معيار التمويل بالمضاربة

التسجيل
13 أكتوبر 2006
المشاركات
272
معايير محاسبية : معيار التمويل بالمضاربة
أصدرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية عام 1996 معيار المحاسبة المالية "التمويل بالمضاربة" لوضع القواعد المحاسبية التي تحكم الإثبات والقياس والإفصاح عن عمليات المضاربة التي تجريها المؤسسات المالية الإسلامية.
يتناول هذا المعيار عمليات المضاربة التي يجريها المصرف بصفته ربّ المال والعمليات المتعلقة بالأموال التي يقدمها المصرف لاستخدامه في المضاربة سواء أكان رأس مال المضاربة من أموال المصرف الذاتية أم من أمواله التي خلطها بحسابات الاستثمار المطلقة أم من أموال حسابات الاستثمار المقيدة. كما يتناول المعيار معالجة حصة المصرف من أرباح المضاربة أو خسائرها.
٭ ٭ ٭
تعتبر المضاربة أساس العمل المصرفي الإسلامي، إلا أن عدم وجود معيار يقدم الضوابط السليمة اللازمة لتوفير معلومات موثوق بها عن تصرفات المضارب في أموال المضاربات لا يساعد على التأكد من سلامة استخدام الأموال التي يسلمها المصرف للمضارب. كما أن اختلاف طرائق قياس وإثبات عمليات التمويل بالمضاربة بين المؤسسات المالية الإسلامية واختلاف طرائق العرض والإفصاح يجعل من الصعب مقارنة أرباح مصرف بأرباح مصرف آخر، ومن هنا تقلّ فائدة المعلومات لمستخدمي القوائم المالية للمصارف، وقد تؤثر أيضاً على توزيع نتائج عمليات التمويل المشتركة من ربح أو خسارة بين أصحاب حسابات الاستثمار المطلقة وأصحاب حقوق الملكية من جهة، وتوزيع نتائج العمليات من ربح أو خسارة بين أصحاب حسابات الاستثمار المطلقة من جهة أخرى. وعليه، فقد جاء معيار التمويل بالمضاربة لسد هذه الثغرات الجلية التي تكتنف ضوابط التعامل.
أركان المضاربة
تقوم المضاربة على عدد من الأركان: العاقدان (رب المال والمضارب)، والصيغة (الإيجاب والقبول)، ورأس المال (المبلغ الذي يقدمه رب المال إلى المضارب للعمل به في نشاط المضاربة)، والربح (ما زاد عن رأس المال، وهو المقصود بالمضاربة)، والعمل (ما يقدمه المضارب مقابل رأس المال الذي يقدمه رب المال).
ومن الشروط الأساسية التي تحكم أركان المضاربة الخاصة بالصيغة أن يتحد مجلس الإيجاب والقبول، وأن تتم موافقة الإيجاب للقبول مع جواز التعاقد لفظاً أو كتابة أو بالمراسلة أو بوسائل الاتصالات الحديثة. أما شروط رأس المال فينص على أن يكون معلوماً قدراً وصفة، وأن يكون نقداً أو عروضاً (موجودات) تثبت قيمتها عند التعاقد أو تكلفتها التاريخية رأس مال للمضاربة. كما يجب أن يكون رأس المال عيناً حاضرة لا ديناً في الذمة وأن يسلم إلى المضارب بنقل الحيازة إلى المضارب أو تمكينه من التصرف.
أما الربح فيشترط فيه أن يكون مشتركاً بين الطرفين فلا يختص به أحدهما دون الآخر، وأن تكون حصة كل من الطرفين فيه معلومة عند التعاقد بنسبة شائعة منه، مع جواز تعديل نسبة توزيع الربح بعد ذلك. كما يتحمل رب المال كل الخسائر الناتجة عن المضاربة ولا يحمل المضارب شيئاً منه إلا في حال التقصير والتعدي.
ويكون العمل من اختصاص المضارب دون تدخل من رب المال (يجيز الحنابلة مشاركة رب المال في العمل) ولا يجوز أن يضيق رب المال على المضارب في التصرف بما ينافي مقصود المضاربة وهو الربح.

تصرفات المضارب
يعرض المعيار الأحكام الخاصة بالمضاربة، فلا يجيز تحميل المضارب مسؤولية رد رأس المال إلى رب المال في كل الأحوال. ذلك أن يد المضارب على رأس المال يد أمانة، ولا يضمن الأمين المال إلا في حال التعدي والتقصير. في حين يجوز طلب ضمانات “خيانة الأمانة” من المضارب، وضمان الطرف الثالث بشروط خاصة. ويتناول المعيار في أحكام المضاربة حدود تصرفات المضارب في مال المضاربة، إذ يحددها في ثلاث فئات:
أ- الأعمال الرئيسة والتابعة للنشاط، ويملكها بمطلق العقد.
ب- أعمال لا تتصل بالنشاط الأساسي ولكنها تساعد على الاستثمار مثل خلط مال المضاربة بماله، وهي أعمال يملكها بالتفويض العام.
ج- الأعمال التي لا تؤدي إلى تنمية المال أو تلك التي تحمل رب المال بالتزامات جديدة مثل الاستدانة على مال المضاربة، وهذه الأعمال لا يملكها إلا بالأذن الصريح من رب المال.
أما عمل رب المال في المضاربة فيتوقف على نطاقه، فالأعمال الخاصة باتخاذ القرارات كالبيع والشراء لا يجوز اشتراطها في العقد، ويجوز القيام بها بدون اشتراط لدى بعض الفقهاء، في حين لا يجيزها البعض الآخر لضرورة اختصاص المضارب بالعمل وحده. ويجيز بعض الفقهاء استئجار خدمات من رب المال مقابل أجر مثل خدمات النقل والتخزين. أما تصرف رب المال مع المضارب في مال المضاربة بيعاً وشراء فهو أيضاً جائز لدى بعض الفقهاء. وتجوز أعمال الرقابة الميدانية والمكتبية على مال المضاربة بلا خلاف.
ويورد المعيار أحكام الربح في المضاربة، فينص على استحقاق الربح بالظهور ويملك بالتنضيض أو التقويم ولا يلزم إلا بالقسمة. ويشترط لقسمة الربح ظهوره والاتفاق على القسمة ورد رأس المال إلى رب المال، ويجيز جمهور الفقهاء قسمة الربح دون رد رأس المال ? في حال المضاربة المستمرة.
أما الخسارة فيتحملها رب المال وحده ولا يحمل المضارب بشيء منها إن لم تكن ناتجة عن تعديه أو تقصيره، وتجبر الخسارة النهائية الصافية بعد تصفية المضاربة من رأس مال المضاربة، ويرد المضارب ما بقي إلى رب المال. أما الخسارة الدورية التي تظهر في حالة المضاربة المستمرة فتسوى من الأرباح غير الموزعة إن وجدت. وإذا لم يسبق الخسائر ظهور ربح، فلا تسوى وتظل ظاهرة إلى أن تتحقق أرباح من المضاربة فتقابل بها. ويعالج هلاك رأس مال المضاربة قبل بدء النشاط أو بعده كخسارة على رب المال، إذا لم يكن ناتجاً عن تعدي أو تقصير المضارب. إن فساد المضاربة بفوات أحد شروطها يحول المال في يد المضارب إلى أمانة، وينقلب المضارب إلى أجير. أما انتهاء المضاربة فيتم بالاتفاق بين الطرفين أو لأسباب قهرية كهلاك رأس المال أو وفاة أحد الطرفين. وفي هذه الحالات يجب على المضارب رد رأس المال إلى رب المال، وإلا تحول المبلغ من مضاربة إلى دين في ذمته. أما انتهاء المضاربة وبقاء بعض المال أو كله على شكل بضاعة لم تبع بعد فيمكن للطرفين الاتفاق على بيعها حالاً أو قسمتها أو بيعها إلى أحد الطرفين وإعطاء الطرف البائع حقه نقداً.

المعالجة المحاسبية
يشرع نص المعيار بعرض المعالجة المحاسبية لعمليات التمويل بالمضاربة، فينص على أن إثبات رأس مال المضاربة عند التعاقد يتم عند تسليم رأس المال (نقداً أو عيناً) إلى المضارب ووضعه تحت تصرفه. أما إذا اتفق على تسليم رأس مال المضاربة على دفعات فيثبت كل مبلغ عند دفعه. وفي حال تعليق المضاربة على حدث مستقبلي أو إضافته إلى وقت لاحق ولم يتم تسليم رأس مال المضاربة حتى وقوع الحدث أو مجيء الوقت فلا يثبت رأس مال المضاربة إلا عند تسليمه للمضارب. وتظهر عمليات التمويل بالمضاربة في قوائم المؤسسة المالية تحت بند “التمويل بالمضاربات”، وتفرد المضاربة بموجودات خاصة بها ترد تحت بند “موجودات للاستغلال بالمضاربة”. ويقاس رأس مال المضاربة عند التعاقد إذا قدمه المصرف نقداً بالمبلغ المدفوع أو الموضوع تحت تصرف المضارب. أما إذا قدمه عيناً (كعروض) فيقاس بالقيمة العادلة للعين، وهي القيمة التي يتفق عليها المصرف والعميل. وإذا أظهر تقويم العين فرقاً بين القيمة العادلة والقيمة الدفترية فإن المؤسسة تعامل ذلك كربح لها أو خسارة عليها. وينص المعيار على أن المصروفات التعاقدية التي تقع على أحد طرفي المضاربة أو كليهما لا تعتبر من رأس مال المضاربة، إلا إذا اتفق الطرفان على ذلك.
أما بعد التعاقد فيقاس رأس مال المضاربة في نهاية الفترة المالية كما تقدم ويحسم من هذه القيمة ما استرده المصرف من رأس مال المضاربة إن وجد. وإذا هلك رأس مال المضاربة بدون تعدٍّ ولا تقصير من المضارب قبل مباشرة المضاربة فيخفض رأس مال المضاربة ويتحمل المصرف النقص كخسارة. أما هلاك رأس المال بعد بدء المضاربة فلا يؤثر على قياسه. وتنتهي المضاربة إذا هلك رأس مال المضاربة كله بدون تعد ولا تقصير من المضارب، ويتم تسوية الحساب الخاص بها، أما الإهلاك فيقاس كخسارة على المصرف. وإذا انتهت المضاربة أو صفّيت ولم يتم تسليم رأس مال المضاربة إلى المصرف بعد التحاسب التام، فيثبت رأس مال المضاربة ذمة على المضارب بعد أخذ الأرباح والخسائر بعين الاعتبار.

نصيب المصرف
كما يعالج المعيار إثبات نصيب المصرف في أرباح المضاربة أو خسائرها، حيث ينص على أن يثبت بعد التصفية نصيب المصرف من هذه الأرباح أو الخسائر في عمليات التمويل بالمضاربة التي تنشأ وتنتهي خلال فترة مالية واحدة. أما العمليات التي تشمل أكثر من فترة مالية واحدة فيثبت نصيب المصرف من الأرباح عند تحققها بالتحاسب التام عليها أو على جزء منها بين المصرف والمضارب في الفترة المالية التي حدثت فيها وفي حدود الأرباح التي توزع. ويثبت نصيب المصرف في الخسائر لفترة مالية في دفاتر المصرف لتلك الفترة وذلك في حدود الخسائر التي يخفض بها رأس مال المضارب. وإذا لم يسلم المضارب إلى المصرف نصيبه من الأرباح بعد تصفية المرابحة والتحاسب التام عليها فيثبت مبلغ الأرباح ذمة على المضارب. وتثبت خسائر التصفية إن وجدت بتخفيض رأس مال المضاربة. أما إذا كان مصدر الخسائر تعدي المضارب أو تقصيره، فإن المضارب يتحملها وتثبت ذمة عليه.
ويوجب المعيار الإفصاح في الإيضاحات حول القوائم المالية للفترة المالية عما إذا كان المصرف قد كون مخصص انخفاض قيمة موجودات المضاربة في تلك الفترة أم لا.
 
أعلى