو نشط
التسجيل
20 أكتوبر 2009
المشاركات
1,703

تناول تقريرالشال الإقتصادي الأسبوعي أزمة الكهرباء المحلية، وقال: لا أمل كبيراً، في ما يبدو، لأي حلول لأزمة الكهرباء لدينا، على المستوى الإقليمي، أو على المستوى المحلي الملام، على نحو أكبر، فبعد مشروع ربط الشبكات الكهربائية بين دول مجلس التعاون الخليجي، أعلن أن الغرض منه هو مواجهة حالات الطوارئ في نقص الكهرباء، أو تبادل الفائض، بثمنه، بين دول الفائض ودول العجز. وقيل، العام الفائت، إن الدول لن تكون جاهزة لتبادل منافع الربط، ولكنها ستكون مستعدة لهذا التبادل في العام المقبل، وانقضى العام، وبانت الحاجة، ولم نحصد من المشروع سوى احتفاليته. ولكن اللوم الحقيقي يقع على عاتق الإدارة العامة الداخلية، والحكومة بشكل طاغ، والسلطة التشريعية، لأن العجز مقدر منذ سنوات طويلة، وتجنب بلوغ ما نحن فيه كان يحتاج الى اتخاذ إجراءات استباقية، ينطفئ الحماس لها كل عام مع تباشير بزوغ «نجم سهيل». وجلسة الأسبوع قبل الفائت في مجلس الأمة، حول الكهرباء، تمخضت عن خلاصتين سلبيتين، الأولى هي التوصية بتخفيض ساعات العمل الحكومي، أي مزيد من الرشوة بخفض واجبات المواطن، والثانية هي تحول النقاش إلى انتصار فئوي، على حساب المواطنة الشاملة.
والإدارة الحصيفة للدولة لا تتحقق بهذه الطريقة، فالاستثمار في توسعة الإمدادات محسوب، والخوف من الفساد لا يعالج بالامتناع عن الاستثمار وإنما بالغرامة والسجن أو التطبيق المتشدد للقانون. والاستمرار في زيادة الطاقة، دون إجراءات جوهرية مساندة، أمر غير محمود، وسيؤدي، حتماً، إلى نقص شديد في احتياجات حيوية أخرى مثل التعليم والصحة وتوفير مزيد من الوظائف، وخصم نسبة متزايدة من صادرات الطاقة لمصلحة الاستهلاك المحلي، والإجراءات المساندة هي الحد من الاستهلاك، أي تمويل زيادة الطاقة من جيوب المسرفين في استخدامها وليس رشوتهم، من خلال غض البصر عن تحصيل الفواتير.
وأشارت تقارير قديمة، لا نعرف مدى دقتها حالياً، إلى أن %80 من الاستهلاك يذهب لـ %20 من السكان، ولاشك أن معلومة كهذه تسهل، كثيراً، تسويق ترشيد الاستهلاك، سياسياً واجتماعياً. والمقترحات «المنوّمة» في أدراج الحكومة توصي بفرض رسوم تصاعدية، بعد حد معين من الاستهلاك، يجنب نحو %80 من المستهلكين أي رسوم إضافية، بينما يُمنح الخيار لـ %20 إما بتخفيض استهلاكهم، واما دفع قيمة عالية توفر أموالاً لمزيد من الاستثمار في التوسعة. وتذهب تلك المقترحات إلى ما هو أبعد، إذ تمنح من يوفر في الاستهلاك، إلى ما دون المعدل المسموح به، مكافأة نقدية تعادل نسبة مما قام بتوفيره. ولأن الناس يستهلكون ما قيمته الحقيقية نحو 10 أضعاف ما يدفعونه، تبعاً لتقلبات سعر الوقود، فإن مثل هذا المقترح أهم في نفعه للناس من تحقيق التوازن، من خلال مزيد من الاستثمارات، لأن الممول الحقيقي لتلك الاستثمارات ليس الحكومة، كما هو الفهم السائد، وإنما مستقبلهم وربما مصيرهم. ومن جانب آخر، يمكن اعتبار تطبيق المقترح أحد المداخل لبناء أسس المواطنة الحقيقية، بإعطاء بعض الوزن لجانب الواجبات، ومعه تعاظم المسؤولية العامة ومواجهة الفساد.
ما هو مطلوب هو فعل في قطاع الكهرباء وغيره، والأفعال مركبة، ولها صفة الديمومة وبعيدة عن الأنانية، لأنها تخلق استقراراً في المستقبل قد لا يتمتع بها فاعلها حتى وإن نسبت إليه، وما تقوم به الحكومة، حتى الآن، هو مجرد ردود أفعال. إن النفط في خطر، والتعليم في خطر، والخدمات العامة، بشكل عام، في خطر، والوظيفة - وهي أهم ركائز الاستقرار- في خطر، والقيم العامة للمواطنة والإنتاج في خطر، والكهرباء مجرد نموذج آخر من نماذج سوء الإدارة، وسوف تدخل مرحلة الكمون، بحلول 25 أغسطس وما بعده، أسوة بغيرها.
 
أعلى