كتاب جديد يصف بوش بالرئيس المناهض للعلم

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
bookamericascience070205_306.jpg

كتاب جديد يصف بوش بالرئيس المناهض للعلم
التاريخ: الثلاثاء 07 شباط/فبراير 2006
الموضوع: اوروبا ، اسيا ، افريقبا وأمريكا ...


تقرير واشنطن- يحيى عبد المبدي محمد
يفرد الكاتب الفصل الأول من كتابه الذي جاء بعنوان "أين بدأت الحرب؟" لتتبع ظاهرة عداء وحرب زعماء الحزب الجمهوري على البحوث العلمية منذ الستينات وفي عهد إدارة الرئيس نيكسون ثم إدارة الرئيس ريغان في الثمانينات وامتد هذا العداء في عهد كل من بوش الأب وبوش الإبن.

تقرير واشنطن- يحيى عبد المبدي محمد اسم الكتاب: The Republican War On Science
حرب الجمهوريين على العلم
الكاتب: Chris Mooney
الناشر: Basic Books, New York
تاريخ النشر: 2005
عدد الصفحات: 264

حالة الانقسام التي يمر بها المجتمع الأمربكي في السنوات الأخيرة بين الاتجاه المحافظ والتيار الليبرالي ومحاولات المحافظين تقديم نظريات وقيم جديدة وبديلة لنظريات علمية راسخة في المجتمعات الغربية، مثل محاولة الترويج لنظرية التكوين الذكيIntelligent Design في مقابل نظرية النشوء والارتقاء لدارون، وانقسام المجتمع الأمريكي إزاء هذا القضية إلى ثلاث فرق، الفريق الأول من المتدينين الذين يؤمنون بالنظرية التي فحواها أنه لابد أن يكون وراء هذا الكون البالغ التعقيد خالق وأنه لم يتطور من تلقاء ذاته.
ويحاول هذا الفريق منذ فترة أن يضغط لتدريس النظرية في المدارس العامة. وعلى النقيض يقف الفريق الثاني العلماني يرفض بأي شكل مناقشة النظرية ويعتبر أن محاولات الضغط لتدريسها يقوض أسس الدولة العلمانية في الولايات المتحدة.
أما الفريق الثالث فلا يمانع تدريس النظريتين جنبا إلى جنب دون إصدار احكاما تقيمية لصحة أو خطأ أي منهما. دفع هذا الواقع الكاتب الصحفي المتخصص في علاقة العلم بالسياسة ومراسل دورية سيدSeed في واشنطن كريس موني Chris Mooneyإلى شن هجوم شديد على توجهات الجموريين ويصف الرئيس بوش في كتابه الجديد" حرب الجمهوريين على العلم" بالرئيس المناهض للعلم The Antiscience President. وذلك في عنوان الفصل الرابع من الكتاب الذي يتناول تاريخ عداء القادة والزعماء الجمهوريين والمحافظين في الولايات المتحدة للعلم تحت مزاعم أخلاقية.

بداية الحرب
يفرد الكاتب الفصل الأول من كتابه الذي جاء بعنوان "أين بدأت الحرب؟" لتتبع ظاهرة عداء وحرب زعماء الحزب الجمهوري على البحوث العلمية منذ الستينات وفي عهد إدارة الرئيس نيكسون ثم إدارة الرئيس ريغان في الثمانينات وامتد هذا العداء في عهد كل من بوش الأب وبوش الإبن. ورغم أن الرئيس ريغان كما يقول الكاتب كان أكثر انفتاحا من غيره من الرؤساء الجمهوريين فيما يتعلق بالبحوث العلمية، إلا أنه قد فشل في الاختبار الذي تعرض له بظهور مرض نقص المناعة المكتسبة (ايدز)، حيث لم يجرؤ عن الحديث علنا عن الوباء حتى عام 1987. بل تراجع مستشاره للسياسات الداخلية غاري بوير عن دعوة لتعليم الأطفال قواعد سلامة ممارسة الجنس واستخدام الواقي الذكري. كما منعت الحكومة كافة المسئولين عن الإدلاء بأية تصريحات عن وباء الأيدز طوال الفترة الأولى من ولاية الرئيس ريغان. ومن أهم القضايا العلمية التي يشير إليها الكاتب معارضة الجمهوريين لبحوث خلايا الجذع Stem Cell، والاستنساخ، بالإضافة إلى إجراء البحوث على الأجنة والإجهاض والاحتباس الحراري.

بوش عدو الأبحاث العلمية
في صيف عام 2001 وبعد انتخابه لفترة الرئاسة الأولى وقبل أن يصبح رئيس مرحلة الحرب على حد تعبير الكاتب وجد الرئيس جورج دبليو بوش نفسه في مأزق فيما يتعلق بأبحاث خلايا الجذع التي كان قد تعهد أثناء حملته الانتخابية وامام مؤتمر القساوسة الكاثوليك بعدم تقديم أي ميزانية في حالة فوزه لتمويل أبحاث خلايا الجذع خاصة وأن بعض الجمهوريين من أمثال السيناتور أورين هاتش ممثل ولاية يوتا، قد أبدوا اعتراضا على هذه التصريح.
وهو ما دفع الرئيس إلى التوصل لحل وسط يقوم على السماح بمواصلة بحوث خلايا الجذع على الأجنة في حالة واحدة وهي عند التأكد من وفاة الجنين. ويتهم الكاتب الرئيس بوش ومعظم الساسة الجمهوريين بمحاولة تسيس العلم، ذلك في الوقت الذي لا ينفي وجود ساسة جمهوريين معتدلين في هذا السياق مثل السيناتور جون ماكين ممثل ولاية أريزونا الذي طالما عارض رؤى وقرارات إدارة بوش خاصة في مسألة الاحتباس الحراري.
ويقارن الكاتب بين عداء وحرب الجمهوريين في الولايات المتحدة على الأبحاث العلمية وبين العداء والظلم الذي تعرض له الفلكي الإيطالي الشهير غاليليو في بدايات عصر النهضة في أوربا.

بين الدين والمال
يذهب كريس موني في كتابه إلى أن فلسفة المحافظين الجمهوريين في عدائهم للعلم تقوم على قناعات وقيم اليمين المتدين من جهة والمصالح المالية والاقتصادية لأصحاب المؤسسات الصناعية الكبري التي يمكن أن تضار من نتائج ابحاث الاحتباس الحراري ومعاييرالصحة والسلامة للمنتجات من جهة أخرى. وإدارة الرئيس بوش من وجهة نظر الكاتب ولعوامل سياسية تستجيب لضغط الفريقين. ويضيف الكاتب قائلا إن الساسة المحافظين لا يقرون بعدائهم للعلم بل على العكس فإنهم يتهمون معارضيهم بالتطرف وعدم احترام قيم العلم. وقول الكاتب إن المشرعيين الجمهوريين في مجلس النواب بقيادة النائب كريس كانون ومراكز البحوث العلمية اليمينية الآخذة في الانتشار مثل مركز انابوليس للبحوث العلمية في ولاية ميرلاند تدافع عن هذه الأفكار المحافظة وتروج لها في أوساط اليمين.
وفي سياق خطورة الدور الذي يقوم به أصحاب المصالح الاقتصادية في عرقلة ومنع الأبحاث العلمية يقول الكاتب إن اصحاب شركات التبغ الكبرى وشركات مصادر الطاقة كانوا لسنوات طويلة السبب الأول في تعطيل مسيرة الابحاث العلمية حرصا على مصالحهم وأعمالهم.

التوعية الاجتماعية أهم من البحوث العلمية
من المآخذ التي يأخذها الكاتب على المتدينين في أوساط الجمهوريين أنهم يلقون باللائمة على غياب دور مؤسسات المجتمع في التوعية الاجتماعية والنصح والإرشاد بخطورة انتقال الأمراض الجنسية المعدية مثل الايدز، وانها السبب الرئيسي في انتشار المرض بدلا من الدعوة إلى اجراء المزيد من الأبحاث العلمية لمواجهة المرض، وأن الإجهاض يزيد من احتمال انتشار إصابة النساء بأمراض سرطان الثدي والأمراض العقلية...إلخ. ويضفي معظم المحافظين بعدا اخلاقيا ودينيا على قضايا العلم بشكل عام على غرار أن الوقاية أفضل من العلاج.

كيف نواجه هذا التهديد؟
التهديد الذي تمثله حرب الجمهوريين على العلم يتعدى من وجهة نظر الكاتب عرقلة مسيرة البحث العلمي والإضرار بصحة وسلامة البشر والحفاظ على البيئة، فهو يمثل أيضا خطرا على الديموقراطية الأمريكية التي تعتمد في استمرارها بشكل أساسي على الخبرات العلمية والتقنية. ففي الوقت الذي تتوقف فيه الخيارات السياسية على الكفاءة العلمية والتقنية للساسة المنتخبين فإن تجاهل البحث العلمي ومعاداته سيؤدي بالتأكيد كما يقول الكاتب غلى عواقب وخيمة على مستقبل الولايات المتحدة العلمي والسياسي.

المشكلة كما يراها المؤلف تكمن في وجود فجوة شاسعة بين العلماء وصناع السياسات في الولايات المتحدة، وذلك بسبب صعود ودور حركة المحافظين. ويرى الكاتب أن مواجهة هذا التهديد يمكن أن يتم من خلال خيارين، أولهما تحذير الجمهوريين من مشاكل المستقبل الناتجة عن تجاهل الابحاث العلمية وهذا الخيار على ما يبدو لن يجدي او يحقق فائدة. والخيار الآخر لمواجهة هذا التهديد يتمثل في الدعوة لتقوية دور الخبرة والتخصص في قرارات الحكومة وذلك عن طريق إحياء لجنة الكونغرس للأبحاث التقنية وإيجاد دور للعلم في الفرع التنفيذي للحكومة الأميركية واستحداث منصب ووظيفة مستشار علمي كمساعد للرئيس وتعزيز دور مكتب البيت الأبيض للسياسات التكنولوجية والعلمية. ويؤكد الكاتب على ضرورة أن يكون هناك طرق لحماية اللجان العلمية من الابتزاز السياسي. وهذه هي البداية الصحيحة كما يراها الكاتب، أما الخطوة الثانية فتتمثل في زيادة الاهتمام من جانب العلماء بالقوانيين الجديدة لحماية البيئة، وأن يعاد التفكير في كتابة وتغطية الصحفيين عن القضايا العلمية وأن تقوم الصحف وبقية وسائل الإعلام بتوضيح المعلومات العلمية التي ترد في النشرات العلمية والأكاديمية. فضلا عن ذلك يقول المؤلف إنه لابد أن يقوم العلماء والمهتمون بحماية البيئة بتشجيع محافظي الوسط من أمثال ارنولد شوارزنيغر جون ماكين على الوقوف بقوة وحسم ضد الجناح اليميني من الحزب الجمهوري.
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
المحافظين الجدد: المثقفون اليهود وتشكيل السياسة العامة
صراع بين اليهود الليبراليين واليهود المحافظين على السيطرة على وجهة يهود أمريكا الأيدلوجية





شعر المحافظون الجدد بأن الحزب الديمقراطي تركتهم، بل شعروا بأن اليسار الأمريكي الجديد يسير بالليبرالية الأمريكية في الطريق الخطأ



كتاب ـ موقع الجزيرة نت ـ 27/10/2005
بقلم: علاء بيومي – مدير الشؤون العربية بكير




من الصعب على أي عرض – مهما بلغت كفاءته - أن يغني القارئ الجاد المهتم بفهم خصائص ونفوذ تيار المحافظين الجدد عن قراءة كتاب "ثورة المحافظين الجدد: المثقفون اليهود وتشكيل السياسة العامة" الصادر في مايو الماضي عن مطابع جامعة كامبريدج العريقة للناشط والمؤرخ اليهودي الأمريكي موري فريدمان.
فالكتاب يختلف كثيرا عن غالبية الكتب المطروحة بالأسواق الأمريكية عن المحافظين الجدد، وذلك لعدة أسباب، أولها أن مؤلف الكتاب – كما يذكر في مقدمة دراسته – متعاطف مع أفكار المحافظين الجدد مما يجعله مدفوعا لشرح أفكارهم وتاريخهم وتأثيرهم وإيضاحه كل ما سبق للقارئ بعكس الكتابات الأخرى الناقدة للمحافظين الجدد والتي تنشغل بالنقد عن الفهم والشرح والتحليل.
السبب الثاني هو انتماء الكتاب لفئة المؤلفات المعنية بتتبع تاريخ الأفكار وتاريخ الحركات الفكرية والسياسية، فالكتاب يقدم المحافظين الجدد كحركة فكرية وسياسية ذات بصمة متميزة بدأت تتطور في أمريكا على مدى النصف الثاني من القرن العشرين تطورا بطيئا هادئا متشابكا مع مختلف التطورات التي مر بها المجتمع الأمريكي عبر تلك العقود.
لذا يخرج بنا الكتاب عن حيز الكتب المشغولة بالكشف عن مؤامرة المحافظين الجدد والتي تحكي في غالبيتها قصة مجموعة (عصابة) صغيرة غامضة من المحافظين الجدد الأشرار الساعين لاختطاف سياسية الرئيس جورج دبليو بوش الخارجية من الداخل.
ثالثا: في مقابل الرؤية السابقة يتحدث الكتاب عن تيار المحافظين الجدد كتيار يضم عشرات - وإن لم يكن مئات – المفكرين والمطبوعات والسياسيين المترابطين مع مختلف فئات وطبقات وأفكار المجتمع الأمريكي والذين تحولوا إلى أفكار المحافظين الجدد تحولا طبيعيا نتيجة لأفكارهم وللظروف التي مر بها المجتمع الأمريكي خلال القرن العشرين والتحدي الذي مثلته تلك الظروف لعقائدهم الفكرية.
فالكتاب يشعرك بأن أفكار المحافظين الجدد منتشرة في أوساط أعداد كبيرة من الأمريكيين لارتباطها بأفكار وسياسات أمريكية مركزية يصعب على أي قارئ رفضها كلها.
ومن ثم يجد القارئ نفسه - خلال قراءة هذا الكتاب – أمام سيل من الأفكار والشخصيات والأحداث والظروف المترابطة مع تيار المحافظين الجدد بشكل يجعل من قراءة الكتاب من الغلاف إلى الغلاف ضرورة لكي يتمكن القارئ من الوعي بالتفاصيل العديدة والهامة لقصة صعود المحافظين الجدد بالولايات المتحدة.
صراع على اليهود الأمريكيين
نقطة انطلاق الكتاب هي نظرة المؤلف إلى تيار المحافظين الجدد على أنه صراع بين اليهود الليبراليين واليهود المحافظين على السيطرة على وجهة يهود أمريكا الأيدلوجية، لذا يبرز فريدمان في مقدمة كتابه حقيقة أن غالبية اليهود الأمريكيين ديمقراطيين ليبراليين، كما يبرز في المقابل حقيقة أن غالبية قيادات المحافظين الجدد هم من اليهود، ويتساءل حول مغزى ذلك على المستقبل الأيدلوجي لليهود الأمريكيين.
وهنا يعبر فريدمان عن اعتقاده بأن التيار الليبرالي هو تيار دخيل نسبيا على اليهود الأمريكيين، فهو يرى أن غالبية اليهود الأمريكيين كانوا محافظين حتى عشرينات القرن الماضي، وأن أول رئيس ديمقراطي يحصل على غالبية أصوات يهود أمريكا كان ويدرو ويلسون في عام 1916، لذا يتهم فريدمان الباحثين الأمريكيين بإهمال دراسة تاريخ الحركات اليمينية بشكل عام وتاريخ المحافظين اليهود بشكل خاص، حيث يرى فريدمان عبر كتابه أن هذا الإهمال نابع من سيطرة النخب الليبرالية على مؤسسات الفكر والثقافة في أمريكا خلال العقود الأخيرة مما أضعف من قدرة هذه المؤسسات على تتبع تطور الفكر اليميني وحركته السياسية داخل المجتمع الأمريكي.
ويقول فريدمان أن هجرة اليهود الأمريكيين إلى الليبرالية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين جاء نتاجا لتغيرات مجتمعية كبيرة مثل الكساد الكبير الذي أشعر المجتمع الأمريكي عامة والمهاجرين اليهود خاصة بفشل الرأسمالية والسوق الحر والحاجة لتدخل الدولة، وحاجة اليهود الأمريكيين للاندماج في المجتمع الأمريكي حتى ولو جاء ذلك على حساب هويتهم الدينية مما جعلهم ينادون بالعلمانية ويهملون هويتهم اليهودية، هذا إضافة إلى صعود المفكرين والمثقفين اليهود بعد الحرب العالمية الثانية التي أعطتهم فرصة أكبر للاندماج في المجتمع الأمريكي خاصة بعد هجرة عدد من أكبر مفكري وعلماء يهود ألمانيا وأوربا للولايات المتحدة، حتى أصبحت نيويورك - مركز تجمع اليهود بأمريكا - عاصمة أمريكا والعالم الثقافية.
ويقول فريدمان أن نجاح اليهود الفكري والثقافي وعدم اندماجهم الكامل في المجتمع جعل منهم أقلية ثقافية متميزة خارج الأقلية البيضاء البروتستانتينية المسيطرة على مقاليد الثروة والحكم في أمريكا، وهو أمر زاد من اغتراب اليهود الأمريكيين عن الهوية اليهودية سعيا نحو الاندماج في المجتمع الأمريكي، مما جعلهم في النهاية من قادة التحول نحو الليبرالية العلمانية في الولايات المتحدة خاصة مع خشية اليهود من صعود اليمين في الولايات المتحدة بعد تجربتهم المريرة مع اليمين الأوربي.
بداية التحول نحو اليمين
ولكن كيف أمكن لبعض اليهود – في مثل هذه الظروف – التحول نحو اليمين؟ يقول فريدمان في هذا الأمر أن البداية كانت في الثلاثينات من القرن العشرين مع صعود التيارات اليهودية المعادية للشيوعية، حيث يرى فريدمان أن مساعي اليهود نحو الاندماج بأمريكا دفعت بعضهم لرفض اغتراب المهاجرين اليهود عن أمريكا ومطالبتهم بمزيد من الاندماج وتقدير أمريكا وتقدير الحياة بها ورفض التقدير الذي تحمله بعض الفئات اليهودية للشيوعية وللاتحاد السوفيتي.
فمجلة كومنتاري التي بدأت في الصدور عام 1945 عن اللجنة اليهودية الأمريكية سعت إلى ربط المثقفين اليهود ببعضهم البعض، وطالبت المهاجرين اليهود بالتركيز على مزايا أمريكا والتوقف عن النظر لأمريكا على أنها منفى، حتى أن كومنتاري – كما يرى فريدمان – لم تنتقد جوزيف مكارثي بشكل كافي.
كما طالب مفكر مثل ليو ستراوس - والذي هاجر من ألمانيا هروبا من النازية وأستقر في أمريكا – إلى التركيز على التراث الغرب والمسيحي ورفض الجماعات الغربية المعادية للحضارة الغربية، كما دعا لبناء أمريكا كقوة عالمية كبرى تحارب الشر في العالم.
ولكن موري فريدمان يرى أن إرهاصات الحركات المحافظة في أوساط اليهود الأمريكيين قبل خمسينات القرن العشرين لم تكن قوية بما يكفي، فقد كانت ضعيفة ومنعزلة عن التيارات الفكرية السائدة بالمجتمع الأمريكي بشكل عام وداخل اليهود الأمريكيين بشكل خاص.
فترة التحولات الكبرى
في المقابل ساعدت الحركات الفكرية والسياسية الكبرى التي مر بها المجتمع الأمريكي خلال عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين على تشكيل بيئة خصبة لنمو أفكار المحافظين الجدد وتبلور تيارهم الفكري والسياسي، ومن أهم هذه التحولات ما يلي:
أولا: صعود اليسار الأمريكي الجديد ونقده اللاذع لأمريكا وللحياة الأمريكية وثورته على المؤسسات التقليدية بالمجتمع الأمريكي، وهو أمر رفضه المحافظون الجدد حيث رأوا أن رفض اليسار الجديد لأمريكا هو موقف مبالغ فيه كما أنه يقوض المؤسسات التقليدية بالمجتمع الأمريكي مما يضعف الروابط والضوابط الاجتماعية والثقافية داخله.
وهنا يرى فريدمان أن معاداة المحافظين الجدد لثقافة اليسار الأمريكي الجديد ومواقفه الاجتماعية والأخلاقية كانت نقطة تلاقي واضحة وهامة بين المحافظين الجدد والجماعات اليمينية المحافظة، وإن كان هذا التقارب لم يحدث سريعا بل وقع بمعدلات بطيئة وعلى فترة زمنية طويلة نظرا للشكوك والمخاوف العديدة التي امتلكها كل طرف تجاه الأخر.
ثانيا: مع أوائل الخمسينات زاد إيمان الجيل الأول من المحافظين الجدد بمشاكل الشيوعية والإتحاد السوفيتي كما برزت في وحشية ستالين في التعامل مع الأقليات الدينية بالإتحاد السوفيتي بما في ذلك اليهود السوفيت، وتصعيد الاتحاد السوفيتي لصراعه مع الغرب، مما دفع المحافظون الجدد للربط بين الشيوعية والنازية.
وهنا يرى فريدمان أن تصاعد الحرب الباردة ساهم بشكل مباشر في نمو وتقوية تيار المحافظين الجدد، وذلك لأن العداء للشيوعية ورفض تقارب اليسار الأمريكي منها كان يعد بمثابة أحد ركائز فكر المحافظين الجدد، ومع استمرار الحرب الباردة زاد شعور المحافظين الجدد برفض الشيوعية والاتحاد السوفيتي وزاد شعورهم بالسلبية تجاه موقف النخب الليبرالية الأمريكية المتعاطفة مع الاتحاد السوفيتي والرافضة لتصعيد الحرب الباردة، وزادت رغبتهم في البحث عن حلفاء أمريكيين جدد أكثر رغبة في مواجهة الخطر الشيوعي.
ثالثا: هزيمة اليمين الأمريكي التقليدي خلال سلسلة انتخابات فيدرالية عبر الخمسينات وأوائل الستينات وظهور جيل جديد من الناشطين المحافظين وعلى رأسهم ويليام بكلي مؤسس ومحرر مجلة ناشيونال ريفيو، وهو جيل رفض الجماعات اليمينية العنصرية وسعى لتطوير الخطاب الرأسمالي الأمريكي وتحديثه بشكل قرب بين المحافظين الجدد واليمين الأمريكي الجديد مع دخول السبعينات.
رابعا: ظهور ونمو المحافظين الجدد أنفسهم بمفكريهم ومطبوعاتهم وكتبهم وعلى رأسهم إيرفينج كريستول والذي يوصف بأنه الرب الروحي للمحافظين الجدد وبول بودهوريتز محرر مجلة كومنتاري والسيناتور هنري مونيهان، وغيرهم.
وهنا يرى المؤلف أن الصحافة الأمريكية والمؤرخين الأمريكيين لم يركزا بدرجة كافية على نمو التيار الأمريكي المحافظ داخل الجامعات والمؤسسات الفكرية الأمريكية، حيث يرى موري فريدمان أن بداية من منتصف الستينات بدأ اليمين الأمريكي المعدل والمحافظين الجدد في بناء شبكة واسعة من الجماعات الفكرية النشطة بالجامعات والمؤسسات البحثية الأمريكية.
خامسا: امتلك المحافظون الجدد فلسفة اقتصادية واجتماعية متميزة ساعدتهم على التقرب من اليمين الأمريكي على المستويات الاقتصادية والحقوقية والابتعاد عن اليسار على نفس المستويات، إذ رفض المحافظون الجدد عداء اليمين التقليدي للدولة ولكنهم رفضوا في نفس الوقت تدخل الدولة في الاقتصاد وفي برامج محاربة الفقر ودعم الفقراء ومكافحة التمييز، إذ رأي المحافظون الجدد أن مثل هذه البرامج يجب أن تكون مسئولية المجتمع ومسئولية النظام الرأسمالي الذي أيده المحافظون الجدد مبدين تقديرهم لمهارة وإبداع رجال الأعمال.
الديمقراطي تركهم وعثروا على ريجان
يقول موري فريدمان أن عوامل الشد والجذب السابقة استمرت على مدى الخمسينات والستينات، وخلال هذه الفترة نظر غالبية المحافظين الجدد لأنفسهم على أنهم ليبراليون وإن لم يكن ديمقراطيين، وخلال السبعينات بدأت علاقة الحزب الديمقراطي واليسار الأمريكي بالمحافظين الأمريكيين تزداد توترا حتى انقطعت صلة الطرفين خلال حكم جيمي كارتر والذي تبنى أجندة اليسار الجديد وعارض فكرة التصعيد ضد السوفيت ورفض مطالب المحافظين الجدد بتوظيف بعضهم في إدارته.
لذا شعر المحافظون الجدد بأن الحزب الديمقراطي تركتهم، بل شعروا بأن اليسار الأمريكي الجديد يسير بالليبرالية الأمريكية في الطريق الخطأ، لذا عندما عثر المحافظون الجدد على ريجان والذي أمن بفكرة التصعيد ضد السوفيت ورفض نقد اليسار لأمريكا على المستوى الثقافي، لم يجد المحافظون الجدد صعوبة تذكر في مساندته والتصويت له والعمل في إدارته التي فتحت أبوابها أمامهم.
وبهذا نكون قد وصلنا لمرحلة تبلور المحافظين الجدد كتيار فكري سياسي ترك بصمة على الجدل السياسي الأمريكي العام، وهي بصمة حرص موري فريدمان على شرحها وشرح جذورها ومعانيها وعلاقتها بالتطورات التي مر بها المجتمع الأمريكي خلال القرن الماضي لدرجة شغلت فريدمان عن الاهتمام بدرجة كافية بشرح نفوذ المحافظين الجدد داخل حكومة جورج دبليو بوش وعلى سياسة أمريكا الخارجية في الفترة الحالية.
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
أمة اليمين.. أو سر صعود التيار المحافظ خلال العقود الأخيرة


إذ يرى المؤلفان أن أمريكا لم تتحول نحو اليمين ولكن اليمين هو الذي عثر على أمريكا - أكثر دول العالم نفوذاً في الفترة الحالية - محافظة بطبعها، كما يتنبآن باستمرار صعود اليمين وهيمنته على السياسة الأمريكية خلال السنوات المقبلة بغض النظر عن شخصية الرئيس، لذا يدعوان العالم وخاصة أوروبا - في خاتمة الكتاب - للاستعداد للتعايش في السنوات المقبلة مع أمريكا يهيمن عليها اليمين.
كما يعبران عن اعتقادهما بأن الرأي العام الأمريكي يغفل حقيقة مدى انتشار ونفوذ اليمين في أمريكا لأن شعوب العالم لا تعرف عن أمريكا سوى رموزها الليبرالية على مستويات عدة، فالعالم لا يعرف عن أمريكا سوى مدنها الكبرى الليبرالية مثل نيويورك وسان فرانسيسكو، ولكنه لا يعرف كثيراً عن ولايات الوسط الأمريكي الزراعية المحافظة، كما أن العالم يعرف عن أمريكا صحفها الليبرالية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست، ولكنه لا يعرف كثيراً عن مراكز الأبحاث اليمينية، هذا إضافة إلى أن صورة أمريكا في العالم مرتبطة أكثر بهوليوود والأفكار الليبرالية على المستوى الأخلاقي والاجتماعي ولكن العالم لا يدرك أن أمريكا أكثر بلدان العالم المتقدم محافظة على مستويات مختلفة كانتشار المشاعر الدينية والقومية.
أمريكا أمة محافظة بطبعها
يرى ادريان ولدريدج وجون مايكلثويت - في الجزء الرابع من الكتاب - ان أمريكا كدولة وتجربة تاريخية مثلت دائماً تربة خصبة لصعود قوى التيار المحافظ، وذلك لعدة أسباب، فلو عدنا للتاريخ - كما يرى مؤلفا الكتاب - لوجدنا أن أمريكا دولة حديثة لم تشهد ثورات أو معاناة الدول القديمة وخاصة الأوروبية منها، فأمريكا ورثت التقاليد السياسية الأوروبية ولكنها إلى حد كبير لم ترث المعاناة التاريخية والثورات الدامية التي مرت بها بعض الشعوب الأوروبية لكي تصل إلى دساتيرها ونظمها السياسية الديمقراطية.
فعندما هرب الآباء المؤسسون للولايات المتحدة من أوروبا سعياً نحو الحرية الدينية وجدوا أمامهم بلداً شاسعاً مليئاً بالثروات يتسع للجميع دون وجود ضرورة تحتم الصدام بين المهاجرين الجدد، وإن لم يمنع هذا وجود التفرقة والتمييز ضد فئات عديدة كأهل البلاد الأصليين والأقليات الدينية كالمورمان والعرقية كالأفارقة الأمريكيين - لذا لم تمر المؤسسات التي وضعها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة بعد حرب الاستقلال بتحديات سياسية كبيرة، كما أن الثورة الأمريكية نفسها لم تكن دامية، ولم يسعَ الأمريكيون لوضع قيود مبالغ فيها على الدولة أو على الطبقات الغنية، لذا ظلت أمريكا - التي عرفت في العالم بأنها دولة الحرية - معتدلة أو محافظة سياسياً، فهل لم تمر بثورات راديكالية ولم تواجه تحديات كبرى، لذا يشعر الأمريكي بمستوى كبير من الرضا والفخر بتراثه السياسي كما يظهر في احتفال الأمريكيين الدائم بالآباء المؤسسين للولايات المتحدة هذا على عكس شعوب أخرى كاليابانيين والألمان والتي مرت بتجارب تاريخية مريرة جعلتها تعيد التفكير في تراثها القومي بشكل عام.
هذا إضافة إلى أن الدستور الأمريكي بطبيعته أضعف من سلطة الدولة لحساب الولايات، كما أنه أعطى سلطة كبيرة للولايات الزراعية قليلة عدد السكان لأنه أعطى جميع الولايات نفس عدد المقاعد بمجلس الشيوخ الأمريكي، مما أعطى الريف الأمريكي المحافظ بطبيعته نفوذاً كبيراً ما زال مستمراً حتى الآن مما ساعده على جذب أمريكا دوماً نحو اليمين. كما أن علمانية أمريكا - والتي أقرها الدستور بفصله الدين عن الدولة - أدت إلى تقوية المؤسسات الدينية الأمريكية ولم تضعفها، إذ أصبح البقاء الديني في أمريكا للمؤسسات الدينية الأقوى والأصلح، وهنا يشير مؤلفا الكتاب إلى أن 16 بالمائة من الشعب الأمريكي اعتنقوا تاريخياً ديانات غير ديانتهم الأصلية. أما الجغرافيا فقد أعطت أمريكا فرصاً استثنائية عديدة، فقد أعطت الأمريكيين شعوراً دائماً بالثراء والوفرة والتفاؤل ورفض تدخل الدولة في الاقتصاد، وتأييد رجال الأعمال والرأسمالية، والأمل في زيادة ثرائهم واستهلاكهم بشكل مستمر في المستقبل.
كما أعطت الجغرافيا - كما يوضح مؤلفا الكتاب في خاتمته - أمريكا خاصية استثنائية أخرى وهي مساحة واسعة للجميع، فمؤلفا الكتاب يعتقدان بأن الشعب الأمريكي ما زال منقسماً على نفسه ايدلوجياً على الرغم من سيطرة اليمين سياسياً، فهناك فئات واسعة - قد تصل لنصف الشعب الأمريكي - ترى نفسها كفئات ليبرالية التوجه، هذا في مقابل سيطرة اليمين سياسياً بحكم سيطرته على مؤسسات الحكم في واشنطن وعلى الجدل السياسي العام في الفترة الحالية وافتقار اليسار الأمريكي - كما يرى مؤلفا الكتاب - لأية بدائل سياسية حقيقية في الوقت الراهن، وهنا يرى مؤلفا الكتاب أن مساحة أمريكا الشاسعة جعلت هناك دائماً وفرة في المكان تكفي لأن تعيش جميع الجماعات بغض النظر عن توجهاتها الأيدلوجية، فمن لا يعجبه العيش في المدن الشمالية الأمريكية المزدحمة يمكنه الانتقال للعيش على أطراف المدينة الأكثر هدوءاً أو في بعض مدن الجنوب أو الوسط أو الغرب أو أي مكان أمريكي آخر يريده فيمكن لكل أمريكي أن يعثر على المدينة التي يفضلها ويعيش فيها.
صعود اليمين الأمريكي
أما قصة صعود اليمين الأمريكي خلال العقود الأخيرة فتعود - كما يشرح ادريان ولدريدج وجون مايكلثويت - في الجزء الأول من الكتاب - لعام 1964، وتحديداً لحملة الانتخابات الرئاسية التي شهدت التنافس بين مرشح الحزب الجمهوري باري جولدواتر والمرشح الديمقراطي ليندون جونسون وانتهت بفوز ساحق للأخير، ويقول المؤلفان ان ما يميز جولدواتر وحملته الرئاسية هي انها مثلت مواقف اليمين في صورتها المتطرفة وليست المعتدلة او المتخفية، فباري جولدواتر لم يسع لتقديم نفسه كمنافس معتدل او مقبول، بل سعى لتقديم نفسه على انه بديل واضح وقوي للسياسات الليبرالية التي قادها الديمقراطيون منذ ثلاثينيات القرن العشرين والتي تركزت حول الدفع بحركة حقوق الإنسان وزيادة دور الدولة في مساعدة الفقراء وتقديم الخدمات الاجتماعية. في المقابل عارض جولدواتر حركة الحقوق المدنية ونادي بخفض دور الدولة ومؤسساتها لأقصى حد، وشن هجوماً مرضياً ضد اليسار ومؤسساته، مما ادى الى هزيمته هزيمة ساحقة ولكنه ترك من خلفه حركة محافظة جديدة، ويقول الكاتبان ان الهزيمة المدوية لجولدواتر مثلت نقطة بداية العودة لليمين الامريكي، والتي امتدت خلال السبعينيات والثمانينيات لتظهر واضحة في عام 1994 حين تمكن الحزب الجمهوري من استعادة سيطرته على مجلس النواب الامريكي وهي المؤسسة الاكثر تعبيراً عن إرادة الجماهير من بين المؤسسات الدولة الامريكية.
اما اسباب قوة اليمين الامريكي في الفترة الحالية فيشرحها ادريان ولدريدج وجون مايكلثويت في الجزء الثاني من الكتاب، وهنا يشير المؤلفان لثلاثة اسباب رئيسية اولها واقلها اهمية هي وجود الرئيس الامريكي في الحكم ونجاحه هو ومساعده كارل روف في بناء توازن محكم وصعب بين قوى اليمين الامريكي المختلفة. أما السببان الاهم فهما عقل وعضلات اليمين الامريكي، وهنا يرى مؤلفا الكتاب ان سر صعود اليمين الامريكي خلال السنوات الأخيرة يكمن في نجاح اليمين في بناء شبكة مهولة من المؤسسات الداعمة لاهدافه بشكل يفوق الليبراليين بدرجة كبيرة في الوقت الراهن.
الجزء الاول من هذه المؤسسات يطلق عليها المؤلفان اسم عقل اليمين وهو يتمثل في مراكز ابحاثه ووسائل الاعلام المعبرة عنه، وهدف هذه المؤسسات الاساسي يكمن في البحث في حلول وافكار سياسية جديدة وإقناع واشنطن بتبنيها، وهنا يستعرض المؤلفان عدداً كبيراً من مراكز الابحاث اليمينية من حيث حجمها وحجم نفوذها السياسي وطبيعة المؤسسات التي تمولها. اما الجزء الثاني فيتمثل في المؤسسات الجماهيرية التي تركز على حشد قوى اليمين الامريكي الجماهيرية عبر الولايات المتحدة، ويقسم الكتاب هذا الفريق الى مجموعتين اساسيتين، حيث تضم المجموعة الاولى الجماعات الامريكية التي تنادي بالحد من دور الدولة عن طريق الحد من الضرائب ورفض تدخل الدولة لفرض قيود على استخدام الاسلحة الخاصة.
اما الجماعة الثانية فهي تضم المحافظين المعنيين بالقضايا الاخلاقية والدينية، وهنا يعبر المؤلفان عن اعتقاديهما بأن اليمين المسيحي الامريكي على الرغم من نفوذه الكبير خلال السنوات الأخيرة بدأ يعاني من مشاكل سياسية متزايدة مؤخراً بسبب سيطرة قيادات كبيرة في السن غير محبوبة جماهيرياً عليه مثل بات روبرتسون وفرانكلين جرام وغيرهما مما دفع بعض الوجود الجديدة والذكية سياسيا الى ترك التيار والانخراط في مؤسسات يمينية أخرى كما حدث في حالة رالف ريد الذي قاد التحالف المسيحي - والذي يرأسه بات روبرتسون - لانتصارات سياسية كبيرة، ولكنه قرر ترك الاتحاد للعمل كرئيس للحزب الجمهوري بجورجيا.
اليمين الامريكي هو التهديد الرئيسي لنفسه
وفيما يتعلق بمستقبل اليمين الامريكي يرى ادريان ولدريدج وجون مايكلثويت ان اليمين الامريكي يمثل التهديد الرئيسي لنفسه خلال الفترة الحالية، وذلك لعدة اسباب فهما يريان اولاً ان اليسار الامريكي في حاجة لمراجعة افكاره وسياساته بعد ان اصبح يعيش حالة افلاس سياسي راهنة، وبعد ان اصبحت مواقفه السياسية لا تختلف كثيراً عن سياسات اليمين، كما انه يفتقد للوحدة والحماس الذي يشعر به أنصار اليمين في الفترة الحالية.
اما السبب الثاني فهو كون اليمين الامريكي يضم جماعات متناقضة عديدة، فاليمين الامريكي يضم الاثرياء والذين يتبنون اجندات ثقافية ليبرالية، كما يضم اليمين المسيحي الذي يرفض اخلاق الاثرياء، كما يضم اليمين الامريكي المنادين بالحد من تضخم الدولة ولكن بوش قاد اكبر تضخم لمشاريع ومؤسسات الدولة منذ عقود، كما يضم اليمين بين جوانبه جماعات معادية للاقليات وللمهاجرين مما يمثل خطراً على قدرة الحزب على اجتذاب المهاجرين الجدد اليه خاصة الامريكيين اللاتينيين.
اخيراً يعتقد المؤلفان ان سيطرة الحزب الجمهوري على البيت الابيض قد تستمر او تختفي خلال السنوات المقبلة، ولكن ذلك لن يضعف سيطرة اليمين الامريكي داخل الولايات المتحدة، لأن امريكا كما يرى مؤلفا الكتاب سوف تبقى بلداً محافظاً لسنوات او ربما لعقود قادمة.
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
الكتاب:
الشرق الأوسط في العلاقات الدولية،
السلطة، السياسة، الأيديولوجيا
الناشر:
مطبوعات جامعة كمبردج 2005
الصفحات:
374 صفحة من القطع المتوسط

The Middle East In
International
Relations.
Power, Politics
And Ideology
Fred Halliday



كتب: الشرق الأوسط في العلاقات الدولية


في هذا الكتاب الجديد يستعرض المؤلف تاريخ الشرق الأوسط على مدار القرنين الماضيين، ويرى الباحث ان هذه المنطقة لم تنعم بالاستقرار أبداً بسبب التدخلات الخارجية والحروب الداخلية أو الأهلية، وكذلك بسبب الصراع على فلسطين، ويدرس المؤلف كيفية ظهور الحركات الايديولوجية من دينية وسياسية ومن أهمها بالطبع الحركة القومية العربية التي ازدهرت في الخمسينات والستينات على يد البعث والناصرية، ثم حركات الإسلام السياسي التي تلتها.
ينقسم الكتاب في تركيبته العامة إلى ثلاثة أجزاء مع مقدمة وخاتمة، أما المقدمة فتحمل العنوان التالي: السياسة العالمية، الشرق الأوسط وتعقيدات دراسة المناطق الإقليمية.
ويحمل الجزء الأول من الكتاب العنوان التالي: المفاهيم، والمناطق، والدول. وهو يعالج هنا المسألتين التاليتين: نظرية العلاقات الدولية والشرق الأوسط، ثم كيفية بلورة السياسة الخارجية: الدول والمجتمعات.
أما الجزء الثاني من الكتاب فيتحدث عن تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وهنا نلاحظ أنه يعالج القضايا التالية: الشرق الأوسط الحديث: تشكيل الدولة والحرب العالمية. ثم الحرب الباردة: الصراع الشمولي والثورات أو الانتفاضات. بعد الحرب الباردة: اندلاع الأزمات الكبرى في الغرب الآسيوي.
أما الجزء الثالث من الكتاب فيحمل العنوان التالي: قضايا تحليلية. وفيه يعالج المؤلف المسائل التالية: الصراع العسكري: الحرب، الانتفاضة، التنافس الاستراتيجي. ثم: الايديولوجيات الحديثة: سواء أكانت ايديولوجيات سياسية أم دينية. ثم: التحديات التي تواجهها الدولة في عصر العولمة: الحركات العابرة للقوميات والقارات، ثم: الاقتصاد السياسي العالمي الإقليمي والشمولي والدولي.
أما خاتمة الكتاب فتتخذ العنوان التالي: الشرق الأوسط ضمن منظور عالمي وهذا يعني أنه لا يمكن أن نفهمه إلا إذا وضعناه داخل نطاق أوسع منه. ومنذ البداية نلاحظ أن المؤلف يشكر كل الباحثين العرب أو الأجانب الذين يساعدوه بشكل مباشر أو غير مباشر على فهم قضايا الشرق الأوسط.
ويذكر من بينهم: عبد الله الأشتل، شلومو أفنيري، محمد أيوب، نزيه أيوبي، حنا بطاطو، عزمي بشارة، موسى بديري، خالد الدخيل، فواز جرجس، أحمد الخطيب، جيل كيبيل، الخ.
ويرى المؤلف أن منطقة الشرق الأوسط تضم واحداً وثلاثين دولة يبلغ عدد سكانها الإجمالي أربعمئة مليون نسمة، وجميعها عربية ما عدا تركيا، إيران، إسرائيل. يقول ذلك وهو يضم إليها دول شمال أفريقيا أو ما ندعوه نحن بالفرنسي العربي: أي المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا.
وقد تشكلت معظم هذه الدول في القرن العشرين وبواسطة لعبة القوى بين الأمم الكبرى، وكذلك بواسطة لعبة العلاقات الدولية، فالعراق مثلاً شكله تشرشل بعد الحرب العالمية الأولى، وسوريا، ولبنان، وشرقي الأردن، كلها دول تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية بالشكل الذي نعرفه اليوم، وبالتالي فلا يمكن فهم مصير هذه المنطقة إن لم نأخذ بعين الاعتبار التدخلات الخارجية للقوى العظمى التي كانت أوروبية في نهاية الحرب العالمية الثانية. ثم أصبحت أميركية وأوروبية بعدئذ، ولا تزال.
لكن فريد هاليدي لا يكتفي بدراسة التاريخ المعاصر لفهم مشاكل المنطقة، وإنما يعود في التاريخ بعيداً إلى الوراء. ففي فصل بعنوان: المواجهة مع أوروبا بين عامي 1600 ـ 2000 يقول بما معناه:
منذ القرن السابع الميلادي، أي منذ ظهور الإسلام، نلاحظ أن هذا الدين كانت له الغلبة ثقافياً واستراتيجياً على مدار ألف سنة تقريباً، ولكن هذا الوضع ابتداء يهتز ويتغير منذ القرن الخامس عشر، عندما راح المسيحيون يستعيدون اسبانيا قطعة قطعة، ويطردون العرب ويقفون على مملكتهم هناك.
وينبغي أن نضيف إلى ذلك هزيمة العثمانيين على أبواب فيينا عام 1983. فقبل ذلك كانوا هم الأقوى عسكرياً وهم الذين يهاجمون، في حين أن أوروبا كانت في موقع الضعيف والمدافع عن النفس، ولكن بعد ذلك التاريخ ابتدأت موازين القوى تنعكس فعلياً، وأصبحت القوة الأوروبية تتنامى أكثر فأكثر، في حين أن القوة الإسلامية تضعف أكثر فأكثر حتى وصلنا إلى عصر الاستعمار في القرن التاسع عشر.
ثم يردف المؤلف قائلاً:
وبالتالي فإذا ما أردنا أن نفهم قصة الصراع الجاري حالياً بين الطرفين فينبغي علينا أن نعود إلى الماضي البعيد، فهناك الصراع له جذوور عميقة في التاريخ، ولا يمكن فهم الحاضر إلا على ضوء الماضي، والعكس صحيح أيضاً، وهذا يعني أنه ينبغي على العلوم السياسية أن تستعين بعلم التاريخ لكي تشرح الموضوع بشكل جيد.
ولهذا السبب فإن المسلمين يشعرون بنقمة عارمة على الأوضاع الحالية، لأن الزمن تغير ولأن موازين القوى انقلبت لغير صالحهم، فبعد أن كانوا غالبين أصبحوا مغلوبين، وهذا الوضع له تأثيره على اندلاع الحركات الأصولية التي تريد أن تنتقم من الغرب المتغطرس الذي استعمر الشعوب الإسلامية وأذلّها منذ قرنين على الأقل. ضم هذا الإطار يمكن أن نفهم سبب اندلاع الصراع الجاري حالياً بين الأصولية والغرب.
والواقع ان شعوب الشرق الأوسط كانت محمية من غزوات الخارج بواسطة القوة العسكرية الضاربة للإمبراطورية العثمانية، وكانت أيضاً محمية من التأثيرات الثقافية لهذا الخارج الأوروبي بالذات بواسطة التعاليم التقليدية للمساجد والزوايا الصوفية، والمدارس القديمة بشكل عام، وكانت الثقافة التكرارية الاجترارية، أي ثقافة عصر الانحطاط تسيطر عليهم.
ولم تكن تعرف ما الذي يحدث في الخارج ولا يهمها أن تعرف أصلاً ماذا؟ لأنها كانت تعتقد بأنها تمتلك العلم النهائي والحقيقة المطلقة، وبالتالي فما حاجتها إلى العلم؟ ومادامت الإمبراطورية العثمانية متفوقة عسكرياً فإنها ظلت مستمرة على موقفها.بل وكانت تحتقر الأوروبيين وتعتبرهم متخلفين وفي مرتبة أدنى، وبالتالي فكيف يمكن أن تأخذ عنهم العلم؟
نقول ذلك وبخاصة أنهم كفار في نظرها أو في نظر الفقهاء بشكل عام، ولكن بعد أن أخذت هزائم الإمبراطورية العثمانية تتلاحق أمام القوى الأوروبية، ابتدأ بعضهم بطرح أسئلة لأول مرة، وقالوا: ربما كان عند هؤلاء المسيحيين علم لا نعرفه، وبما إن الهزيمة كانت عسكرياً فإن علاجها كان عسكرياً أيضاً، أي عن طريق استيراد التقنيات العسكرية من أوروبا.
وعلى هذا النحو أمر السلطان باستقدام المدربين والخبراء الأجانب من أجل تحديث الجيش العثماني، وراح هذا الجيش يجري الإصلاحات على نفسه ويتبنى مناهج وأساليب الجيوش الأوروبية وراحوا يترجمون بعض الكتب لأول مرة منذ زمن طويل.
وقد دفع ذلك ببعض الشباب المسلمين إلى تعلّم لغات أوروبية من أجل دراسة علومها العسكرية، وهذا الشيء كان يستحيل حصوله سابقاً. فالمسلمون، كما قلنا، كانوا يحتقرون الأوروبيين وينظرون إليهم نظرة دونية ويعتقدون أنه ليس عندهم أي شيء جديد لكي يأخذوه عنهم.
وهذا ما كان البرت حوراني قد دعاه بالعصر الليبرالي العربي: أي العصر الممتد منذ محمد علي باشا ورفاعة رافع الطهطاوي وحتى سقوط النظام الملكي على يد عبدالناصر والضباط الأحرار عام 1952.
بعدئذ ابتدأ ما يدعوه المؤلف بعصر الأيديولوجيات الحديثة: أي القومية العربية والأصولية. والأولى سيطرت على الساحة من عام 1950 وحتى موت جمال عبدالناصر عام 1970. وأما الثانية فقد حلت محلها بعدئذ ولا تزال.
ويرى الباحث أن الحركات الأصولية المعاصرة تبرر نفسها عن طريق إثارة بعض الأحداث التاريخية المؤلمة بالنسبة للمسلمين: كالحروب الصليبية، وكفقدان العرب للأندلس، وكانهيار السلطنة العثمانية، ثم تآمر الانجليز والفرنسيين على المنطقة واقتسامها فيما بينهم بعد الحرب العالمية الأولى، هذا دون أن ننسى قضية فلسطين.
يضاف إلى كل ذلك بالطبع ما حصل في عهد الاستعمار، ثم الحملة الثلاثية للعدوان الانجليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956، ثم دعم إسرائيل على طول الخط من قبل الغرب ... الخ. كل هذه الأحداث التاريخية تستخدمها الحركات المتشددة لتبرير التفجيرات وأعمال العنف التي تقوم بها ضد المصالح الغربية في شتى أنحاء العالم.
فهي تعتبر أنها تدافع عن العالم الإسلامي ضد العدوان الخارجي للعالم الغربي ـ الأوروبي ـ الأميركي. ثم يردف المؤلف قائلاً: ان كل بلاغيات الأصوليين وأدبياتهم منذ تأسيس حركة الإخوان المسلمين عام 1928 وحتى اليوم تركز هجومها على الامبريالية، والاستعمار، والصهيونية. وبالتالي فالمسألة قديمة وليست بنت البارحة كما يتوهم بعضهم. وإنما هي تعود في الزمن طويلاً إلى الوراء.
وخطابات جماعة «القاعدة» من بن لادن وسواه، ما هي إلا عبارة عن استمرارية تواصلية لهذا الهجوم العقائدي على الغرب وحضارته. وهو هجوم كان حسن البنا وسيد قطب والمودودي وآخرون عديدون قد بلوروه وتبنوه منذ عدة عقود. فهم يعتقدون بأن حضارة الغرب منحطة ومنحلة أخلاقياً.
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
AmericanMilitarismBook060705.jpg



كيف يفكر المحافظون الجدد؟














مقال ـ تقرير واشنطن ـ 6/7/2005
بقلم: علاء بيومي – مدير الشؤون العربية بـ "كير"




كتاب "النزعة العسكرية الأمريكية الجديدة" لأستاذ العلاقات الدولية الأمريكي أندروا باسفيتش الصادر في فبراير الماضي يحتوي على نظرة متميزة للمحافظين الجدد يصعب العثور عليها في كتابات أخرى لسببين أولهما إيمان المؤلف بأن التحديات التي تتعرض لها السياسية الخارجية الأمريكية في الوقت الراهن ليست نتاجا للمحافظين الجدد أو اليمينيين الأمريكيين وحدهم، بل هي نتيجة لأزمة عامة بالنظام السياسي الأمريكي شارك في صنعها اليسار واليمين الأمريكيين معا خلال العقود الأخيرة، وهو ما يعطي أسلوب باسفيتش ومنهجه قدرا هاما من الحيادية.

السبب الثاني هو أن حياد المؤلف النسبي جعله أكثر تركيزا على تحليل الأفكار والأحداث المؤثرة على سياسة أمريكا الخارجية والعسكرية في الوقت الراهن، مما جعله يقدم رؤية متميزة عن المحافظين الجدد وتاريخهم وتطورهم كجماعة والأفكار المحركة لهم.

إذ ينادي باسفيتش بضرورة النظر للمحافظين الجدد على أنهم جيلين متميزين من المفكرين والمحللين السياسيين وليس كجيل واحد، الجيل الأول تبلور في الستينات من القرن العشرين وجاءت أفكاره كرد فعل للظروف الدولية وتحديات الداخلية التي تعرضت لها أمريكا خلال الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى حتى نهاية حرب فيتنام في منتصف السبعينات من القرن الماضي، أما الجيل الثاني فقد ظهر في التسعينات من القرن نفسه وجاءت أفكاره لتعبر عن الظروف الأمريكية والدولية في هذه الفترة، لذا يؤمن باسفيتش بإمكانية العثور على تناقضات في مواقف الجيل الأول مقارنة الجيل الثاني من أجيال المحافظين الجدد نظرا لأن كل جيل نشأ في ظروف مختلفة مؤمنا بأفكار متميزة.

الجيل الأول وأفكاره

في البداية يؤكد باسفيتش على بعض القواسم المشتركة بين جيلي المحافظين الجدد مثل إيمانهم بدور الأفكار في تغيير الواقع، وسعيهم الدائم للتأثير على مسار الجدل الأمريكي العام بخصوص القضايا التي تهمهم، وشهيتهم التي لا تنتهي للجدل وعرض أفكارهم ومهاجمة معارضيهم، وخطابهم الذي يتميز بالثقة والحماس والرضا الداخلي بشكل مبالغ فيه أحيانا.

بالنسبة للجيل الأول يرى باسفيتش أن أفكار وحركة هذا الجيل تقوم على أفكار ستة رئيسية، الفكرة الأولى تتعلق بنظرة المحافظين الجدد للتاريخ وخاصة لأحداث الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى وحتى الحرب العالمية الثانية وهي الفترة التي شهدت الكساد الكبير وصعود النازية وتراجع دور أمريكا الدولي بعد الحرب العالمية الأولى، ويقول باستفيتش أن هذه الفترة أكدت لدى المحافظين الجدد قناعتين مركزيتين أولهما أن الشر ظاهرة حقيقة واقعية موجودة لا يمكن إنكارها، وثانيهما أن صعود الشر مرهون بشرط بسيط وهو تواني أعداءه عن مقاومته، وهنا يرى المحافظون الجدد أن عزلة أمريكا وانغلاقها على نفسها مثل سببا رئيسيا لصعود النازية وانتشارها وما قادت إليه من شرور.

الفكرة الثانية تتعلق بدور القوة العسكرية كأداة أساسية لمواجهة الشر، حيث يرى المحافظون الجدد أن القوة العسكرية – وليس الدبلوماسية أو العدالة أو المجتمع الدولي – هي التي تمكنت من إيقاف زحف النازي، لذا يكن المحافظون الجدد قدرا كبيرا من الرفض والتشاؤم فيما يتعلق بدور المنظمات الدولية والقانون الدولي وجهود الحد من التسلح، حيث يرون أن القوة العسكرية يجب أن تبقى أساسا رئيسيا للسياسية الخارجية الأمريكية، كما عارضوا الانتقادات التي تعرض لها الجيش الأمريكي ودوره بعد حرب فيتنام الفاشلة.

الفكرة الثالثة هي رفض المحافظين الجدد المطلق لفكرة عزلة أمريكا أو تراجع دورها الدولي، فهم يرون أن لأمريكا دورا تاريخيا كقائدة للعالم الحر وحامية له وكناشرة للديمقراطية والحرية عبر العالم، كما يرون أن على أمريكا والأمريكيين القبول بهذا الدور وتحمل تكلفته مهما كانت، فهم يرون أن رغبة الأمريكيين في العزلة هي رغبة أنانية.

الفكرة الرابعة هي بحث المحافظين الجدد الدائم عن مشاريع وأهداف خارجية كبيرة لأمريكا، لذا عاني المحافظون الجدد كثيرا خلال السبعينات والثمانيات بسبب تبعات حرب فيتنام التي أثرت سلبا على تأييد الشعب الأمريكي للجيش ودور أمريكا الدولي، كما عانى المحافظون الجدد أيضا مع نهاية الحرب الباردة وتآكل الإتحاد السوفيتي في نهاية الثمانينات، لأنه ذلك أفقد المحافظين الجدد المشروع الكبير الذي يمكنهم صياغة سياسة أمريكا من خلاله.

الفكرة الخامسة هي إيمان المحافظين الجدد بدور القيادة السياسية، وسعيهم الدائم للعثور على قيادة سياسية حاسمة قادرة على صناعة التاريخ، ولذا كره المحافظون الجدد كارتر الذي ركز على دعاوى السلام والحد من الحروب في العالم، ولم يرضوا بشكل كامل عن ريجان، لأن خطاب ريجان القوي الرنان لم يطابق أفعاله في أغلب الأحيان.

الفكرة السادسة وهي داخلية فتعبر عن إيمان المحافظين الجدد بدور السلطات التقليدية كالآباء والجيش ومؤسسات تنفيذ القانون والأسرة داخل المجتمع الأمريكي، فقد رفض المحافظون الجدد الثورة الثقافية التي اجتاحت أمريكا في الستينات والتي نادت بالتعددية الثقافية وحقوق الأقليات والنساء والشواذ، إذ رأى المحافظون الجدد أن الهجوم على المؤسسات التقليدية من شأنه أن يضعف أمريكا داخليا مما يضعفها خارجيا.

وقد ركز باسفيتش في وصفه للجيل الأول من المحافظين الجدد على نورمان بودهوريتز المحرر السابق لمجلة كومنتاري الصادرة عن اللجنة اليهودية الأمريكية والذي يعد أحد أهم الآباء المؤسسين لتيار المحافظين الجدد، كما ركز بشكل أقل على أفكار إيرفينج كريستول مؤسس مجلة المصلحة العامة "ذا بابليك إنتريست" والذي يصفه الكثيرون بأنه الأب الروحي للمحافظين الجدد.

أزمة الجيل الأول وصعود الجيل الثاني

يرى باسفيتش أن نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي مثلا تحديا كبيرا للجيل الأول من المحافظين الجدد على مستوى السياسة الخارجية، إذ أدى فشل المحافظين الجدد في العثور على عدو جديد إلى صعود أصحاب التوجهات الواقعية وسيطرتهم على تيار المحافظين الجدد، حيث نادى الواقعيون بالتروي في إطلاق مشاريع أمريكية كبرى وفي استخدام القوة العسكرية الأمريكية وفي زيادة نفقات الجيش الأمريكي، وقد دفعت الأسباب السابقة مجتمعة نورمان بودهوريتز إلى إعلان وفاة مشروع المحافظين الجدد في عام 1996.

وهنا يرى باسفيتش أن عام 1995 الذي شهد استقالة نورمان بودهوريتز من رئاسية تحرير مجلة كومنتاري وتأسيس ويليام كريستول نجل إيرفينج كريستول مجلة ذا ويكلي ستاندارد عاما فارقا في حياة تيار المحافظين الجدد، فهو العام الذي شهد أفول الجيل الأول وصعود الجيل الثاني.

وهنا يرى باسفيتش أن المقارنة بين كومنتاري – مجلة الجيل الأول – وذا ويكلي ستاندارد – مجلة الجيل الثاني – تكشف عدد كبير من الفروق الرئيسية بين الجيل الأول والثاني، فكومنتاري كانت صادرة عن اللجنة اليهودية الأمريكية والتي تسعى لالتزام الحياد الحزبي، أما ذا ويكلي ستاندرد فهي ممولة من قبل روبرت موردوخ إمبراطور الإعلام المعروف وصاحب الميول اليمينية القوية، كما أن كومنتاري كانت موجهة بالأساس للنخبة المثقفة أما ذا ويكلي سناندارد فقد تميزت في مقالاتها ورسوماتها بنزعة أكثر جماهيرية، كما أن كومنتاري تصدر من نيويورك، أما ذا ويكلي ستاندرد فمكتبها لا يبعد كثيرا عن موقع البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

بمعني أخر الجيل الثاني من أجيال المحافظين الجدد تميز بنزعة إيدلوجية وحركية وجماهيرية أكبر من الجيل الأول، أضف إلى ذلك فارق أساسي يشير له باسفيتش وهو أن الجيل الأول صعد في فترة خيم فيها على الرأي العام الأمريكي شعور بعدم الثقة في القوة والسياسة الخارجية الأمريكية نتيجة لما حدث في فيتنام، لذا سعى الجيل الأول بالأساس لإعادة الثقة المفقودة، أما الجيل الثاني فقد ظهر بعد فوز أمريكا بالحرب الباردة وبعد أن أعاد ريجان وحرب عاصفة الصحراء ثقة الأمريكيين في جيشهم، لذا تبنى الجيل الثاني هدفا مختلفا وهو كيفية استخدام أمريكا قوتها وموقعها الدولي غير المسبوق كقطب العالم الأوحد في تحقيق أهداف أمريكا وتشكيل العالم وفقا لرؤيتها.

وهنا يبرز باسفيتش خمسة أفكار أساسية كأعمدة لفكر الجيل الثاني من المحافظين الجدد. الفكرة الأولى هي أن سيطرة أمريكا ونفوذها غير المسبوق على النظام العالمي هي قوة مازالت في بدايتها ينتظرها مستقبل طويل، وهي قوة يدركها العالم ويبحث عنها ويؤيدها، إذ يرى المحافظون الجدد أن العالم يبحث عن قائد، وأن أمريكا هي حتما هذا القائد، فسيطرة أمريكا وسيادتها المطلقة على العالم – من وجهة نظرهم – هي مصدر استقرار النظام العالمي، لذا فهم يرون أن من الطبيعي أن يتوحد الغرب وغيره من دول العالم تحت القيادة الأمريكية لإعادة تشكيل النظام العالمي الجديد.

ويترتب على القناعة السابقة فكرة ثانية وهي أن فشل أمريكا في استغلال الفرصة الراهنة وعجزها عن قيادة العالم وتشكيله سوف يؤدي لانهيار النظام العالمي الراهن، فالفوضى هي البديل الوحيد المحتمل لفشل أمريكا في قيادة النظام العالم في الفترة الراهنة.

الفكرة الثالثة هو أن قوة أمريكا العسكرية غير المسبوقة هي أداة رئيسية لحفاظ أمريكا على مكانتها ولنجاحها في القيام بمهمته كقائدة للعالم ومحافظة على السلام العالمي، وهنا يرى المحافظون الجدد أن وظيفة القوة العسكرية الأمريكية الرئيسية ليس تجميع الأسلحة والقوات وكنزها ولكن استخدام هذه القوات في مشاريع طموحة وحاسمة لصناعة نظام عالمي قائم على السيطرة الأمريكية ويدعمها.

وهنا يرى المحافظون الجدد أن القوة العسكرية لا يجب أن ينظر إليها كخيار أخير، فالحرب بالنسبة لهم هي أداة لخدمة أهداف كبرى مثالية، كما أن السلام الحقيقي هو السلام الذي يتبع النصر في المعركة.

الفكرة الرابعة هو التزام المحافظين الجدد المطلق بدعم القوة العسكرية الأمريكية وجهود تسليح وتطوير وتحديث القوات العسكرية الأمريكية.

أما الفكرة الخامسة والأخيرة فهي رفض المحافظين الجدد للساسة الواقعين مثل هنري كيسنجر وللساسة المترددين في استخدام القوة مثل كولين باول، فالواقعية والتردد في استخدام القوة يمثلان للمحافظين الجدد مرضان خطيران.

ويعبر باسفيتش عن اعتقاده في نجاح المحافظين الجدد في ترك بصمات قوية على الجدل الأمريكي العام الخاص بسياسة أمريكا الخارجية، ويرى أن هذا النجاح هو نتاج لنشاطهم الفكري الواضح، فالمحافظون الجدد يملكون مجلة ذا ويكلي ستاندرد وتظهر كتاباتهم باستمرار في مجلة فورين أفاريز المعروفة ويسيطرون على معهد أمريكان إنتربرايز للأبحاث، كما يكتبون بشكل دوري في ثلاثة من أكبر الجرائد الأمريكية، حيث يكتب ماكس باوت لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، ويكتب دايفيد بروكس لنيويورك تايمز، ويكتب روبرت كاجن وتشارلز كروتهمز للواشنطن بوست، هذا إضافة إلى سيطرتهم على مقالات الرأي بصحيفة وال ستريت جورنال، كما يرى باسفيتش أن جزءا كبيرا من نجاح المحافظين الجدد في السنوات الأخيرة يعود إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر على السياسة الأمريكية، ولتحقق حلم في العثور على قائد سياسي يتبنى أفكارهم وهو جورج دبليو بوش.

خاتمة

وفي نهاية هذا المقال يجب أن نؤكد مرة أخرى على تميز عرض أندرو باسفيتش لأفكار المحافظين الجدد الرئيسية، والتي يمكن أن تمثل أطارا فكريا لفهم سياسات المحافظين الجدد ومواقفهم، حيث خصص لها الفصل الثالث من كتابه "النزعة العسكرية الأمريكية الجديدة"، كما يجب أيضا الإشارة إلى احتواء الكتاب بفصوله الثمانية على أفكار أخرى متميزة – لا يتسع المجال هنا لطرحها. فالكتاب يقوم على فكرة أن ميل الأمريكيين الزائد لاستخدام قوتهم العسكرية في الفترة الراهنة هو نتاج لمشاكل عديدة ساهم في صنعها مؤسسات متعددة داخل المجتمع الأمريكي كالمفكرين والجيش والساسة وغيرهم، مما يجعل الكتاب مصدرا لأفكار تحليلية هامة مؤسسات المجتمع الأمريكي المختلفة في تشكيل سياسية أمريكا الخارجية والعسكرية الراهنة.
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
كتب: قارئ المحافظين الجدد



في المقابل يتفق باوت مع من يعتقدون أن المحافظين الجدد يؤمنون بأفكار الرئيس الأمريكي السابق ويدرو ويلسون والذي دفع أمريكا في اتجاه إنهاء عزلتها الدولية والعمل على نشر المبادئ الديمقراطية والليبرالية في العالم، كما يتفق مع من يؤمنون بأن المحافظين الجدد سوف يستهدفون كوريا الشمالية وإيران بعد استهدافهم العراق، كما يرى أن المحافظين الجدد ليسوا مسئولين عن تدهور الأوضاع في العراق بعد الغزو لأن سياسة أمريكا هناك لم تتفق مع رؤية المحافظين الجدد لما يجب أن يكون عليه الأمر بعد سقوط النظام العراقي.

كما يحتوى الجزء الأول من الكتاب على مقال صغير للكاتب دايفيد بروكس، وهو أحد كبار محرري مجلة ذا ويكلي ستاندارد، يرى فيه أن العداء للمحافظين الجدد هو عداء أيديولوجي غير عقلاني، ويقول أن الكتابات التي تتحدث عن المحافظين الجدد غالبا ما تدور حول عدد قليل جدا من الأفراد والمؤسسات البحثية والمطبوعات فكيف يمكن لهذا العدد القليل من الأفراد والمؤسسات اختطاف سياسة دولة بأكملها.

وتستمر اللهجة والكتابات الدفاعية عبر الكتاب إذ يحتوي الجزء الرابع وقبل الأخير من الكتاب على مقال لجاشوا مورافشيك الباحث بمعهد أمريكان إنتربرايز يعارض فيه فكرة أن يكون المحافظين الجدد قد تأثروا بشكل قوي ومباشر على المستوى الفلسفي بأفكار الفيلسوف الأمريكي الألماني الأصل "ليو ستراوس" والذي يرى البعض أنه الأب الفلسفي للمحافظين الجدد.

في المقابل يرى مورافشيك أن الربط بين ستراوس والمحافظين الجدد هو نتاج لأفكار بعض السياسيين والكتاب الأمريكيين المتطرفين وغير أصحاب المصداقية، ويدلل على ذلك بترويج هؤلاء لفكرة أن المحافظين الجدد يديرون سياسة أمريكا لصالح إسرائيل، حيث يرى مورافشيك أن بعض أبرز المحافظين الجدد ليسوا يهودا وإن كان الكثير منهم يهود، كما يشير إلى أن عدد من أبرز المحافظين الجدد مثل ريتشارد بيرل وجين كيرباتريك وبول ولفويتز كانوا من أشد الداعين للتدخل الأمريكي في البوسنة في أوائل التسعينات لوضع حد للمذابح التي تعرض لها مسلمو البوسنة في ذلك الوقت إيمانا منهم بضرورة تبني أمريكا سياسية تدخلية للحفاظ على الأمن والسلام العالميين، وهو ما يؤكد – من وجهة نظر مورافشيك - على أن اهتمام المحافظين الجدد بتشجيع أمريكا على التدخل عالميا لنشر الديمقراطية ومكافحة الحكومات المستبدة هو توجه قديم وراسخ.

أسباب النفوذ

في المقابل يرى مورافشيك أن سبب صعود المحافظين الجدد الأساسي في السنوات الأخيرة يعود لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي فاجأت أمريكا بوضع سياسي وأمني جديد، ونجاح المحافظين الجدد – من وجهة نظره – في تقديم بدائل عملية وقوية للسياسة الخارجية الأمريكية في عالم ما بعد أحداث سبتمبر وهو الأمر الذي عجزت عن تقديمه التيارات السياسية الأمريكية الأخرى.

ويؤكد إيرون ستلزر محرر الكتاب - والباحث الحالي في معهد هدسون للأبحاث والباحث السابق بمعهد أمريكان إنتربرايز – على الفكرة ذاتها، حيث يرى أن رواج أفكار المحافظين الجدد في السنوات الأخيرة يعود لتغير الظروف الدولية ذاتها التي بررت أفكار المحافظين الجدد، ويضيف على ذلك اعتقاده بأن أفكار المحافظين الجدد ليست جديدة فهي تعبر عن توجهات موجود وراسخة في التراث السياسي الأمريكية، فهو يرى أن المحافظين الجدد يستمدون أفكارهم من رؤساء أمريكيين عظماء سابقين مثل ويدرو ويلسون وجون أدامز، كما أن رفض المحافظين الجدد للعمل الدولي وإيمانهم بالقوة الأمريكية ورغبتهم في نشر الديمقراطية هي أفكار رائجة في أوساط الشعب الأمريكي.
ويضم الجزء الأخير من الكتاب مقالا لكارلين بومان الباحثة بمعهد أمريكان إنتربرايز يحلل عدد من استطلاعات الرأي العام الأمريكية باحثا عن مدى تقبل الشعب الأمريكي لأفكار المحافظين الجدد، وفي البداية تؤكد بومان على أن استطلاعات الرأي العام الأمريكية لا تسأل الأمريكيين عن موقفهم من المحافظين الجدد كجماعة محددة، ولكن دراسة مواقف الرأي العام الأمريكي – بشكل عام كما ترى بومان – تؤكد أنهم تربة خصبة لأفكار المحافظين الجدد لعدة أسباب.
من بين هذه الأسباب ميل غالبية الأمريكيين للتفاؤل بخصوص المستقبل مما يجعلهم أكثر تقبلا للسياسات المجازفة على المستويين الاقتصادي والسياسي، كما يرفض الأمريكيون تدخل الدولة لإعادة توزيع الثروة، مما يجعلهم لا يشعرون بالقلق من عجز الميزانية وإن كانوا يشعرون بالقلق على الوضع الأخلاقي داخل المجتمع الأمريكي، كما تؤكد بومان على أن غالبية الأمريكيين يرفضون العزلة الدولية ويؤيدون لعب دورا نشطا على الساحة الدولية، كما يميل الأمريكيون للقادة السياسيين الذين يقدمون لهم أهداف واضحة وقوية حتى ولو كانت عامة وغير محددة بخصوص السياسة الدولية، كما يرى أكثر من 80% من الأمريكيين أن الديمقراطية هي أفضل نظام حكم في العالم، وتؤكد بومان في نهاية مقالها على أن غالبية الأمريكيين قد لا يكونوا قد سمعوا عن المحافظين الجدد، ولكن أفكار المحافظين الجدد موجودة وراسخة داخل المجتمع والتقاليد الأمريكية.

وفي الجزء نفسه يؤكد مايكل جوف الكاتب بجريدة "ذا تايمز" البريطانية على أن جذور أفكار المحافظين الجدد تمتد إلى تقاليد بعض أهم القادة السياسيين البريطانيين على مدى التاريخ المعاصر مثل وزير الخارجية البريطاني جورج كانينج الذي قاد بريطانيا للانتصار في حروبها ضد نابليون، ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشيرشيل الذي قاد بريطانيا للانتصار على ألمانيا النازية، وهو يرى أن هؤلاء القادة الكبار امنوا بضرورة استخدام الحروب الإجهاضية لحماية أمن بريطانيا والعالم، وأنهم واجهوا انتقادات عديدة قبل شنهم لهذه الحروب، ولكن التاريخ أثبت أنهم كانوا على صواب.

لذا يدعو جوف الباحثين للاهتمام بالعلاقة بين أفكار المحافظين الجدد والتقاليد السياسية البريطانية، كما يدعو البريطانيين للاحتفال بالمحافظين الجدد كورثة تلقائيين لتراث عظماء القادة السياسيين البريطانيين، كما يدعو اليمين البريطاني بشكل خاص واليمين الأوربي بشكل عام للتعلم من المحافظين الجدد الأمريكيين وتقليدهم، فهو يرى أن المحافظين الجدد نجحوا في الجمع بين عقلانية اليسار وأخلاق اليمين والرؤية الواقعية للطبيعة البشرية ورؤية حديثة للأخطار الدولية المعاصرة وعلى رأسها مواجهة الأخطار القادمة من العالم الإسلامي.

تحديات رئيسية

في مقابل رؤية جوف يرى جيفري جيدمين الكاتب الألماني والباحث السابق بمعهد أمريكان إنتربرايز أن الثقافة السياسية الألمانية الحالية لا ترحب بأفكار المحافظين الجدد، لأن ثلثي الشعب الألماني على الأقل يعارضون السياسة الأمريكية، كما أن الثقافة السياسية الألمانية التي مازالت متأثرة بتبعات الحقبة النازية المتطرفة سلبيا على ألمانيا والعالم، لذا يرفض غالبية الألمان الأفكار القومية والتدخل في الشئون الدولية واستعرض القوة العسكرية على المستوى الدولي.

ويؤيد الفكرة ذاتها الكاتب الأمريكي المعروف جورج ويل، إذ يرى في مقال له في الجزء الثاني من الكتاب أن أفكار المحافظين الجدد تسير في اتجاه مخالف للتوجهات السياسية الأوربية المنادية بالوحدة الأوربية في الوقت الراهن، وهي أكبر مشروع سياسي أوربي، حيث يرى ويل أن الدستور الأوربي الموحد قائم على فكرة تقنين عدد من المبادئ الفلسفية العامة التي تتخطى الحدود بين الدول والانتخابات الديمقراطية، في حين أن أمريكا مازالت تعلى من شأن الممارسة الديمقراطية كمصدر للسياسات والقوانين بغض النظر عن طبيعة هذه القوانين والسياسات مادامت قد تم التوصل إليها عن طريق الصناديق الانتخابية، كما يرى ويل أن الوحدة الأوربية تحض من قدر القوميات والتي تعليها أمريكا.

كما يؤكد إيرون ستلزر على أن المحافظين الجدد هم تيار فكري وليسوا حركة سياسية، كما يؤكد أيضا على صعوبة التنبؤ بمستقبل المحافظين الجدد فقد سبق وتنبأ أحد الآباء المؤسسين لتيار المحافظين الجدد - وهو نورمان بودهوريتز المحرر السابق لمجلة كومنتاري - بموت المحافظين الجدد في عام 1996، ولكنهم عادوا للحياة بشكل غير مسبوق في أوائل القرن الحادي والعشرين.

كما يؤكد آدم ولفسون محرر مجلة المصلحة العامة "ذا بابليك إنتريست" على الصراعات القائمة بين المحافظين الجدد وطوائف التوجه الأمريكي المحافظ الأخرى مثل المحافظين التقليديين الذين يفضلون العزلة، والمحافظين التحرريين الذي يرفضون تضخم جهاز الدولة.

أما إيرفنج كريستول والذي يعد الأب الروحي للمحافظين الجدد فهو يشارك في الكتاب بثلاثة فصول قصيرة، يؤكد في أولها على أن التحالف بين المحافظين الجدد واليمين المسيحي المتدين هو أمر لم يكن متوقعا، ولكنه أعطى المحافظين الجدد قوة هائلة، كما يشير إلى أن المحافظين الجدد كتبت لهم "حياة ثانية" في الفترة الحالية بعد أن توقعوا نهايتهم في منتصف التسعينات.

كما يبرز كريستول في بقية مقالاته المنشورة في الكتاب بعض أفكار المحافظين الجدد الاقتصادية والأخلاقية، وهو ما يتماشى مع الكتاب الذي خصص الجزء الثالث منه للحديث عن سياسات المحافظين الجدد وأفكارهم الداخلية والاقتصادية.

ولا يفوت قارئ الكتاب أن يلاحظ اللهجة الدفاعية والسطحية والكتابات القديمة التي تخللت معظم أجزاء الكتاب والتي لم تتعدى نفي الأفكار الشائعة عن المحافظين الجدد وإبراز بعض كتابات المحافظين الجدد السابقة عن أنفسهم، ولكنها لم تتمكن من تقديم رؤية بديلة قادرة على شرح جذور تيار المحافظين الجدد وعلاقتهم بالتيارات الأمريكية الأخرى ومدى نفوذهم في الفترة الحالية وتطلعاتهم لمستقبل أمريكا أو حتى لمستقبل أنفسهم.
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
: كاتب أميركي يصف بلاده بأنها دولة الإرهاب



وصدر الكتاب الذي يقع في 572 صفحة من القطع الكبير, عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر وترجمته إلى العربية حصة المنيف وراجعته منى مطاوع وكتب مقدمته المترجم الشاعر السوري البارز ممدوح عدوان (1941 - 2004). وأشار عدوان في المقدمة إلى أن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر يصف السياسة بأنها ثاني أقدم مهنة في التاريخ ويعلق بأن "الكاتب السياسي يلعب الدور نفسه الذي تلعبه العاهرة باستغلال كل منهما للمظاهر والوعود من أجل تسويق النفس".
وقال المؤلف إن القادة الأميركيين واصلوا في الثمانينيات والتسعينيات سياسة التدخل العنيف ضد الحكومات الإصلاحية في أنحاء مختلفة من العالم ففي نيكاراغوا قامت قوات مرتزقة تساندها الولايات المتحدة بقتل 30 ألف شخص مما أدى إلى تيتيم 90 ألف طفل.
كما أشار إلى حروب وقعت في أنغولا وموزمبيق شنتها قوات تدعمها (cia) وأدت إلى قتل وتشريد الملايين. وفي تيمور الشرقية قام عسكريون إندونيسيون "تمولهم الولايات المتحدة" بذبح 200 ألف شخص قال إنهم يزيدون على ثلث عدد السكان.
وقال إن القادة الأميركيين الجمهوريين والديمقراطيين دعموا حروبا وصفها بالوحشية ضد حركات التمرد في أكثر من دولة مشيرا إلى اعتذار الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1999 عن مساندة بلاده للحكومات اليمينية في غواتيمالا التي قتلت أعدادا كبيرة من الناس وقال إن مثل هذا الانغماس واسع الانتشار في أعمال العنف والاضطهاد عمل خاطئ وغلطة يجب ألا تتكرر.
وعلق المؤلف قائلا إن كلينتون بينما كان يقول هذا الكلام استمر في مساندة التدخلات القمعية ضد العراق ويوغسلافيا وهاييتي وبلدان أخرى. وقال إن الولايات المتحدة "أكبر قوة استعمارية في التاريخ وقد توسعت الإمبراطورية الأميركية اتساعا لم نر مثيلا له من قبل حيث إن قواعدها العسكرية تحيط بالعالم كله... وعلى الرغم من أن سكان الولايات المتحدة لا يزيدون على 5% من عدد سكان العالم فإنها تصرف ثلث ما يصرفه العالم كله كنفقات عسكرية.
بارنتي الذي يعود إلى أصول إيطالية أصدر أكثر 15 كتابا منها "قتل أمة: الهجوم على يوغسلافيا" و"أرض الأوثان: الأساطير السياسية في أميركيا" و"أميركا المحاصرة" و"ذوو القمصان السوداء والحمراء: الفاشية العقلانية والإطاحة بالشيوعية" و"تلفيق الواقع: سياسة أجهزة الإعلام"
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
كتب: عرض كتاب صدر حديثا: القوة العظمى الجديدة ونهاية الهيمنة الاميركية



تأليف: ت .ر. ريد

مؤلف هذا الكتاب هو الصحافي الاميركي المعروف ت.ر.ريد. وكان قد غطى اعمال الكونغرس ورتب حملات انتخابية رئاسية اميركية لصالح جريدة: الواشنطن بوست. ثم اصبح رئيساً لمكتب هذه الجريدة الكبيرة في طوكيو بين عامي 1990 ـ 1995. وبعدئذ اصبح رئيساً لمكتبها في لندن حيث واكب الاحداث المتسارعة للاتحاد الاوروبي وتوسيعه لكي يشمل (25) دولة في مطلع القرن الواحد والعشرين. وكان قد ألف سابقاً ثلاثة كتب باليابانية وخمسة بالانجليزية. وفي هذا الكتاب الجديد يتحدث المؤلف عن اكبر معجزة سياسية حصلت في التاريخ: الا وهي توحيد كل دول اوروبا الغربية والشرقية داخل كيان واحد. فهذه الدول التي كانت متناحرة ومتصارعة على مدار التاريخ اصبحت الان دولة واحدة وتحكمها مؤسسات واحدة! فمن يصدق ذلك؟ من يصدق ان الالمان والفرنسيين والانجليز وبقية الامم الاوروبية ربطوا مصيرهم ببعضهم البعض واصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الاتحاد الكبير الذي يشملهم جميعاً؟ من كان يصدق انه سيوجد يوماً ما برلمان اوروبي يتجاوز البرلمان الفرنسي والانجليزي والالماني والايطالي ويشمل جميع الشعوب الاوروبية؟ ومع ذلك فهذا ما حصل. ومقره موجود في مدينة ستراسبورغ الفرنسية. وهو بناء حديث جداً وقد انتهوا منه مؤخراً. اما مقر المفوضية الاوروبية العامة، اي الحكومة الاوروبية، فموجود في بروكسل عاصمة بلجيكا. اما مقر البنك الاوروبي الذي يحتوي على مليارات اليورو فموجود في العاصمة المصرفية والاقتصادية لالمانيا: اي في مدينة فرانكفورت. وهكذا راحت المؤسسات التوحيدية الاوروبية تتشكل الواحدة بعد الاخرى لكي ترسخ عرس الصداقة والود بين مختلف الشعوب الاوروبية. وهكذا ارتبط مصيرهم جميعاً ببعضهم البعض وما عاد بالامكان ان يتحاربوا او يختصموا من جديد. ثم يضيف المؤلف قائلاً: في فجر القرن الواحد والعشرين نحن نشهد ثورة جيوبوليتيكية ذات قوة تاريخية لا تضاهى: هي تشكيل الوحدة الاوروبية.
 
أعلى