فضل
عضو مميز
قصه حدثت لسيده
فى محطة القطار
اليكم تفاصيلها ..،
فى محطة القطار
اليكم تفاصيلها ..،
وقفت فى الصف مع الرجال .. أمام شباك التذاكر ..
وكان الزحام شديدا فى نهاية الصيف
والطابور يتلوى لطوله ويبرز خارج المحطة ..
وكان آخر قطار يتجه إلى بلدها ..
ومع أن معظم الواقفين فى الطابور لم يكن عندهم أدنى أمل
فى الحصــول على مقعد ولكنهم وقفوا .. وصبروا ليجربوا حظهم
وكان عامل التذاكر فى المحطة بليدا ولئيما وحلا له تعذيب الواقفين أمامه
فى الطابور ..
إذ كان يعمل فى بطء شديد ، ويحادث موظفا فى الداخل بين الحين والحين
ويدير رأسه إلى الوراء دون سبب ظاهر ثم يعود فى تكاسل إلى عمله ..
وكان كل الذين يرون هذا المشهد المغيظ ، لايبدو منهم التذمر أو الاعتراض ..
فقد الفوا مثل هذه الأشياء .. واعتادوا عليها .. وكانوا على يقين .. بعد
التجربة المره .. ان الشكوى والتذمر لاجدوى من ورائهما ..
ولايغيران الحال .. فلاذوا بالصمت
وصمتت السيدة مثلهم ولكنها كانت تشعر بالغيظ .. وصبرت حتى جاء دورها
وأصبحت أمام الموظف على الشباك .. وفتحت حقيبتها لتخرج ثمن التذكره ..
وارتعشت يدها وتمتمت ثم أمتلأت عيناها بالدمع ..
وظهر عليها الاضطراب بوضوح .. وأخذت تتلفت زائغة البصـر ..
ثم خرجت من الصف وهى لاتستطيع حبس عبراتها ..
وأدرك الرجل الذى كان وراءها فى الصف حالها وما جرى لها ..
و كان قد سمعها و هى تقول :
ـ تذكرة للعاصمه ..
ثم انشل لسانها ..
فأخرج ورقة بخمسة دنانير من جيبه وقطع تذكرتين بدلا من تذكرة واحدة ..
وتناول الباقى من الموظف ثم خرج من الصف ..
وظل يبحث عن السيدة حتى وجدها خارج المحطة ..
فتقدم اليها وقال بلطف وهو يمد يده بالتذكرة ..
ـ أدركت ما حدث .. فاسمحى لى بأن أقدم هذه التذكرة ..
وعندما تعودين إلى بيتك .. ردى ثمنها فى أى وقت ..
فنظرت إلى الرجل مشدوهه .. لم تكن تقدر .. أو تنتظر مثل هذا من
إنسان .. وتصورت أن الرجل يحتال عليها ..
أو يفعل شيئا ليتقاضى ثمنه مضاعفا .. وظلت مترددة واجمة ولكن لما
توضحته ونظرت إلى عينيه توسمت فيهما الطيبة المطلقة ..
فتناولت منه التذكرة .. وهمست ..
ـ شكرا لك ..
وبعد أن دخلت من باب المحطة ..
تذكرت أنها لم تسأل الرجل عن عنوانه لترد له نقوده ..
فمشت إليه فى استحياء
قالت ـ ولكن .. حضرتك .. لم تعطنى عنوانك ..
فقال ـ فى القطار .. اننا جنب بعض ..
جنب بعض .. وعاودتها الهواجس انه يستغل الموقف إذن ..
واضطربت وعلا وجهها السهوم ..
لقد كانت تتصور فيه الطيبة فإذا به كغيره من الرجال استغل موقفها
ببراعة ..
فكرت ان ترد له التذكرة ؟
ولكن أين تذهب فى هذه المدينة الكبيرة وهى وحيدة مفلسة ؟
فبعد أن نشلت ، ليس فى جيبها أى نقود على الاطلاق ..
وليس لها قريب أو غريب فى الغربه تعتمد عليه ..
وظلت حائرة مضطربة .. ثم شعرت بالقطار يدخل المحطة
فأنقذهـا من حيرتها وركبت وهى تترك الأمر للمقادير ..
وبحثت عن الرجل وراءها وقدامها وهى تدخل فى جوف القطار فلم تجده ..
وكان الزحام شديدا .. خلق كثير .. يتدافع بالمناكب .. فى داخل القطار ..
وتحركت ببطء وهى تقدر العثور عليه بعد أن تجلس على المقعد ..
فهو بجوارها كما قال لها ..
ولكنها وجدت رقم كرسيها بجوار سيدة فجلست متعجبة ..
ولما تحرك القطار تطلعت فأبصرت بالرجل هناك فى أقصى العربة ..
يجلس بجوار الباب ..
وظلت عيناها معلقتين به .. وهى تنتظر منه أن يتحرك من مكانه ويأتى إليها
وعلى الأخص وهو يعرف رقم مقعدها ..
ولكنه لم ينهض حتى بعد أن جاوز القطار اكثر من محطة ..
وفى احدى المحطات حمل اليها سندويشه ونظرت إليه .. وابتسمت ..
وتناولت السندويشه صامتة ..
فقد خشيت إن رفضتها أن تثير فضول الركاب ..
وخصوصا السيدة التى بجوارها فهى فضولية إلى أقصى مدى ..
ولذلك تناولت منه الطعام وهى تشعر من حولها بأنها قريبة له أو حتى
زوجته .. فهو فى سن زوجها .. وأخذت تأكل .. ضامة شفتيها ما أمكن ..
وعزمت على جارتها أكثر من مرة ..
وبعد أن فرغت من الطعام وأحست بأنها تقترب من محطتها .. فكرت فى
الذى تفعله لتصل إلى بيتها فى هذا الليل ومعها حقيبة ثقيلة ..
وخرجت من القطار .. تحمل حقيبتها بيدها .. وفى الصالة الخارجية لمحطة
القاهرة كان الرجل بجانبها يعينها ..
ودفع إلى يدها بمبلغ بسيط ..
وقال ..
ـ هذا للتاكسى ..
فقالت له بثبات هذه المرة ..
ـ أبدا .. لابد من اسمك وعنوانك أولا ..
فابتسم فى لطف .. وأخرج من جيبه ورقة وقلما ..
وانتحى جانبا ليكتب ثم طوى الورقة .. وقال لها ..
ـ فى هذه الورقة اسمى وعنوانى ورقم تليفونى أيضا ..
وأركبها تاكسى .. واختار لها سائقه ..
ولما دخلت البيت .. كان زوجها لايزال فى الخارج .. وكانت الشغالة فى
انتظارها وسرت لقدومها ..
ولما أخرجت " حنان " ملابسها من حقيبتها واستراحت قليلا أخرجت من
حقيبة يدها الورقة التى أعطاها لها الرجل وكانت مطويه عدة طيات ففردتها
ونظرت فيها .. فوجدتها بيضاء .. ليس فيها حرف واحد
وابتسمت وصورة الرجل الغريب تتضخم أمامها وتعظم
حتى ملأت جوانب البيت كله ..
ولما جاء زوجها من الخارج وجدها فى الفراش .. فاقترب منها فى شوق
ليحتضنها ولكنها دفعته عنها نافرة واعتذرت بأنها تعبة ..
ولأول مرة فى حياتها تشعر بكراهية شديدة له واحتقار من غير حدود ..
كانت تقارن بين صفاته الخلقية وصفات الرجل الآخر ..
فقد لمست لأول مرة فى حياتها النبل والشجاعة فى إنسان ..
< الرجولة مواقف وقيم وأخلاق >