مثال حي لحدى طرق الثراءالفاحش بالكويت
عبدالله النيباري والتشريع للمصالح الشخصية بالمخالفة للدستور والحقائق الدامغة
من يقرأ بتفحص دقيق وامعان تام, المضبطة البرلمانية رقم 628/1993 والصفحات من المضبطة البرلمانية رقم 629/1993 المخصصتين للمناقشة موضوع المديونيات الصعبة والتصويت عليه, بما ألحق من خسائر فلكية واسطورية بالمال العام المحرم المملوك لشعب الكويت الضحية تصل الى خمسة بلايين وستمائة مليون (5600 مليون دينار كويتي) ويستحضر اسماء ومواقف النواب الحاضرين واسماء ومواقف الوزراء الحاضرين لجلسة يوم الاربعاء الموافق 25/8/1993 ولجلسة يوم الثلاثاء الموافق 31/8/1993 والمشاركين بالنقاش وبالتصويت والمصوتين بالموافقة وبالامتناع وبعدم الموافقة مع الاخذ بعين الاعتبار اسماء النواب الغائبين والوزراء الغائبين عن المشاركة وعدم حضور هاتين الجلستين وربط كل ذلك بادارة ورئاسة الرئيس السابق احمد السعدون لهاتين الجلستين بشكل مريب وغريب وغير مسبوق بالمخالفة للدستور وللقانون لاسباب في نفسه, ستظهر في الوقت المناسب وفي المكان المناسب, يكتشف بالحتم الحاتم الحقائق الدامغة التي يقف لها شعر الرأس وتقشعر لها الأبدان ويشيب لهولها الولدان منها ان شعار حماية المال العام ورفعه من قبل البعض من الساسة هو شعار اجوف زائف ووهم وتخدير وسراب ولا يراد به سوى الضحك على الناس وخداعهم والكذب عليهم وسرعان ما يسقط عند اول امتحان لهؤلاء الساسة عندما تتعارض مصالحهم الشخصية مع هذه الشعارات البراقة.
ولكن الحق دوماً وأبداً احق ان يتبع ومما يؤسف له غاية الأسف ويثير الحزن والأسى بشكل كبير ان موضوع المال العام المحرم المملوك لشعب الكويت الضحية وحمايته والذود عنه الذي اتخذه بعض الساسة شعاراً سياسياً لهم قد سقط سقوطاً ذريعاً وفشل فشلاً سافراً في يوم الاربعاء الموافق 25/8/1993 وفي يوم الثلاثاء الموافق 31/8/1993 بدلالة المضابط البرلمانية التي تصدق دوماً من الناحية الشخصية والموضوعية.
ومن جانب وكما سائد ومعروف في الحياة السياسية الكويتية ان من بين ابرز من يرفعون شعار حماية المال العام في اطروحاته ومداخلاته ومحاضراته كما يقول عن نفسه ويقول عنه انصاره في التجمع السياسي الجامع لهم الاستاذ المحترم النائب السابق السيد عبدالله النيباري مع الأخذ بعين الاعتبار سجله النيابي وتاريخه السياسي ومواقفه الموضوعية الأخرى في المسائل الاخرى التي تحسب له, ولكن مع التحفظ في موضوع المديونيات الصعبة.
غير ان من جانب آخر, وكما هو معروف وسائد ايضاً بالمضابط البرلمانية ان النائب السابق عبدالله النيباري انتخب من الناخبين في الدائرة الثانية, وصار مشرعاً في الفصل التشريعي السابع (1992-1996) وأقسم بهذه الصفة التشريعية القسم الدستوري الآتي نصه في المادة (91) من الدستور: »قبل ان يتولى عضو مجلس الامة أعماله في المجلس او لجانه يؤدي أمام المجلس في جلسة علنية اليمين الآتية«: (اقسم بالله العظيم ان أكون مخلصاً للوطن وللأمير, وأن احترم الدستور وقوانين الدولة, وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأودي أعمالي بالأمانة والصدق).
ويعلم النائب السابق المخضرم والمشرع المتمرس عبدالله النيباري تمام العلم ان المادة (17) للدستور تقضي بما يلي: »للأموال العامة حرمة, وحمايتها واجب على كل مواطن«. ولكن من جانب ثالث هل التزم النائب السابق عبدالله النيباري وهو في مركز المشرع المدين بمديونية لبنك برقان عند مناقشة قانون المديونيات الصعبة والتصويت عليه في يومي الاربعاء الموافق 25/8/1993 ويوم الثلاثاء الموافق 13/8/1993 بالمادة (17) وبالمادة (91) من الدستور ام خالفاهما عند حانت ساعة تعارض المصالح الشخصية وضرب بكل الشعارات التي ينادي بها في خصوصية المال العام عرض الحائط وضعف امام سطوة المال?
ومن واقع مضبطتي مجلس الأمة برقم 628 و629 بعد دراستها وتحليلها تثور بشأن موقف النائب السابق عبدالله النيباري كمشرع مدين بصدد الاجابة عن التساؤل السابق الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: ان النائب السابق عبدالله النيباري هو مشرع مدين لمديونية برقان ويقال ان حجم المديونية التي تخصه كما يشاع لا يتجاوز المليون دينار حضر وشارك وصوت في قانون المديونيات الصعبة ولم يغب عن جلسات مجلس الأمة عند مناقشة الموضوع.
الحقيقة الثانية: ان النائب السابق عبدالله النيباري وهو مشرع مدين استفاد من الأموال العامة المحمية بالدستور والمحمية بالقانون وفق شعاراته السياسية بتخفيض مديونية لبنك برقان ولكن يبقى السؤال قائماً كم هي نسبة خسارة الأموال العامة التي نجمت عن تسوية مديونيته وفق مجموع مديونيته ونسبتها وشريحتها?
الحقيقة الثالثة: ان النائب السابق عبدالله النيباري وهو مشرع مدين كان قد صوت في الابتداء على قانون المديونيات في الامتناع في المداولة الاولى ثم غير تصويته الى الموافقة لأكثر من مرة في المداولة الثانية كما هو ثابت في المضبطة البرلمانية رقم 629 (بالامتناع) في ص /444 و477 و(بالموافقة) في ص/478 وص/480 وص/485 .
الحقيقة الرابعة: ان النائب السابق عبدالله النيباري وهو مشرع مدين قد شرع لمصالحه الشخصية في موضوع المديونيات الصعبة بما يدفع مشاركته بالبطلان وذلك لتعارض المصالح ويبقى السؤال قائما: لماذا لم يغب عن هذه الجلسات ولماذا حرص على حضور كل الجلسات في اللجنة المختصة واللجنة الفرعية وهو ليس عضوا فيه?
اهم النتائج:
نتيجة اولى: ان موضوع المديونيات وقانوني المديونيات امتحان كبير وعسير لم ينجح فيه الكثيرون من المشرعين المدينين الذين ضعفت مواقفهم امام سطوة المال وتغوله وهشاشة المقاومة وضعفها عند حضور المصالح الشخصية الخاصة, فانهارت عزائمهم ومواقفهم امام هذا الامتحان الكبير العسير كما ينهار السد المنيع امام السيل الجارف, الا من رحم ربي.
فكثير من الناس, من يأمرون الناس بالبر والتقوى وينسون انفسهم من البر والتقوى من بينهم ومن اظهرهم العضو المشرع المدين عبدالله النيباري وغيره من النواب المدينين والوزراء المدينين في موضوع المديونيات وغيره.
نتيجة ثانية:; وما يسري وما سرى على العضو المشرع المدين عبدالله محمد النيباري كمثال بارز من واقع مضبطتي جلسات مجلس الامة الخاصتين بقانوني المديونيات, سرى ويسري على الكثير من المشرعين المنتخبين المدينين والمشرعين المعينين المدينين, ولكن بعضهم معروف ومعلوم وبعضهم مجهول ومنكور ولكنهم, جميعا, شاركوا في قانون المديونيات وصوتوا عليه بالموافقة الاسم بشكل مخالف للدستور وللقانون لانهم مشرعون مدينون شرعوا وشاركوا وصوتوا على قانون المديونيات واستفادوا من احكامه بتخفيض المديونية وتقسيطها على اقساط دورية مريحة بغرم كبير لا يتصور وخسارة فادحة لاتعوض على الاموال العامة ولكنهم معروفون جميعا ومعلومون جميعا بالنسبة لبنك الكويت المركزي من واقع سجلاته, وهنا ستكون المفاجأة الكبرى بان الكثير ممن صوتوا بالموافقة هم من المشرعين الاعضاء المنتخبين او من المشرعين الوزراء المعينين المدينين وما خفي وسيعلم ان شاء الله, كان اعظم بالنسبة لعدد المشرعين المنتخبين المدينين والوزراء المشرعين المعينين المصوتين على قانون المديونيات الحالي في يوم الثلاثاء الموافق 31/8/1993 .
النتيجة الثالثة: من الراجع ان رئيس الجلسة احمد السعدون قد علم بمديونية النائب السابق عبدالله النيباري ومع ذلك سمح له بالمشاركة بالتصويت لاسيما بعد تنبيه النائب الفاضل عبدالعزيز العدساني له بوجود نواب مدينين وبوجوب عدم مشاركتهم في جلسة يوم الاربعاء الموافق 25/8/1993 المضبطة البرلمانية رقم 628/52 وما بعدها.
اضاءة اولى كبيرة للغاية: فمهما تكن عند امرئ من خليقة وامر خفي فانها لابد ان تعلم, ان عاجلا او اجلا, وان تخيل انها تخفى على الناس لفترة من الوقت طال ام قصر.
اضاءة ثانية كبيرة للغاية: غاب الكثيرون من النواب وبعض الوزراء وغيرهم لاسباب خاصة فيهم عن جلستي المديونيات الصعبة منهم على سبيل المثال الدكتور المحترم والنائب السابق احمد الخطيب اطال الله في عمره المديد ونتنمى على النائب السابق عبدالله النيباري ان يسأل الدكتور احمد الخطيب خصوصا انه رفيقه في درب كفاح سياسي طويل وانه اي الدكتور احمد الخطيب وبصدق القول وامانة العمل من رافعي شعار حماية المال العام فلماذا اختلف موقف النائب السابق عبدالله النيباري عن موقف الدكتور احمد الخطيب في قضية واحدة وهي قضية المال العام وخسارتها الفلكية في قانون المديونيات الصعبة وحضر النائب السابق عبدالله النيباري جلستي المديونيات في حين ان الدكتور احمد الخطيب قد غاب عنهما فهل وراء الاكمة ما وراءها لاسيما عند حضور المصالح الشخصية الخاصة?
اضاءة ثالثة كبيرة للغاية: نتمنى على الدكتور المحترم والنائب السابق احمد الخطيب ان يجيب عن اسباب غيابه الشخصي عن جلستي المديونيات الصعبة في يوم الاربعاء الموافق 25/8/1993 وفي يوم الثلاثاء الموافق 31/8/1993 كما هو ثابت في المضابط البرلمانية كما نتمنى عليه ان يقول رأيه الشخصي والسياسي والموضوعي في مشاركة رفيق كفاحه السياسي النائب السابق عبدالله النيباري في موضوع المديونيات الصعبة الذي الحق الخسائر الفلكية والاسطورية بالمال العام المحرم المملوك للشعب الكويتي الضحية تصل الى البلايين ومئات الملايين من الدنانير خصوصا ان حماية المال العام من مبادئ تجمعهما السياسي?
اضاءة رابعة كبيرة للغاية: يقول الامام علي عليه السلام »اذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم«.
* عضو مجلس الشورى الخليجي ونائب سابق في مجلس الأمة
بقلم: د. يعقوب محمد حياتي *