لماذا سكت نواب التأزيم عن صفقة المصفاة والداو في عهد الفهد؟
* 3,5 مليار دولار تضيع على الكويت في حال إلغاء المشروع
****
كتب المحلل السياسي:
****
قد يعتقد البعض أننا سألوم الحكومة على تفريطها بأموال أجيالنا القادمة عبر اختيارها لمشاريع تكلم الكل عنها ووصفها بأن عبارة عن مشاريع تحوم حولها شبهات التنفيع ، وقد يعتقد البعض بأنني سأطالب الحكومة بالتراجع عن هذه المشاريع وأن لا تضيع إحتياطياتنا المالية هباءاا منثورا .
ولكل من يظن هذا الظن فإنني هنا أقول له أنك مخطئ ولم تقرأ العنوان بالشكل الصحيح !
نعم رفقا باقتصادنا يا حكومة ورفقا بأموالنا يا حكومة ، فلقد أقدمت على خوض غمار التنمية وتوقيع المشاريع وأقبلت عليها بل ووقعتها وبعد كل توقيع نراك تتراجعين وتحيلين المشاريع لديوان المحاسبة وللفتوى والتشريع !
ولن أشكك بالجهازيين الحكوميين ولكن يكفي أن أوضح اليوم بعض الحقائق الذي يحاول بعض المشككين بهذه المشاريع بجدواها ومدى فائدتها على الكويت ومستقبل أبنائها وما هو الطائل المادي الذي سيعود علينا من خلال عقدها ، عكس ما سيتم دفعه وخسارته في حال تراجعنا عن مثل هذه المشاريع .
فالحكومة الكويتية ممثلة في وزارة النفط قد أبرمت عقود صفقات مشروعين ضخمين يعتبران من أكبر العقود العالمية والتي من المفترض أن يعودا للإقتصاد الكويتي وخزائنه بالكثير من الأموال والخيرات ، وأن التراجع عنهما سيسببان خسائر فادحة للكويت والإقتصاد الكويتي قد يصل إلى أن ننام ونصحوا لا نجد من يدفع لنا حقا رواتبنا !
لذا دعونا الآن نبين حقيقة المشروعين المشبوهين ، كما سماهما بعض النواب ، ونرى هل حقا المشروعان مشبوهان أم أن النواب المشككين هم المشبوهين ؟
المصفاة الرابعة قرار قديم
اتخذت حكومة دولة الكويت متمثلة بوزارة النفط قرارا يقضي بإنشاء المصفاة الرابعة ، وكان هذا القرار اتخذ عام 2003 وتم عمل الدراسات والإستشارات اللازمة لهذا المشروع والتي انتهت إلى توقيع عدة عقود منها:
عقد الإستشاري : وهي شركة فلور والذي وقع بشهر ديسمبر عام 2004 بقيمة إجمالية للعقد تبلغ 140 مليون دولار .
عقد المفاعلات الخاصة بالمصفاة الرابعة : تم توقيع العقود الخاصة بالمفاعلات وعددها 36 مفاعل عام 2005 بتكلفة إجمالية تقدر ب 600 مليون دولار ، هذا بالإضافة إلى الأوعية .
كل هذه المصروفات بالإضافة إلى مصاريف دراسات الجدوى والإستشارات التي كلفت خزينة الدولة أيضا مئات الملايين من الدولارات .
وبحسبة مبسطة نجد أن الدولة قد صرفت على مشروع المصفاة الرابعة ولغاية عام 2005 فقط مبلغ مليار دولار تقريبا .
الدولة تدفع مليار دولار في عهد أحد وزراء النفط السابقين من أبناء الأسرة ولم يتكلم من نواب الأمة " الشرفاء " آنذاك ، واليوم يطالبون بإحالة المشروع لديوان المحاسبة !
يقول الوزير السابق ذاته بأنه يسعى لاستقرار سعر برميل النفط بين 28 - 30 $ ولم تكن يومها المصفاة غير ذات جدوى اقتصادية .
مليار دولار دفعت ولم يقل يومها أحد أن هذا المشروع غير ذي جدوى اقتصادية !
والحقيقة المرة للأسف هو تصريح وزير النفط السابق ذاته ، وبعد توقيع العقدين وما قاله حرفيا ونشر في الصحف ونقتبسه اليوم لكم ونضعه بين أيديكم لنعرف هل المصفاة الرابعة ذات جدوى اقتصادية أم لا على أسعار النفط الحالية التي تناهز ال 40 دولار .
حتى ديوان المحاسبة عندما قال بأن مشروع المصفاة غير ذي جدوى اقتصادية ولم يبن لنا هل كانت جدوى المصفاة الإقتصادية مجدية عندما كان سعر برميل النفط قبل سنوات 3 تبلغ قيمته 30 دولار ؟
واليوم عندما أصبح سعر برميل النفط 40 دولار أصبحت المصفاة غير ذي جدوى اقتصادية ؟
ولنقرأ ما قاله الوزير السابق أحمد الفهد في تصريح له بتاريخ 2/3/2005 " ان التجربة الماضية للكويت تجعلنا نبحث عن اسعار ما بين 28 الى 35 دولارا، وهو رأي دولة الكويت وليس رأي اوبك وسينظر في هذا الموضوع خلال اجتماع اصفهان المقبل."
علما بأن سعر برميل النفط في ذلك اليوم كان وحسب ما جاء في " كونا - قالت مصادر نفطية ان موشر سعر نفط الخام الكويتي اليومي حقق اعلى مستوى له منذ اعوام طويلة ووصل الى 35.40 دولارا للبرميل مرجعة السبب الرئيسي الى قوة السوق النفطية ومتانته."
إما نائمون أو خائفون
فلكم أن تتخيلوا يا سادة الصمت الرهيب من قبل متباكين اليوم على المال العام والمتباكين على الهدر والتلاعب بأموال أجيالنا وأين كانوا هم عند هدر المليار الأول في موضوعنا اليوم ؟
أين كانوا عندما كان وزراء أبناء الأسرة هم من يقودون دفة المفاوضات وإبرام العقود مع الشركات لإنشاء هذه المصفاة ؟
الأكيد يا أيها السادة إنهم كانوا في سبات عميق لا تهمهم مصلحة الكويت ولا أموال شعبها إن كانت هذه الصفقة تحوم حولها الشبهات والتنفيع، لأنه باختصار هذه الصفقة لم تكن وليدة اليوم ولا الأمس بل كانت عبارة عن مفاوضات استمرت سنوات طويلة تصل إلى ما يقارب الخمس سنوات !
فهل نقول نوما هنيئا يا نوابنا الكرام ؟!
أم نقول خوف وذلة وسكوت كريم ؟!
هذا بالنسبة للمصفاة الرابعة.
الكويت تدفع الشرط الجزائي
أما بالنسبة لمشروع داو كيميكال فلا تختلف الصورة عن سابقتها ولكنها للأسف مأساويتها أكثر لأن خسارتها أكبر وهذي هي الحقيقة المرة !
نعم خسارتها أكبر ليس فقط لأننا سندفع الشرط الجزائي في حال التراجع ولكن خسارتها أكبر كون أن أرباحها المضمونه هي التي ستعد خسارة فادحة للإقتصاد الكويتي .
فلا يعتقد البعض بأن مفاوضات الداو كميكال قد بأت منذ عام عندما تسلم الوزير الحالي الوزارة ، فمن يظن ذلك فهو مخطئ لأن المفاوضات بدأت منذ عام 2005 وتحديدا عند وضع حجر الأساس وتوقيع مذكرة التفاهم بين شركة البترول الوطنية وبين الداو كميكال الشريك الرئيس لشركة إيكويت الكويتية المملوكة بالكامل لشركة البترول الوطنية الكويتية وكان ذلك بتاريخ 1/3/2005 حينما قال الوزير السابق ذاته" ان التجربة الناجحة لمشروع ايكويت اثبتت خطأ المناقشات التي دارت حوله قبل البدء فيه لدرجة انه وصف بالمشروع الفاشل، خصوصا ان المعترضين عليه استندوا في تصوراتهم إلى التدرج البياني للارباح، مشيرا الى ان جرأة القطاع النفطي واصراره على البدء في هذا المشروع وسط الدعم السياسي الحكومي له اثمرا عن هذه النتائج الايجابية.
واضاف: هذا النجاح كان سببا في الدخول مع داوكيمكال في شراكة استراتيجية، وهو السبب المباشر وراء الدخول في عمليات التوسعة عبر المشاريع الجديدة التي ستساعد في الارتقاء بمستوى العامل الكويتي، وهو ما نعتبره احد اهم الفوائد من هذه المشاريع الحيوية."
وهنا يذكر الوزير السابق ذاته بأن منتقدي المشروع والذين وصفوه بالفاشل ثبت خطأهم ، واليوم وبعد السنوات الثلاث نرى أن هذا المشروع أيضا يهاجم ولكن بطريقة مختلفة تماما .
النواب وتزييف الحقائق
بدأ البعض تزييف الحقائق فقالوا أولا بأن المبلغ الذي ستدفعه الكويت هو 9 مليار ومن ثم تراجعوا وقالوا 7,5 مليار ، ومن ثم قالوا الشرط الجزائي للتراجع عن الصفقة التي وقعت هو دفع غرامة 2,5 مليار ومن ثم تراجعوا كما جرى بالأمس وسموا تراجعهم بالمفاجأة بأنه إن لم توافق الحكومة على المشروع يلقى الإتفاق دون أي غرامات .
قد يعتقد البعض بأن هذا التراجع وذكرهم للحقائق بعدم دفع 2,5 مليار الشرط الجزائي الذي ذكروه هو تنويه أو تصحيح للمعلومة ، فمن يعتقد ذلك فهو واهم جدا !
لأنه ببساطة عندما أعلنوا عن وجود شرط جزائي بهذه القيمة كانوا يعتقدون بأنهم سيحرجون الحكومة وستدخل في مواجهه مع الشارع الذي سيطالبها بإلغاء الصفقة ، ولكن الحقيقة المرة التي أصابتهم هي مطالبة الشارع لهم بعدم إلغاء الصفقة طالما أننا سندفع مثل هذا المبلغ !
لذا فالأسلم والأوفر تكملة المشروع وعدم التراجع عنه ، وهو ما حدى بالمتربصين بتغيير ما قالوه وما زوروه وإبرازهم لصورة من العقد تبرز لأول مرة " ولم تبرز عند ذكر الشرط الجزائي " لأنهم يريدون إقناع الشارع بأنه لا يوجد شرط جزائي في حال الإلغاء !
وهذه الحادثة حقيقة هي وحدها كافية للوصول لحقيقة ما يرمي له البعض وما يريدون أن تصار عليه الأمور مستقبلا ، لأنهم لم يتطرقوا أبدا في مناقشة أي من الجوانب الإيجابية ومردوداتها على الكويت أبدا بل أنهم أدخلوا الكويتيين في دوامة من التشكيك والتوهان والإيهام بأن الحكومة هي عبار عن مجموعة من السراق الذين يريدون سرقة أموال البلد كاملة عبر هذه الصفقة .
وكذلك ومع عدم تطرقهم للجوانب الإيجابية للصفقة رغم كثرها وفوائدها على الإقتصاد الكويتي ،أثبت المتطرقون لهذا المشروع جلهم الفعلي عندما ربطوا بخسارة المشروع القادمة وعللوها وربطوها بانخفاظ أسعار النفط ، وهم فعلا أظهروا هنا جهلا كاملا بالمشروع وذلك لعدم علمهم بأنه كلما ارتفعت اسعار النفط قلت أرباح البتروكيماويات لإرتباطهما المضطرد ببعض كون أن المواد الأساسية التي تصنع منها صناعات البتروكيماويات هي المشتقات النفطية .
أي أنهم يشترون النفط لصناعة موادهم ، وهنا يتبين لنا بأنه كلما زاد سعر النفط كلما قلت الأرباح ، وكلما انخفض سعر النفط زادت الأرباح !
الجوانب الإيجابية للمشروع
أما الجوانب الإيجابية التي تجاهلوها فهي أرباح شركة الداو كيميكال في العام الماضي ، فقد تم تجاهل تحقيق ربح في الربعين الأول والثاني تقدر بملياري دولار بمعدل مليار دولار لكل ربع من السنة .
كما تجاهلوا حقيقة كونها ستصبح أكبر شركة في العالم بعد سيطرتها على 174 مصنعا منتشرين حول العالم وفي جميع قارات ودول العالم مما سيضع الكويت في مصاف الريادة الدولية الأولى في العالم في صناعة البتروكيماويات .
كما أنهم تجاهلوا العوائد المربحة التي ستدر على الدولة كمصدر ربح ثاني غير مصدر النفط مما يعدد مصادر الدخل .
كل هذه الحقائق تجاهلوها وأثاروا فقط مبلغ الصفقة وكيفية تمويل الصفقة وسطروا القصص والروايات عبر تسييل المال من بيع بعض المشاريع بخسارة حددوها هم بمبلغ 1,5 مليار دولار وكأنهم يريدون إيصال رسالة للكويتيين بأن الدولة لا يوجد بها سيولة لتغطية المشروع !!!
فهل حقا الكويت لا يوجد بها سيولة كما تدعون ؟
فكيف إذا تقولون أن الدولة تلعب بالكاش وتدفعها للشركة ومن ثم تناقضون كلامكم وتقولون أن رئيس الوزراء أمر ببيع بعض المشاريع لتوفير السيولة ؟
لماذا يتم محاربة مشروع الداو؟
هذا هو حقيقة تناقضهم يا سادة وهذه هي حقيقة المشاريع التي يراد إيقافها وعدم المضي بها ، وعليكم فقط معرفة حقيقة الأمر الكامل قبل أن تقرروا صحة تباكيهم على المال العام وحرقتهم عليه وذلك عبر قراءة الخبر الذي بثته رويترز والذي يقول " ذكرت تقارير صحافية أمس أن مجموعة مستثمرين من الإمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان والولايات المتحدة يجهزون عرضاً قيمته 50 مليار دولار لشراء "داو كيميكال" الأميركية فيما قد تصبح أكبر صفقة شراء ممولة بقروض في العالم كما اوردت وكالة "رويترز".
نعم هناك مستثمرين من الكويت وباقي دول الخليج سيدفعون 50 مليار دولار لداو كميكال لشرائها ومأجوريهم من الكتاب والمطبلين لهم استكثروا على الكويت شراء 50% من أصول داو كيميكال بمبلغ 7,5 مليار دولار .
خلاصة وحقائق لا بد من معرفتها
حاولنا أن نبين لكم حقيقة ما يدور في الكويت من تعطيل للتنمية وإيقاف للمشاريع الكويتية التي ستؤمن لنا مستقبلا مشرقا ولأجيالنا القادمة ، ولكن هناك البعض ممن يحاول أن يستأثر بهذه الخيرات لجيبه وأجياله هو القادمة لذا فهو يحارب وسيظل يحارب إلى أن ينال مراده أو يستخدم مصطلح علي وعلى أعدائي ، نعم نحن أعدائه الذين نسرق منه قوت أولاده وأجياله فهو أحق بهذه المشاريع للطمأنه على مستقبل أجياله القادمة وعددهم 50 أما أجيال الكويت الملايين فليسوا من اهتماماته !
ولكن تذكروا فقط بأن مشروع المصفاة الرابعة الذي سيمكن الكويت من زيادة انتاجها النفطي 415 ألف برميل على سعر دوني هو 30 $ للبرميل وسيدخل لخزينة الدولة يوميا مبلغ 12,450,000 مليون دولار
وسيدخل لها في شهر 373,500,000 مليون دولار
وسيدخل لخزائن الدولة 4,482,000,000 مليار دولار في سنة واحدة فقط
وأن مشروع شراكة الدو كيميكال سيدر على الكويت أرباحا سنوية تقارب ال 2 مليار دولار .
وبعدها يأتي البعض ليقول لنا بأن مبلغ ال 6,5 تقريبا المحقق في سنة واحدة غير ذي جدوى لأن الدولة دفعت في المشروعين 20 مليار دولار !
قرائنا الكرام
قد نكون أطلنا عليكم اليوم بالشرح والتفصيل لأن هناك البعض من يحاول أن يخفي الحقيقة الكاملة عن الرأي العام ويحاول تغييبها وتزييفها ، لذا كان لزاما علينا أن نبينها عبر هذا السرد علّنا نكون قد بينا الحقيقة وأزلنا الغشاوة التي وضعها البعض على أعين الرأي العام .
تاريخ النشر : الجمعة 19 ديسمبر 2008 01:57