تكبدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية خسائر حادة خلال تعاملات ما قبل افتتاح آخر جلسات الأسبوع، يوم الجمعة، مع خسائر تجاوزت الـ 500 نقطة مرة واحدة للداو جونز، مع تدهور معنويات المستثمرين للمخاطرة.
وجاء العزوف الحاد عن المخاطرة بالتعاملات الآجلة مدفوعاً بالهجمات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد إيران فجر اليوم، والتي استهدفت المنشآت النووية في طهران بالأساس، الأمر الذي أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، ومقتل قائد الحرس الثوري بالجمهورية الإسلامية.
وفي المقابل، أطلقت إيران 100 طائرة مسيرة على الكيان، الأمر الذي عزز بنهاية المطاف عزوف المتداولين عن الأصول عالية المخاطر وخصوصاً الأسهم الأمريكية.
وتداولت العقود الآجلة قرب هذه المستويات قبيل افتتاح السوق:
عقود مؤشر داو جونز الصناعي الآجلة Dow Jones فقدت 501 نقطة، منخفضة بـ 1.17% لتتداول قرب المستوى 42,489.00 نقطة.
العقود الآجلة لمؤشر ناسداك Nasdaq 100 هبطت بنسبة 1.46% وفقدت نحو 319.5 نقطة، لتسجل المستوى 21,613.25 نقطة تقريباً.
هل تتمكن الأسواق من احتواء تداعيات التصعيد الجيوسياسي؟
عقب الضربة الجوية التي شنتها إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية، والتي وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي بأنها "ضربة استباقية"، تواجه الأسواق العالمية تحديًا حاسمًا: هل ستنجح في احتواء تداعيات هذا التصعيد الجيوسياسي المفاجئ؟
هذه التوترات ألقت بظلالها فوراً على مؤشرات السوق، فبينما ارتفعت أسعار النفط، شهدت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم الأمريكية تراجعًا، وعاود الدولار تعويض خسائره السابقة مع تزايد ميل المستثمرين للتخلي عن الأصول عالية المخاطر.
الساعات القادمة تحدد مصير السوق: سيناريوهات الرد الإيراني
يرى محللون أن الأيام القليلة القادمة ستكون مفصلية لتحديد اتجاه الأسواق. فعناوين الأخبار التي تناولت الضربة الإسرائيلية أعادت إشعال المخاوف الجيوسياسية، ويعتمد استمرار هذا المزاج الحذر على طبيعة رد فعل طهران خلال الـ 24 إلى 48 ساعة المقبلة.
السيناريو الأول:احتواء محدود
وذلك إذا جاء الرد الإيراني محدودًا واستمرت تدفقات الطاقة دون انقطاع، فإن التجربة التاريخية تشير إلى أن موجة المخاطرة قد تتلاشى بسرعة.
في مثل هذه الحالات، تميل الأسواق إلى استيعاب الصدمات الأولية والعودة إلى مسارها الأساسي.
السيناريو الثاني: تصعيد وتذبذب
في المقابل، أي مؤشر على رد انتقامي كبير من إيران، أو حدوث اضطرابات في إمدادات النفط والغاز، سيُبقي مستويات التقلبات مرتفعة. هذا السيناريو سيدفع أسعار النفط والأصول الآمنة مثل الذهب وسندات الخزانة الأمريكية إلى مزيد من الصعود، مع تراجع ملحوظ في الأصول ذات المخاطرة العالية كالأسهم والعملات المشفرة.
تحول مفاجئ في مزاج السوق: من التفاؤل إلى الحذر
شكلت الضربة الإسرائيلية تحولًا حادًا في مزاج السوق، الذي كان يتسم بالتفاؤل في الليلة التي سبقت الهجوم. فالتفاؤل حيال قطاع التكنولوجيا وتراجع التضخم كان يدفع السوق نحو المخاطرة، ولكن الضربة المباشرة على إيران قلبت هذا السرد رأساً على عقب.
يذكّر هذا السيناريو بنقاط اشتعال سابقة مثل اغتيال قاسم سليماني في عام 2020 وهجمات الناقلات في 2019، حيث شهدت الأسواق ردود فعل أولية متشابهة من ارتفاع أسعار النفط وقوة في سندات الخزانة الأمريكية والفرنك السويسري.
يبقى المفتاح الآن في مدى احتواء هذه التطورات، فالتاريخ يُظهر أن الصدمة غالباً ما تتلاشى إذا كان التصعيد محدوداً.
الاستثمارات تتجه نحو الملاذات الآمنة: مؤشرات رئيسية
تترقب الأسواق عن كثب أي مؤشرات إضافية على تصعيد التوترات، ما يدفع المستثمرين بشكل حثيث نحو أصول الملاذ الآمن. هذا السلوك التجنبي للمخاطر يعني: الين الياباني وسندات الخزانة الأمريكية: من المتوقع أن يستمرا في جذب تدفقات الشراء. الأصول عالية المخاطرة: قد تشهد تراجعًا ملحوظًا مع ابتعاد المستثمرين عنها. الذهب: يُعد مؤشرًا رئيسيًا للتحوط ضد المخاطر الجيوسياسية والتضخم المحتمل، وسيواصل جاذبيته. النفط: تظل تحركاته مرتبطة بشكل مباشر بتوقعات الإمداد من المنطقة، وأي تهديد للمضيق سيؤدي إلى ارتفاعات إضافية.