الموضوع/ المعتصم يقود المسلمين لفتح أشرف مدن النصارى عمورية .
إن تاريخ أمتنا المسلمة مليء بالمواقف الخالدة التي هي في واقع أمرها مصدر فخر وعزة للمسلمين وفي كتاب هذه الأمة الكثير من الصفحات المضيئة لغزوات ومعارك خاضها المسلمون لنصرة إخوانهم المستضعفين في الأرض المفتونين في دينهم حتى ولو كان المظلوم والمستضعف رجلاً واحداً أو امرأة مسكينة فالرسول صلى الله عليه واله وسلم قد علمنا ذلك عندما خاض موقعة مؤتة مع أضخم قوة عسكرية على وجه الأرض وقتها وهم الروم ذلك لأنهم قد قتلوا سفيره
وطرد بني قينقاع من المدينة لأنهم حاولوا إغواء مسلمة , فجاء المسلمون من بعده يسيرون على نهجه ويطبقون سنته وقاعدته التي أرساها في أن الدنيا وما فيها لا يوازي سفك دم امرئ مسلم بغير حق
فى زمن الخلافة العباسية
أغار ملك الروم فى عمورية التى تقع فى جنوب تركيا على إحدى مدن الدولة العباسية(زبطره)
وعاس فيها فسادا وأسر الكثير من الرجال والنساء وكان من ضمن الأسرى أمرأة عربية مسلمة أسرها جنود عمورية وقد عاملوها بالعنف وساقوها فى الأغلال, هنا صاحت هذه المرأة صيحة أسمعت المعتصم خليفة المسلمين فى العراق وظل صداها باقيا إلى يومنا هذا يضرب بها المثل؛ "وا معتصماه".
بلغ المعتصم ما حدث من ملك عمورية وبلغه إستغاثة الأعرابية فحشد جيشا عظيما تضارب به الناس المثل فى هذا الوقت وقد بعث "المعتصم" للرومى فى رسلة بعثها له أنه آتيه بجيش "أوله عندك وآخره عندى" على حد وصف المعتصم.
وقبل خروج المعتصم على رأس هذا الجيش حذره المنجمون أن الطالع ينبئ بخسارة هذه الحرب وأن من الأفضل تأجيل الخروج, ضرب المعتصم بكلام المنجمين عرض الحائط وأصر على نصرة إستغاثة المرأة العربية الأسيرة دون هوادة أو مماطلة.
مائة ألف من أمهر الجنود خرجوا لإستعادة أمرأة ولكن هذه المرة لم تكن أجمل أمرأة فى الدنيا ولربما كانت عجوزاً لا ترجو نكاحا.
كانت عمورية -كطروادة- واحدة من أحصن المدن وكانت قد أستعصت على خلفاء الدولة العباسية سنينا. وصل جيش المعتصم إلى عمورية وضرب عليها حصارا لكن لم يدم الحصار لعشرة أعوام(حصار طرواده)
فقط عشرة أيام. عشرة أيام وأخترق المعتصم بالدهاء أسوار عمورية وألحق هزيمة نكراء بملك عمورية و أستعاد الأسرى وعادت الأعرابية فى حراسة جيش المعتصم العظيم, لكن المعتصم لم يدمر المدينة بل عمل على إعمارها والحفاظ على حياة أهلها.
وبقيت عمورية, لم تندثر تحت التراب, ولم يحتاج المؤرخون إلى العثور على كنز لإثبات هذه الرواية ولكن بقيت عمورية نفسها هى الدليل.
كان من ضمن جيش المعتصم العظيم؛ "أبو تمام" واحد من أشهر شعراء زمانه وقد أرخ هذه الموقعة فى "بائيته" الشهيرة التى تعد واحدة من أعظم القصائد فى الشعر العربى والتى يستهلها ساخرا من المنجمين الذين أشاروا عدم الخروج على المعتصم:-
السَّيْـفُ أَصْـدَقُ أَنْبَـاءً مِنَ الكُتُبِ...فِي حَدهِ الحَدُّ بَيْـنَ الجِـد واللَّعِـبِ
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي...مُتُونِهـنَّ جـلاءُ الشَّـك والريَـبِ
والعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَـاحِ لاَمِعَـةً...بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُـبِ
و يصف المعركة العظيمة قائلا:-
غادرتَ فيها بهيمَ اللَّيلِ وهوَ ضُحى ً... يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ
حتَّى كأنَّ جلابيبَ الدُّجى رغبتْ... عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ
وهكذا حارب المعتصم من أجل النخوة والمروءة
وتفوق أبو تمام – فى رواية حرب "عمورية" فى "بائيته"
أما الآن, فيستباح دماء المسلمين وتنتهك أعراض نسائهم وتبث إستغاثاتهم على مرأى ومسمع من الجميع, ولا يحرك أحد ساكنا.
رُبّ وامعتصماه انطلقت...ملأ أفواه الصبايــــــــــــا اليتًّم
قد لامست أسماعهــــــم...لكنها لم تلامس نخوة المعتصم