تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية عن سوق الكويت للأوراق المالية
من المسئول عن " التدبيس "!
لا شك أن المتهمين " بتدبيس " المتداولين الأبرياء متعددين ، فقد يكونوا من المسؤولين عن الشركات اللوجستية المعنية، أو وسائل الإعلام المروّجة للأكاذيب، سواء كانت صحفا أو قنوات فضائية أو مواقع الكترونية... إلخ ، وربما يكون المتآمرون زمرة من المضاربين أو غيرهم ، كما لا نستبعد إطلاقاً أن يكون وراء عملية النصب والاحتيال تحالف ما بين هؤلاء وهؤلاء لحبك وإتقان اللعبة من كافة جوانبها .
ورغم تعدد المشبوهين في هذه الكارثة الكبرى ، إلا أن إدارة سوق الكويت للأوراق المالية هي المسئول الأول تجاه هذا الموضوع ، وذلك لسياستها الانتقائية والمزاجية في التعامل مع الأمور المرتبطة بالبورصة ، حيث توقف سهم معين على خلفية خبر صغير منشور في أحدى الصحف وتطلب إيضاح سريع وعاجل ، بينما لا توقف سهما آخر رغم نشر خبر حسّاس عنه "بالمانشيت" العريض ، وفي صدر الصفحة الاقتصادية لإحدى أو بعض الصحف ، وبمساحة كبيرة أيضاً ، من جهة أخرى ، حتى أنه إذا تم إيقاف سهم معين ، وأصدرت الشركة المعنية بياناً رسمياً توضيحياً بناء على طلب إدارة البورصة ، وثبت فيما بعد أن ذلك البيان كاذب مائة بالمائة ، لا تحرك إدارة السوق ساكناً إطلاقاً ، وكأن شيئاً لم يكن ، حتى بات الموقع الالكتروني لسوق الكويت للأوراق المالية منصة رسمية لإطلاق الأكاذيب في بعض الأحيان ، والتي يكون ضحيتها مئات الملايين من مدخرات المواطنين ، ناهيك عن زعزعة الثقة في البورصة بشكل خطير ، بالإضافة إلى الإساءة بشكل جسيم لسمعة دولة الكويت الاقتصادية بالداخل والخارج ، فضلا عن إحباط واجهاض أي محاولة أو نية لتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري .
نتائج العام والربع الرابع 2009
أعلنت معظم الشركات المدرجة عن نتائجها لعام 2009 ، بينما تخلفت 14 شركة عن إعلان نتائجها منها 7 شركات لم تفصح عن بياناتها منذ فترة طويلة نسبياً ، و 7 شركات لم تقدم بياناتها المالية عن العام 2009 ، وقد تم إيقافها عن التداول اعتباراً من 1/4/2010 ، وقد جاء تحليلنا لتلك النتائج متأخراً هذه المرة ، نظراً لعدم التزام مجموعة من الشركات بإعلان نتائجها في موعد أقصاه 31/03/2010 ، ومنها شركات قيادية ، مثل أجيليتي.
وقد كانت محصلة نتائج الشركات التي أعلنت نتائجها عن عام 2009 – وعددها 197 شركة – صافي ربح بمقدار 99.7 مليون دك ، وذلك بالمقارنة مع صافي خسائر بمقدار 102.3 مليون دك لنفس الشركات عن العام 2008 ، ورغم التقدم في النتائج للعام 2009 ، إلا أنه متواضع للغاية ، حيث إن خسائر 102.3 مليون دك أو أرباح 99.7 مليون دك هي محصلة واحدة وهزيلة للغاية لنتائج 197 شركة مدرجة ، كون كلا النتيجتين مقاربة للصفر ، أي لا ربح ولا خسائر لمخاض عامين كاملين من العمل ، وللعدد المذكور من الشركات .
أما أداء الربع الرابع 2009 ، فقد كان أقل من التوقعات ، حيث حمل عدة مفاجآت من العيار الثقيل لبعض الشركات ، سواء من حيث الانخفاض الحاد في الأرباح ، أو تكبد خسائر كبيرة جداً ، وقد كانت محصلة تلك المتغيرات السلبية الجسيمة صافي خسائر بمقدار 730 مليون دك ، وذلك على خلاف الأرباع الثلاث الأول من العام ، والتي كانت رابحة بمقدار 105 و 442 و 216 مليون د.ك على التوالي ، ورغم الخسائر - المفاجأة بالنسبة لنا على الأقل – للربع الرابع 2009 ، إلا أنها جاءت أقل من خسائر الربع المناظر من العام 2008 ، والتي بلغت 3.034 مليارات د.ك ، وتجدر الإشارة إلى أن سبع شركات لم تعلن نتائجها عن العام 2009 حتى الآن ، وبالتالي ، لم يشملها هذا التحليل الموجز ، ونتوقع أن تكون معظم – إن لم نقل جميع – تلك الشركات خاسرة ، وبشكل جسيم أيضاً ، مما يرجح انقلاب صافي الأرباح المجمعة لعام 2009 والبالغ نحو 100 مليون د.ك إلى خسائر ، ناهيك عن تعاظم خسائر الربع الرابع 2009 .
توقعات الصحف وتوقعاتنا لعام 2009
جرياً على عادتنا ، نقوم برصد توقعات بعض الصحف لنتائج الشركات المدرجة ، وهذه المرة بما يتعلق بنتائج العام 2009 ، وقد تم رصد توقعات أربع صحف ، ثلاث منها هي الأكثر انتشارا بين الصحف القديمة ، وصحيفة واحدة جديدة ، وقد بلغ متوسط نسبة النجاح للصحف الأربع 27% ، وكان أفضلها بنسبة 40% ، وأدناها بمعدل 14% ، وقد بلغ إجمالي التوقعات المرصودة 37 توقعاً ، ورغم انخفاض نسبة نجاح التوقعات للظروف الاستثنائية والمتذبذبة التي مرت بها شريحة كبيرة من الشركات المدرجة ، إلا أننا لازلنا نرصد ترشيداً إيجابياً – ولو خجولاً – لإصدار التوقعات من جانب بعض الصحف ، والذي يؤدي إلى الحد من تضليل المتداولين وإرباكهم ، وقد تم اعتبار التوقعات التي تقل أو تزيد بمعدل 10% عن النتائج الفعلية توقعات ناجحة ، كما تم استبعاد بعض التوقعات ، كونها صادرة قبل يوم أو يومين من إعلان النتائج الفعلية وكانت مطابقة لها تماماً ، أو قريبة منها إلى حد كبير جداً ، وبالتالي ، فإن شبهة التسريب تكون حاضرة بقوة ، والتي اقتضت استبعاد تلك التوقعات الناجحة والمشبوهة في آن واحد !
أما توقعاتنا نحن ، والمنشورة بتاريخ 30/12/2009 ، فقد جافت الواقع بشكل كبير جداً ، حيث كانت توقعاتنا تفيد بنقطة التعادل لنتائج جميع الشركات المدرجة للربع الرابع 2009 ، أي عند مستوى الصفر أو قريباً منه ، أي أن خسائر الشركات الرابحة تعادل نتائج الشركات الخاسرة ، إلا أن هذا التفاؤل النسبي لم يكن في محله على الإطلاق ، حيث طغت الخسائر على الأرباح بمقدار 730 مليون د.ك للربع الرابع 2009 ، علماً بأن هناك 7 شركات لم تعلن نتائجها عن ذلك الربع ، ويتوقع لها أن تعلن خسائر جسيمة في غالب الظن ، أما توقعاتنا لنتائج العام 2009 ككل ، والتي كانت عند مستوى 732 مليون د.ك بناء على توقعاتنا المتفائلة نسبياً وغير الموفقة فعلياً للربع الرابع ، فقد انخفضت عن صافي الأرباح المجمعة الفعلية البالغة نحو 100 مليون د.ك بمعدل 86% ، ونترك للقارئ الكريم تقدير مدى كفاءتنا في وضع التوقعات ، وذلك في ظل الظروف السائدة والمتغيرات المحيطة !
توقعات الربع الأول 2010
أعلنت - حتى إعداد هذا التقرير -33 شركة مدرجة من أصل 205 شركات نتائجها عن الربع الأول 2010 ، وقد بلغ إجمالي تلك النتائج صافي أرباح بمبلغ 200 مليون د.ك مقابل 175 مليون د.ك للربع المناظر 2009 ، وبنسبة نمو بلغت 15% ، ونتوقع أن تتفوق أرباح الربع الأول 2010 على أرباح الربع الأول 2009 عند اكتمال إعلان النتائج أو معظمها في تاريخ أقصاه 15/05/2010 ، حيث نتوقع أن تنمو الأرباح بمعدل 25% كحد أدنى ، وذلك نظراً للانتعاش النسبي في سوق المال الكويتي بمعدل 14.3% خلال الربع الأول ، والذي ينعكس إيجاباً على نتائج الشركات بشكل أو بآخر خلال الفترة المذكورة ، ولن نستطيع تحديد سقف أعلى لتوقعاتنا أو رقم محدد كعادتنا ، نظراً لصعوبة وضع التقديرات العلمية والمهنية في ظل الظروف المضطربة الحالية ، وذلك كما اثبتتها توقعاتنا للربع الرابع 2009 ، والتي كانت في واد ، بينما كانت النتائج الفعلية في واد آخر ، كما أسلفنا .
عضوية مجالس الإدارات … تكليف لا تشريف
حدثت مشادة كلامية ما بين رئيس مجلس إدارة البنك التجاري السابق ، وممثل أحد المساهمين في البنك ، وذلك أثناء الجمعية العمومية التي انعقدت في 11 / 04 /2010 ، وذلك بما يتعلق بعدم الموافقة على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة لحين التحقيق في بعض المصروفات ، ومن ثم عقد جمعية عمومية أخرى لبحث نتيجة التحقيق واتخاذ ما يلزم. ولعل هذه الحادثة تجعل من المهم التحدث عن موضوع إبراء ذمة أعضاء مجالس الإدارات بشكل عام ، وليس بما يتعلق بالبنك التجاري تحديداً ، حيث يعتقد بعض أعضاء مجالس الإدارات ، أن مهمتهم أو منصبهم تشريف وليس تكليف ، وبالتالي ، من غير اللاّئق محاسبتهم من جانب المساهمين على تصرفاتهم ، حيث يعتقد هؤلاء الأعضاء أن بند إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة هو مجرد بند شكلي وبروتوكولي ، وبالتالي ، يقتضي الموافقة الروتينية أو التلقائية من جانب المساهمين ، وبالإجماع أيضاً !
لا شك بأن عضوية مجلس الإدارة هي تكليف وليست تشريف ، وهي فوق ذلك أمانة جسيمة وثقيلة ، وعليه ، فإن من لا يستطيع تحمّل تلك الأمانة أو لا يرغب بالمساءلة ، أو يترفع عنها ، يحب أن لا يقبل بهذا المنصب منذ البداية ، والذي تحدد له أتعاب معلومة مقابل مسئوليات معروفة ، ونعتقد أن جانباً كبيراً من سوء الإدارة والفساد في الشركات المدرجة جاء نتيجة لعدم تفعيل هذا البند لمدى عقود وليس سنوات ، حيث نرى ضرورة تفعيله خاصة في الظروف الراهنة ، حيث تم استباحة أموال المساهمين وتكبيدهم خسائر فلكية بسبب تصرفات شريحة كبيرة من أعضاء مجالس الإدارات .
إن المحاسبة الجادة والعادلة لأعضاء مجالس الإدارات من خلال بند إبراء ذمتهم من عدمه، سيشكل رادعاً كبيراً للسلوك المنحرف لبعض الأعضاء ، ومن شأن ذلك قيام المرشحين لعضوية مجالس الإدارة بحساب التبعات الجسيمة لعضويتهم ، وأيضاً الحد من تعدد العضويات السائدة بقوة دون مبرر سوى التنفيع والتباهي ، إن لم نقل للكسب غير المشروع في كثير من الحالات .
وبهذه المناسبة ، ندعو إلى مساءلة أعضاء مجالس الإدارات المشبوهة ، وما أكثرهم حالياً ، وذلك من خلال عدم إبراء ذمتهم ، وتشكيل لجان التحقيق المحايدة لكشف الأسباب الحقيقية للخسائر وضياع الموجودات ، وبالتالي ، اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لاسترداد ما يمكن استرداده من أموال ضائعة ، خاصة في ظل التشكيل والتفعيل الرسمي لمحكمة سوق المال مؤخراً ، ونعتقد أن الوقت الحالي مناسب للمساءلة الجادة ، وذلك في خضم موسم الجمعيات العمومية ، والتي تعقد تباعاً هذه الأيام ، كما يجب طرح الثقة بمجالس إدارة الشركات الورقية والفاسدة ، والتي عاثت فساداً في أموال المساهمين ردحاً من الزمن دون حسيب أو رقيب.
سقوط الكتل… والمتردّية والنطيحة !
تنشط في سوق الكويت للأوراق المالية نحو 15 كتلة استثمارية رئيسية ، وذلك من خلال السيطرة على عدد يتراوح ما بين شركتين إلى أكثر من عشر شركات مدرجة ، ومعظم تلك الكتل تطغى سلبياتها على إيجابياتها ، بينما ينفرد عدد قليل جدا منها بالأداء المهني والمسؤول ، وقد بدأت بعض الكتل بالسقوط لأسباب مختلفة منها ، انكشافها على الأزمة الاقتصادية بقوة ، ففي العام الماضي سقطت كتلة الأبراج ( أبراج ، الشبكة و د للإجارة )، كما تم إيقاف سهمي كتلة الأهلية عن التداول مما يرجح تعثرهما ( أهلية ، جلف انفست )، وأيضاً بدأت بوادر التعثر الجدي لكتلة المجموعة الدولية ( المجموعة د ، أصول ، بترو جلف ، المستثمرون ، جراند )، وذلك بإعلان " مجموعة د ، عجزها الرسمي عن سداد مستحقات دائنين ، إضافة إلى إيقافها عن التداول وكذلك زميلاتها " جراند " و " المستثمرون " ، وذلك لعدم تقديمها البيانات المالية عن العام 2009 حتى الآن ، من جهة أخرى ، فإننا نتوقع تعثر كتلة أخرى هذا العام على الأقل ، وذلك إضافة إلى الكتل الثلاث المذكورة ، والذي يقتضي الحذر الكبير من الاحتفاظ بـ "المتردية والنطيحة" من الأسهم ، والتي هي على شفير الهاوية حالياً .
وبالرغم من الخسائر الكبيرة والغير مبررة لمساهمي الشركات المنضوية تحت أولوية هذه الكتل ، مما أدى إلى ضعف الثقة بالبورصة الكويتية ، وأيضا تشويه سمعتها الخارجية ، إلا أننا نرى أن استبعاد تلك الشركات المتعثرة من قائمة الشركات المدرجة يعتبر أمرا إيجابيا ، وذلك في إطار عملية الغربلة والتنقية المطلوبة لإعادة الثقة لبورصة الكويت ولو جزئياً ، وقد كان بالإمكان تخفيف الضرر على المساهمين والإقتصاد ، وذلك بإقصاء الشركات المشبوهة منذ وقت طويل ، بدلا من تركها تستنزف أموال المساهمين لمدة طويلة وبشكل واضح ومكشوف وعلى مرآى من الجميع ، وأولهم إدارة سوق الكويت للأوراق المالية ، وهي الجهة الرئيسية المؤتمنة على الوضع التنظيمي والرقابي السليم للبورصة !
هبط المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية لشهر أبريل بمعدل 1.2% ، بينما هبط السعري بنسبة أعلى بلغت 3.1% ، ورغم ذلك ، يظل أداء المؤشرين إيجابيا منذ بداية العام 2010 حتى نهاية أبريل بنمو 12.9% للوزني و 4.2% للسعري ، ويلاحظ اتساع الفجوة ما بين المؤشرين لتبلغ 9 نقاط مئوية ، بعدما كانت 3 نقاط فقط نهاية يناير ، مما يوضح التدهور المستمر لشريحة عريضة من أسعار أسهم الشركات الصغيرة ، وذلك لتفاقم مشاكل بعضها ، وتعثر بعضها الآخر ، ناهيك عن اكتشاف المزيد من الشركات الورقية من جانب المتداولين الغافلين، وكل ذلك يضغط على المؤشر السعري ، الذي يعكس أداء الأسهم الصغيرة بشكل أوضح من الوزني بكل تأكيد .
وقد انخفض متوسط التداول اليومي خلال أبريل إلى 70.3 مليون د.ك بالمقارنة مع 76.8 مليون د.ك لشهر مارس ، أي بنمو سلبي بمعدل 8.5% ، وقد أثر في تداول أبريل عاملان متضّادان ، الأول : انخفاض جرعة التداول المصطنع ، أو الوهمي ، أو المتفق عليه مسبقاً ، حيث لم نعد نلاحظ تداولا استثنائيا كبيرا على الأسهم المشبوهة بالتداول المزيّف ، وذلك بعد كثرة الشكاوى حولها وافتضاح أمرها للجميع ، ناهيك عن احتمال تفعيل قانون هيئة سوق المال ، والذي يجرّم بوضوح تلك الممارسات الخاطئة ، أما العامل الثاني : فتمثل في النشاط الاستثنائي على أسهم النقل أو شركات اللوجستيك ، حيث شهدت تداولاً محموماً في ظل المجهود الدعائي المنظم والمبرمج للترويج لفوز إحدى الشركات ، وذلك على خلفية عدم ترسية عقد المورد الأول للجيش الأمريكي على أجيليتي ، بسبب النزاع القانوني المعروف بشأنها ، حيث تداولت كميات استثنائية من الأسهم على مجموعة من الشركات اللوجستية، وذلك بشكل محموم وبقفزات شبه يومية ، وبدعم من ماكينة الدعاية المنظّمة ، والتي كانت تهدف إلى الكسب غير المشروع في غالب الظن ، وذلك من خلال توريط أو "تدبيس" شريحة من المتداولين بكميات كبيرة من الأسهم المعنية ، وبأسعار مرتفعة للغاية ، وبالتأكيد يكون الطرف الرئيسي البائع هو المخطط والمدبّر لعملية النصب والاحتيال المحبوكة والمتقنة، دون أدنى ريب .
من المسئول عن " التدبيس "!
لا شك أن المتهمين " بتدبيس " المتداولين الأبرياء متعددين ، فقد يكونوا من المسؤولين عن الشركات اللوجستية المعنية، أو وسائل الإعلام المروّجة للأكاذيب، سواء كانت صحفا أو قنوات فضائية أو مواقع الكترونية... إلخ ، وربما يكون المتآمرون زمرة من المضاربين أو غيرهم ، كما لا نستبعد إطلاقاً أن يكون وراء عملية النصب والاحتيال تحالف ما بين هؤلاء وهؤلاء لحبك وإتقان اللعبة من كافة جوانبها .
ورغم تعدد المشبوهين في هذه الكارثة الكبرى ، إلا أن إدارة سوق الكويت للأوراق المالية هي المسئول الأول تجاه هذا الموضوع ، وذلك لسياستها الانتقائية والمزاجية في التعامل مع الأمور المرتبطة بالبورصة ، حيث توقف سهم معين على خلفية خبر صغير منشور في أحدى الصحف وتطلب إيضاح سريع وعاجل ، بينما لا توقف سهما آخر رغم نشر خبر حسّاس عنه "بالمانشيت" العريض ، وفي صدر الصفحة الاقتصادية لإحدى أو بعض الصحف ، وبمساحة كبيرة أيضاً ، من جهة أخرى ، حتى أنه إذا تم إيقاف سهم معين ، وأصدرت الشركة المعنية بياناً رسمياً توضيحياً بناء على طلب إدارة البورصة ، وثبت فيما بعد أن ذلك البيان كاذب مائة بالمائة ، لا تحرك إدارة السوق ساكناً إطلاقاً ، وكأن شيئاً لم يكن ، حتى بات الموقع الالكتروني لسوق الكويت للأوراق المالية منصة رسمية لإطلاق الأكاذيب في بعض الأحيان ، والتي يكون ضحيتها مئات الملايين من مدخرات المواطنين ، ناهيك عن زعزعة الثقة في البورصة بشكل خطير ، بالإضافة إلى الإساءة بشكل جسيم لسمعة دولة الكويت الاقتصادية بالداخل والخارج ، فضلا عن إحباط واجهاض أي محاولة أو نية لتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري .
نتائج العام والربع الرابع 2009
أعلنت معظم الشركات المدرجة عن نتائجها لعام 2009 ، بينما تخلفت 14 شركة عن إعلان نتائجها منها 7 شركات لم تفصح عن بياناتها منذ فترة طويلة نسبياً ، و 7 شركات لم تقدم بياناتها المالية عن العام 2009 ، وقد تم إيقافها عن التداول اعتباراً من 1/4/2010 ، وقد جاء تحليلنا لتلك النتائج متأخراً هذه المرة ، نظراً لعدم التزام مجموعة من الشركات بإعلان نتائجها في موعد أقصاه 31/03/2010 ، ومنها شركات قيادية ، مثل أجيليتي.
وقد كانت محصلة نتائج الشركات التي أعلنت نتائجها عن عام 2009 – وعددها 197 شركة – صافي ربح بمقدار 99.7 مليون دك ، وذلك بالمقارنة مع صافي خسائر بمقدار 102.3 مليون دك لنفس الشركات عن العام 2008 ، ورغم التقدم في النتائج للعام 2009 ، إلا أنه متواضع للغاية ، حيث إن خسائر 102.3 مليون دك أو أرباح 99.7 مليون دك هي محصلة واحدة وهزيلة للغاية لنتائج 197 شركة مدرجة ، كون كلا النتيجتين مقاربة للصفر ، أي لا ربح ولا خسائر لمخاض عامين كاملين من العمل ، وللعدد المذكور من الشركات .
أما أداء الربع الرابع 2009 ، فقد كان أقل من التوقعات ، حيث حمل عدة مفاجآت من العيار الثقيل لبعض الشركات ، سواء من حيث الانخفاض الحاد في الأرباح ، أو تكبد خسائر كبيرة جداً ، وقد كانت محصلة تلك المتغيرات السلبية الجسيمة صافي خسائر بمقدار 730 مليون دك ، وذلك على خلاف الأرباع الثلاث الأول من العام ، والتي كانت رابحة بمقدار 105 و 442 و 216 مليون د.ك على التوالي ، ورغم الخسائر - المفاجأة بالنسبة لنا على الأقل – للربع الرابع 2009 ، إلا أنها جاءت أقل من خسائر الربع المناظر من العام 2008 ، والتي بلغت 3.034 مليارات د.ك ، وتجدر الإشارة إلى أن سبع شركات لم تعلن نتائجها عن العام 2009 حتى الآن ، وبالتالي ، لم يشملها هذا التحليل الموجز ، ونتوقع أن تكون معظم – إن لم نقل جميع – تلك الشركات خاسرة ، وبشكل جسيم أيضاً ، مما يرجح انقلاب صافي الأرباح المجمعة لعام 2009 والبالغ نحو 100 مليون د.ك إلى خسائر ، ناهيك عن تعاظم خسائر الربع الرابع 2009 .
توقعات الصحف وتوقعاتنا لعام 2009
جرياً على عادتنا ، نقوم برصد توقعات بعض الصحف لنتائج الشركات المدرجة ، وهذه المرة بما يتعلق بنتائج العام 2009 ، وقد تم رصد توقعات أربع صحف ، ثلاث منها هي الأكثر انتشارا بين الصحف القديمة ، وصحيفة واحدة جديدة ، وقد بلغ متوسط نسبة النجاح للصحف الأربع 27% ، وكان أفضلها بنسبة 40% ، وأدناها بمعدل 14% ، وقد بلغ إجمالي التوقعات المرصودة 37 توقعاً ، ورغم انخفاض نسبة نجاح التوقعات للظروف الاستثنائية والمتذبذبة التي مرت بها شريحة كبيرة من الشركات المدرجة ، إلا أننا لازلنا نرصد ترشيداً إيجابياً – ولو خجولاً – لإصدار التوقعات من جانب بعض الصحف ، والذي يؤدي إلى الحد من تضليل المتداولين وإرباكهم ، وقد تم اعتبار التوقعات التي تقل أو تزيد بمعدل 10% عن النتائج الفعلية توقعات ناجحة ، كما تم استبعاد بعض التوقعات ، كونها صادرة قبل يوم أو يومين من إعلان النتائج الفعلية وكانت مطابقة لها تماماً ، أو قريبة منها إلى حد كبير جداً ، وبالتالي ، فإن شبهة التسريب تكون حاضرة بقوة ، والتي اقتضت استبعاد تلك التوقعات الناجحة والمشبوهة في آن واحد !
أما توقعاتنا نحن ، والمنشورة بتاريخ 30/12/2009 ، فقد جافت الواقع بشكل كبير جداً ، حيث كانت توقعاتنا تفيد بنقطة التعادل لنتائج جميع الشركات المدرجة للربع الرابع 2009 ، أي عند مستوى الصفر أو قريباً منه ، أي أن خسائر الشركات الرابحة تعادل نتائج الشركات الخاسرة ، إلا أن هذا التفاؤل النسبي لم يكن في محله على الإطلاق ، حيث طغت الخسائر على الأرباح بمقدار 730 مليون د.ك للربع الرابع 2009 ، علماً بأن هناك 7 شركات لم تعلن نتائجها عن ذلك الربع ، ويتوقع لها أن تعلن خسائر جسيمة في غالب الظن ، أما توقعاتنا لنتائج العام 2009 ككل ، والتي كانت عند مستوى 732 مليون د.ك بناء على توقعاتنا المتفائلة نسبياً وغير الموفقة فعلياً للربع الرابع ، فقد انخفضت عن صافي الأرباح المجمعة الفعلية البالغة نحو 100 مليون د.ك بمعدل 86% ، ونترك للقارئ الكريم تقدير مدى كفاءتنا في وضع التوقعات ، وذلك في ظل الظروف السائدة والمتغيرات المحيطة !
توقعات الربع الأول 2010
أعلنت - حتى إعداد هذا التقرير -33 شركة مدرجة من أصل 205 شركات نتائجها عن الربع الأول 2010 ، وقد بلغ إجمالي تلك النتائج صافي أرباح بمبلغ 200 مليون د.ك مقابل 175 مليون د.ك للربع المناظر 2009 ، وبنسبة نمو بلغت 15% ، ونتوقع أن تتفوق أرباح الربع الأول 2010 على أرباح الربع الأول 2009 عند اكتمال إعلان النتائج أو معظمها في تاريخ أقصاه 15/05/2010 ، حيث نتوقع أن تنمو الأرباح بمعدل 25% كحد أدنى ، وذلك نظراً للانتعاش النسبي في سوق المال الكويتي بمعدل 14.3% خلال الربع الأول ، والذي ينعكس إيجاباً على نتائج الشركات بشكل أو بآخر خلال الفترة المذكورة ، ولن نستطيع تحديد سقف أعلى لتوقعاتنا أو رقم محدد كعادتنا ، نظراً لصعوبة وضع التقديرات العلمية والمهنية في ظل الظروف المضطربة الحالية ، وذلك كما اثبتتها توقعاتنا للربع الرابع 2009 ، والتي كانت في واد ، بينما كانت النتائج الفعلية في واد آخر ، كما أسلفنا .
عضوية مجالس الإدارات … تكليف لا تشريف
حدثت مشادة كلامية ما بين رئيس مجلس إدارة البنك التجاري السابق ، وممثل أحد المساهمين في البنك ، وذلك أثناء الجمعية العمومية التي انعقدت في 11 / 04 /2010 ، وذلك بما يتعلق بعدم الموافقة على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة لحين التحقيق في بعض المصروفات ، ومن ثم عقد جمعية عمومية أخرى لبحث نتيجة التحقيق واتخاذ ما يلزم. ولعل هذه الحادثة تجعل من المهم التحدث عن موضوع إبراء ذمة أعضاء مجالس الإدارات بشكل عام ، وليس بما يتعلق بالبنك التجاري تحديداً ، حيث يعتقد بعض أعضاء مجالس الإدارات ، أن مهمتهم أو منصبهم تشريف وليس تكليف ، وبالتالي ، من غير اللاّئق محاسبتهم من جانب المساهمين على تصرفاتهم ، حيث يعتقد هؤلاء الأعضاء أن بند إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة هو مجرد بند شكلي وبروتوكولي ، وبالتالي ، يقتضي الموافقة الروتينية أو التلقائية من جانب المساهمين ، وبالإجماع أيضاً !
لا شك بأن عضوية مجلس الإدارة هي تكليف وليست تشريف ، وهي فوق ذلك أمانة جسيمة وثقيلة ، وعليه ، فإن من لا يستطيع تحمّل تلك الأمانة أو لا يرغب بالمساءلة ، أو يترفع عنها ، يحب أن لا يقبل بهذا المنصب منذ البداية ، والذي تحدد له أتعاب معلومة مقابل مسئوليات معروفة ، ونعتقد أن جانباً كبيراً من سوء الإدارة والفساد في الشركات المدرجة جاء نتيجة لعدم تفعيل هذا البند لمدى عقود وليس سنوات ، حيث نرى ضرورة تفعيله خاصة في الظروف الراهنة ، حيث تم استباحة أموال المساهمين وتكبيدهم خسائر فلكية بسبب تصرفات شريحة كبيرة من أعضاء مجالس الإدارات .
إن المحاسبة الجادة والعادلة لأعضاء مجالس الإدارات من خلال بند إبراء ذمتهم من عدمه، سيشكل رادعاً كبيراً للسلوك المنحرف لبعض الأعضاء ، ومن شأن ذلك قيام المرشحين لعضوية مجالس الإدارة بحساب التبعات الجسيمة لعضويتهم ، وأيضاً الحد من تعدد العضويات السائدة بقوة دون مبرر سوى التنفيع والتباهي ، إن لم نقل للكسب غير المشروع في كثير من الحالات .
وبهذه المناسبة ، ندعو إلى مساءلة أعضاء مجالس الإدارات المشبوهة ، وما أكثرهم حالياً ، وذلك من خلال عدم إبراء ذمتهم ، وتشكيل لجان التحقيق المحايدة لكشف الأسباب الحقيقية للخسائر وضياع الموجودات ، وبالتالي ، اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لاسترداد ما يمكن استرداده من أموال ضائعة ، خاصة في ظل التشكيل والتفعيل الرسمي لمحكمة سوق المال مؤخراً ، ونعتقد أن الوقت الحالي مناسب للمساءلة الجادة ، وذلك في خضم موسم الجمعيات العمومية ، والتي تعقد تباعاً هذه الأيام ، كما يجب طرح الثقة بمجالس إدارة الشركات الورقية والفاسدة ، والتي عاثت فساداً في أموال المساهمين ردحاً من الزمن دون حسيب أو رقيب.
سقوط الكتل… والمتردّية والنطيحة !
تنشط في سوق الكويت للأوراق المالية نحو 15 كتلة استثمارية رئيسية ، وذلك من خلال السيطرة على عدد يتراوح ما بين شركتين إلى أكثر من عشر شركات مدرجة ، ومعظم تلك الكتل تطغى سلبياتها على إيجابياتها ، بينما ينفرد عدد قليل جدا منها بالأداء المهني والمسؤول ، وقد بدأت بعض الكتل بالسقوط لأسباب مختلفة منها ، انكشافها على الأزمة الاقتصادية بقوة ، ففي العام الماضي سقطت كتلة الأبراج ( أبراج ، الشبكة و د للإجارة )، كما تم إيقاف سهمي كتلة الأهلية عن التداول مما يرجح تعثرهما ( أهلية ، جلف انفست )، وأيضاً بدأت بوادر التعثر الجدي لكتلة المجموعة الدولية ( المجموعة د ، أصول ، بترو جلف ، المستثمرون ، جراند )، وذلك بإعلان " مجموعة د ، عجزها الرسمي عن سداد مستحقات دائنين ، إضافة إلى إيقافها عن التداول وكذلك زميلاتها " جراند " و " المستثمرون " ، وذلك لعدم تقديمها البيانات المالية عن العام 2009 حتى الآن ، من جهة أخرى ، فإننا نتوقع تعثر كتلة أخرى هذا العام على الأقل ، وذلك إضافة إلى الكتل الثلاث المذكورة ، والذي يقتضي الحذر الكبير من الاحتفاظ بـ "المتردية والنطيحة" من الأسهم ، والتي هي على شفير الهاوية حالياً .
وبالرغم من الخسائر الكبيرة والغير مبررة لمساهمي الشركات المنضوية تحت أولوية هذه الكتل ، مما أدى إلى ضعف الثقة بالبورصة الكويتية ، وأيضا تشويه سمعتها الخارجية ، إلا أننا نرى أن استبعاد تلك الشركات المتعثرة من قائمة الشركات المدرجة يعتبر أمرا إيجابيا ، وذلك في إطار عملية الغربلة والتنقية المطلوبة لإعادة الثقة لبورصة الكويت ولو جزئياً ، وقد كان بالإمكان تخفيف الضرر على المساهمين والإقتصاد ، وذلك بإقصاء الشركات المشبوهة منذ وقت طويل ، بدلا من تركها تستنزف أموال المساهمين لمدة طويلة وبشكل واضح ومكشوف وعلى مرآى من الجميع ، وأولهم إدارة سوق الكويت للأوراق المالية ، وهي الجهة الرئيسية المؤتمنة على الوضع التنظيمي والرقابي السليم للبورصة !
هبط المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية لشهر أبريل بمعدل 1.2% ، بينما هبط السعري بنسبة أعلى بلغت 3.1% ، ورغم ذلك ، يظل أداء المؤشرين إيجابيا منذ بداية العام 2010 حتى نهاية أبريل بنمو 12.9% للوزني و 4.2% للسعري ، ويلاحظ اتساع الفجوة ما بين المؤشرين لتبلغ 9 نقاط مئوية ، بعدما كانت 3 نقاط فقط نهاية يناير ، مما يوضح التدهور المستمر لشريحة عريضة من أسعار أسهم الشركات الصغيرة ، وذلك لتفاقم مشاكل بعضها ، وتعثر بعضها الآخر ، ناهيك عن اكتشاف المزيد من الشركات الورقية من جانب المتداولين الغافلين، وكل ذلك يضغط على المؤشر السعري ، الذي يعكس أداء الأسهم الصغيرة بشكل أوضح من الوزني بكل تأكيد .
وقد انخفض متوسط التداول اليومي خلال أبريل إلى 70.3 مليون د.ك بالمقارنة مع 76.8 مليون د.ك لشهر مارس ، أي بنمو سلبي بمعدل 8.5% ، وقد أثر في تداول أبريل عاملان متضّادان ، الأول : انخفاض جرعة التداول المصطنع ، أو الوهمي ، أو المتفق عليه مسبقاً ، حيث لم نعد نلاحظ تداولا استثنائيا كبيرا على الأسهم المشبوهة بالتداول المزيّف ، وذلك بعد كثرة الشكاوى حولها وافتضاح أمرها للجميع ، ناهيك عن احتمال تفعيل قانون هيئة سوق المال ، والذي يجرّم بوضوح تلك الممارسات الخاطئة ، أما العامل الثاني : فتمثل في النشاط الاستثنائي على أسهم النقل أو شركات اللوجستيك ، حيث شهدت تداولاً محموماً في ظل المجهود الدعائي المنظم والمبرمج للترويج لفوز إحدى الشركات ، وذلك على خلفية عدم ترسية عقد المورد الأول للجيش الأمريكي على أجيليتي ، بسبب النزاع القانوني المعروف بشأنها ، حيث تداولت كميات استثنائية من الأسهم على مجموعة من الشركات اللوجستية، وذلك بشكل محموم وبقفزات شبه يومية ، وبدعم من ماكينة الدعاية المنظّمة ، والتي كانت تهدف إلى الكسب غير المشروع في غالب الظن ، وذلك من خلال توريط أو "تدبيس" شريحة من المتداولين بكميات كبيرة من الأسهم المعنية ، وبأسعار مرتفعة للغاية ، وبالتأكيد يكون الطرف الرئيسي البائع هو المخطط والمدبّر لعملية النصب والاحتيال المحبوكة والمتقنة، دون أدنى ريب .