مقال أعجبني من جريدة الاقتصادية (موجات الاقتصاد السعودي دخول الأسهم الموجة السادسة)

الوتد

عضو نشط
التسجيل
30 ديسمبر 2005
المشاركات
28
محمد بن ناصر الجديد - كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة أدنبرة - المملكة المتحدة 01/08/1427هـ
على الرغم من تباين الظروف الاقتصادية التي مر بها الاقتصاد السعودي منذ منتصف الثمانينيات الميلادية، وحتى اليوم، وعلى الرغم من تباين انعكاسات هذه الظروف على أداء سوق الأسهم السعودية منذ نشأتها عام 1984، وحتى اليوم، إلا أنه من الممكن، من خلال قراءة المؤشرات الرئيسية لسوق الأسهم السعودية، استنتاج خلاصة مفادها أن سوق الأسهم السعودية مرت بخمس موجات متشابهة إلى حد كبير في: الملامح، الخواص، والسلوك.
فالموجة الواحدة طولها أربعة أعوام. يمثل كل عام طورا من أطوارها. تنشأ الموجة في العام الأول "النشأة"، وتنمو في العام الثاني "النمو"، وترشد في العام الثالث "الرشد"، وتنضج في العام الرابع "النضوج". تتشابه هذه الأطوار أيضا إلى حد كبير في: الملامح، الخواص، والسلوك من موجة إلى أخرى.
امتدت الموجة الأولى خلال الفترة من (1986 إلى 1989)، حيث شكل عام 1986 بداية طور "النشأة" للموجة الأولى عندما انخفضت القيمة السوقية للأسهم المصدرة في نهاية كانون الأول (ديسمبر) إلى مستوى 63.4 مليار ريال، وتراجع المؤشر العام إلى مستوى 646.03 نقطة، وتحسن العمق المالي للسوق إلى نسبة 1.31 في المائة من القيمة السوقية.
دخلت الموجة بعد ذلك عام 1987 طور "النمو"، عندما نمت القيمة السوقية إلى مستوى 72.80 مليار ريال، صعد المؤشر العام إلى مستوى 780.64 نقطة، و تحسن العمق المالي إلى نسبة 2.32 في المائة من القيمة السوقية.
دخلت الموجة عام 1988 طور "الرشد" عندما استمرت القيمة السوقية في النمو مسجلة 85.90 مليار ريال، وواصل كل من المؤشر العام صعوده إلى مستوى 892.00 نقطة، والعمق المالي تحسنه إلى نسبة 2.37 في المائة من القيمة السوقية.
دخلت الموجة الأولى بعد ذلك في طورها الأخير "النضوج" عام 1989، موصلة مؤشرات السوق إلى أعلى مستوياتها، حيث نمت القيمة السوقية بنهاية كانون الأول (ديسمبر) إلى مستوى 107.30 مليار ريال، وكسر المؤشر العام حاجز الألف نقطة عند مستوى 1086.83 نقطة، وتحسن العمق المالي إلى نسبة 3.13 في المائة من القيمة السوقية.
تعاقب بعد ذلك دخول سوق الأسهم السعودية في موجة تلو الأخرى. فدخلت السوق في الموجة الثانية خلال (1990 إلى 1993)، والثالثة خلال (1994 إلى 1997)، والرابعة خلال (1998 إلى 2001)، والخامسة خلال (2002 إلى 2005).
نلاحظ ثلاث ملاحظات عامة عند قراءة ملامح، وخواص، وسلوك كل موجة من الموجات الأربع المتبقية بذات أسلوب قراءة الموجة الأولى.
الملاحظة الأولى: إن حدة نمو القيمة السوقية في نهاية كل موجة تكاد تكون متقاربة. لم تخالف الموجات الخمس هذا التعميم سوى في الموجة الخامسة (2002 إلى 2005) عندما قفزت القيمة السوقية من مستوى 281 مليار ريال في طور "النشأة" (2002)، مرورا بـ 590 مليار ريال في طور "النمو" (2003)، و صولا إلى 1.149 مليار ريال في طور "الرشد" (2004)، إلى 2,438 مليار ريال في نهاية طور "النضوج" (2005).
الملاحظة الثانية: إن القيمة السوقية بنهاية طور "النشأة" (العام الأول من الموجة القائمة) تبدأ من مستوى أقل من المستوى الذي وصلت إليه في نهاية الطور الذي سبقها، "النضج" (العام الرابع من الموجة الماضية).
لم تخالف الموجات الخمس هذا التعميم سوى في الموجة الخامسة (2002 إلى 2005) أيضا عندما بلغت القيمة في طور "النشأة" (2002) مستوى أعلى (281 مليار ريال) من المستوى الذي وصلت إليه في الطور الأخير "النضوج" (2001) من الموجة الماضية (275 مليار ريال).
هناك عامل رئيسي قد يفسر هاتين المخالفتين للقاعدة العامة. ارتبط العامل بتباين مسببات الطفرة الاقتصادية خلال الموجة الخامسة (2002-2005). فكما هو معلوم، أن الطفرة النفطية التي نشهدها الآن تختلف عن طفرات السبعينيات الميلادية من ناحية مسببات ارتفاع أسعار النفط، ودور القطاعين العام والخاص في النمو الاقتصادي، والقدرة التنظيمية لإدارة عوائد النفط.
والملاحظ الثالثة مرتبطة بتطورات القيمة السوقية نهاية كل طور. حيث نجد أنها سجلت في طور "النشأة" (العام الأول) أدنى مستوى لها في الموجة ذاتها. وفي طور "النمو" (العام الثاني) مستوى أفضل من المسجل في طور "النشأة". وفي طور "الرشد" (العام الثالث) مستوى أفضل من المسجل في طور "النمو". وفي طور "النضوج" (العام الرابع) أعلى مستوياتها.
لم تخالف الموجات الخمس هذا التعميم سوى في الموجة الثانية (1990 إلى 1993)، وبالتحديد عندما انتقلت من طور "الرشد" (1992)، إلى طور "النضوج" (1993). حيث انخفضت القيمة السوقية عند الانتقال من طور "الرشد" إلى طور "النضوج" بنسبة 3.98 في المائة، إلى مستوى 197.90 مليار ريال.
هناك عاملان مترابطان قد يفسران هذه المخالفة للقاعدة العامة. حيث هاجرت السيولة خلال طور "النشأة" (1990)، وعادت خلال طور "النمو" (1991)، ونشأت صناديق الاستثمار المحلية في طور "الرشد" (1992)، وبدأت هذه الصناديق في أداء دور ملموس في التأثير في منظومة السوق في طور "النضوج" (1993).
تواجه الزاوية التي قرأت منها تطورات سوق الأسهم السعودية بعض المعارضة من مجموعة من الباحثين الاقتصاديين، عطفا على فرضية أن دور المؤشرات الاقتصادية في التأثير في الموجات الاقتصادية يتباين من موجة إلى أخرى. وبالتالي، فإن قراءة الموجات الاقتصادية السابقة لا تعطي مدلولات كافية حول ملامح الموجة الاقتصادية المقبلة.
وبدرجة المعارضة نفسها، تواجه الزاوية التي قرأت منها التطورات تأييد مجموعة أخرى من الباحثين الاقتصاديين، عطفا على فرضية أن الاقتصاد يمر بموجات متعاقبة تتشابه في الملامح، والخواص، والسلوك، وبالتالي فإن قراءة الموجات الاقتصادية السابقة قد تساعد على رسم ملامح الموجة الاقتصادية المقبلة.
وبين معارض ومؤيد، يبقى الحكم على دخول سوق الأسهم السعودية في الموجة السادسة خلال (2006 إلى 2009) مرهونا بمدى القناعة ليس بإعادة التاريخ نفسه فحسب، وإنما بمنطقية زاوية القراءة، وعلاقة الشواهد بالتطورات، ومدى القناعة تقود إلى سؤال أكثر شمولا يدور حول الموقع الحالي للاقتصاد السعودي من موجاته؟
 
أعلى