قانون الإفصاح ... وتداعياته على صغار المستثمرين

bolbanat

عضو نشط
التسجيل
25 مايو 2005
المشاركات
451
الإقامة
الكويت
الأخبار التي تناقلتها الصحف المحلية عن النتائج "غير المتوقعة " لاجتماع لجنة السوق التابعة لسوق الكويت للأوراق المالية في الأسبوع الماضي, والتي توصف بأنها تطبيق واضح "لنظرية العقاب الجماعي" على بعض الشركات في اتجاه جبري واحد! والتي من شأنها أن تنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني, خصوصا البورصة وكان ذلك جليا في الأسبوع الماضي على أداء السوق.
أسئلة كثيرة محيرة لا نعرف لها جوابا من الكثيرين الذين تابعوا تلك القرارات المفاجئة, لماذا مالت قرارات "لجنة السوق" على عشر شركات تملكها مجموعة واحدة ولم تبت في الشكاوي المقدمة ضد عشرات الشركات الأخرى المدرجة في البورصة. ولماذا تم تحييد هذه النسب الكبيرة من الأسهم من بعض الشركات ذات الملكية الواحدة المتقاربة في الوقت الذي تجاهلت الشركات الأخرى على الرغم من تصريح الوزير بعد الاجتماع بان "لا احد فوق القانون " وان قانون الإفصاح الصادر عام 1999 سيطبق على الجميع من دون استثناء بحذافيره !. تطبيق هذا العقاب القاسي بالشكل المعلن بعد سبات عميق من إدارة السوق لمدة قاربت السبع سنوات حيث جاءت لجنة السوق لتكشر عن أنيابها بتحييد هذه النسب الكبيرة من الأسهم لمدة ست سنوات (دوريتين انتخابيتين متتاليتين طبقا للقانون), تطبيق العقوبات بهذا الشكل ربما يعكس أن القرار كان ارتجاليا أو متخبطا ولم يكن قرارا اقتصاديا بالنظرة الاقتصادية الكلية المتأنية من اجل تعزيز الشفافية وتجديد الثقة بسوق الأوراق المالية -كما صرح الوزير-. الطامة الكبرى ان عدد الشركات المدرجة في السوق والتي تعاني من مشكلة الإفصاح تفوق المئة والخمسين, وان خلط الأوراق بهذا الأسلوب العقابي على كل تلك الشركات من قبل لجنة السوق بهذه الطريقة المتعجلة والتي تفتقد الحكمة -كما أشار إلى ذلك جملة من رجال الأعمال والخبراء الماليين- لربما تؤدي إلى نتائج عكسية على السوق وخصوصا على صغار المستثمرين منهم الذين -من دون شك- سوف يدفعون الثمن لتطبيق قانون الإفصاح بشكل متعسف. انظروا كيف كان تأثير تطبيق قانون الإفصاح على السوق في الأسبوع الماضي حيث هبطت كل المؤشرات بصورة دراماتيكية وعنيفة.
إدارة البورصة تغض الطرف وتنام ولا تكترث لمدة زمنية طويلة ثم تصحو فجأة من سباتها العميق وتقوم بتطبيق القانون على مجموعة واحدة أو مجموعة شركات باتجاه جبري واحد, وكأنها تبعث برسائل مثيرة للقلق لكافة المستثمرين. وندرك بوضوح إن اجتماع (الأربعاء 15-11 ) كانت هي بالضبط "ردة فعل" ولم تكن "فعل" من اجل تعزيز بيئة الشفافية المالية والاستثمارية. لماذا يا وزير التجارة لم تتحمل لجنة السوق مسؤولياتها القانونية خلال السبع سنوات الماضية وهل كانت نائمة في العسل ولا تعلم ماذا يحدث بالسوق من استحواذات وتداخل ملكيات وغيرها , ثم ألم تحدث مشكلات وقضايا قانونية عدة في ما يعرف بمحفظة الباب, عندما تشابكت الملكيات وتداخلت بين مجموعتين استثماريتين, وقررت لجنة السوق في حينها تطبيق قانون الإفصاح, وغيرها من مختلف القضايا والإشكاليات القانونية الأخرى خلال الفترات الزمنية الماضية, الم تثر بعض تلك القضايا القانونية مدير السوق السابق ولجنته لتفعيل قانون الإفصاح -الذي كان حبيس الأدراج- إلى متابعة كل الشركات المدرجة وإنذارها لتعديل أوضاعها القانونية بشان الإفصاح عن الملكيات. فجأة صحت لجنة السوق اثر الشكوى التي قدمها احد الملاك بإحدى الشركات عندما استحوذت شركة أخرى على شركته, الآن فقط أدركت اللجنة أن هناك قانونا ينبغي تفعيله وتنفيذه! مرة أخرى أسئلة عدة محيرة لا نملك لها جوابا وهي حقيقة تثير قلقا وبدت انعكاساتها وارتداداتها على وضع السوق بشكل واضح.
ولكن في الخلاصة كان يفترض على لجنة السوق أن تكون "أكثر تفهما وعقلانية" وتدرس كل الخيارات بمنتهى الهدوء وتقرا ماذا يمكن أن يحدث من نتائج للتطبيق القسري والعنيف لتلك القرارات والتي يصفها الكثيرون بأنها جاءت مفاجئة وقاسية في اتجاه واحد.
يجب أن يدرك السيد الوزير ومدير السوق الجديد (الذي نتأمل منه كل خير) وغيرهما من أصحاب القرار (خصوصا لجنة السوق) أن الكويت تتطلع باستمرار لان تكون مركزا ماليا مهما في هذا الجزء الجغرافي المهم من العالم وهذا ما يؤكد عليه سمو الأمير ايضا والحكومة دائما, وعليه ربما يكون من الخطأ والاستعجال وعدم الاتزان أن يتم التعاطي والتعامل مع القوى الاقتصادية الفاعلة -أيا كانت- والتي لها وزنها وثقلها على المستوى المحلي والخارجي بهذه الكيفية والطريقة الارتجالية.
إننا مع تطبيق القانون واحترامه, وهذا مطلب الجميع, ولكننا لسنا بالتأكيد مع الكيل بمكيالين, وتدمير الشركات بعنوان تنفيذ القانون رقم 2 لعام 1999!

آخر العمود:
إلى وزير التجارة ومدير السوق الجديد صالح الفلاح تذكروا دائما صغار المستثمرين ضحايا قانون الإفصاح!!

* أكاديمي وإعلامي كويتي
dr.khalfan@yahoo.com


الدكتور عبدالواحد محمد الخلفان

منقول من جريدة السياسة
 
أعلى