التاريخ: 13 أكتوبر 2014 11:17 م
صحيفة الكويتية
Share |
أشعلتها الأوضاع الجيوسياسة في المنطقة
محللون: معركة اقتصادية لإعادة رسم الخريطة النفطية في العالم
* العوضي: ما يجري اليوم في السوق النفطية يعيدنا لحقبة الثمانينيات
* البذال: العام المقبل سيكون عام الركود النفطي
* بوخضور: هناك قرار سياسي دولي وراء انخفاض أسعار النفط بعد ضربات «داعش»
يعيش العالم هذه الأيام حالة من اللا استقرار، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط بسبب الأوضاع الأمنية الراهنة ومستجدات الوضع في العراق وسوريا، ما أدى الى تدهور اسواق النفط العالمية وبروز احتمالات اعادة رسم الخريطة النفطية في العالم.
ويرى المراقبون أن اسواق العالم تشهد حاليا «حالة من الغموض» بسب عدم وضوح الأسباب الحقيقية وراء تدهور أسعار النفط وخسارتها اكثر من 20 بالمئة من قيمتها خلال ثلاثة أشهر فقط.
ومثلما خسر برميل نفط خام الإشارة الدولي (مزيج برنت) نحو 25 دولارا (21.7 بالمئة) منهيا الأسبوع الفائت عند مستوى90.21 دولارا للبرميل بعد تسجيله اعلى مستوى له هذا العام في يونيو الماضي والبالغ 115.71 دولارا خسر برميل الخام الكويتي23.61 دولارا عندما انهى الاسبوع عند مستوى 30. 85 دولارا للبرميل مقارنة بـ108.91 دولارات سجلها في 23 من يونيو الماضي.
ورغم فداحة الخسائر لبرميل النفط فإن الاسباب وراءها ليست معلومة بشكل قاطع، ففي الوقت الذي تكون هناك اسباب قوية لصعود الاسعار نجد اسبابا ضعيفة عكسية تقود الى انهيار الاسعار وهو ما خلق آراء متضاربة ومتباينة بين المحللين والمتخصصين.
وإن كان المعروف والمسلم به أن الحروب تشعل أسعار النفط وتطلق لها العنان فإننا على ارض الواقع نجد ان الحرب على (داعش) لم توقف انهيار الاسعار التي يرجح ان انخفاضها يأتي بفعل زيادة المعروض من النفط في الاسواق العالمية وتباطؤ النمو الاقتصادي في الدول الاكثر أهمية في العالم كالصين واليابان والمانيا وبالطبع الولايات المتحدة.
وان كان طبيعيا ان تفكر الدول المنتجة في الخروج من المأزق والعمل على رفع الاسعار مجددا فإنه من غير الطبيعي أن دولا منتجة تزيد من انتاجها وهو ما سيؤدي بطبيعة الحال الى المزيد من الانهيار ليبقى الامر غير مفهوم ما يدل على ان هناك الكثير من الخفايا.
وفي لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكويتية تباينت آراء محللين وخبراء متخصصين محليين حول هذه القضية الاقتصادية المفصلية، فبينما يرى بعضهم أن انهيار الاسعار أمر سياسي يراه آخرون فنيا، وبينما يعتبر اخرون أن الاسعار مستمرة في الانخفاض يرى آخرون أنها ستعاود الصعود سريعا.
وفي هذا الصدد قال الخبير في استراتيجيات النفط حجاج بوخضور ان انخفاض اسعار النفط في الفترة الماضية كان أمرا متوقعا وليس طارئا مشيرا الى انه كان هناك إعداد مسبق لخفض الاسعار لتصل الى هذه المستويات.
ولفت بوخضور الى ان المراقب للعمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا يرى دائما انه يسبق هذه العمليات انخفاض لاسعار النفط، مشيرا الى ان بعض الدول تعمد الى دفع الاسعار للهبوط قبل العمليات ليكون السوق قادرا على امتصاص أي زيادة غير متحكم فيها.
واوضح ان تلك الزيادة قد تنتج عن عمليات التخريب او الانفجارات التي قد تحدث في الدول المنتجة للنفط اثناء العمليات العسكرية ولهذا تعمد تلك الدول الكبرى لخفض الاسعار لأدنى مستوى كاستراتيجية ولذلك يمكن تلمس الاحداث السياسية من خلال اسعار النفط والعكس صحيح.
وشدد بوخضور على ان هناك قرارا سياسيا دوليا وراء انخفاض اسعار النفط من دول التحالف ويقصد منه عدم استغلال المضاربين للأحداث العسكرية.
وقال إن الامر يتطلب هنا زيادة الانتاج للنفط ورفع مستوى المخزون في الدول المستهلكة.
ورأى بو خضور ان الامرين الاخيرين محددان رئيسيان لاتجاه الاسعار فاذا كان الانتاج وفيرا انخفضت الاسعار وكذلك فان ارتفاع المخزون وبخاصة الاميركي اكثر من المتوقع يمكن ان يتسبب في الانخفاض في الاسعار بنسبة قد تصل الى 3 بالمئة.
واضاف انه عندما يحدث ذلك لا يكون هناك مبرر للمضاربين لرفع الاسعار بل يتسبب لهم هذا في الهلع والعزوف عن المضاربة، موضحا ان الفرصة تكون مؤاتية فقط للمضاربين في بداية العمليات العسكرية و«الان فاتتهم هذه الفرصة وبزوال العمليات العسكرية سترتفع الاسعار من جديد».
واوضح ان من اسباب انخفاض الاسعار حاليا هو سعر صرف الدولار وهو امر يتعلق بالسياسة النقدية الاميركية، مشيرا الى ارتباط سعر صرف الدولار بعلاقة عكسية مع اسعار النفط لان الدولار يرفع من تكلفة تجارة النفط وبالتالي تصبح المضاربة مرتفعة الكلفة وتقل جاذبية النفط كسلعة للمضاربة وبالتالي يقل السعر.
واشار الى ان معدلات النمو لعبت دورا رئيسا في انخفاض الاسعار بانخفاض نسبها عن المتوقع في كل من الصين واوروبا، مبينا ان استقرار موسم الاعاصير نسبيا وعدم حدوث اعاصير حادة وشديدة كالمعتاد دعم الاتجاه في انخفاض الاسعار هذا العام.
وتوقع بوخضور ان تظل اسعار النفط بالنسبة لخام الاشارة مزيج برنت في نطاق 90 الى 100 دولار ما دامت العمليات العسكرية لدول التحالف ضد تنظيم (داعش) مستمرة، مشيرا الى ان الاسعار في الربع الاول من العام الجديد 2015 لن تقف عند المستويات الحالية واما ان تعاود الارتفاع من جديد أو تنخفض الى ما دون الـ90 دولارا.
ارتفاع سعر الدولار
من جهته قال الاستاذ في كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت د.طلال البذال إن ارتفاع سعر صرف الدولار يأتي على رأس اسباب انخفاض اسعار النفط في الفترة الحالية، مشيرا الى ان تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي لعب دورا رئيسا ايضا في هذا الانخفاض خصوصا في الدول الكبرى المستهلكة للنفط كالصين والهند واليابان واميركا وبعض الدول الاوروبية وابرزها المانيا، واضاف البذالي انه من المفترض ان تنخفض اسعار النفط أكثر مما هي عليه ولكن مشكلة تنظيم (داعش) والضربات الجوية ضده احدثت نوعا من التوازن متوقعا ان تواصل اسعار النفط هبوطها قبل نهاية العام الحالي لما دون الـ80 دولارا بالنسبة لمزيج برنت ودون 75 دولارا بالنسبة لنفط غرب تكساس الاميركي.
ميزانيات دول أوبك
وأضاف ان دول (اوبك) لن تسعى الى خفض انتاجها خلال المرحلة القادمة، مشيرا الى ان دول اوبك متضررة من انخفاض الاسعار لكون ميزانياتها العامة موضوعة على سعر 70 او 75 دولارا لبرميل النفط، ومع انخفاض الاسعار ستحتاج للمزيد من الانتاج والبيع حتى لا تتعرض ميزانياتها للعجز.
وتوقع البذالي انخفاض الاسعار اكثر مما هي عليه حاليا وان يكون العام المقبل هو عام الركود النفطي، مشيرا الى انها ستعاود الصعود بعدها وذلك كون سلعة النفط مازالت السلعة الاولى كمصدر للطاقة في العالم.
وعاد البذالي واشار الى ان الولايات المتحدة تحسب حساباتها جيدا، خصوصا فيما يتعلق بسعر صرف الدولار، مؤكدا ان ارتفاع الدولار كان نتيجة حسابات اميركية، خاصة بالحرب الدائرة حاليا، حيث إنها ستستفيد من هذا الارتفاع على عدة صعد اهمها انها ستبيع الكثير من المعدات والاسلحة بالدولار وبالتالي تعظم من الفائدة العائدة عليها، اضافة الى ان كلفة الحرب غالبا معروف من يتحملها.
أسعار متقلبة
وشدد على ان الحديث عن انهيار اسعار النفط امر غير صحيح، مشيرا الى ان اسعار النفط متقلبة وهذا امر طبيعي منذ اكتشاف النفط مشبها حال الاسعار بالصعود لقمة الجبل والهبوط لأسفل الوادي.
وحول دور النفط الصخري ومستقبله في ظل الاسعار الحالية اكد البذالي ان النفط الصخري خدعة اميركية، متسائلا إذا كان النفط الصخري غير مجد واسعار النفط في حدود 110 و120 دولارا فهل يكون مجديا ويستمر انتاجه والاسعار في حدود 85 دولارا.
واشار الى ان كل برميل نفط صخري يحتاج الى ما يعادل برميل نفط تقليديا عند انتاجه لما يستهلك من كهرباء وغاز في عملية الانتاج، مؤكدا ان الولايات المتحدة لا تعلن عن الحقائق بشأن هذا النوع من النفط والمكتشف منذ الستينيات «لكن الضجة حول هذا النفط سياسية اقتصادية لممارسة ضغوط على الدول المنتجة».
من ناحيته اكد الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي انه لا تزال اسعار النفط مستمرة في الانحدار حتى الان في اسواق النفط العالمية منذ
21 يونيوالماضي عندما كان مؤشر نفط خام برنت يشير الى 115 دولارا للبرميل.
واضاف العوضي «حذرنا في 15 سبتمبر من انه خلال اسبوعين ستهبط اسعار النفط الى دون 89 دولارا للبرميل لكن لم تتخذ اجراءات لتصحيح مسار اسعار النفط»، وأكد انه رغم ما صدر من تطمينات من وزراء في منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) وما تبعها من تصريحات عن خفض الانتاج من قبل المنظمة الى 29.5 مليون برميل وبالتزامن مع تصريحات وكالة الطاقة الامريكية لخفض الطلب العالمي على النفط فان ذلك لم يجد نفعا لتعديل الاسعار ورغم ما قامت به قوات التحالف من ضرب مواقع لحركة داعش المسيطرة على بعض الابار النفطية في سوريا «ولكن ذلك لم يوقف هبوط الاسعار».
ولفت العوضي الى ان هبوط اسعار النفط بهذا الشكل التدريجي منذ نحو ثلاثة اشهر اشبه بالمخطط له سلفا، حيث تبعه ارتفاع بسعر صرف الدولار الامركي (العملة التي يتم تداولها لشراء النفط)، حيث حجم هذه العقود يصل الى 3.5 تريليونات دولار سنويا منذ ارتفاع الاسعار في 2012 «وهذا مؤشر ان هناك اسبابا سياسية واقتصادية وليست اسبابا متعلقة بالنفط»، وقال العوضي «انها حرب اسعار وحرب عملات في نفس الوقت بين دول كبرى وما نشهده من تدن لأسعار الروبل الروسي مقابل الدولار الاميركي واضطرار روسيا لتوقيع اتفاقيات مع الصين بالعملة الوطنية لكليهما خير دليل اليوم على ان اميركا وروسيا تتصارعان على كسب رضا الصين المستهلك الاكبر والاول في العالم».
حقبة الثمانينيات
وذكر ان ما يجري اليوم في السوق النفطية يعيدنا لحقبة الثمانينيات وتحديدا عام عام 1986 وكان الهدف من زيادة الانتاج في ذلك الوقت هو المحافظة على حصص السوق كما هو الحال الان، واشار الى ان حرب الاسعار ادت الى انخفاض القيمة السوقية للنفط بشكل كبير، ما اثر في الميزانية السعودية لتخسر حوالي 11 مليار دولار اميركي، حيث تم تغيير معادلة تسعير النفط من السعر الثابت المعلن للبرميل الى معادلة (النت باك) وربط الاسعار بأسعار السوق الفورية.