2943
عضو نشط

الشركة الأميركية تفوز بحكم تعويض 2.16 مليار دولار جراء إلغاء مشروع «كي داو»
لعنة «داو» تكبِّد الكويت خسائر مهولة!

مواضيع مترابطة
مي مأمون
يبدو أن لعنة صفقة «كي داو» المجهضة ما زالت تلاحق الكويت، حتى كبدتها خسائر مهولة. فبعد 3 سنوات تقريبا من المتابعات القضائية والتحكيم والدفاع، أصدرت هيئة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية ICC أمس قرارها النهائي في قضية التحكيم بين شركة داو كيميكال وشركة صناعة الكيماويات البترولية PIC، والمتعلقة بتداعيات الغاء المشروع المشترك والمعروف باسم «كي داو».
ونص قرار المحكمة على أن شركة صناعة الكيماويات البترولية ملزمة قانونياً بدفع تعويض مالي لشركة داو بقيمة 2.161 مليار دولار أميركي، لا تتضمن الفوائد والتكاليف. وبموجب شروط عملية التحكيم، فإن هذا القرار غير قابل للاستئناف. وكانت كل من شركة داو وشركة صناعة الكيماويات البترولية قد اتفقتا على تسوية خلافاتهما التعاقدية عن طريق اللجوء الى التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية، التي تضم خبراء قانونيين يتمتعون بخبرة كبيرة في حل النزاعات التجارية ذات القيمة العالية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا القرار نهائي ومُلزم التنفيذ.
جملة تساؤلات
وطرح مراقبون نفطيون جملة أسئلة في صلب الموضوع تعليقا على هذا الحكم وملابساته وكيف قلب القطاع النفطي رأساً على عقب:
1 - كان الحكم نتيجة رضوخ الحكومة لضغوط من هنا وهناك، فهل من يتعظ؟
2 - أين كان المجلس الأعلى للبترول؟ وما مصلحة شركة صناعة الكيماويات البترولية بالعقد وتعويضاته؟
3 - كيف فشل محامو الكويت وشركة PIC في هذا الاختبار؟ وماذا عن التراخي؟
4 - من المسؤول عن بند جزائي يعتبر الأعلى من نوعه في العالم؟ من تواطأ مع «داو»؟ ولماذا؟ ولماذا خسرت الكويت مليارات بسهولة غريبة؟
5 - كيف لشركة داو الاميركية الامعان في طلب التعويضات المالية وهي من أكبر المستثمرين الاجانب في الكويت؟
6 - لماذا يفرح بعض أهل القطاع النفطي ويضحك من تحت الطاولة لهذه الخسارة الفادحة؟!
7 - كيف سيتفاعل النواب مع هذه الخسارة المليارية؟ وهل سيتحملون مسؤوليتهم التاريخية؟!
مستمرون في الشراكة!
وفي التفاصيل، قال أندرو ليفيريس، رئيس مجلس إدارة شركة داو ورئيسها التنفيذي: «تمثل النتيجة التي توصلت إليها المحكمة قراراً يضع حداً لهذه القضية. وسوف نواصل تركيزنا على المضي قدماً في تنفيذ استراتيجيتنا التحولية، وتعزيز شراكاتنا التجارية المربحة في الكويت ومختلف أنحاء العالم».
هذا وتعمل شركة داو في الكويت منذ ما يقرب من 40 عاماً. وقالت الشركة في بيان انها «سوف تبقى الشراكة التي تجمع بين داو ودولة الكويت، وتضم عدداً من المشاريع المشتركة الرائدة في القطاع، قوية كسابق عهدها، وسوف تواصل تحقيق الفائدة المتبادلة لكلا الطرفين».
رأي «الكيماويات»
بدورها، أعلنت شركة صناعة الكيماويات البترولية تلقيها اشعارا من غرفة التجارة الدولية بصدور قرار هيئة التحكيم بأحقية شركة داو كيميكال في التعويض من شركة صناعة الكيماويات البترولية بمبلغ 2.161 مليار دولار وذلك عن مطالبتها بإلغاء المشاركة في مشروع البتروكيماويات في عام 2008.
وقالت رئيسة مجلس الادارة والعضو المنتدب في «الكيماويات البترولية» مها ملا حسين ان اتفاقية المشاركة الموقعة في نوفمبر 2008 بين «داو كيميكال» و«الكيماويات البترولية» محل المطالبة لم تتمكن الشركة من تنفيذها بعد صدور قراري مجلس الوزراء الكويتي والمجلس الأعلى للبترول اللذين اتخذا أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية 2008، ولذلك أقامت «داو كيميكال» قضية للتحكيم طبقا لبنود اتفاقية المشاركة في أوائل عام 2009.
وأضافت حسين، في بيان صادر من الشركة نشرته وكالة الانباء الكويتية (كونا)، ان ادارة الشركة بذلت جهودا كبيرة بالترافع في هذه القضية من خلال محاميها الدوليين والمحليين والمكاتب الاستشارية الدولية لدحض مطالبات داو كيميكال «ما كان له الأثر في تخفيض قيمة التعويض عن المبلغ الذي طالبت به داو كيميكال».
واوضحت ان المبلغ الذي طالبت به داو كيميكال يفوق بكثير 2.5 مليار دولار، مشيرة الى ان ادارة الشركة تبحث مع محاميها جميع الاجراءات القانونية المتاحة.
غير ملزم
إلى ذلك، أوضح مصدر تنفيذي من «الكيماويات البترولية» أن الشركة ليست ملزمة بدفع التعويض وان الجهة التي وافقت وألغت الصفقة هي الملزمة بالدفع، في إشارة إلى الحكومة الكويتية.
وبين أن المحكمة أرسلت جدول لتصنيف التعويض واحتوى على مطالبة الشركة ورأي المحكمة فيه، وطالبت فيه داو بتعويض عن الخسائر التي تكبدتها جراء بيعها أصول لتمويل صفقة «روم أند هاس» ومصاريف الدراسات والفحص قبل البيع إضافة إلى تخفيض تصنيف بعض البنوك لمستوى الشركة بعد الغاء الصفقة.
ولفت المصدر إلى أن الحكم لم يشمل مصاريف التحكيم والفوائد التي تطالب بها داو، ولم يتضح بعد إن كان هناك حكم آخر بخصوص هذا الشأن، أم أن الشركة تنوي التقاضي مرة أخرى للمطالبة بهما.
وقال إن «الكيماويات البترولية» تعتقد أن الخسائر تتعدى 2.16 مليار دولار، فهناك خسارة للأرباح التي كانت ستنتج عن هذه الصفقة بقيمة 3 مليارات دولار إذا تمت منذ ثلاث سنوات.
وعلى صعيد مؤسسة البترول الكويتية، قال أحد الأعضاء المنتدبين فيها أن الحكم غير قابل للتنفيذ، ويجب أن يمر من خلال المحاكم الكويتية، لأنه بين جهة حكومية كويتية وشركة أميركية مثل قضية الناقلات تماما، وداو كانت تعلم ذلك قبل أن تذهب للتقاضي دوليا، وعليه فما زال أمام الشركة الأميركية خطوة أخرى لكي تربح.
عرض الشرط
وبيّن المصدر أن «الكيماويات البترولية» ملزمة بدفع التعويض في حال أقر، لأنها هي الجهة التي وقعت على العقد ووافقت على السقف الأعلى للتقاضي بهذا المبلغ، الذي لا يتعدى في معظم الصفقات العالمية 100 مليون دولار كأتعاب محامين واستشاريين.
كما أن هذا الشرط لم يعرض على مجلس إدارة المؤسسة والمجلس الأعلى للبترول في مرحلة اعتماد المشروع وكل ما عرض هو تعريف للمشروع وأصوله ودراسات الجدوى، وكأن هناك من له مصلحة في وضع قيمة سقف التعويض.
المحاسبة ضرورية
وأشار إلى أن قرار وزير النفط هاني حسين باستبعاد كل من العضو المنتدب للشؤون المالية والإدارية علي الهاجري، والعضو المنتدب لقطاع التسويق العالمي ناصر المضف من مجلس إدارة المؤسسة كان بسبب اقتراب موعد النطق بالحكم ومحاولته التغطية على بعض المسؤولين لعلمه بقدرة المضف والهاجري على إقناع بقية المجلس بضرورة محاسبة كل من ورط المؤسسة في شروط هذا العقد. وقد سبق ذلك إرسال الهاجري كتابا خطيا يحذّر من احتمالية خسارة الكويت للحكم ويقترح فيه بمحاسبة المسؤول عن ذلك.
من جهة أخرى، علم أحد أعضاء المجلس الأعلى للبترول عن خسارة الكويت للحكم القضائي من القبس، وبين أن أعضاء المجلس كان لديهم ثقة بأن الكويت ستخسر بدليل فتح باب النقاش في هذه القضية خلال أحد الاجتماعات الأخيرة، إلا أن هذا هو أفضل أسوأ الأخبار، حيث طالبت الشركة الأميركية بتعويض 5 مليارات دولار، بينما كان الحد الأعلى لسقف التعويضات 2.5 مليار دولار.
وقال إن في حيثيات اتخاذ قرار إلغاء الصفقة كان هناك 5 أصوات تعترض عليه، ولكن كانت الأغلبية هي ذات الصوت الأعلى، موضحا أن هذه اللاطمة ستعطي لأصحاب القرار درساً في كيفية دراسة واقع السوق، وأن المناصب ليست باقية للأبد، ولكن دولة الكويت باقية.
من المسؤول عن هذه اللعنة التاريخية؟
لا ينفع ان يتقاذف المسؤولون النفطيون المسؤولية عن هذه الخسارة التاريخية المهولة، السؤال الملح الآن هو: من المسؤول عن هذه الخسارة الهائلة؟
هل هي طريقة الحكومة لأنها ألغت العقد بعدما رضخت لحملات شعواء من نواب وصحافة؟ هل هم النواب الذين ضغطوا على نحو كارثي حتى وصلنا الى هذا المنزلق الخطر؟ هل هي شركة PIC (الكيماويات البترولية) التي قبلت بهكذا بند جزائي خطر للغاية؟ هل هي مؤسسة البترول التي لم تقدر العواقب عندما استعجلت بالمضي في هكذا عقد؟ هل هو المجلس الاعلى للبترول لانه كان شبه غافل عن كل هذا؟ هل يمكن تدارك هذا الامر قانونياً؟ وكيف؟ والاسئلة تتوالى لأن المبلغ كبير وكبير جداً ولا طاقة لاحد على تحمل دفعه ببساطة.
على الغارب
حمّلت أطراف شركة PIC مسؤولية معينة، بسبب عدم قدرتها على الدفاع عن موقف الحكومة بشأن إلغاء الصفقة، حتى جاءت التعويضات هائلة. وقالت: يبدو أن محامين لم يفعلوا المطلوب.. وتُركت المسألة على غاربها.
حيلهم بينهم
ربطت مصادر نفطية بين إقالة علي الهاجري وناصر المضف من مجلس إدارة مؤسسة البترول وقضية «داو»، وقالت انه كان للاثنين مواقف أزعجت أطرافاً معينة راغبة في أن تخسر الكويت حتى تتلقن الحكومة درساً!
سابق إصرار وتصميم
سبق توقيع عقد الشراكة مع «داو» حملة قادها نواب وصحافة، واستمرت الحملة حتى بعد التوقيع، حتى أجبرت الحكومة على الغاء الصفقة.
السؤال: لماذا تم القبول بشرط جزائي «طائل جداً»، علماً بأن الحملة كانت مستعرة؟!
سيادي
أكدت مصادر قانونية أن الحكومة الكويتية ألغت عقد «كي داو» في المهلة المحددة، حتى لو كان ذلك في اليوم الأخير لها. وهي مارست حقاً سيادياً. لذا، تبقى المسؤولية كاملة على من وقَّع العقد وقَبِل بالبند الجزائي.
تنصُّل
تقول مصادر إن شركة PIC (الكيماويات البترولية) غير معنية بدفع التعويض، لأن الحكومة هي التي ألغت العقد.
وتضيف: قرار الحكومة «سيادي»، وأما الطرف الموقع فهو شركة PIC، فكيف تريد التنصل؟!
للتذكير فقط
أعلنت شركة صناعة الكيماويات البترولية عن الدخول في مشروع الشراكة «كي داو» في نهاية عام 2007 بقيمة 17.4 مليار دولار، وكانت حصة الكويت في ذلك العقد تبلغ 7.5 مليارات دولار مناصفة مع «داو كيميكال» الأميركية ومن خلاله كانت ستتمكن الكويت من شراء 50 في المائة من مصانع مواد البلاستيك الأساسية، وتمتلك لأول مرة حقوق استخدام تكنولوجيا داو، لتكون أكبر منتج للبولي إيثلين في العالم.
وألغيت الصفقة في نهاية عام 2008 من قبل الحكومة الكويتية على خلفية جدل سياسي واقتصادي.
كان من المفترض ان تستخدم الشركة الأميركية أرباح الصفقة المقدرة بنحو 9 مليارات دولار لتمويل صفقة استحواذها على شركة روم اند هاس في 2009، واضطرت على اثرها ان تخفض توزيعات الأرباح بنحو 64 في المائة في فبراير 2009، وهو أول تخفيض تقوم به الشركة منذ إنشائها.
سؤال
سألت مصادر مطلعة عما إذا كانت مها ملا حسين عرضت على المجلس الأعلى للبترول قيمة البند الجزائي الذي قبلت به في عقد «كي داو»؟ كما سألت عن كيفية توقيع عقد ببند جزائي ملياري كهذا؟
تناقض
أكدت مصادر متابعة للصفقة وإلغائها أن مسؤولة نفطية قالت يوم الالغاء «ان الحكومة غدرت بنا». ثم عادت لتقول لاحقا ان الالغاء حق سيادي. فأي التصريحين أقرب للتصديق؟
نبوءة
أشارت مصادر نفطية إلى تصريح لوزير النفط هاني حسين، قبل نحو شهرين، قال فيه «إن الكويت قد تدفع غرامة».
وسألت: كيف عرف الوزير ذلك قبل صدور الحكم؟ وماذا كانت معطياته؟ ولماذا؟