أنــقــذوا اللـــغـــة الــعــــربـيــــة

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
أنــقــذوا اللـــغـــة الــعــــربـيــــة
عن مجلة الحياة المصرية ..


اللغة ظاهرة فريدة في حياة الإنسان وهي ليست اضافة لاحقة بظاهر الوجود البشري بل هي هذا الوجود في أرقي مراتب تعقده وذلك التركيب الغائر الذي يمثل الهيكل الأساسي الذي يصدر منه السلوك والواجهه الحضارية لكل أمة أو دولة وهي الشيء الفريد الذي تنبثق منه كافة الانشطة والابداعات الاخري ولكل أمة لغة تفتخر بها وتصبح مسألة حمايتها مسألة حتمية لابناء هذه الامة .
وقد تفردت الامة العربية بلغة استطاعت أن يصبح لها رونق خاص وطابع مميز .. تشرفت بأن مفرداتها حملت أجمل المعاني والصور البلاغية المتمثلة في القرآن الكريم وهو شرف اختص به الله اللغة العربية .. لذا فقد ظلت محافظة علي نسقها , ماضية في محافظتها علي الوحدة العربية وسعي العرب إلي أن ينهلوا من هذه اللغة الثرية في كل شيء لكن وللاسف ما يحدث الان يدعو إلي الرثاء وعزوف الكثير منا عن تمسكه بلغته العربية الرصينة واتجاهه نحو دراسة اللغات الاخري وهذا ليس عيبا انما تكمن المشكلة في اهمالها للغة العربية فلا غرو أن تجد أبا يلقن ولده الصغير بضع كلمات أجنبية ويحضره وسط جمع من معارفه لكي ينطق هذه الكلمات , متفاخرا بأن ولده يعرف لغة أجنبية , يضاف إلي ذلك انتشار مدارس اللغات حتي المدارس الحكومية أصبحت تهتم أكثر باللغات والمواد الاخري متجاهلة لغتنا العربية .
وفي هذا التحقيق نحاول القاء الضوء علي كيف أن لغتنا العربية أهملت وكيف يمكن أن تعود اللغة العربية لمكانتها بدلا من أن تدخل حيز الغربة في وطنها .
انفصام
في البداية يقول الدكتور أحمد الليثي - أستاذ مساعد النحو و الصرف والعروض المساعد بكلية دار العلوم - للاسف أصبحت اللغة العربية شبه غريبة في وطنها والسبب في ذلك يرجع إلي الانفصام الذي ساد بين اللغة المنطوقة ولغة الكتابة فهناك فارق كبير بين هذين الاسلوبين وأيضا حول بعض الكلمات الاجنبية الدخيلة علي اللغة العربية عن طريق بعض المثقفين أو المتحذلقين الذين ينطقون بهذه الكلمات لمجرد الاستعراض أمام الاخرين .
ويضيف بأن اللغة العربية أصبحت تعاني من الغربة علي ألسنة ناطقيها مما يعرضها لمخاطر عدة منها التأثير علي الاسلوب عامة حيث إن كل لغة تنفرد بأساليبها الخاصة بها فأسلوب العربية يختلف عن غيرها من اللغات وكذلك مخاطر في تركيب الجملة ذاتها وذلك لاختلاف التراكيب في الجملة بين العربية وغيرها من اللغات , اضافة إلي مخاطر علي الكلمة ذاتها فقد تتحول الصيغة العربية إلي صيغة أخري لاعلاقة لها بالعربية وفي النهاية مخارج الحروف فاللعربية أصوات تختص بها ومخارجها تختلف عن مخارج نظائرها في اللغات الاخري .
ويحدد د. الليثي الحل في تقليل الفاصل بين اللغة المنطوقة والمكتوبة فنحن نجد كثيرا من الاعلانات تكتب بلغة غير عربية ولكن بحروف عربية ومن المفترض أن يمنع ذلك تماما , اضافة إلي أنه يجب أن تلتزم وسائل الاعلام باللغة العربية السليمة ويجب علينا تعليم الطفل في مراحل دراسته الاولي اللغة العربية السليمة والاهتمام بالقائمين علي تدريس اللغة العربية وتيسير دراستها وتوفير كتب النحو و القواعد وغيرها .
غربة
ويؤكد الدكتور صلاح رقاي - أستاذ النحو و الصرف بكلية دار العلوم - أن اللغة العربية شأنها شأن كل القيم الجميلة والاصيلة في وطننا العربي تتعرض لابشع مظاهر الانفصام بينها وبين مجتمعنا الذي نعيش بين ظهرانيه ألاوهي ظاهرة الشعور بالغربة في دارها ووسط أبنائها .
فعلي الرغم من كونها من أهم دعائم قوميتهم وأسمي عوامل وحدتهم ولغة كتابهم المبين ووسيلة تخاطبهم وتفاهمهم في شتي أرجاء الوطن العربي نجدها تأتي في آخر ترتيب اهتماماتهم بل قد لا نجد لها موقعا في أجندة أولوياتهم ويرجع ذلك إلي مايتعرض له المجتمع العربي وبخاصة قطاع الشباب من تيار العولمة بدعوي الحداثة والتحديث , ذلك التيار الذي يغزو كل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكأنما الهدف هو جذب الشباب العربي بعيدا عن لغته الأم والالقاء به في أتون التخبط والضياع .
وأضاف بأننا نجد الآن العديد من الصحف والمجلات تؤثر ترقيم صفحاتها بالارقام الاجنبية , بل نجد اعلانات تطلب مهندسين أو محامين أو محاسبين تستعرض صفحة كاملة أو بعض صفحة مكتوبة بلغة أجنبية وكأننا في بلد غربي وليس عربيا .. كما نسمع شخصا يدلي بحديث إلي محطة اذاعية عربية ويضمن حديثه كثيرا من الالفاظ والعبارات الاجنبية وكأن اللغة العربية لا تسعفه أو ليوحي إلي المستمعين إلي أن ثقافته أجنبية وكذلك التلفاز والتي تحمل بعض أسماء برامجه أسماء أجنبية وبرامج أخري تصر علي كتابة اسم البرنامج باللغة الاجنبية إلي جانب العربية.
ويستطرد د. رقاي أنه حتي علي المستوي الشعبي نجد لافتات المحال العامة قد كتبت باللغة الاجنبية فإذا كان الشاب يصطدم بكل هذه الكلمات والعبارات والاسماء الاجنبية طول يومه في طريقه وفي وسائل الاعلام , ناهيك عما يحدث في معاهد التعليم من العمل علي صرف الطلاب عن الاهتمام باللغة العربية حيث قسمت وزارة التربية والتعليم درجة اللغة العربية علي فروعها وخصت مادة النحو وهو عصب اللغة العربية وضمان سلامتها بأربع درجات فقط من خمسين درجة فإذا كانت جميع قطاعات الدولة حتي المسئولة عن تنمية اللغة العربية قد تحالفت علي أن تطعنها في مقتل فمن إذن يوليها بعض الاهتمام ويقدم لها نوعا من الرعاية والعناية وألا يكون ذلك دافعا لها علي الشعور بالغربة في دارها وبين أهلها ومواطنيها ..؟!
ولعلاج هذه الظاهرة النكراء - علي حد وصفه - يحدد د. صلاح رقاي ذلك في أنه أولا يجب الاهتمام بتحفيظ الصبية للقرآن الكريم منذ نعومة أظافرهم لترسيخ الالفاظ والاساليب العربية السليمة وكذلك الاهتمام بتحفيظ الطلاب كبيرا من الشعر العربي في مراحل التعليم لضمان سلامة النطق والكتابة وهو مايستلزم معه ضرورة الاهتمام بمادة النحو والصرف ويضاف إلي ذلك استصدار القوانين اللازمة لمنع استخدام الالفاظ والعبارات الاجنبية في وسائل الاعلام وفي لافتات المحال أو الشركات أو الاعلانات وتجريم ذلك طالما أن لغتنا العربية في غناء عن هذا الهراء .
أزمة
ويوضح الدكتور محمد محمد السكران - الأستاذ بكلية التربية بالفيوم - أن اعتبار أزمة اللغة العربية ناتجة عن أزمة النظام التعليمي فإن ذلك يتطلب تحليلا علميا موضوعيا وعلي هذا الاساس يصعب الوقوف عند مرحلة تاريخية معينة من تاريخ التعليم المصري ونعتبرها المسئولة عن احداث أزمة اللغة العربية فأزمة تدريسها والاستخدام السييء لها في التعامل اليومي والحياتي ليس وليد اليوم , انما يمتد بجذوره الي الماضي البعيد وتشكل الازمة تركة مثقلة لايزال يعانيها نظامنا التعليمي حتي اليوم .
ويضيف بأن اللغة العربية -كما هو معروف ظاهرة اجتماعية وهي بهذا الوصف لايمكن تفسيرها أو تحديد أزمتها بعامل واحد يمكن ردها إليه فنظرية العامل الواحد - كما هو مستفر في الفقه الاجتماعي - لا يمكن ثوق بها وانما نظرية العوامل المتعددة المتداخلة ومن ثم فإنه من الصعب اختزال أزمة اللغة العربية في عامل واحد وهو التعليم رغم أنه أحد العوامل المهمة إلا أنه ليس بالتأكيد العامل الوحيد فهناك عوامل أخري يأتي في مقدمتها المجتمع وأسلوبه في التعامل مع اللغة العربية فهو المسئول وبدرجة كبيرة عن وجود هذه الازمة وبالتالي لابد أن يكون العلاج مجتمعيا لانها أكبر من أن يتولي أمرها شخص معين أو نظام تعليمي معين ولن يتحقق هذا الا إذا وضعنا في الاعتبار أن قضية اللغة العربية هي بالدرجة الاولي قضية قومية تتعلق بكيان الامة ووجودها .
ويشير د. السكران إلي أن اللغة كما هو شائع عناصرها ومكوناتها المتشابكة المتداخلة التي تجعل من الصعب التعامل مع احداها دون الاخر وقد غاب عنا ونحن نتعامل مع أزمة اللغة العربية أن هناك تكاملا وتفاعلا كيميائيا بين عناصر ومكونات الاداء اللغوي لفظا ومعني وشكلا ومضمونا , نحوا وصرفا وبلاغة وغيرها من تلك العناصر التي تتميز بالثراء ومن ثم لابد من توافر هذه القواعد لضمان سلامة الاداء اللغوي وبالتالي يجب علينا جاهدين وجادين علي تحديد موقع لغتنا العربية علي خريطة المعرفة الانسانية بدلا من تشتيت جهودنا في البحث عن اضافة أو حذف باب من أبواب النحو أو الصرف في مناهجنا الدراسية بوهم أن هذا الحل السحري يرتقي بلغتنا العربية ويتغلب علي الازمة التي تعاني منها .
التربية واللغة
ويعقب الدكتور حسني عبد الباري عصر- أستاذ تدريس اللغة العربية المساعد بكلية التربية جامعة الاسكندرية - أنه فيما يتعلق بالتربية واللغة فإن التطوير الحق للتربية اللغوية يقوم علي أساس تطوير الذهن التربوي خصوصا لدي ملاك الحقيقة المطلقة من التربويين وانشاء الاصرة الاكيدة بين كل المهمومين بالتربية اللغوية في كل السبل وفي جميع المعاهد التعليمية حتي يتسني لنا استجلاء نظريات ثلاث تحكم أو يجب أن تحكم العمل في التربية اللغوية وهي النظرية اللغوية نفسها ونظرية لعلم اللغة وتعليمها ثم النظرية الاجتماعية التي تحيط بالنظريتين السابقتين , اضافة إلي ربط جميع مؤسسات تنفيذ آليات التربية اللغوية بالفلسفة اللغوية خصوصا في مراكز البحث التربوي واعادة النظرمليا في فلسفة الكتاب اللغوي . وأضاف د. عصر بأنه يجب التفريق الفلسفي بين اللغة وعلومها وعلم اللغة وبين تعليمها وبين اكتساب اللغة فاللغة اكبر من علومها ومن تعلمها ومن تعليمها واكتسابها وللاسف فاللغة الان ضاعت في الزحام ولا يدري عنها شيء وبالتالي يجب تطوير الادمغة التربوية وتطوير تلك الادمغة هو البنية العميقة للتربية اللغوية وماعداه شكل لاخطر له إلا في افراغه من مضمونه .
 

أبو فلسين

عضو نشط
التسجيل
9 مارس 2007
المشاركات
4,498
انا زين اطبع عربي وبدلياتى و اجد :)
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
محاولة امريكية لنشر العامية المغربية بدل الفصحي في المغرب وتوزع مجانا


daily.353836.jpg



طنجة: فنانة أميركية تصدر صحيفة بالعامية المغربية

«خبار بلادنا» تهدف إلى تشجيع القراءة.. وتتضمن صفحات محررة باللهجات الأمازيغية

طنجة: «الشرق الأوسط»
مثلما ظهرت الصحافة بالمغرب لأول مرة في مطلع القرن العشرين انطلاقا من شمال البلاد، ومن مدينة طنجة (شمال المغرب) تحديدا، يبدو ان ثمة تجربة اخرى مجددة ومثيرة للتساؤل اختارت ان تنطلق من نفس المنطقة. انها تجربة الصحافة المجانية الناطقة بالدارجة المغربية، فقد وصلت جريدة «خبار بلادنا»، التي تصدر بالدارجة الى عددها الـ198 اخيرا. وهي جريدة متميزة على عدد من المستويات. فهي ناطقة بالدارجة المغربية، تتضمن صفحات محررة باللهجات الامازيغية الثلاث: الريفية والسوسية والشلحة. وتوزع بالمجان، «بلا فلوس»، كما هو مكتوب على غلافها.
دار النشر المالكة للجريدة تحمل نفس الاسم «دار خبار بلادنا». وهي تعود لصاحبة الفكرة الفنانة التشكيلية الاميركية المقيمة بطنجة، الينا برينتيس، التي تقول ان هدفها هو «تشجيع الرغبة في القراءة لدى الناس العاديين وتعليمهم القراءة عبر اسلوب سهل بالدارجة. وبعد ذلك سيكون بمقدورهم القراءة بأية لغة اخرى».

وتعتمد «دار خبار بلادنا» في جني الموارد المادية اللازمة للانفاق على نشاطها اساسا على التبرعات التي يقدمها اشخاص وجهات، باعتبارها منظمة غير حكومية لا تهدف الى الربح. اما العاملون بدار «خبار بلادنا» فيبلغ عددهم 10 اشخاص، بعضهم متطوعون. ويتم توزيع الجريدة الاسبوعية التي تتضمن مجموعة من الابواب السهلة الهضم والاخبار الثقافية والرياضية والحكايات الشعبية الشفوية، مجانا في عدد من المدن المغربية، وذلك في المراكز الإحسانية، ونوادي محو الامية، ومآوي النساء في وضعية صعبة ومراكز الرعاية الاجتماعية. كما تقدم الجريدة نصائح وتوجيهات صحية لشريحة معينة من القراء والقارئات بلغتها، بهدف ادماج الاشخاص الذين لم يدخلوا المدرسة قط في عالم القراءة، وفق ما تقوله برينتيس.

واضافة الى الجريدة الاسبوعية التي تصدر بشكل منتظم فان «دار خبار بلادنا»، تحاول ان تصنع لنفسها مكانة كدار نشر حقيقية، لذا اصدرت حتى الآن مجموعة من الكتب يتطرق احدها لـ«نحو الدارجة المغربة». فيما تم اصدار كتب صغيرة الحجم تتضمن قواعد اللغات او اللهجات الامازيغية الاخرى: التسوسيت والترفيت والتشلحيت، وكتاب يتضمن حكايات مقتبسة من الف ليلة وليلة بالدارجة المغربية.

اما جديد الدار فهو الدعم الذي تحظى به من قبل مجموعة من الكتاب المغاربة، الذين يساهمون في انشطتها. وهكذا اصدرت في بداية مارس (اذار) الجاري، عملا سرديا جديدا للروائي المغربي يوسف امين العلمي يحمل عنوان «تقرقيب الناب» (ثرثرة)، وهو مكتوب بالدارجة المغربية كلية. كما تم اخيرا اطلاق جائزة ادبية سنوية تمنحها «دار خبار بلادنا» لأحسن عمل قصصي بالدارجة المغربية. ويشترط قانون الجائزة ان يتجاوز عدد صفحات العمل السردي المشارك في المسابقة الستين، وان يكتب اما بالحروف العربية المشكلة او بالحروف اللاتينية.

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=54&issue=9974&article=353836
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
قراءة جديدة في قضية الدعوة للعامية

القراءة : 597
التعليقات 0
تاريخ النشر : Sunday, 09 May 2004



في يوم الثلاثاء الموافق 4/مايو/2004م التأم جمع صالون نون الأدبي لبحث قضية الفصحى والعامية، حملت الجلسة عنوان " قراءة جديدة في قضية الدعوة للعامية ودور المرأة فيها" كان رائد الجلسة الأستاذ الدكتور عبد الله إسماعيل أستاذ اللغة والنحو في جامعة الأزهر.
افتتحت الجلسة بإدارة الأستاذة فتحية صرصور مبتدئة بنعي رجل من رجال الأدب والفكر، رجلٌ محب للثقافة، مشجعاً كلَّ جهدٍ يبذل من أجل نشر الثقافة ودعمها إنه الأستاذ سعيد فلفل (أبو جعفر) الذي ما انفك يدعم الجهود الأدبيةِ ويكبرها، فكان من الحريصين على حضور جلسات الصالون على مدار عامين كاملين، لذا –القول للأستاذة فتحية - أشعر بروحه تهفو على مجلسنا، وأراه يجلس في السطر الأول كما عودنا دائما، ثم طلبت من الحضور الوقوف وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.
بعدها بدأت بالحديث عن اللغة قائلة إنَّ لغات العالم كثيرة ومتنوعة، واللغة هي الهوية الدامغة للناطقين بها، لأنها ملكة إنسانية خاصة، لذا فهي ترتبط بحضارة أصحابِها، إلا أنَّ لُغتَنا العربية ذات أهمية خاصة، تكمن في أمر أجلّ وأعظم من ذلك، فهي لغة سماوية، نزلَ بها القرآن الكريم وبها يقرأ، خلافا للديانات الأخرى، من هنا كان الحفاظ على هذه اللغة أمرا في غاية الأهمية، وضرورة من الضرورات التي يُحتمَها علينا تمسكنا بالدين، ولكن ليس كما يدّعي أعداء الدين بأنها من قبيل تسلّط الدين علينا، فالدين هو صاحب الفضل على العربية، به حُفظت، وبه تجلّى جمال وسحر اللغة، كما تظهر قوة وقدرة ألفاظها في تجسيد معاني كلام الله سبحانه وتعالى، وتفصيل آياته بشكل جليٍّ نابض بالحياة يصل إلى جميع وسائل الحس والإدراك لدى الإنسان.
ثم تساءلت عن سرّ الهجمة على الفصحى؟
فقالت هناك زعم يقول : إنَّ الفصحى ثقيلة على اللسان، عسيرة على العوام، مستهجنة لا يتقنها الناشئة والأطفال، هذه الفئة تنادي بتنحية الفصحى جانبا وفسح المجال أمام العامية، لكي تتبوأ المشهد الثقافي والأدبي والفكري، إلا أننا نقول ما قالَهُ ياروسلاف ستيكتفتش مؤلف أفضل كتاب حديث عن اللغة العربية، حيث قال "ولدت مثل فينوس بكامل جمالها، وحافظت على ذلك الجمال على رغم كلّ مخاطِر التاريخ وتخريب الزمن، ومن قبله قال أبو منصور الثعالبي " اللغة العربية خير اللغات والألسنة، والإقبال على تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين، وسبب إصلاح المعايش والمعاد، ثم هي لإحراز الفضائِل والاحتواء على المروءَة وسائر أنواع المناقب، كاليُنبُوع للماء والزند للنار.
وعلاوة على أنها لغة القرآن فهي عامل حيوي في مجال التفاهٌم والتقارُب العربي، وهي وسيلة مُثلى في توطيد الوشائج وتأكيد الأواصر بين أبناء الوطن العربي.
وأضافت بأن مستقبل الأدب في العالم العربي هو اللغة الفصحى، فهي وحدَها الزاخرة بالثروة والغنى والتراث، وليست اللهجات العامية بلغة كيانية بل هي تحريف وتشويهٌ للفصحى، ولن تتمكن هذه اللهجات إطلاقا من اجتياز جدار التراث.
ثم أحالت القول في هذه القضية لصاحب الاختصاص الأستاذ الدكتور عبد الله إسماعيل الذي بدأ حديثه بمقدمة أشار فيها إلى أن الأوربيين سبقونا في ثلاثة أمور هي:
1- معرفتهم بفناء اللغات وزوالها كاندثار اللاتينية وظهور لغات بديلة.
2- معرفتهم بدارون ونظرية أصل الأنواع، التي تقول بأن الأنواع على اختلافها ترتد إلى أصل واحد هو القرد، بفعل هذه النظرية شاعت بين الدارسين فكرة فناء اللغات.
3- كما سبقنا الأوربيون في استخدام اللغة المحكية، وعرّفوا علم اللغة الحديث بأنه يتعامل مع اللغة المنطوقة ولا يتعامل مع اللغة المكتوبة.
بعد هذه المقدمة انتقل للحديث عن الفصحى ومراحل ازدهارها إذ بلغت أعلى مراتبها في المجتمع القرشي في فترة نزول القرآن، فهم فحول الفصاحة وجاء القرآن متفوقا عليهم، كان متحديا وحافظا للغة العربية، وكما قال المستشرق الألماني فوك " لولا نزول القرآن لتبعثرت اللغة العربية إلى لغات".
ظلت حواضر المسلمين في البصرة والكوفة ويثرب سليمة اللسان لمدّة قرنين، بعدها بدأت الفصحى تترهل وتتراجع مع القرن العاشر الميلادي، حيث أصبح اللسان يعلوه الخطأ، ويفتقد استقامة الكلام. منذ ذلك التاريخ أخذت اللغة العربية في الانحدار خاصة بعد أن استولى السلاجقة على بغداد فنشروا الفارسية وجعلوها تحل محل العربية. مع مجيء العثمانيين ازداد تأخر العربية وتراجعها حتى أصبحت أشبه بلغة الرهبان في الأديرة، تقتصر على دور العبادة، مع نهاية القرن الثامن عشر كانت قد تردت ترديا كبيرا.
في عام 1880م دعا ولهام سبيتا لإحلال العامية محل الفصحى مرتكزا على التقدم الصناعي والفكري الذي تمتعت بهما مصر في عهد الخديوي إسماعيل ثم توفيق ومتعللا بأن المصطلحات العربية لا تتسع للتقدم الحضاري.
بعد ذلك بعشر سنوات ظهر وكلوكس وهو مهندس بريطاني كان يعمل في أسوان انشغل في قضية العامية والفصحى، وقرر بضرورة الأخذ بالعامية قائلا بزوال الفصحى، أنشأ صحيفة أسماها الأزهر وكان يساعده فيها الشيخ أحمد الأزهري، لكنّه بعد عدّة محاولات أقر بفشل دعوته، وانبرى من يدافع عن الفصحى أمثال فارس العربية جورجي زيدان والأب شيخو.
يرى الدكتور عبد الله أن الثورة الصناعية والتقدم الحضاري هما وراء الدعوة للعامية وليس الاستعمار كما يعتقد كثير من الباحثين الذين كتبوا في هذا الموضوع، يؤكد الدكتور قوله بأن كثير من العرب دعوا للعامية وتحمسوا لها أكثر من المستعمر، من هؤلاء الدعاة سلامة موسى وسعيد عقل وأنيس فريحة ومارون غصن وغيرهم.
أما من كتبوا دفاعا عن الفصحى فمنهم محمود شاكر في أباطيل وأسمار، والشيخ إبراهيم اليازجي في كتاب (تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر)، وأنور الجندي في كتابيه (الفصحى لغة القرآن، اللغة العربية بين حماتها وخصومها)، محمد محمد حسين في كتابه (الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر).
أما عن دور المرأة في الدعوة للعامية
فأشار الدكتور إلى اثنتين من النساء الأولى الدكتورة نفوسة زكريا التي حملّت بريطانيا -وبشكل صريح – مسئولية الدعوة للعامية، من خلال كتابها ( تاريخ الدعوة إلى العامية) إلا أنه شكك في أن يكون الرأي في هذا الكتاب للدكتورة نفوسة إنما يعتقد أنه مملى عليها من أستاذها محمد حسين فهو صاحب أثر كبير في توجيه هذا البحث.
أما الشخصية النسائية الثانية التي تناولت قضية الدعوة للعامية فهي الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) رغم أنها منشغلة بالقرآن والكتابة عن زوجات الرسول، إلا أنها لم تترك الحديث عن هذه القضية، اتهمت الاستعمار والصليبية والمبشرين بأنهم وراء هذه الدعوة، كما تناولت سلامة موسى وهو أحد النادمين على كونهم من أصل عربي، ويرى أنه وقع تحت غزو عربي، فدعى لإحلال العامية لأن المجتمع لا يمكن أن يعيش بلغتين: لغة عامية محكية، ولغة فصحى مكتوبة، إلا أن الدكتور عبد الله يرى أن الدكتورة عائشة استخدمت مكيالين؛ فهي تعيب على سلامة موسى دعوته في الوقت الذي لم تأتِ على ذكر رأي زوجها الدكتور أمين الخولي في القضية نفسها خاصة أنه دعى لأكثر مما دعى إليه سلامة موسى، فهو القائل " إننا نعيش في لغتين، لغة حيّة ولغة خرساء، لا نعرف لها ضبطا ولا إعرابا، فلنكتب بالعامية.
إذن رأي المرأة لا يختلف عن رأي رجال عصرها في هذه القضية.
بعد أن أنهى الأستاذ الدكتور حديثه، فتح باب النقاش للحضور الذين أثروا الموضوع بمداخلات جادة، فتّحوا من خلالها قنوات جديدة للحديث في الموضوع، وأثاروا قضايا متعددة.
كانت المداخلات من كل من: الدكتور نصر عباس، الشاعرة فاتنة الغرة، المهندس علي أبو مرسة، الشاعر عمر خليل عمر، الشاعر نبيل عابد، المهندس عمر الهباش، الأستاذة رفيدة علي، المهندس جمال الريس، والأستاذة مي نايف.
اختتمت مديرة الجلسة بالقول إن لغتنا التي وسعت ألفاظها حضارات كثيرة لقادرة على استيعاب كل جديد، وهي التي تملك التأثير في نفس السامع وتستشهد بمثال يضربه الدكتور إدوارد سعيد لأسامة بن لادن " فهو يتكلم بهدوء وطلاقة من دون تردد أو خطأ نحوي ولا بدّ أن ذلك من عوامل تأثيره في كثيرين". تقرير فتحية إبراهيم صرصور
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
اللغة العربية معرضة للخطر بعد تراجعها في وسائل الاعلام


حذر باحثون واعلاميون عرب من تراجع اللغة العربية في مناهج التعليم ووسائل الاعلام العربية في السنوات الاخيرة.

وقال أمين بسيوني رئيس اللجنة الدائمة للاعلام بجامعة الدول العربية ان نسبة العربية الفصحى في المسلسلات التلفزيونية والاغاني تراجع كثيرا مقابل زيادة الالفاظ الانجليزية في الحوار اليومي وعلى ألسنة مقدمي البرامج الاعلامية مشيرا الى أن المتلقي قادر على الاستيعاب بدليل أن غير المتعلمين كانوا يرددون مقاطع من أغنيات أم كلثوم التي كتبها شعراء منهم أحمد شوقي.

وأضاف في افتتاح مؤتمر (واقع اللغة العربية في الوطن العربي) بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة أن طالب الثانوية العامة كان يدرس في منهج التفوق مادتين احداهما ديوان المتنبي في حين تراجع الاهتمام باللغة العربية في الفترات الاخيرة.

ويستمر المؤتمر الذي تنظمه جمعية (لسان العرب بمصر) ثلاثة أيام ويناقش أربعة محاور هي (دور الاعلام في النهوض باللغة العربية من خلال طرح قضاياها) و(تغريب اللغة العربية بين أهلها) و(أثر اللغة العربية في التفاعل مع حوار الحضارات) و(أثر التعليم الاجنبي في تهميش اللغة العربية).

وحذر الباحث المصري محمد العسال مما وصفه بالازدواجية اللغوية وأثرها على "تغريب اللغة القومية."

وقال في بحث عنوانه (رمزية استعمال الالفاظ الاجنبية في مصر) ان زيادة عدد الالفاظ الاجنبية يهمش اللغة العربية ويشوهها "ويعتبر أكثر خطرا على الثقافة" داعيا الى التعرف على مصادر هذه الالفاظ ومعانيها الاجنبية والبحث عن مرادفات عربية لها.

وقال الباحث السعودي مرزوق بن تنباك ان السنوات الاخيرة شهدت ما وصفه بالتحول الخطير في دول الخليج حيث تدرس العلوم "في كل الجامعات والكليات العليا والمعاهد التقنية العلمية" بالانجليزية مشيرا الى أن كليات الاداب والعلوم الاجتماعية اعتمدت التدريس بالانجليزية أيضا.

وأضاف أن في هذا "خطورة على لغة التعليم وهوية الامة ان استمرت هذه الحالة... توطين اللغة الاجنبية للتعليم أمر سيصعب التخلص منه والتغلب عليه" اذا نشأت عليه أجيال لم تتعود على العربية الفصحى.

ويرى باحث مصري أن اللغة العربية في خطر بسبب ما اعتبره تهميشا لها في مراحل التعليم المختلفة. لكنه مطمئن الى أنها لن تنقرض.

وقال أحمد مصطفى أبو الخير رئيس قسم اللغة العربية بجامعة المنصورة إن العربية معرضة للخطر بالفعل "لكنها ليست معرضة للانقراض على الاقل في المدى المنظور لان اللغة لكي لا تنقرض فانها تحتاج الى مئة ألف أو يزيدون من المتكلمين (بها) داخل الوطن ولغتنا (العربية) تحظى بما يزيد عن 300 مليون متكلم."

وأضاف في بحث عنوانه (صورة العربية داخل وطنها) أن العربية احدى أكثر اللغات انتشارا خارج وطنها تليها الانجليزية والفرنسية مستشهدا باحصائية أجريت عام 2005 عن الفضائيات على القمر الاوروبي الذي بث 80 قناة فضائية منها 34 بالعربية و22 بالانجليزية وخمسا بالفرنسية.

وعلق أبو الخير في بحث شارك به يوم الخميس في مؤتمر (واقع اللغة العربية في الوطن العربي) الذي افتتح الثلاثاء الماضي بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة قائلا ان العربية خارج وطنها "في وضع متميز ولا خوف عليها" مشيرا الى أن الولايات المتحدة الامريكية رصدت منذ شهور أكثر من 100 مليون دولار لتعليم مواطنيها "اللغات الاستراتيجية" ومنها العربية والفارسية.

ويختتم المؤتمر الذي تنظمه جمعية لسان العرب بمصر يوم الخميس بعد مناقشة أربعة محاور هي (دور الاعلام في النهوض باللغة العربية من خلال طرح قضاياها) و/تغريب اللغة العربية بين أهلها/ و/أثر اللغة العربية في التفاعل مع حوار الحضارات/ و/أثر التعليم الاجنبي في تهميش اللغة العربية/.

وقال أبو الخير ان العربية هي خامس لغة من حيث عدد المتكلمين بها بعد الصينية والهندية والانجليزية والاسبانية حيث يبلغ عدد العرب الان 320 مليون نسمة يعيشون في 22 دولة تبلغ مساحاتها نحو 14 مليون كيلومتر مربع ولا يزيد عليها الا المساحة الروسية البالغة نحو 19 مليون كيلومتر مربع.

وأشار الى أن اللهجات العامية "ليست نقيضة الفصحى والكلام بالعامية ليس بالمحظور أو المحرم" مشيرا الى أن أكثر اللهجات غموضا هي المغربية والجزائرية.

وقال ان الخطورة على العربية تأتي "بكل أسف من معاقلها داخل الوطن" بسبب التعليم باللغات الاجنبية الذي قال انه أقصر الطرق للقضاء على اللغة في حين يتلقى التلاميذ في المرحلتين الابتدائية والجامعية تعليمهم في "كل الدول" باللغة الام فقط
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
الدكتور محمد بلبشير الحسني:نحتاج إلى غضبة عربية من القوى الحية في البلاد تعيد للغتنا الوطنية مكانتها


الدكتور محمد بلبشير الحسني واحد من المغاربة الذين نذروا أنفسهم وحياتهم للدفاع عن ثوابت الأمة وهويتها، فباعتباره أول عميد لكلية الآداب بالرباط، والأمين العام لرابطة الجامعيات الإسلامية ـ سابقا ـ، وأول رئيس لشعبة الدراسات الإسلامية بالمغرب، وقبلها كان رئيس شعبة اللغة العربية، يجعل الحديث معه في موضوع ''واقع اللغة العربية بالمغرب''، ذا نكهة خاصة، وذا قيمة علمية مفيدة وفريدة. فالدكتور بلبشير الحسني عاصر أغلب وزراء التربية الوطنية، وكان في قلب الحدث، دافع عن لغة الضاد، وأثمر هذا الدفاع ثمارا نقطفها الآن، ونطالب بالمزيد. إليكم الحوار التالي الذي نظمه الموقع الإلكتروني لحركة التوحيد والإصلاح:



الدعوة إلى ''العامية'' أثيرت مرات متعددة بتشجيع من السلطات الاستعمارية وبعض العلمانيين العرب

ان الواجب على الحكومة أن تسهر على تطبيق الدستور وعلى ما يطالب به الشعب المغربي منذ عقود بتعريب الإدارة والحياة العامة

بسم الله الرحمان الرحيم، اللغة العربية وبالتالي قضية التعليم في المملكة المغربية مرت بمراحل متعددة منذ العشرينيات من القرن الماضي بعد تصريحات لشخصيات فرنسية مرموقة حول كيفية إدخال اللغة الفرنسية لتصبح هي اللغة الرسمية في التعليم والإدارة وفي الحياة العامة.. بعد هذه التصريحات تنبهت المقاومة الوطنية بالخطر المحدق بالبلاد ولذلك بدأت في كفاحها بإحداث مجموعة من المدارس الحرة التي كانت تعطي أهمية كبرى للغة العربية ولتعريب المواد بما فيها المواد العلمية المكانة الأولى.

لم يكن في استطاعتها تعريب الإدارة ولا تعريب الحياة العامة، بحكم أن سلطات الحماية هي التي كانت تشرف على الإدارة والحياة العامة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد. بل أقبلت وأقدمت على خطر آخر، وهو استعمال العربية الدارجة (العامية)، وكذلك ما كانت تسميه باللهجات البربرية، فأحدثت في معهد الدراسات العليا التي كانت في الرباط، شهادات للغة الدارجة المغربية، كما أحدثت شهادات للهجات البربرية كما كانت تسميها، وكذلك شهادات للغة العربية الفصحى.

ومنذ سنة ,5756 أي بمجرد أن حصل المغرب على استقلاله، أحدثت اللجنة الملكية لإصلاح التعليم، التي أقرت المبادئ الأربعة الثابتة لإقامة نظامنا التعليمي، وهذه المبادئ الأربعة هي التعميم، والمغربة، والتعريب، والتوحيد، كما أحدثت المجلس الأعلى للتربية الوطنية، وأنشأت كذلك مكتبا لتعريب المصطلح أصبح منذ 1961 مكتبا لتنسيق التعريب تابعا للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كما أسس المغرب كذلك معهدا آخر للدراسات والأبحاث في التعريب بتعاون مع منظمة اليونسكو قصد إصلاح الطباعة العربية وتيسيير كتابتها. خصوصا أن هذه العملية جاءت مصاحبة لحملة محاربة الأمية بقيادة ملك البلاد محمد الخامس طيب الله ثراه.

وفي الوقت الذي بقي المعهد المغربي يقوم بالبحوث وتحضير معجم أساسي لفائدة التلاميذ المغاربة، واصل مكتب التنسيق عمله على صعيد العالم العربي بتحضير العشرات من المعاجم في مختلف العلوم والتخصصات، ونشر مجلة اللسان العربي، وعقد مؤتمرات التعريب، حيث انعقد أول هذه المؤتمرات بالرباط في أبريل 1961 تحت رئاسة وزير التربية آنذاك: الأستاذ عبد الكريم بنجلون، وفي سنة 1957 أُسست أول جامعة مغربية، وهي جامعة محمد الخامس بالإضافة إلى جامعة القرويين العتيدة، فانفصلت المؤسسات الجامعية التي كانت موجودة في عهد الحماية عن جامعة بوردو، وكان لي الشرف آنذاك بعمادة كلية الآداب بالرباط بعد منصب نائب العميد مع الأستاذ شارل أندري جوليان المؤرخ الفرنسي المشهور، فأقدمت على إحداث الإجازة المغربية في الآداب وجعلتها معربة في العلوم الإنسانية.

ومن الجدير بالذكر، أن الحكومة المغربية أقدمت على تعريب القضاء وبدأت في التحضير لتعريب الإدارة، كما شرعت بعد ذلك في التخطيط للتعريب، وقامت بهذا الأمر وزارة التخطيط في أواخر السبعينيات، كما أُنشأت لجنة وطنية للتعريب، وشرعت فعلا في تعريب معهد الإحصاء الذي كان يشرف عليه الدكتور مصطفى بنيخلف.

ومنذ سنة 1962 أقدمت الوزارة على إحداث شعبة بالمدرسة العليا للأساتذة الموجودة بالرباط لتحضير الإجازة العلمية بالعربية لفائدة التلاميذ الذين تابعوا دراستهم الثانوية في بعض المدارس الحرة المعرَّبة. ومن أهمها مدارس محمد الخامس بالرباط، وكذلك بعض الثانويات التابعة للتعليم الأصيل.

وقد كان هؤلاء التلاميذ قبل إنشاء هذه الشعبة يتابعون دراستهم العليا إما في المشرق العربي، أو في بلاد شرق أوربا والاتحاد السوفياتي آنذاك.

ووقعت النكسة الأولى لإيقاف تطبيق مبدأ التعريب حينما قام أحد وزراء التعليم آنذاك بالدعاية للفرنسية، كما طويت بعدها قضية تعريب الإدارة، فتعريب الحياة العامة رغم مناداة بعض الأحزاب الوطنية، وبعض الفرق البرلمانية بضرورة العودة إلى التعريب. وبقيت القضية تُثار في الحكومة إلى أن أقدمت من جديد في أواخر السبعينيات على الشروع في تعريب التعليم من جديد في مرحلتي الابتدائي والثانوي إلى شهادة الباكالوريا، إلا أنه مع الأسف الشديد، وُضع هذا التعريب في الباب المسدود حيث لم يُواصل في الدراسة الجامعية. كما أن الشروع في تعريب العلوم بالإعدادي والثانوي لم يكن مسبوقا بتكوين الأطر المؤهلة لتدريس هذه العلوم باللغة العربية، والذين كان من المفروض فيهم أن يكونوا قد تلقوا دراستهم الجامعية باللغة العربية، حيث إن التلاميذ الناجحين في الباكلوريا المعرّبة مضطرون إلى متابعة دراستهم الجامعية باللغة الفرنسية.

وفي سنة 1994 تم تشكيل لجنة إصلاح التعليم برئاسة رئيس البرلمان وفي رحابه، وعندما نودي بمواصلة التعريب في التعليم العالي، أُقبرت اللجنة في سنة ,1995 وابتداء من سنة 2000 و2001 شُرِع في تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أوصى بإنشاء أكاديمية اللغة العربية التي كان من المفروض أن ترى النور منذ ,2001 وكذلك فتح شعب معربة في التعليم العالي، إلا أن كل هذا بقي حبرا على ورق.

هناك من ينعت العربية بأنها لغة قاصرة ولا تساير التقدم التكنولوجي وأنها لغة القرآن والعبادة، ما موقف أستاذنا الجليل؟

من المعلوم أن اللغة العربية قبل كل شيء هي لغة القرآن، وتتمتع بقدسية خاصة، باعتبار أن القرآن كلام الله، (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين)، ثم إن اللغة العربية هي لغة التراث الضخم، وبهذه المناسبة، اطلعت على مجموعة أقراص، مجموعها خمسة، عن العصر الذهبي للإسلام، ألفه محمود حسين، وأنجزه فيليب كالدرون، صدّرا هذه الأقراص بقولهما: حينما كان العالم يتحدث باللغة العربية''. ومن ضمن محاورهما: من العربية إلى اللاتينية، ثم نسيان العربية. ومعلوم أن من ضمن التراث العربي الإسلامي، التراث المغربي المتداخل مع تراث الغرب الإسلامي بما فيه الأندلس. ثم إن اللغة العربية هي اللغة الرسمية حسب دستور البلاد. وأخيرا، اللغة العربية بطاقتها التعبيرية، ومؤهلاتها الصيغية والاشتقاقية قابلة لخوض غمار مختلف العلوم من جديد بعد أن أعطت الحجة على ذلك في العصور الذهبية، وحتى أعطي بعض المعلومات الإضافية، أريد أن أستعرض بعض المؤتمرات والندوات التي أقيمت على صعيد العالم العربي، أو على صعيد المغرب:

هناك مؤتمر التعريب الذي انعقد سنة 1961 برآسة وزير التربية الوطنية بالرباط، ثم ندوة أكاديمية المملكة المغربية فبراير ,1988 وكان موضوعها: الحرف العربي والتكنولوجيا، ثم إن معهد الدراسات والأبحاث للتعريب قام في مارس 1998بعقد عدة ندوات من بينها ندوة بعنوان: العربية في الاقتصاد والإدارة، وعُقد في مارس 1987 بالخرطوم مؤتمر وزراء الصحة العرب، وكان موضوع المؤتمر: ''تعريب التعليم الطبي في الوطن العربي''.

وفي التصميم الخماسي ,19821978 الذي أصبح ثلاثيا بالمغرب، من بين توصياته: توصية عن الفكر والحضارة الإسلامية، وتوصية عن التعريب، ونفس الوزارة في ذلك الوقت أنشأت لجنة وطنية لتخطيط تعريب المصطلحات العلمية والتقنية سنة .1983

وكذلك على صعيد العالم العربي عُقد مؤتمر إقليمي حول التعليم العالي ببيروت ,1997 ومن بين الندوات التي نظمها معهد الدراسات والبحوث في مارس 2000 ''تعلم اللغة العربية والتعدد اللغوي''.

ولديّ قائمة لمجموعة من المفكرين المغاربة على الخصوص الذين تحدثوا طويلا عن قضايا تعريب العلوم في العلوم في جميع مراحله بما فيه التعليم العالي.

وفي موضوع الندوات، عقد اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية بالرباط نونبر 1984 ندوة حول: تعريب التعليم العالي والجامعي في ربع القرن الأخير. ونظمت المجلة المغربية: ''الموقف''، وأردت بصفة خاصة أن أؤكد على هذه الندوة التي عقدت في يونيو 1987 بالرباط، وشارك في حلقتها الأولى أساتذة علوم جامعيين بكلية العلوم بالرباط، الذين أشاروا إلى أن التمسك باللغة الأجنبية لها أولوية في التعليم، هي لغة النخبة من المتميزين والمحظوظين، وأن في مقابلها فئة اجتماعية عريضة، وبما أن العلوم التي تعطى بالفرنسية هي التي يتكون منها المهندس والطبيب... فبطبيعة الحال، تعتبر العلوم الإنسانية والآداب عديمة الأهمية بالمقارنة مع العلوم التي تخرج المهندس والطبيب وغيره. وتوصلوا إلى نتائج في تدخلاتهم، أن التعريب من شأنه أن يقضي على النخبوية، وأنه لا سبيل للنهضة العلمية والصناعية إلا بالتعريب. كما توصلوا أيضا إلى أن العربية أثبتت كفاءتها لتكون لغة العلوم والتقنيات، كما قالوا إن مشكلة المصطلحات مشكل وهمي لا وجود له. وقالوا كذلك إن تعريب الجامعة والإدارة والحياة العامة يتوقف على وجود القرار السياسي. وأن 60 في المائة من أطر كلية العلوم في الرباط مهيؤون للتعريب، كما أنهم قالوا بالتعريب تتحقق ديمقراطية التعليم. وقالوا كذلك إن تعريب العلوم في الجامعات المغربية سيصبح ضرورة حتمية بعد .1990

وصرح الدكتور بنيخلف بما يلي: ''أما عن التنمية المتوازنة فمن السهل أن يقتنع المرء بأن التنمية الحالية لا تعم الجماهير، وإنما تسمح لفئة متفرنسة قليلة من التنمية الفعلية الاجتماعية والاقتصادية، أما الذين لا يحسنون اللغة الفرنسية، فلا يمكنهم المشاركة في هذه التنمية''.

وفي تصريح البشير لزرق: ''التعريب ضرورة لأنه مرسوم في مسار التاريخ حتى نستجيب إلى طموحات وخصوصيات الشعب المغربي. والدكتور محمد القباج بكلية الطب قال: '' فيما يخص الدعاوي التي يحتمي بها خصوم التعريب نرى أن ادعاء عجز وقصور اللغة العربية هو أكبر غلـــط يمكن أن يُرتكب في حقها. فاللغة العربية ليست بقاصرة، فهي تملك مؤهلات كبيرة تجعلها تتخطى الصعاب بشكل ليس بالعسير، ثم يضيف: ''أظن أن مسألة التعريب هي مسألة قرار أولا، ومسألة ثقة بالنفس ثانيا''، ويذكر كذلك أن مجموعة من الأطروحات (الطبية) كتبت ونوقشت باللغة العربية، وقد أنجز محمد القباج المذكور مجموعة من المعاجم المختصة في كل المجالات الطبية، وعددها يفوق السبعين، وهي ثلاثية اللغة: عربية، فرنسية، إنجليزية، ويحتوي كل معجم على ما ينيف عن 3500 إلى 4000 كلمة.

بفرنسا قوانين تحمي اللغة الفرنسية وجمعيات تنشط لتنمية اللغة الفرنسية في ظل الانتشار الواسع للغة الإنجليزية والصينية القادمة في المستقبل ، فهل هناك قوانين في نفس الاتجاه؟

حسب علمي ليس هناك قوانين في نفس الاتجاه، والكثير من المفكرين المغاربة يطالبون بذلك خاصة بمناسبة الحملة القائمة حاليا في المملكة المغربية بالنسبة لإعطاء مكانة للغة العامية الدارجة لتزاحِم اللغة العربية الفصحى باعتبار أنها أيسر منها، وأنها لغة طيعة وسهلة في الخطاب... علما بأن موضوع اللغة الدارجة سواء في المغرب أو غيره من البلدان العربية سبق أن أثير مرات متعددة بدافع وبتشجيع السلطات الاستعمارية وبعض العلمانيين العرب.

لصالح من هذه الحملة التي تستهدف اللغة العربية الفصحى ؟

في الحقيقة لا أدري شخصيا لمن هذه المصلحة لولا أنني ألاحظ أن اللغة العربية ـ ولست وحدي الذي ألاحظ ـ صحيح أنها بارزة في المجال الفني والأدبي، وفي مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية، ولكنها مهددة، أو مقصودة في ظهورها، أو تجلياتها في باقي العلوم الأخرى. وقد يتساءل الإنسان: هل ليس هناك للموضوع صلة بهذا الانتشار الكبير للغة الفرنسية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وهيمنتها، بل من المعروف أن اللغة ليس القصد منها جانب المخاطبة والكتابة، وإنما القصد منها ما تجره من مبادئ ثقافية ومن تراث، ولذلك إذا أقدمت الدول الأجنبية على تشجيع لغتها، فيتبع ذلك التضييق على اللغة الفصحى كلغة الشخصية المغربية وهويتها، وأريد هنا أن أذكر شهادة لوزير التربية الفرنسي ''ديك فيري'' الذي قال: ''هل يمكن أن نجعل من حماية الكلمات قضية وطنية''؟، فصرح في هذا الشأن قائلا: ''إذا كان ميلاد لغة ما ليس من شأن الأفراد، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لحمايتها. أليس كل واحد مسؤولا، ولا سيما السياسيين عن حماية هذا التراث الذي يتعرض للخطر، والذي هو الكلمات''. ثم قال: ''ما أريده للغة الفرنسية، بسيط للغاية، حمايتها بنفس المعنى الذي نعطيه لحماية أي تراث آخر''. وقال: ''فاللغة تشبه الأمم في الثقافات نفسها، إذ أنها مفتوحة للتأثيرات الخارجية، وبالتالي فعلى المعاجم أن تأخذ هذا بعين الاعتبار''.

لماذا لا يتم فرض التعامل باللغة العربية في جميع المرافق الإدارية العمومية منها والخصوصية وهل من سبب لعدم المضي في هذا الامر حتى الأن؟

أنا لا أعلم سببا لذلك، ما أعلمه أنه كانت محاولات لتعريب الإدارة في الستينيات، كما أن نفس المحاولات تجددت في أواخر السبعينات، في إطار وزارة التخطيط، كما أنني أعلم ـ كما يعلم الجميع ـ أن بعض الأحزاب السياسية طالبت كم من مرة في البرلمان، وفي مؤتمراتها بتعريب الإدارة والحياة العامة، وأنا شخصيا لا أخفي أنه يغيظني كثيــرا أن أرى العديد من الشركات والمقاولات، بل والكثير من الدكاكين وغيرها تكتفي باستعمال اللغة الفرنسية في إشهاراتها ولافتاتها، مع أن اللغة الرسمية للبلاد هي اللغة العربية، ولا أدري كيف يُسمح لهؤلاء باحتقار لغة البلاد، التي هي رمز للسيادة والمواطنة.

هل مازال حزب الاستقلال يتبنى سياسة التعريب ويدافع عنها أم تخلى عن أطروحة الزعيم علال الفاسي؟

في علمي أنه لم يتخل حزب الاستقلال عن ذلك، فلدي الآن وثيقة صادرة عن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال تتحدث عن خطة عمل من أجل فرض اللغة العربية في الحياة العامة، من بين ما تذكر، ضرورة تحريك مقترح قانون بتعريب الإدارة والحياة العامة، الذي تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، أما بالنسبة لتعريب التعليم، كان لي الشرف بتمثيل حزب الاستقلال في اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم التي كُلف رئيس البرلمان سنة 1994 بالإشراف عليها، وكانت تعقد اللجنة الكبرى التي توصلت إلى نتائج كما أسلفت، بما فيها تعريب التعليم، والحديث الذي قلته باسم الحزب التأكيد على موضوع التعريب، بل كنت أمثل هذا الحزب في المكتب المشرف على أعمال الندوة، كما كنت عضوا في اللجنة الفرعية للتعليم العالي والبحث العلمي، والتعليمات التي كانت لدي من قيادة الحزب، أن أدافع عن تعريب التعليم في مختلف مستوياته ومراحله.

وأريد أن أذكر بأن الأستاذ محمد الدويري حينما كان وزيرا للتخطيط بدل جهدا كبيرا في الإسراع بتخطيط مختلف مجالات التعليم، كما أنشأ لجنة لتكوين الأطر حيث إن قطاع تكوين الأطر كان تابعا لوزارة التخطيط في ذلك الوقت.

في القرن الماضي زعم الفرنكوفونيون أن اللغة العربية ليست لغة علم ومعرفة، واليوم يزعمون أنها ليست لغة تواصل سيما وأن الأمية مرتفعة ببلادنا. هل توافقوني الأستاذ الكريم أن أخطر ما في الحملة الراهنة أنه يتزعمها أصحاب مصالح اقتصادية ولوبيات الإشهار، وهم لا تعنيهم مصلحة المواطن بقدر ما يعنيهم جيبه. والأخطر من ذلك أن النقاش يدار بعيدا عن أهله من علماء وأكاديميين؟

هذا صحيح فعلا، وكم يسعدني كذلك أن أعطي قائمة ببعض المفكرين المغاربة المرموقين، والذين ساهموا في الدفاع عن اللغة العربية وعن التعريب.

ولدي مختلف المراجع لكل ما سأذكره، في طليعتهم المرحوم علال الفاسي، ثم الدكتور عبد العالي الودغيري الذي ألف مجموعة من الكتب، منها: ''هو الذي رأى: نحو ثقافة سياسية جديدة''، ثم ''في الثقافة والهوية''، ثم ''الفرنكوفونية والسياسة اللغوية والتعليمية بالمغرب''، ثم'' اللغة والدين والهوية''. كما أنه أنشأ مجلة ''الموقف'' التي أشرت إليها من قبلُ.

وأصدرت هذه المجلة من بين ما أصدرته عددا خاصا فيه حوار حول التعريب، وكذلك ملف آخر بعنوان: ''ثقافتنا إلى أين؟''، ومن بين المناصرين مناصرة قوية للغة العربية والتعريب، الدكتور محمد الأوراغي، وكذلك الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري، ثم الدكتور موسى الشامي، والدكتور مصطفى بنيخلف، والدكتور حمزة الكتاني، ولدي بعض ما نشره حول موضوع التعريب، وكان وزيرا، والدكتور حسن الصميلي وهو متخصص في اللغة الفرنسية، وكان عميدا لكلية الآداب بالدار البيضاء، والدكتور بنسالم حميش، والدكتور محمد عابد الجابري، والدكتور جفعر الكتاني الذي كان عميدا للكلية كذلك، والدكتور إدريس الخرشاف أستاذ الرياضيات بكلية العلوم، والدكتور إدريس الكتاني، والدكتور علي القاسمي، والدكتور عبد العزيز حليلي، والدكتور محمد الديداوي رئيس قسم اللغة العربية لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، والدكتور محمد غنايم، ومحمد الناجي، والدكتور عبد القادر الإدريسي، والدكتور محمد السوسي، والقائمة طويلة...

وبالمناسبة كذلك أشير إلى الكتاب الذي صدر عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بعنوان: ''مستقبل اللغة العربية''، والذي أشار فيه إلى تصريح للدكتور شوقي ضيف، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة الذي قال بصفة خاصة إن محنة اللغة العربية الحقيقية هي في انهزام أبناءها نفسيا أمام الزحف اللغوي الداهم، واستسلامهم في مجال العلوم للغات الأجنبية. كما أشار الدكتور التويجري أن من بين مشاريع الإيسيسكو كتابة اللغات الإفريقية بالحرف العربي.

ننوه بشخصيات وطنية تبوأت المسؤولية في وزارة العدل فقررت العربية لغة رسمية فأصبحت المحاكم معربة و كذا روافدها من شرطة قضائية... إذ أن أمر التعريب في الإدارة لا يحتاج إلى كبير المجهود وإنما إلى إرادة مخلصة لصالح لغة البلاد العربية والعربية فقط... أرجوا من أستادنا المحترم إبداء رايه الصائب فيما عرض آنفا؟

آسف لأتحدث عن نفسي، في آخر سنة ,1961 وأنا عميد لكلية الآداب بالرباط في ذلك الوقت، طلب مني الدكتور يوسف بلعباس وزير التربية الوطنية أن أتحمل مسؤولية إدارة التعليم بجانبه، ورغم أني رجوته أن يتركني في الكلية، قال: ''أليس لحزب الاستقلال برنامج لإصلاح التعليم؟'' قلت: نعم، قال: فآت إلى الوزارة لتقدم على تنفيذه، وفعلا بدأت رفقة مجموعة من الزملاء حوالي خمس أو ستة، أشرفنا على وضع المشروع وتقديمه للوزير، وكان من بين ما في هذا المشروع تخطيط محكم وبغاية من الاحتياط والحذر حول تطبيق التعريب بتريث وبمراحل، ولكن المشروع رُفض وتغير الوزير، وخلفه وزير آخر كان ضد تطبيق التعريب، وكان ينادي باعتباراللغة الفرنسية لغة أساسية في التعليم المغربي، وكتبت أيضا مقالا في جريدة العلم في ذلك الوقت حول موضوع التعريب، فأراد الوزير المذكور أن يقدمني للمحكمة بسبب ذلك المقال، وحينما قيل له إن المقال ليس فيه قذف في أحد، ولا تجنّي على الوزارة، وإنما هو رأي، عدل عن ذلك، وعاقبني بنقلي إلى جهة أخرى.

بقدر ما عرف عنكم أنكم الآباء المؤسسين لشعبة الدراسات الإسلامية في المغرب وأنكم بذلتم ولا شك جهودا كبيرة من أجل ذلك، فإن الرجل ليتساءل عن هذا السكوت غير المبرر لكم خاصة وأن الدراسات الإسلامية ومعها اللغة العربية تتعرض اليوم في المغرب وخارجه لحملة شرسة، فهل سكوتكم معناه أنكم مطمئنون إلى أن لا أحد يستطيع المس بهذه الشعبة وهذه اللغة أم هناك أسباب معينة تدفعكم إلى اتخاذ هذا الموقف؟

برغم أنني أحلت على التقاعد منذ 12 سنة، فأنا ما زلت مهتما بموضوع الدراسات الإسلامية، وما زلت أشرف مع زميلي الدكتور بوسلهام رئيس الشعبة الحالي في كلية الآداب بالرباط على التنسيق مع باقي زملائي رؤساء شعب الدراسات في باقي الكليات، والمدارس العليا للأساتذة، ولا شك يعلم الأخ الكريم، ألفت كتيبا صغيرا حول شعب الدراسات الإسلامية ومستقبلها، وأردف هذا الكتيب الأخ الدكتور خالد الصمدي بكتاب آخر في نفس الموضوع، ومعلوم أننا حاولنا تحسيس العديد من الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية حول هذا الموضوع، وحول ضرورة الحفاظ على شعب الدراسات الإسلامية، التي أعتقد أنها أسدت الخير الكثير بتخريج الآلاف من الأطر التي انتشرت في مختلف دواليب الدولة، والتي ما زالت تؤدي خدمات كثيرة، والعديد من المتخرجين كما هو معلوم أعضاء في مجالس علمية محلية، وفي وزارة الأوقاف، وكثير منهم في وسائل الإعلام، ونأمل أن تتنبه السلطات المختصة إلى أهمية الحفاظ على هذه الشعب، التي أعتقد أنها ساهمت في إبراز الوجه الاعتدالي التسامحي للإسلام، والذي نتشرف بأن نجد كثيرا من قياديين في أحزاب ونقابات وطنية من متخرجين من هذه الشعب.

مع الحملة الجديدة المدعومة لإبراز اللهجة المغربية كبديل عن اللغة العربية، وبالإضافة للنفوذ الذي تتمتع به اللغة الفرنسية في الإدارات والإمكانات الضخمة التي وضعت رهن إشارة الأمازيغية ماهي الوسائل الناجعة لإحباط مخططات مستهدفي اللغة العربية في المغرب؟

الواجب في هذا الشأن يعود أولا وقبل كل شيء على الحكومة التي عليها أن تسهر على تطبيق الدستور، وعلى تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وعلى ما يطالب به الشعب المغربي منذ عقود بتعريب الإدارة والحياة العامة، ثم على وسائل الإعلام أن تساهم بروح وطنية في إبراز أهمية اللغة العربية، إذ بواسطتها انتشر الإسلام في باقي الدول غير العربية وفي الأوساط الأوروبية وأمريكا وباقي دول العالم، وبواسطتها انتشرت الحضارة والعلوم والفلسفة في أوروبا في القرون الوسطى، خاصة عن طريق الأندلس وصقلية، وكذلك من المعلوم أن اللغة العربية أصبحت لغة رسمية منذ عقود ولغة عمل في كثير من منظمات الأمم المتحدة، وخاصة في اليونسكو، بجانب الإنجليزية والفرنسية، والإسبانية والروسية.

وبذلك تعتبر اللغة العربية الوحيدة من العالم الثالث لغة عمل في هذه المنظمة، وأخيرا اللغة العربية تنقل العديد من الإبداعات الأدبية والفنية والفكرية من العربية إلى لغات عالمية. كما تنشر صحف عربية في بلاد أجنبية وُتطبع في مطابعها مؤلفات عربية، على الرغم من أن هذا الإشعاع خارج البلاد العربية ما زال قليلا وضعيفا.

لا بد من الإشارة أيضا أن الحفاظ على اللغة العربية من واجب المجتمع المدني الذي يمثل شعبا متمسكا بدينه ولغته وهويته.

ولا ينبغي أن ننسى أن اللغة العربية قبل كل شيء لغة القرآن، وأن في الاهتمام بالكتاب العزيز اهتمام باللغة العربية، وبالمناسبة أريد أن أشير إلى أن شعب الدراسات الإسلامية سبق لها بمناسبة العيد المولد النبوي الأخير أن أوصت بأن تكون هذه السنة الهجرية الحالية سنة القرآن بالمملكة المغربية، وأن هذه السنة ستختم بندوة دولية حول الإعجاز العلمي في القرآن، وعالمية خطابه.

أليست الفرصة مواتية لتأسيس ائتلاف اللغة العربية بمناسبة اقتراب الانتخابات ويطلب من كل الأحزاب تحديد موقفها من دعم الاستعمال الفعلي للغة العربية وسيكون مجالا للمفاضلة بين الأحزاب؟ وخاصة مع وجود لوبيات فرنكفونية وأمازيغية تضغط على الفاعلين السياسيين؟

حيى الله الأخ الكريم على اقتراحه، وأرجو أن تتمكن القوى الحية في البلاد بغضبة عربية تعيد للغتنا الوطنية مكانتها وهيبتها.

هل أنت متفائل من مستقبل اللغة العربية في ظل العولمة والهيمنة الغربية

موقفي إما بالتفاؤل أو التشاؤم، يعود إلى الروح الإيمانية والوطنية التي بفضلها تحررت بلادنا من الاستعمار السياسي، وأرجو الله تعالى أن تعود هذه الروح الإيمانية والوطنية بأنفسنا وأنفس شبابنا للتمسك من جديد برمز هويتهم وذاتيتهم، اجتنابا للمسخ والاستيلاب.

كلمــــة..

(فماذا بعد الحق إلا الضلال)، صدق الله العظيم .




http://www.attajdid.ma/def.asp?codelangue=6&infoun=32508
 
أعلى