التجاري يمرر الصفقة للوطني في عمومية بوبيان
يوسف لازم
استمر أمس الملف الشائك حول بنك بوبيان في السيطرة على الأحداث، إذ علمت «أوان» تفاصيل جديدة عن الملف، بعد صدور الحكم أول من أمس لصالح شركة دار الاستثمار في الدعوى المرفوعة منها ضد البنك التجاري، على خلفية حصة 19 في المئة في بوبيان المتنازع عليها بين الشركة والبنك التجاري.
وإذ تكشف مصادر مُقربة أن البنك التجاري مستمر في الصفقة مع البنك الوطني، (الساعي للحصول على نسبة للسيطرة على إدارة بوبيان)، ليس عن طريق بيع أسهم التجاري في بوبيان، التي جمّدها حكم المحكمة، وإنما عن طريق تفويض الوطني بالتصرف في الأسهم، في الجمعية العمومية لانتخاب مجلس إدارة بوبيان.
ويحق للتجاري تفويض طرف مالك في البنك للتصرف في الأسهم، كما حصل في العمومية الأخيرة لبنك بوبيان، عندما فوّض التجاري ودار الاستثمار الهيئة العامة للاستثمار بالتصرف بالأسهم محل النزاع.
وفيما يبدو أن الأطراف المتنازعة تعمل من أجل الفوز بكيكة بنك بوبيان «الاسلامي الفتي»، بأي شكل من الأشكال، سيكون المخرج الجديد للتجاري في صفقة «بوبيان» المليونية مُمكنا، إلا إذا صدر حكم نهائي لمصحلة «الدار» في الأسهم المرهونة لدى «التجاري».
لكن في هذه الحالة أيضا، لا يعني إعادة أسهم «بوبيان» الى «الدار»، بل الحكم هنا سيبت في عدم جواز اعتبار الاسهم ملكا للتجاري، لأن «الدار» رهنت هذه الأسهم في عقد مُبرم بين الطرفين، بإعادة شراء الدار لأسهمها بعد عامين من توقيع العقد، مقابل اعتبار الاسهم المرهونة تسوية مؤقتة لحفظ التجاري حقه في قرض سبق أن منحه للدار.
المحك .. عمومية بوبيان
وفي خلال هذين العامين، من الطبيعي أن تُعقد جمعيات عمومية لبنك بوبيان لانتخابات مجلس إدارة جديد، وما يهم البنك الوطني في هذه الجمعيات هو الوصول الى السيطرة على مجلس الإدارة، إذ إن نسبة الـ40 في المئة من بوبيان المُوافق له من البنك المركزي على شرائها، تعني بديهيا أن البنك يريد أكبر حصة في بوبيان، والبنك طامح منذ سنين في الحصول على ذراع مصرفية إسلامية، يستقطب من خلالها عملاء جدد يفضلون التعامل بالمنتجات الإسلامية لأسباب دينية خاصة، وهؤلاء ارتفع عددهم في السنوات الماضية، عقب سيطرة الإسلاميين سياسيا على معظم المرافق العامة، قبل أن يتراجع نفوذهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
لذا، يبدو موقف الوطني ذكيا، حين لا يسعى للدخول بين المتنازعين، في وقت يستمر في الشراء من السوق ورفع حصته، كما يتبين على موقع البورصة الإلكتروني من رفع لملكياته في بوبيان، وصلت أمس الى 10.16في المئة، فيما تقول المصادر إن الوطني يريد أن يصل الى نسبة 20 في المئة، ليكون على موازاة في الملكية مع الهيئة العامة للاستثمار، المالكة لـ20 في المئة، والمسيطرة حاليا على مجلس الإدارة، بعد المعركة الاخيرة التي شهدتها عمومية بنك بوبيان، خسرت فيها إدارة كان تسيطر عليها أطراف تتبع بطريقة غير مباشرة شركة دار الاستثمار.
الوطني يمسك الطرفين
وإذا نجح سيناريو وصول الوطني الى حصة الـ20 في المئة، فسيحتاج فقط لمن يرجح كفته في الإدارة مقابل نسبة الهيئة العامة للاستثمار، وهو ما قد يؤمنها البنك التجاري، في حال لم تعترض المحكمة على إجراء التفويض، خصوصا أن هذا التفويض قد يحتاج إلى شركة دار الاستثمار، على أساس أن الحصة مازالت محل نزاع، وهو ما قد تؤمنها له شركة الدار، لأنها منذ إعلان الصفقة بين التجاري والوطني، ظهرت الدار بأنها لا تريد معاداة الوطني، وهو ما ظهر بوضوح عندما نصحته في بيان صحافي نُشر في الصحف بعد إعلان الصفقة، ألا يُباشر في إجراءات الصفقة، لأنها ستعترضها قانونيا برفع الدعوى.
المهم في هذا السياق، أن الوطني سيفوز بإدارة بنك بوبيان، عاجلا أم آجلا، لأنه أصبح الآن في قلب اللعبة، ولن يتراجع عنها، وهو في كل الحالات يكسب طرفي النزاع «التجاري»، منافسه التقليدي في السوق الذي يريد التخلص من هذه الأسهم، و«الدار» الذي يفضل في هذه الأوقات أن يتحالف مع «الوطني»، ولا ينمي أعداء في القطاع المصرفي، بعد أن أصبح التجاري خصمه اللدود.
وللعلم، يملك الدار اليوم ورقة قوية في بوبيان، وهو ما يفسر تمكسه بها، فالمعركة على البنك فيها أطراف خارجية «مصرفية إسلامية»، لا تريد للوطني أن يصل الى بوبيان بأي شكل من أشكال، لأنه تلقائيا يستطيع أن يزيحها أو ينافسها بقوة في البيت المصرفي الإسلامي الذي تسيطر عليه دون منازع. فالوطني بوجود فروعه المحلية والخليجية والعالمية، وتاريخه الكبير وعلاقته الدولية، يستطيع بكل بساطة «توسعة» هذه الفروع لتستوعب المصرفية الإسلامية، كما تستوعب حاليا المصرفية التقليدية.
لذا تبدو الدار الإسلامية وسط معركة إسلامية-تقليدية، يمكن لصوتها الحسم فيها لواحد من الطرفين.