التضخم.. تحدي عام 2007 لدول الخليج

sportsaaad

عضو نشط
التسجيل
3 فبراير 2006
المشاركات
753
الإقامة
الكويت
كما لعبت الإيرادات النفطية المرتفعة ـ التي بلغت خلال الفترة من( 2002-2006 ) ما يعادل 1.5 تريليون دولارـ دورًا كبيرًا في مرور دول الخليج بتطورات كبيرة حملت معها أيضًا قفزات اقتصادية عالجت موازناتها وحققت معدلات نمو كبيرة فاقت معدلات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، وذلك مقارنة بوضعها الاقتصادي قبل هذه الفترة؛ إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي لعام 2006 نموًا اقتصاديًا بالأسعار الثابتة في الإمارات يبلغ10.2%، وفي قطر 7.5%،والكويت 6.5%، والسعودية 6.2% والبحرين 5%، وعمان 5%، وهو ما يقدر إجمالياً بـ6% عام 2006، مما ساهم في رفع مستوى المعيشة في منطقة الخليج – فعلى ما يبدو أنها أصبحت مصدر خطر بات يهدد تلك الإنجازات، وهو ما تبين في تقرير صدر أوائل مايو 2007 لصندوق النقد الدولي، حول "آفاق الاقتصاد الإقليمي في الشرق الأوسط وآسيا"؛ حيث تنبأ بارتفاع معدلات التضخم في المنطقة، وخاصة في دول الخليج ككل لتصل في المتوسط إلى نحو 9% بعد أن كانت 7.5% عام 2006.
وما يثير القلق في هذا أن معدل التضخم السنوي للدولة هو المعيار الرئيسي للسياسة النقدية؛ فمعدل التضخم المنخفض يعني المحافظة على القيمة الحقيقية لثروات الأفراد من الانهيار، في حين أن معدل التضخم المرتفع يبدد جزءًا كبيرًا من تلك الثروة، وهو الأمر الذي يؤدي بشكل مباشر لخفض قيمة العملات الخليجية ويقلل من قوتها الشرائية.
ولم يقتصر الأمر على ما أشار إليه التقرير؛ إذ أوضح بعض المحللين أن معدلات التضخم في دول الخليج لا تعبر عن الواقع الحقيقي؛ حيث تدعم الحكومات الخليجية العديد من السلع والخدمات بشكل أو بآخر، ولكن المؤشر الأكثر وضوحًا هو دخل الفرد في دول الخليج؛ إذ يلاحظ تناقص قيمة القوة الشرائية لدخول الأفراد مقارنة بما كانت عليه في السنوات الماضية.
ولعل هذا الوضع يرجع لمجموعة من الأسباب المتشابكة؛ الناتجة في الأساس عن زيادة السيولة، والتي أفرزت بدورها مجموعة من السلوكيات سواء من قبل المؤسسات أو الأفراد تسببت في ظهور موجات تضخمية، ومن هذه الأسباب:
- مستوى النفقات الحكومية المرتفعة، والمصاحبة بقدرات محلية محدودة لتنفيذ مشاريعها، وهو ما أظهر معادلة العرض والطلب كضاغط قوي لبروز تضخم واضح في الأسعار.
- نقص الوعي بالسياسة الإقراضية لدى مؤسسات التمويل؛ إذ اتسمت بغياب برامج الادخار والاستثمار الواضحة لشرائح المجتمع، وكان خير دليل ما حدث في سوق الأسهم في السنوات القليلة السابقة؛ حيث تدافع الجميع على الاقتراض دون وجود ثقافة استثمارية، ضاغطين أيضًا على معادلة العرض والطلب.
- الثقافة الاستهلاكية للمجتمع سواء للأساسيات أو للكماليات، وهو ما أخل أيضًا بمعادلة العرض والطلب؛ فعلى سيبل المثال، زادت الأسعار في الإمارات بما يعادل نحو الثلثين مقارنة مع متوسط الرواتب, وفي قطر ارتفعت تكاليف المعيشة بنسبة 9.1% مقارنة بعام 2006، وفي الكويت زادت بمقدار 26%, في حين ارتفعت في البحرين بنسبة 19%.
- ما يسمى بـ"التضخم المستورد" الراجع إلى ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي والذي يشهد تراجعًا أمام العملات الرئيسية وخاصة اليورو، بقرار صريح من بنك الاحتياطي الاتحادي الأمريكي لغرض جعل السلع والمنتجات الأمريكية أكثر رواجًا في الخارج، الأمر الذي يساعد على تنشيط الدورة الاقتصادية، ومن ثم زيادة الفرص الوظيفية.
وقد تسبب هذا التراجع في تآكل عائدات دول المجلس الفعلية من الصادرات النفطية المقومة بالدولار، والتي تشكل 90% من الإيرادات الحكومية لها، مما يضر بفوائض موازينها التجارية، وتسبب أيضًا في انخفاض القوة الشرائية لعملات دول المجلس، نتيجة تراجع قيمتها، الراجع في الأساس إلى اعتمادها بصورة متزايدة على الواردات من خارج الولايات المتحدة، خاصة من أوروبا وآسيا؛ فقد قفز إجمالي وارداتها من 154.5 مليار دولار كواردات سلعية وخدمية عام 2003 إلى نحو 376 مليارًا في عام 2007، بنسبة زيادة قدرها 143%، وهو ما يعني أن الدول الخليجية ستستمر في دفع فوارق سعرية كبيرة في تعاملات التجارة الخارجية، مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى خسارة اقتصادها أموالاً طائلة.
ومما لاشك فيه أن التضخم النابع مما يشهده سوقا النفط المرتفع وسعر الصرف المنخفض سيؤثر في: الموازنات؛ الأسعار العامة؛ المناخ الاستثماري، مما يضع دول المجلس في وضع حرج، يمنع من تحقيق معدلات نمو مستقرة، كما سيكون له تأثير أيضًا على الجانب الاجتماعي يظهر في زيادة عدد الفقراء، ولا غرابة في ذلك، فحوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، ويمكن قياس ذلك بقدرة هذه الشريحة على تلبية احتياجاتها المعيشية في ظل تصاعد موجات الأسعار الحادة، وهو ما يخشى أن يؤدي لسحب دول الخليج لحدود منطقة الفقر فعليًا بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني.
ويظهر تأثير- التضخم- أيضًا على مشروع التكامل الخليجي؛ إذ أصبح على قائمة التحديات التي تواجه صانعي القرار الاقتصادي والمؤثرين فيه، في ظل تسارع العمل نحو إنجاز مشروع العملة الخليجية الموحدة.
وعلى خلفية تلك الخسائر الخليجية على كافة المستويات، برزت أصوات رسمية تدعو إلى المطالبة بجملة من التعديلات في السياسات الاقتصادية، استجابة لتلك الموجات التضخمية يبرز أهم ما اتخذ منها فيما يلي:
- تحديد ارتفاع الإيجارات؛ إذ قررت السلطات القطرية تحديد الزيادة السنوية في قيمة الإيجارات بواقع 10 % كحد أقصى ابتداء من العام 2006، وبدورها قررت الإمارات تحديد الزيادة السنوية للإيجارات عند مستوى 8% ابتداء من العام 2007.
- الإعلان عن الأسعار؛ إذ أصدرت وزارة الصناعة والتجارة البحرينية قرارًا يلزم الشركات والتجار بالإعلان عن الأسعار بشكل واضح للمستهلك.
- رفع رواتب العاملين في القطاع العام؛ للحفاظ على مستوى جيد من المعيشة في ضوء ظاهرة التضخم، وللأخذ بنصيحة زيادة الإنفاق وتوزيع الثروة بين المواطنين.
- تعديل أسعار صرف العملات المحلية.. وبالفعل اتخذت بعض الدول الخليجية إجراءات فعلية في سبيل تحقيق ذلك، فالكويت فكت ارتباطها بالدولار في محاولة منها لرفع قيمة عملاتها بربطها بسلة من العملات من أجل مواجهة التضخم، الأمر الذي قد يدفع باقي دول الخليج لاتخاذ قرار مماثل.
وقد جاءت النصائح الدولية لدول المجلس في هذا الإطار لتصب في صالح الولايات المتحدة؛ إذ نصح صندوق النقد الدولي بعدم فك ربط عملاتها بالدولار، معتبرًا إياها سياسة لن تؤثر كثيرًا في الحد من التضخم، بل ربما تهدد الصورة السائدة عن عملات الخليج كعملات مستقرة، ويؤدي ذلك بلا شك إلى فقدان الثقة في ثباتها واستقرارها، مقترحًا مواصلة الإنفاق لتقليص فوائض ميزان المعاملات الجارية والحد من ارتفاعات التضخم، مما يصب في صالح تخفيف العجز المتفاقم في ميزان المعاملات الجارية الأمريكية الذي يهدد بدوره مدخرات المنطقة المقومة أساسًا بالدولار الأمريكي؛ إذ تستثمر الفوائض النفطية في الغالب في أذون الخزانة الأمريكية، وهو ما يعده البعض محاولة لمساندة سعر صرف الدولار في مواجهة العملات الأخرى حتى لا يشهد عمليات هبوط قد تؤدي إلى كارثة.
وتوقع الصندوق في هذا الشأن أن يرتفع إجمالي إنفاق وصافي إقراض حكومات الخليج إلى 30 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2007 بعد أن كان 28.6 % في 2006، مما سيساعد في خفض فوائض ميزان المعاملات الجارية بنحو 27 % ليصل إلى 129.3 مليار دولار في عام 2007 توازي نحو 17.2 % من إجمالي الناتج المحلي.
وفي حقيقة الأمر.. فإن الجهود الخليجية الحالية لمواجهة تحديات التضخم غير كافية، فالإنفاق بهذه الصورة يسهم في تنامي التضخم الذي ارتفع بشدة؛ إذ سينتج عن السياسات التوسعية الخليجية ما نطلق عليه "إعادة تصدير التضخم"؛ لأن معظم الاستثمارات توجهت إلى قطاعات غير إنتاجية مثل السياحة والعقارات والاتصالات وأسواق المال، في حين لن يتراجع التضخم، إلا من خلال تعديل السياسة الإنفاقية الخاصة بالإنفاق على الواردات وشراء أصول أجنبية وعلى العمالة الأجنبية التي لا تخلق تضخمًا محليًا.
وإذا كان البعض قد اعتبر أن قرار الكويت بفك الارتباط الدولاري للحد من التضخم يعزز التوقعات القائلة بعدم تمكن دول مجلس التعاون الخليجي من اعتماد عملة موحدة كما هو مقرر عام 2010، فإنه بشيء من المنطقية: ما الفائدة من خطوة اتخذت في سبيل إصدار عملة موحدة(الربط بالدولار)، ولكنها أضرت بباقي معايير إصدارها كمعيار معدل التضخم وسعر الفائدة المترتب عليه.. وهنا يمكن لباقي دول مجلس التعاون السير على نهج الكويت وتحرير سياسات أسعار الصرف والفائدة من روابطها التقليدية بأسعار الفائدة الأمريكية، لأنه قرار سيؤدي لرفع تدريجي في سعر صرف عملاتها.
وإذا كان هذا القرار - فك الارتباط - يصعب على الدول الخليجية اتخاذه في الفترة الحالية، فيمكنها التخفيف من حدة المضاربات على العملات، كوسيلة لرفع قيمة عملتها، عن طريق إعلان مفاجئ برفع تدريجي بطيء جدًا، مما يستبعد خلق نطاق تتذبذب فيه العملة، كما فعلت الصين بعملتها؛ لأن الارتفاع التدريجي يقتضي بالضرورة أن يكون السعر عند الحد الأعلى للنطاق دائمًا، ويشترط لنجاح هذه السياسة أن تكون الزيادة في قيمة العملة أقل من أسعار الفائدة العالمية خلال الفترة نفسها حتى يتم منع المضاربين من المضاربة على العملة، وهو ما ينعكس في النهاية على القيمة الحقيقية للعملة بشكل إيجابي من دون ضغوط؛ وهذا سيؤدي إلى تراجع مستوى التضخم من خلال تخفيض تكاليف التجارة الخارجية مع دول العالم الخارجي وسيخدم الشركات بشكل إيجابي في كثير من المشاريع، من خلال إجبارها على رفع قدرتها التنافسية، فضلاً عن أنه سيساعد في تعزيز استثمارات الشركات في ظل الفوارق في معدلات سعر الصرف، وهو ما يلقي بظلاله إيجابيًا على الاقتصاد الوطني.
وحتى يكلل هذا الموقف بالنجاح في خفض معدلات التضخم، سواء في أسبابه المحلية أو الخارجية، نجد أن من أبرز التحديات: الحفاظ على معدلات السيولة، وفتح قنوات استثمارية لاستيعابها، وأن تكون دول الخليج لاعبًا رئيسيًا في اقتصادياتها والمحرك الأول لها، للحد من الإفرازات السلبية للقطاع الخاص ومعادلة العرض والطلب، وهو ما يفرض ضرورة أن تكون اقتصاديات مصنعة وليست مستوردة، كما هي الحال الآن، وهذا يفرض عليها ضرورة تبني آليات لإدارة الوفرة النفطية بحيث تستطيع الحفاظ على ثروتها وتوظيفها بشكل أكثر فاعلية، فعلى الرغم من الفوائض النفطية فإن بنية الاقتصاد الخليجي بقيت كما هي، ولم تنتقل بعد إلى مصاف الدول النامية الآخذة بالتصنيع، وهو الأمر الذي من الممكن أن يغير طبيعة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها منطقة الخليج.
المصدر مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية​
 

مناوي الشعر

عضو نشط
التسجيل
5 مايو 2007
المشاركات
763
الله يعطيك العتافيه ويجعل الكويت بلد الخير دائما
ويجعلها بالمقدمه مع اول الدول بالتقدم
ويعطيك العافيه على الكتابه
اللي حاسه انها اخذت من وقتك الكثير
ويرحم والديك
اختك مناوي الشعر
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
شكرا على الموضوع
 

خبير النفط

عضو نشط
التسجيل
15 يناير 2007
المشاركات
4,638
الله كريم
 
أعلى