أزمة هبوط البورصة وصلت المساجد وخطباء الجمعة يحذرون من أكل أموال الناس بالباطل !!
السوق وقع أسيراً للمضاربات البحتة خلال الـ 3 أسابيع الماضيةبدليل ثبات قيمة التداول
تحليل أعده أسامة القروي:
مضحك مبكي حالك يا بورصة الكويت! فأنت واجهة اقتصادية ضخمة و مرآة عاكسة لاقتصاد هذا البلد الغني الذي يطمح بأن يكون مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة، وواقع الحال لا يدل على انك سوق هذا البلد. أنت يا بورصة سوق اقتصادي، ولكن للأسف قواك المحركة اجتماعية وسياسية أكثر من كونها اقتصادية. يريدونك حرة اقتصاديا »بدون ضخ سيولة وخساير فلوس« وفي نفس الوقت اداريا وتشريعيا رقبتك مملوكة يا بورصة فأنت أبعد ما تكونين عن الحرية!
الشكاوى وصلت منابر خطباء الجمعة، فأحد الخطباء بالأمس حذر من أكل أموال الناس بالباطل، والشركات التي تتلاعب بالأرباح، والغش التجاري، وتهديد أمن البورصة عن طريق ممارسة الارهاب على أموال ومدخرات خلق الله! هاهم أهل الدين قد بدؤوا مشوارهم الاصلاحي عن طريق خطب الجمعة، فأين الحكومة من مشوارها الاصلاحي؟ عندما يصل المؤشر إلى 6000 نقطة مثلا؟
اللجنة الاقتصادية الحكومية في تقريرها ترفض مبدأ انشاء صناديق صناع السوق من مالها الخاص متعذرة بخلق اتكالية مفرطة نابعة من فكرة ضمان الاستثمار والدعم الحكومي، وفي نفس الوقت تناقض نفسها في ذات التقرير بأن الفكرة ستكون ناجحة لو أسست هذه الصناديق ومولت من قبل القطاع الخاص! كيف والبورصة بأسرها عبارة عن مؤسسة حكومية قد تفشى فيها الفكر البيروقراطي ونخر عظامها؟ الجدير بالذكر أن الحكومة تتبع أسلوب المماطلة في عملية الاصلاح، فهي تشكل لجانا، وتحل لجانا أخرى، وتؤجل اجتماعات، كل هذا والسوق »ضايع بالطوشة«! فالمتعارف عليه أن أولى خطوات الاصلاح هو تحديد الخلل والاعتراف به ومن ثم معالجة هذا الخلل، والحكومة للأسف الى يومنا الحالي لم تعترف بأي خلل بشكل مباشر لأن الأمور تسير كما كانت عليه ولم يتم أي تغيير! يتكلمون عن استحداث هيئة سوق مال، وتطبيق تشريعات جديدة، وكأن الموضوع عبارة عن اختراع شيء جديد! نظام التداول لدينا مقتبس من نظام هندي (مليء بالعيوب)، ولم نسمع قط عن محاولة »استحداث« نظام تداول خاص بالكويت! فنحن لم نكن الا مقلدين ومقتبسين من غيرنا كوننا دولة نامية، وهيئات أسواق المال موجودة منذ سنين طويلة في الأسواق العالمية، فما المانع الاقتباس والتطبيق السريع من أجل ايقاف النزيف واصلاح الصدع؟
علة السوق ليست في علة النزول ذاتها وانما لعدم وجود أسباب ثابتة ومحددة ومتفق عليها، فلكل يوم سبب ولكل يوم دوافع ولكل يوم تحليل! فلو أخذنا أسطوانة الأزمة الايرانية بعين الاعتبار لاكتشفنا أنها كانت »تلعلع« فترة فورة السوق، والتصريحات من قبل الطرفين (الأمريكي/الايراني) لم تكن أقل حدة وشراسة وقت تلك الفورة نهايات الصيف الماضي! فلماذا ننظر للملف النووي الايراني الآن بالذات على انه السبب وراء تدهور الأسعار وشحاحة السيولة في السوق على الرغم من أن نفس التصريحات ونفس الأزمة كانت قائمة وقت الصعود المطرد؟
لا يخفى على أحد أن ادارة السوق تعاني من مشاكل ذاتية داخلية، ومشاكل خارجية مع العديد من التجار، والآن مشاكل مع الحكومة نفسها تداخلت مع مسار أكثر من قضية حكومية معروضة حاليا أمام القضاء ومتعلقة بمصلحة المال العام، فأين الاصلاح من هذه المشكلة؟
السوق بأسره خلال الأسابيع الثلاثة الماضية كان أسير المضاربات البحتة، والدليل على ذلك حجم وقيمة التداول شبه الثابتين، مما قد يشير الى الأموال التي تدار يوميا هي نفس الأموال المضاربية التي تلهو وتلعب في السوق بشكل يومي، وفي المقابل عدم وجود أي سيولة جديدة »طازجة« راغبة في اتخاذ مواقع استثمارية في السوق الكويتي المظلوم.
التناقض والتضارب بين تصريحات المحللين أضعفا تلك الجبهة الدفاعية التي عادة ما تكون سلاح المتسائل حول أسباب النزول وهي التي عادة ما تبطل العجب عن طريق كشف السبب، ومن ثم تنتشر القناعة وبعدها ترتيب الأوراق ودراسة الأخطاء حتى يتم تلافيها لاحقا. ولكن ماذا يحصل عندما لا يقتنع العامة بالأسباب ويظل »العجب« قائما؟ خاصة وأنه لا ترابط يذكر بين نتائج التحاليل والأسباب المطروحة وحركة السوق؟ فكما شاهد الجميع شركة أعلنت عن خسائر لعام 2005، سهمها خلال الأسبوعين الماضيين حقق ارتفاعا بنسبة %50، وفي المقابل شركات أعلنت أرباحا قياسية للربع الأول أسهمها لم تنل من السوق الا النزول!
كيف نحل أزمة الثقة؟ كيف نحل العقدة النفسية القائمة في السوق؟ كيف نجيب على من يسأل »هل الأسعار متضخمة فنبيع ما نملك من أسهم حتى نشتريها لاحقا بأسعارها العادلة الرخيصة؟ أم السوق رخيص فنتمسك بما نملك ونحاول شراء المزيد بالسيولة المتوفرة؟« كيف نقتنع باجابة محددة والتحاليل متضاربة؟ كيف نقتنع ووزير التجارة نفسه وهو دكتور اقتصاد لا يعلم فيما اذا كان السوق متضخما أم رخيصا؟ كيف نقتنع ونحن نرى أعرق الشركات الاستثمارية محققة خسائر دفترية بالملايين وهي التي في الوقت نفسه تنادي بأن يخرج المتداول الصغير من البورصة ويودع أمواله لديها حتى يتكفل المتخصصون بادارة أمواله بدلا منه؟
تاريخ النشر: السبت 6/5/2006