صور وحوار مع نجل المجاهد (عمر المختار)

boalons

عضو محترف
التسجيل
17 سبتمبر 2003
المشاركات
4,057
الإقامة
KUWAIT
almukhtar_interview[1].gif


1323461535.jpg


اجري هذا اللقاء مع محمد عمر المختار نجل اسد الصحراء البطل المجاهد (عمر المختار) اثناء حفل تكريم (يوسف بورحيل المسماري) الشهير ب((بوخديده)) نائب عمر المختار وقائد حركة المقاومة بعد استشهاد قائده, استشهد هو الآخر بعد حوالى ثلاثة اشهر من شنق عمر المختار وقطع رأسه ولا يعرف له قبر الى يومنا هذا.


وكان هذا الحوار معه:

* بداية نرحب بابن شيخ الشهداء، نرحب بالحاج محمد عمر المختار ضيفاً كريماً وعزيزاً. ما هو انطباعك وأنت تشاهد اليوم هذه الأجواء التكريمية للراحل المجاهد يوسف بورحيل المسماري؟
- انطباع جيد، وتكريم جميل من رابطة المجاهدين بدرنة، لهذا المجاهد البطل الشهيد يوسف بورحيل المسماري، وأقدر وأجل كل من ساهم في إقامة هذا الاحتفال.

* ما رأيك في آداء الفنان انطونيو كوين لدور والدك عمر المختار؟
- الفنان انطونيو كوين أدى الدور تماماً، وأنا عندما أشاهد الفيلم أشعر أن الذي يمثل هو والدي، بالرغم من أن لحية والدي في الواقع كانت أقصر.

* هل أنطونيو كوين جاءك وتحدثت معه قبل العمل في الفيلم؟
- لم أر انطونيو كوين، ولم أرا العقاد مخرج العمل، لا قبل ولا بعد ظهور الشريط.

* يقال أن هناك أشياء خاصة لشيخ الشهداء عمر المختار موجودة في متاحف إيطاليا. ما هو رأيك في هذا الأمر؟
- أنا أطالب إيطاليا بترجيع كل ما لديها من حاجيات والدي من ملابس وغيرها، وخصوصاً النظارة إذا كانت موجودة لديهم، فمن حقي أن أحتفظ بها، وأن أضعها في متحف طرابلس.

سمعنا أن قصة عمر المختار وجهاده سوف تعرض بطريقة الرسوم المتحركة، ما هو تعليقك؟
- نعم جاءني في المدة الماضية المخرج محمد الهمالي، وحدثني في هذا، وأنا قلت له أن هذا العمل سيكون عملاً جيداً حتى يعرف أطفال العالم شيخ الشهداء، وتاريخ ليبيا المشرف.

* هناك العديد من الدارسين الذين يقومون ببحوث ورسائل علمية حول شيخ الشهداء عمر المختار. هل قدمت لهم شيئاً؟
- نعم. أنا من حين إلى آخر يأتيني عديد الباحثين الليبيين أحفاد عمر المختار، وأقدم لهم كل ما في وسعي من بيانات ومعلومات تخص والدي رحمه الله؛ ففي الفترة الماضية جاءني من مدينة طبرق طالب اسمه وليد شعيب من جامعة عمر المختار فرع طبرق، وكان موضوع دراسته عن حياة عمر المختار وشخصيته العسكرية. ولقد زودته بالمعلومات، ووجدته في هذه الندوة، وأخبرني بأنه تحصل على رسالة الماجستير بتقدير جيد جداً، وربنا يوفقه ويوفق كل أحفاد عمر المختار.

* متى كانت المرة الأولى التي زرت فيها كهف عمر المختار؟
- منذ فترة لا أتذكرها بالضبط، ولقد قام القائد معمر القذافي بزيارة الكهف، وأمر ببناء نصب تذكاري عنده، وكذلك إنشاء طريق معبد حتى يسهل زيارته، وبالفعل تم بناء النصب التذكاري، وإنشاء الطريق، وكذلك الإضاءة. وكل ما أرجوه من المسؤولين في البطنان، الاهتمام أكثر بهذا الكهف الذي ولد فيه عمر المختار.

* متى كانت آخر مرة رأيت فيها والدك عمر المختار؟
- لقد مات والدي شيخ الشهداء عمر المختار وعمري عشر سنوات، وكانت حياته - وكما يعلم الجميع - كلها جهاد في سبيل الله، وتحرير الوطن من الطليان. وآخر مرة أتذكر أنه جاءنا زيارة خاطفة في الليل، وقبل أن يغادرنا تلك الليلة أيقظ أهالي النجع كلهم، وأمّ بهم صلاة الفجر، ثم ركب على حصانه، وودع أهالي النجع. لازلت أذكر هذا المشهد.

* كلمة أخيرة لابن شيخ الشهداء الحاج محمد عمر المختار؟
أشكركل من ساهم وبشكل كبير في ظهور فيلم عمر المختار، هذا العمل العظيم الذي عرف من خلاله العالم من هو عمر المختار، ومن هم أبطال ليبيا. كما أشكر كل من اهتم بكهف عمر المختار، وكل من ساهم في بناء نصب تذكاري حوله. كما أطالب أبنائنا أن يسيروا على درب أجدادهم، ويدافعوا عن وطنهم ضد أي غاصب أو محتل، وأشكرك على هذا اللقاء.

شكراً لك ابن شيخ الشهداء عمر المختار الحاج محمد عمر المختار، وأطال الله في عمرك، ومتعك الله بالصحة والعافية، ورحم الله أباك شيخ الشهداء ورمز الجهاد الليبي، الذي سطر وبأحرف من نور تاريخ مشرف لليبيا، وعرف الطليان من خلاله أن احتلال ليبيا ليس نزهة كما اعتقدوا.

______________________


عمر المختار في سطور

e0045d68eb.jpg


من هو عمر المختار

هو... عمر بن المختار بن فرحات من عائلة غيث، وفرحات قبيلة من بريدان أحد بطون قبيلة المنفة، وأمه هي عائشة بنت محارب، وقد ولد –حسب روايته- بعد وفاة السيد محمد بن علي السنوسي الذي توفي عام 1859م/1276هـ، وعلى ذلك تكون ولادته في حدود عام 1861م وعام 1862م، وقد كان والده –رغم قلة المعلومات عنه- مشهورا بشجاعته في القتال وإقدامه، بالإضافة إلى مكانته بين قومه، وقد عهد الوالد بولده إلى السيد حسن الغرياني شيخ زاوية جنزور (التابعة للطريقة السنوسية) لتربيته وتحفيظه القرآن، وعند وفاة الوالد عام 1878 في رحلة الحج أوصى من حوله بأن يرعى هذا الشيخ أولاده من بعده، فقام الشيخ بما عهد إليه خير قيام، فقام بإرسال عمر وهو ابن 16 عاما إلى معهد زاوية الجغبوب مع أولاده؛ ليتعلم في هذا المعهد السنوسي كافة العلوم الشرعية، فتلقى القرآن وعلومه على يد الشيخ الزروالي المغربي، ودرس على سائر مشايخ المعهد مجموعة من العلوم الشرعية وغيرها، وقد كان نهج التعليم في المعهد أن يقوم الدارس بأداء بعض المهن اليدوية مثل: النجارة والحدادة، وقد تميز عمر المختار في هذه الحرف وفي ركوب الخيل على سائر إخوانه بالمعهد، وتميز أيضًا بشخصيته القيادية واتزان كلامه وجاذبيته، مع تواضع وبساطته، وقد ساعدت صفاته على توسيع دائرة اتصالاته واكتساب حب وتقدير كل من تعامل معه من خلال المهام الكثيرة التي قام بها، وقد انقطع عمر المختار عن مواصلة تعليمه حوالي سنة 1886، وذلك بسبب إحساسه بأن وطنه وقومه في حاجة إلى عمله وجهاده.

wh_515882352.jpg



صفاته ومكانته


صقلت الأيام صفات عمر المختار السالفة الذكر من تواضع وبساطة مع شخصية قيادية متزنة، وسوف تدفع به خصاله لتقدم الصفوف في طريقته السنوسية، وكان من إعجاب السيد المهدي السنوسي –شيخ السنوسية في هذا الوقت- أن قال: "لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم".



قصتين من مواقفه


الأولى (وهي رواية شاهد عيان): وتتلخص في أنه في عام 1311هـ/1894م تقرر سفر السيد عمر المختار مع آخرين إلى السودان في مهمة كلفه بها شيخه، وقد كان عمر هو رأس الوفد، وقد وجدوا قافلة تجارية تتأهب للخروج من الكفرة إلى السودان، فقرر الوفد مرافقة القافلة لعلم التجار بطرق الصحراء وخبرتهم بها، وعند وصولهم مع القافلة لمكان في الطريق توقفت وأشار أحد التجار على أفراد القافلة أن المنفذ الوحيد في هذه المنطقة الوعرة عادة يقف على مشارفه أسد مفترس، وقد استقر عرف القوافل على أن يشترك أهل القافلة في ثمن بعير هزيل يتركونه للأسد حال خروجه، فرفض عمر المختار الاقتراح بشدة، وقال: "إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق أُبطلت، فكيف يصح أن نعيدها لحيوان؟! إنها علامة ذل وهوان، والله لندفعنه بسلاحنا"، وأصر على رأيه، وتقدمت القافلة، وخرج الأسد على مطلع الطريق، فتقدم عمر المختار بفرسه وسلاحه إليه فأصابه في غير مقتل، واستمر في تقدمه إليه –رغم خطورة التعرض لأسد مصاب- فقتله في طلقته الثانية، وأصر عمر المختار على أن يسلخ جلده ويعلقه على مدخل هذا الطريق ليشاهده المارة من القوافل. وقد منع عمر المختار في أحد المجالس أن تروى هذه القصة قائلاً: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى".

والثانية: (وهي رواية شاهد عيان أيضًا) يذكر محمود الجهمي –صاحب عمر المختار في جهاده- أنه ما كان ينام ليلة حتى الصباح، ما كان ينام إلا ساعتين أو ثلاثا ثم يقوم فيتوضأ ويبدأ في تلاوة القرآن حتى الصباح، وكان لا يزيد عن سبع يختم فيهم القرآن.

وقد استخدمه شيخه كثيرًا في مهام المصالحة بين القبائل وفض النزاعات، ولم يحدث أن فشل في مهمة كلف بها، مما ساعده على توطيد مركزه وسمعته بين القبائل، وفي نفس الوقت جعله مدركًا بشؤون القبائل وأحوالها

وأحداثها.

f5511225dc.jpg


وقد ذكرنا من قبل أنه انقطع عن الدراسة في عام 1886م؛ إذ إن البلاد المجاورة كلها قد وقعت تحت الاحتلال الأجنبي، مصر والسودان تحت الاحتلال الإنجليزي، وتونس والجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، مما يعني أن ليبيا هي البقعة الوحيدة التي بقت من الدولة العثمانية التي لم تخضع بعد لأجنبي، وقد بدأت إرهاصات الزحف الإيطالي في هذه الفترة، وقد تم تكليفه بالقيام بأعمال شيخ زاوية القصور السنوسية عام 1895م، وهي تابعة لقبيلة العبيد بمنطقة الجبل الأخضر ( موطن المقاومة الليبية، ومعقل السيد عمر المختار في مواجهة الإيطاليين بعد ذلك)، وقد اشترك عمر المختار مع قوة مكلفة من شيخ السنوسية في مقاومة الاستعمار الفرنسي في وسط إفريقيا، وقد ساعدت هذه الأحداث عام 1899م على صعود نجم عمر المختار على المسرح السياسي والعسكري، وكذلك داخل منظومة الطريقة السنوسية، وساعد على ذلك أن الشيخ محمد المهدي شيخ السنوسية نقل مقره عن الكفرة إلى ان قروا بالمنطقة الوسطى من إفريقيا عام 1899م.

في هذه الأوقات كانت القوى الاستعمارية تقسم العالم فيما بينها فنرى إفريقيا التي كان 95% منها مستقلة عام 1885، يصبح 8% منها فقط خارج المناطق الاستعمارية في عام 1910، وفي هذا الزحف الاستعماري تعرض أتباع السنوسية ومراكزهم (الزوايا البيضاء) لهجوم القوات الغازية، وذلك لحملهم لواء الجهاد ونشر الإسلام في آن واحد في مواجهة الغزو التنصيري الاستعماري على إفريقيا، وقد تولى مشيخة الطريقة عام 1902 الشيخ أحمد الشريف السنوسي بعد وفاة محمد المهدي، وقد قام الشيخ الجديد باستدعاء السيد عمر المختار لتولي زاوية القصور مرة ثانية عام 1906م بعد تفاقم النزاعات بمنطقة الجبل الأخضر، وزيادة الضغوط الاستعمارية الإيطالية.

وفي 19 من أكتوبر 1911م وصل خبر بدأ الغزو الإيطالي لليبيا إلى مشايخ السنوسية، وقد كان عمر المختار في جالو بطريق عودته من الكفرة (بعد اجتماع مع شيخه السيد أحمد الشريف الذي استقر ثانية بالكفرة)، ويعلن شيخ الطريقة في نداء عام الجهاد من أجل صدّ العدوان ودفع الغاصب، وتنظيم الصفوف؛ وبالفعل تحققت الانتصارات على العدو الإيطالي، وأراد الطليان أن ينتقموا من الليبيين العزل، وتولدت فكرة شيطانية؛ ألا وهي عقد صلح مع إيطالية والرضا باحتلالهم لجزء من الأرض، وذلك بحجة قوة العدو، وكذلك قدرته على تطوير الأوضاع الزراعية والصناعية في ليبيا، ولكن استمرت المقاومة، وحتى وصلت هذه الفكرة إلى رأس أحد مشايخ الطريقة السنوسية، فعقد اتفاقاً تمهيدياً معهم، وحدث خلاف بين أبناء العم السنوسيين، وخطورة هذا الخلاف أن الدولة العثمانية قد تركت الأمر كله وانسحبت من ليبيا، وأصبح الأمر بيد أبناء ليبيا، ومن هنا كانت خطورة الخلاف، وقد اختار شيخ الطريقة حسم الخلاف بأن ينسحب ويترك مشيخة الطريقة للسيد إدريس السنوسي، وهو الذي بدأ مفاوضات الصلح مع إيطاليا، وقد تسلم السيد إدريس المشيخة عام 1917م.


المـحـنـة

كانت محنة السيد عمر المختار هو انتقال المشيخة في الطريقة السنوسية إلى السيد إدريس السنوسي، والسيد إدريس يرى أن تسليم جزء من الوطن للمحتل جائز، بل يرى أن يتسلم هو وزعماء الطريقة مرتبات شهرية من إيطاليا، بالإضافة إلى منازل معدة لهم، وأراضٍ زراعية معفاة من أي ضرائب، خلاصة الأمر هو قبول رشوة مقابل التنازل عن جزء من الوطن، فماذا يكون موقف المريد عمر المختار وزملائه؟ اجتمع زعماء القبائل ومشايخ الطريقة، وقدموا وثيقة في غاية الخطورة إلى السيد إدريس، يقومون فيها بمبايعته قائداً وشيخاً وأميرًا لهم، ولكن في هذه الوثيقة يحددون هدف المبايعة، ألا وهو قيادتهم في الجهاد ضد الغزاة، ولم يجد إدريس السنوسي مفراً من القبول الشكلي للبيعة، وتجتمع جموع المجاهدين في عام 1922م، فماذا يفعل السيد إدريس وهو قد وقّع بالفعل على وثيقة صلح مع إيطاليا، فما كان منه أن رحل إلى مصر في اليوم التالي لقبوله البيعة؛ مدعياً المرض وحاجته للعلاج! فتوجه إليه السيد عمر المختار وبعض صحبه، فلم يجدوا في شيخهم علة جسدية، وأرادوا منه أضعف الإيمان أن يمدهم بالمال والسلاح فلم يجدوا منه جواباً، فأعلنوا موقفهم الإيماني والجهادي الصريح، إن ضل الشيخ فهذا ليس لنا بحجة أمام الله، وأن الجهاد فرض علينا، وأننا سنمضي في جهادنا للأعداء، غير متعرضين لمن خذلنا، ومن ثم تقدم عمر المختار الصفوف ليقود حركة الجهاد من عام 1922، ويتكرر الموقف مرة ثانية؛ إذ يأتي أحد أبناء السنوسية، وهو رضا هلال السنوسي ليكرر هذه الفتنة بين المجاهدين (بعد عام واحد من فتنة إدريس السنوسي) إذ يعلن اتفاقه مع إيطاليا على أن يلقى السنوسيون السلاح، بل يبالغ في إعلان هذا الاتفاق ويضع بيده الصليب على قبر جده مؤسس الطريقة السنوسية.


9.jpg


ويعلن عمر المختار وصحبه أنهم لن يضعوا سلاحهم، ولكنهم لن يتعرضوا لمن أراد ذلك، وينتهي أمر هذا الهلال إلى أن تقبض عليه إيطاليا بعد فشله في وقف الجهاد ونفيه إلى إيطاليا، وتتكرر المأساة على يد الحسن بن رضا السنوسي وذلك أثناء مفاوضات عمر المختار مع إيطاليا، إذ يذهب الحسن بشروط المجاهدين إلى الطليان، ويعود بشروط ما هي إلا استسلام المجاهدين للطليان مقابل بعض المال للحسن، وبعض المال لقاد لمجاهدين، فيقول له عمر المختار: "لقد غروك يا بني بمتاع الدنيا الفاني، وقد انتهى الحسن نهاية أبيه".


12.jpg

11.jpg


أما محنة الإغراء فهي كانت عروضا عديدة بأموال وبيوت مريحة وأراضٍ زراعية معفاة من الضرائب للسيد عمر المختار، وكان رده على هذه العروض كلها: "لم أكن يوماً لقمة سائغة يسهل بلعها على من يريد، ولن يغير أحد من عقيدتي ورأيي واتجاهي، والله سيخيب من يحاول ذلك".


omer040.jpg


عمر المختار قائد المجاهدين

إن هذا الجانب من شخصية الشيخ عمر المختار قد تناولته الأقلام وترجمته شاشة السينما في عرضها لجهاد الرجل، ولكن سنبرز هنا تنظيمه للمجاهدين.
بدأ الشيخ عمر المختار في الاتصال بالقبائل، وقام بحصر عدد القادرين على الجهاد، وبدأ يجمع هذه الأعداد معه في عملياته العسكرية، وذلك بشكل متتابع، وجعل لهم معسكرات يجتمعون فيها ويتدربون، وقد عرف النظام والمعسكرات باسم الأدوار، وقد اختلف المؤرخون في عددها بين ثلاثة أو أربعة أو أكثر، وذلك النظام أعطى فرصة للمقاتلين في متابعة أمور حياتهم، كما نظم أمور الفصل في الخصومات, وهو الخبير في هذا الأمر والأمور المالية والإمداد والتموين للمجاهدين، وكذلك عملية الاتصال بالجهات الخارجية سواء في تونس أو مصر؛ لإمداده بالسلاح والمال اللازمين لمواصلة الجهاد، وجعل من الجبل الأخضر معقله، ولكن ضرباته كانت تطارد الإيطاليين في كل أرض ليبيا.


10.jpg



وعاش المجاهدون حياتهم مع الشيخ عمر بين كر وفر، بين نصر وهزيمة، ولكنهم لم يعرفوا معه معنى الضعف أو الاستسلام لهزيمة أو حصار من أعدائهم، وظل كذلك حتى في أحرج اللحظات، سواء في أثناء الفتنة الداخلية التي حرص عليها مشايخ السنوسية الطامعون في الدنيا، وكادت تشتعل الحرب الأهلية، فما كان منه أن أخرج مصحفه وأقسم ألا يتوقف عن قتال الإيطاليين حتى لو قاتلهم وحده، فلا يلبث المختلفون معه أن يتوحدوا مع صف المجاهدين. وكذلك أثناء الحصار،عندما سُأل: لماذا قاتلت الدولة الإيطالية؟ فيجيب: دفاعاً عن ديني ووطني.



اعتقاله


14.jpg

15.jpg



تم اعتقال عمر المختار في 11 سبتمبر من عام 1931م، بعد مناوشة بالذخيرة الحية حدثت ما بين المجاهدين تحت قيادته وسرية الصوراي الإيطالية للفرسان التي كان أغلبية جنودها من الليبيين.
وكانت الحاميات الإيطالية قد عرفت بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة، ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن أصيب حصان عمر المختار بطلقة نارية فوقع على الأرض وعلى ظهره عمر المختار الذي أصيب بجرح بسيط ، مما أدى إلى محاصرته بجميع جنود السرية بعد أن تعذر على اتباعه مساعدته على النهوض، مما جعله يحاول الاختباء تحت إحدى الشجيرات، حيث لم يبق طويلا حتى تعرف عليه أحد الليبيين الذي كان من بين جنود سرية الصوراي الإيطالية، حيث أخذ يصيح بأعلى صوته منادياً بقية الجنود قائلا " عمر.. عمر المختار أسرعوا ".

مما جعل ضابط السرية يصدر أوامره لجميع الجنود بمحاصرة الجريح من أجل اتخاذ الاستعدادات السريعة لنقله إلى مقر القوات الإيطالية في سوسة .
وقد صادف وقتها أن كان غراتسياني في روما، ولم يصدق غراتسياني سقوط عمر المختار تحت أيديهم في بادئ الأمر، وكان غراتسياني وقتها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة؛ هرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، وكانت الأقلام اللاذعة في إيطاليا بدأت تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع.
وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من بنغازي مفادها أن عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر.
فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه


oare33.jpg

tagouri5.jpg


وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر , وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صباح ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني، كما قال فى كتابه (برقة المهدأة) في الحديث مع عمر المختار.


tagouri4.jpg



وقال : "عندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا؛ لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة؛ نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر,
وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح."

وقد وجد غراتسياني أن تلك فرصة ثمينة لا يجب التفريط فيها ، فقام باستغلالها إعلاميا من أجل تدمير أسطورة البطل عمر المختار، كذلك من أجل إخماد استمرارية المقاومة نفسيا سيكولوجيا لدى المجاهدين الليبيين وكذلك في نفوس بقية المواطنين العرب حيث أخذ يلوح بالدرس القاسي الذي لحق بعمر المختار على حد قوله بسبب عناده وعدم استسلامه لسلطة الحكومة الإيطالية .


untitled.png



ويصف سجان عمر المختار ليفي Livio شيخ المجاهدين بقوله : "كان شيخاً متوسط الطول عنيدا عيناه تشعان ببريق الدهاء والحيلة ، ويبدو منظره كطائر جارح بسبب التقوس الذي يبدو في ظهره ، بالإضافة إلى عمق التقاطيع التي تمتد من أعلى جبهته لتستمر فوق حاجبيه ثم تنحدر إلى أسفل حيث تتقاطع عند فمه ثم تتوارى عند ذقنه تحت لحيته البيضاء القصيرة ، أما لون بشرته فإنه كان يميل إلى اللون الأسمر".

وطوال الليلة التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام، كان يتحلى المختار بشخصية البطل المسلم المؤمن بالقضاء والقدر، ويؤكد السجان ليفي ذلك بقوله : "في الحقيقة كان عمر رجلا يصلي لله منذ انبلاج الصبح إلى غروب الشمس مع نهاية كل يوم، رجلا يصلي لله ليلا بدلا من أن يتمشى .. رجلا يصلي لله من أجل أسرته وماشيته ثم الطريق الذي سوف يسلكه .. رجلا يصلي لله من أجل حماية حياة المسلمين جميعا ومن أجل مواصلة الكفاح العادل المقدس الذي أمر به الله سبحانه وتعالى". وفي فجر يوم الإعدام عندما سمع عمر المؤذن ينادي المسلمين لأداء الصلاة، قام من نومه وتوجه نحو القبلة وأدى الصلاة.


16.jpg

17.jpg

mkh_2.jpg


ساعة تنفيذ اعدامه شنقاً (رحمه الله)

وكان تحدد مصير عمر المختار قد تحدد يوم 15/9/1931 في صالون بالاس ليتوريا بمدينة بنغازي ، حيث تم إجراء محاكمة صورية له تم فيها الحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت وفي صباح يوم 16/9/1931 كما يورد غراتسياني في كتابه " برقة المهدأة " بقوله : "عند الساعة التاسعة صباحا بالضبط من يوم 16/9/1931وبحضور جميع أعيان القبائل البرقاوية في المعسكرات القريبة من بنغازي تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في عمر المختار زعيم الثوار المتمردين" .
وكان قول "إنا لله وإنا إليه راجعون" آخر ما ردد عمر المختار عندما وقف على منصة المشنقة

wh_822352317.jpg


18.jpg


19.jpg


6b16c9ab2b.jpg


20.jpg



وقام الإيطاليون بجمع القبائل لمشاهدة إعدامه، ويسقط جسد الرجل، وترتفع روحه إلى السماء، وترتفع مبادئه، وما يلبث أعداء الله إلا قليلاً حتى يسلط الله عليهم من يسقط رايتهم، ويزيل عدوانهم عن أرض ليبيا جميعاً.​
 

wazer

عضو نشط
التسجيل
21 سبتمبر 2005
المشاركات
538
جزاك الله خير على الموضوع الشيق ورحم الله عمر المختار
 

Director

عضو نشط
التسجيل
21 مارس 2006
المشاركات
1,501
الإقامة
الكويت
كرا ا\على الموضوع ويستحق التصويت شكرا على الموضوع القيم ..,
 

نيويورك

مستشار قانوني
التسجيل
20 يناير 2007
المشاركات
1,159
الإقامة
الكويت
موضوع ممتاز .. جزاك الله خير
 

iqbal

موقوف
التسجيل
29 فبراير 2004
المشاركات
157
الإقامة
GB
المـحـنـة
كانت محنة السيد عمر المختار هو انتقال المشيخة في الطريقة السنوسية إلى السيد إدريس السنوسي، والسيد إدريس يرى أن تسليم جزء من الوطن للمحتل جائز، بل يرى أن يتسلم هو وزعماء الطريقة مرتبات شهرية من إيطاليا، بالإضافة إلى منازل معدة لهم، وأراضٍ زراعية معفاة من أي ضرائب، خلاصة الأمر هو قبول رشوة مقابل التنازل عن جزء من الوطن، فماذا يكون موقف المريد عمر المختار وزملائه؟ اجتمع زعماء القبائل ومشايخ الطريقة، وقدموا وثيقة في غاية الخطورة إلى السيد إدريس، يقومون فيها بمبايعته قائداً وشيخاً وأميرًا لهم، ولكن في هذه الوثيقة يحددون هدف المبايعة، ألا وهو قيادتهم في الجهاد ضد الغزاة، ولم يجد إدريس السنوسي مفراً من القبول الشكلي للبيعة، وتجتمع جموع المجاهدين في عام 1922م، فماذا يفعل السيد إدريس وهو قد وقّع بالفعل على وثيقة صلح مع إيطاليا، فما كان منه أن رحل إلى مصر في اليوم التالي لقبوله البيعة؛ مدعياً المرض وحاجته للعلاج! فتوجه إليه السيد عمر المختار وبعض صحبه، فلم يجدوا في شيخهم علة جسدية، وأرادوا منه أضعف الإيمان أن يمدهم بالمال والسلاح فلم يجدوا منه جواباً، فأعلنوا موقفهم الإيماني والجهادي الصريح، إن ضل الشيخ فهذا ليس لنا بحجة أمام الله، وأن الجهاد فرض علينا، وأننا سنمضي في جهادنا للأعداء، غير متعرضين لمن خذلنا، ومن ثم تقدم عمر المختار الصفوف ليقود حركة الجهاد من عام 1922، ويتكرر الموقف مرة ثانية؛ إذ يأتي أحد أبناء السنوسية، وهو رضا هلال السنوسي ليكرر هذه الفتنة بين المجاهدين (بعد عام واحد من فتنة إدريس السنوسي) إذ يعلن اتفاقه مع إيطاليا على أن يلقى السنوسيون السلاح، بل يبالغ في إعلان هذا الاتفاق ويضع بيده الصليب على قبر جده مؤسس الطريقة السنوسية.




أخي الكريم.

أصلحني الله وإياك.

هل أنت ناقل للكلام الآنف؟ أم هذه قناعاتك؟؟

فإن كانت الأولى فلا املك إلا أن أقول إن هذا الكلام هراء ، ووالله إننا محاسبون بما نكتب ونقول فأربع على ضلعك وما هكذا كان الإمام الزاهد العابد محمد إدريس السنوسي عليه رضوان الله ، وحاشاه أن يصدر منه مثل هذا العته والسفه وهو من هو رضوان الله عليه.

ولعلك لا تدري أخي الفاضل أن السبب الرئيس في الإنقلاب المشؤم الذي حدث في سنة 69 كان عدم موافقة السيد الوالد محمد إدريس السنوسي رحمه الله الرضوخ للمقترحات الأمريكية آنذاك والتي تقضي بأن تدفع ليبيا نصف الديون المستحقة على القارة الأفريقية وقالها صراحة للمبعوث المريكي إن بلادي أولى بهذه الأموال من غيرها ، ليشبع شعبي اولا. حينها فقط قال المندوب الأمريكي الخسيس "أن أمريكا تحتاج لشخص تستطيع التفاهم معه" وقد كان ما أرادوا وها هي ليبيا ترزح تحت الظلم والجور والفساد في غياب أولئكم الأبطال الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
لقد ناضل السيد الإمام محمد إدريس السنوسي تماما كما ناضل سلفه من اهل بيته رضوان الله عليهم وعلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قدم الكثير والكثير رحمه الله وبذل في سبيل استقلال ليبيا الغالي والرخيص ولسنوات طوال عاشها قبل الإستقلال مكافحا وبعد الإستقلال نعمت ليبيا في ظل حكمه فكانت سنوات حكمه على قلتها مترجمة لحقيقة نضال الإمام رحمه الله تعالى ، ولتعكس على صفحة الواقع حقيقة الإمام ومبادئه السامية في خدمة الإسلام والمسلمين فجزاه الله عنا خير الجزاء.

وسأذكر لكم هنا حادثة حصلت في الأيام الأولى لإستقلال ليبيا لتعلموا مدى حرص السيد محمد إدريس رحمه الله على لم شمل الأمة وتوحيدها ونصرتها والعمل على تحريرها. فقد حدث أن قام رئيس دولة عربية - لن أذكره- بزرع فتنة بين الإمام وبين المجاهدين الجزائرين آنذاك ، ولأنهم لا يمكن ان يصدقوا مثل هذه الترهات قاموا بإرسال مبعوث للملك محمد إدريس رحمه الله يسأله عن سبب توقف ليبيا عن إرسال المؤن والعتاد للمجاهدين في الجزائر؟
حينها قالها السيد محمد إدريس رضوان الله عليه صراحة كلمته التي ستظل بإذن الله حجة وعهدا قطعه على نفسه يلقى بها الله يوم الحساب.
"" إننا إذا ربحنا الجزائر وخسرنا ليبيا فإننا سنكون رابحين لا خاسرين""
أرايتم لمثل هذه التضحيات وهذه البطولة النادرة في زمن عز فيه الرجال.
إنه لا يرى في إخوته الجزائريين غرباء بل لا يرى أن مسلما أيا كانت جنسيته غريبا فالكل أخوة في الله عنده ولا فرق إن خسرنا ليبيا مقابل أن تنعم دولة مسلمة أخرى بالإستقلال.

ختاما: إن كانت هذه قناعاتك فالله الموعد.
 

boalons

عضو محترف
التسجيل
17 سبتمبر 2003
المشاركات
4,057
الإقامة
KUWAIT
الاخ iqbal

ما انا الا بناقل وهذا الشئ واضح في بدايه المقال انه لقاء صحفي

نقلته من الساحه العربيه وصل عدد قراء الموضوع في يومين 11 الف قارئ ولم يعترض احد !

اقترح عليك اخي العزيز انك تراسل كاتب الموضوع وتبين وجهه نظرك وسينقلها بموضوعه وسنرى الحق اين ان شاء الله .

رابط الموضوع http://alsaha.fares.net/sahat?14@53.tSrOdoPXKyj.2@.3ba9dca5

بريد صاحب الموضوع موضح بتوقيعه

وجزاك الله خير
 

iqbal

موقوف
التسجيل
29 فبراير 2004
المشاركات
157
الإقامة
GB
الأخ الفاضل boalons

أشكرك على توضيحك وأعتذر لك عما بدر مني سواء كان ذلك بحق أو عن خطأ . ولكني بحكم تتبعي لمسيرة الشيخ المبارك محمد إدريس السنوسي تحتم علي واجب الدفاع عنه خاصة وانه قد إنتقل إلى رحمة ربه رضوان الله عليه.

واما ما كتب عنه فأسأل الله أن يجازيهم بما هم يستحقونه فقد لووا رؤوس الحقائق ودسوا على الإمام ماكان رحمه الله بعيد عنه كل البعد. ولعل تشريف الله سبحانه وتعالى لهذا الإمام أن جعل قبره بين صحابة رسول الله حيث يرقد هناك في البقيع رحمه الله رحمة واسعة.
 

الخليجي 1

عضو نشط
التسجيل
11 ديسمبر 2006
المشاركات
781
جزاك الله خير أخوي

بارك الله فيك يا أخي على التذكير بهذا المجاهد الكبير الذي أسأل الله تبارك وتعالى أن يجزيه خير الجزاء على جهاده وصبره وغيرته على أمته رحمك الله يا عمر .
 
أعلى