مدير الأصول في الشركة يرى أن الشركات الكويتية تأثرت بالأزمة وكأنها في مركز الزلزال
أكد مدير إدارة الأصول في بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) - السعودية زياد عواد أن التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية كان في أدنى مستوياته على قطاع الاستثمار السعودي، لعدة أسباب أبرزها التعاطي الجيد للحكومة السعودية في معالجة تداعيات الأزمة عن طريق ضخ الأموال وزيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الرأسمالية.
واضاف عواد في حوار خاص مع «الراي» خلال زيارة قام بها الى مقر الشركة الرئيسي في الكويت، أن الفرصة باتت مواتية امام المستثمرين للعودة إلى الأسواق المالية وشراء الأسهم، خصوصا في ظل أسعارها الجذابة الحالية، لافتا إلى أن الاستثمار الورقي هو استثمار جيد شرط أن يكون طويل المدى وليس بغرض المضاربة وتحقيق الكسب السريع.
ووصف عواد الاستثمار الكويتي بأنه استثمار ذو ارتباط دولي كبير وهو ما ساهم كثيرا في سرعة انتقال عدوى الأزمة عليه بعكس الاستثمار السعودي الذي يمتاز بالمحلية إلى حد كبير، مؤكدا في الوقت نفسه أن الاحتفاظ بالسيولة ليس الخيار الآمن الوحيد حاليا أمام المستثمرين وأن الفرص جذابة في الأسواق شرط تنويع استثمار المحافظ حتى يتم توزيع المخاطر قدر الإمكان.
وعن نشاط الشركة في السعودية، أوضح عواد أن لدى الشركة صندوقين استثماريين الأول إسلامي وحقق عوائد مجزية بلغت 36 في المئة والآخر تقليدي وحقق عوائد بلغت 25 في المئة، وأعلن طرح الشركة صندوقا عقاريا خلال العام المقبل برأسمال قدره 500 مليون ريال سعودي نظرا لتنامي القطاع العقاري في السعودية بشكل كبير.
وعن توقعاته لانقشاع غيمة الأزمة اوضح عواد أن الدول الغربية ربما أمامها بعض الوقت حتى تصل لقاع الأزمة، وفي ما يخص الدول الخليجية توقع أن تشهد اقتصاداتها نموا خلال المرحلة المقبلة، وإن ربط ذلك زيادة الطلب الصيني على النفط الخليجي حتى تعود الاقتصادات الخليجية لنسب النمو الطبيعية.
وفي ما يلي نص الحوار:
• هل لديكم تقييم فعلي لتأثير الأزمة في قطاع الاستثمار السعودي؟
- قطاع الاستثمار السعودي لم يكن بعيدا عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، ولكن التقييمات الفعلية أثبتت أن التأثير السلبي كان في أدنى مستوياته على هذا القطاع، لعدة أسباب أبرزها القدر الكافي من الاحتياطات النقدية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية نظرا للفوائض التي حققتها خلال السنوات السابقة التي شهدت طفرة في أسعار النفط، وهو ما خلق قدرا كافيا من المناعة ضد التأثير السلبي للأزمة.
أضف إلى ذلك التعاطي الجيد للحكومة السعودية في معالجة تداعيات الأزمة المالية، وذلك عن طريق اعتماد سياسة ضخ الأموال وزيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الرأسمالية، وحرص الدولة على استمرار النمو الاقتصادي بالنسب السابقة نفسها وعدم توقف أي من مشاريع البنية التحتية، حتى أن الميزانية العامة للمملكة كانت الأعلى في تاريخها هذا العام، واعتمدت ما يقارب 400 مليار دولار لها.
وهذا التعاطي الجيد من الدولة خفف كثيرا من حدة الأزمة، بالإضافة إلى عودة أسعار البترول للارتفاع والتي قاربت حاليا 70 دولارا للبرميل، ويذكر أنه في حال استمرار تجاوز سعر برميل البترول 60 دولارا خلال 2009 فإن هذا من شأنه ان يتيح للمملكة مواصلة خططها الاقتصادية وتجاوز أي تداعيات سلبية والسير نحو النمو بشكل جيد.
• حالة الانتعاش التي تعيشها الأسواق الخليجية حاليا هل هي مدفوعة بأسباب نفسية أم ردة فعل طبيعية للتحسن الملحوظ الذي تشهده بعض الشركات خلال الربع الثاني؟
- لو عدنا للوراء قليلا حتى العام 2008 لوجدنا أن هذا العام شهد حالة من الركود والكساد الاقتصادي غير مسبوقة، وكانت ملحوظة بشكل قوي في الولايات المتحدة، وتلك الحال كانت إفرازا طبيعيا لأزمة الرهن العقاري السابقة لها، وهو ما دفع حكومة الولايات المتحدة لضخ مزيد من الأموال لمعالجة هذا الكساد، واستمرت تلك الحال التي ساهمت في ترسيخ الشعور بالخوف لدى المستثمرين والمتداولين في الأسواق العالمية، ما ادى الى حال من انحسار التداول لم يسبق لها مثيل، وخسرت الأسواق المالية كثيرا، وما تبع ذلك من تدن في قيم الأصول لأقل من قيمها العادلة نظرا لاندفاع المستثمرين للتخلص من الأصول ذات المخاطرة النسبية، سواء كانت تلك الأصول في شكل أسهم أو سندات أو عقارات.
ولكن أعتقد أن المشهد حاليا تبدل نسبيا وبدأنا نلاحظ حالة من التعافي لكثير من الأسواق المالية، خصوصا الخليجية، وأعتقد أن الفرصة أصبحت مواتية للدخول والشراء لأن الأسهم حاليا أسعارها جذابة، لذا أنا أعتقد أنه كما كان الانهيار مدفوعا بعوامل نفسية فانه أيضا الارتفاع الحالي مدفوع بالأسباب نفسها.
• كيف ترى الترابط القوي بين خطوط الائتمان المحلية والدولية؟
- الترابط القوي بين خطوط الائتمان المحلية والدولية يعود في الأصل إلى أن معظم الشركات لديها ارتباطات ائتمانية عالمية كثيرة، وأقرب مثال على ذلك الشركات الكويتية والذي كان تأثرها بالأزمة كبيرا جراء ذلك الترابط، وكأنها كانت في مركز الزلزال الاقتصادي، نظرا لانهيار الأسواق العالمية وفقدان الأصول لكثير من قيمتها، مما تسبب في عدوى سريعة لها وأنا أستطيع أن أصف الاستثمار الكويتي بالاستثمار ذي الارتباط الدولي، على عكس الاستثمار السعودي والذي يتميز بالمحلية لأن معظم مشاريعه داخلية والقروض البنكية أغلبها محلية باستثناء بعض الشركات القليلة مثل شركة «سابك»، والتي لها ارتباط دولي وتلك كان تأثير الأزمة عليها لا يختلف كثيرا عن الشركات الكويتية.
• تدير جلوبل في السعودية صندوقين استثماريين. ما طبيعة نشاطهما وحجم استثماراتهما؟
- بالفعل نحن ندير صندوقين الأول تقليدي ومسموح له بالاستثمار في كافة الأسهم الموجودة في السوق السعودي وبدأ العمل به في يناير الماضي. كما ندير أيضاً صندوقا آخر يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وبدأ العمل به في 4 مارس 2009.
ويعمل الصندوقان وفق استراتيجية انتقائية للأسهم ولا ينصب استثمارنا على قطاع دون آخر حتى يتم توزيع المخاطر، بالرغم من اهتمامنا النسبي بقطاع البتروكيماويات والقطاع العقاري لأنهما الأنشط والأكثر ربحية الآن في السوق السعودي، وبالفعل أثمرت سياسة الشركة في تحقيق عوائد مجزية منذ بداية عمل الصندوقين فحقق الصندوق التقليدي عوائد نسبتها 25 في المئة حتى الأن والصندوق الإسلامي حقق 36 في المئة أيضا منذ بداية عمله.
سياسة التخارج هي سياسة واردة يوميا على أجندة الشركة للانتقال من قطاع لآخر بما يحقق العوائد المجزية لمساهمينا، وهو ما يسمى التخارج المرن، لذا وبالرغم من أن الصندوقين ولدا من رحم الأزمة، إلا أننا تجنبنا تحقيق أي خسائر بفضل السياسة المتوازنة التي نعتمدها، وكنا محظوظين لأننا دخلنا في السوق، وكانت الأسهم بأسعار جذابة وهو ما ساهم في تحقيق تلك العوائد الجيدة.
• يرى البعض أن الاحتفاظ بالسيولة هو الخيار الآمن حاليا... هل تؤيد هذا الرأي أم أن هناك مجالات استثمارية ما زالت بها عوائد مجزية؟
- الاحتفاظ بالسيولة ليس هو الخيار الآمن الوحيد حاليا، وهذا الخيار كان المفضل لدى المستثمرين خلال المرحلة السابقة في ظل ضبابية الرؤى حول ما ستذهب إليه الأسواق، لكن عندما وصلت الأسواق المالية إلى أسعار متدنية في أسهمها حتى أنها وصلت إلى ما دون القيمة الاسمية، كان يجب التخلص من هذا الشعور والدخول تدريجيا نحو شراء الأسهم، وهذا هو اختيار المستثمر الذكي، والغريب أننا عندما كنا في يناير نرى أسهما أسعارها دون القيمة الاسمية لم نر طلبا على شرائها والآن عندما ارتفعت 50 في المئة فوق قيمتها الاسمية نرى طلبا قويا عليها، ولكن في كل الأحول أنا أعتقد أن الوقت ملائم جدا للاحتفاظ بأصول في شكل أسهم شرط أن يكون استثمارا طويل المدى وليس بهدف المضاربة وتحقيق المكسب السريع بين عشية وضحاها، ويجب أن ندرك حقيقة مهمة وهي أن الاستثمار في الأسهم هو استثمار طويل المدى وتلك الحقيقة للأسف غائبة عن أسواقنا العربية.
وأنا أنصح بالدخول لشراء الأسهم ولكن بشكل تدريجي، كذلك الاحتفاظ بالأصول ضمن محافظ استثمارية متوازنة ومتنوعة مثل السيولة النقدية والسندات والأسهم حتى يتم توزيع المخاطر.
• ما أبرز المشاريع المستقبلية لـ «جلوبل» في السعودية؟
- نحن بصدد طرح صندوق عقاري خلال العام المقبل برأسمال قدره 500 مليون ريال سعودي وبحد أدنى للعائد 20 في المئة، وسيكون له عمر محدد من ثلاث إلى خمس سنوات.
وعن أسباب تخصص الصندوق في الاستثمار العقاري فهذا يعود لقناعتنا التي ترسخت خلال عملنا في السوق السعودي عن مدى تنامي القطاع العقاري في المملكة وحجم الطلب المتزايد خصوصا على الوحدات السكنية، وبناء الأبراج، كذلك يشهد السوق السعودي حالة من النشاط الملحوظ في قطاع الوساطة المالية وهو أحد الأنشطة المرخصة لـ «جلوبل» بالعمل فيها في السعودية ولدينا تواجد قوي في هذا القطاع أيضا، خصوصا أن الأشهر المقبلة ستشهد تدشين خدمة التداول الإلكتروني للمستثمرين عن طريق الإنترنت في السوق السعودي.
هذا بالإضافة إلى حرص الشركة على إدارة المحافظ الخاصة ونحن ندير عددا من المحافظ الخاصة لصالح العملاء، ولدينا خطة طموحة للتطوير في هذا المجال.
• كيف يمكن تجاوز مشكلة التمويل؟
- معالجة مشاكل التمويل ترتبط باسترداد الاقتصاد لنسب نموه الطبيعية واسترداد الأصول لقيمها العادلة، ما يشجع البنوك على معاودة منح القروض، كذلك يجب تحريك سعر الفائدة بما يخدم هذا التشجيع وهو أمر مهم للغاية.
• هل تجد لجوء بعض الشركات الاستثمارية الكبرى لزيادة رأسمالها حلا بديلا لتوفير السيولة اللازمة لتسديد التزاماتها دون الاضطرار لتمويل بنكي جديد؟
- إن إقرار أي شركة لزيادة رأسمالها لمواجهة تداعيات الأزمة وبث الروح النقدية لديها لمواجهة المرحلة المقبلة هو ما تلجأ إليه كبرى الشركات العالمية في أميركا وأوروبا. وأنا أجد أن عملية زيادة رأس المال هي عملية جيدة وإيجابية، خصوصا في ظل حال انحسار التمويل البنكي، أو تكبيل الشركة بضمانات بنكية مبالغ فيها في حال حصولها على تلك التمويلات.
• البنك الدولي وقع أن يكون العام 2009 عاما صعبا، فهل ترى أن المآسي الاقتصادية سوف يتم اختزالها خلال هذا العام أم ربما نشاهد اعماقا أخرى للأزمة خلال عامي 2010 و2011؟
- توقعاتي تنقسم إلى قسمين: القسم الأول، يخص الغرب ومنه أميركا والدول الأوروبية وأعتقد أن تلك الدول ما زالت تواصل رحلتها نحو أعماق أخرى للأزمة، أما القسم الثاني، فهو الدول الخليجية وأعتقد أن تلك الدول بدأت ترى أسواقها حالة من التعافي، وذلك لأن اعتماد اقتصادات تلك الدول على النفط والذي تشهد أسعاره حاليا ارتفاعا ملحوظا، خصوصا في ظل زيادة الطلب العالمي عليه لمواجهة الأزمة المالية العالمية واضطرار الدول إلى الدفع بمشاريع استثمارية للمحافظة على نسب النمو المقبولة، ولكن أعتقد أن حجم الطلب الصيني على النفط الخليجي سيكون المحدد الرئيسي لتوقيت خروج الاقتصادات الخليجية من الأزمة.