الممارسة الخشنة.. في تطبيق القانون

showbiz

عضو نشط
التسجيل
26 سبتمبر 2005
المشاركات
401
الإقامة
دولــة الكـــــــويت
الممارسة الخشنة.. في تطبيق القانون

كتب:بقلم السفير: عبدالله بشارة

في صفحتها الاولى وفي عددها الصادر يوم الخميس الماضي 7 ديسمبر 2006، يتحدث د.اسماعيل الشطي الى صحيفة «القبس» عن قرارات الحكومة في تنفيذ توصيات ديوان المحاسبة، مؤكدا ان الاجراءات تحظى بدعم من سمو الأمير ومن سمو رئيس الوزراء من اجل تطبيق القانون واحترام هيبته، ونالت الحكومة دعما برلمانيا للحفاظ على المال العام، وفي الغاء عقود الشركات التي تعرض لها تقرير ديوان المحاسبة، مذكرا بأن الحكومة ستقوم بفسخ ما يحتاج الى فسخ، واصلاح ما يحتاج الى الاصلاح، وان أي عملية جراحية ستؤلم الجسم لكن مع المدى الطويل سيكون الجسم معافى وهذه الآلام التي نراها آلام العملية الجراحية التي بعدها سيحرك الجسم، ويجدد العزم على المثابرة في فرض القانون.
وكلنا مع القانون الذي دعونا دائما الى صون هيبته واحترام قراراته والالتزام بحقوقه، وقلنا دائما إن الدول تتميز بالانضباط وسطوة القانون، وهما عماد الانتاجية، بدلا من التساهل والترهل والسيولة المائعة، ونريد ان نظهر الدعم لتوجهات الحكومة في الاستمرار بفرض القانون مع اليقين بانها لن تذعن للحلول الوسطى والبحث الدائم عن الاسترضاء.

ونحن هنا لا نتحدث عن ظاهرة عابرة متمثلة في الغاء العقود وانما نتناول حالة مزعجة من الانفلات ومن التباهي بخرق القانون الى حد صار في الكويت كواقع مزري في استراق الامتيازات والتسلط على حقوق الدولة، الامر الذي ولّد ثقافة وضع اليد، ولذلك نحيي حيوية الدكتور الشطي ونتابع مسيرة الضبط والربط، مع الرغبة في ابداء الملاحظات التالية:

أولا: يجب على الحكومة ويشاركها رئيس مجلس الامة وبعض الاعضاء من النواب معالجة دور الاعضاء في الاختراق القانوني والعبث بالضوابط والتدخل في شؤون الادارات والتجول في الوزارات لاسترضاء الناخبين والتفريط في هيبة القانون وتجاهل الانضباط وهدم هيبة الدولة.
منذ يومين شاهدت بعض الجلسات عند ابداء الملاحظات في المجلس حول برنامج الحكومة، حيث يتحدث اكثر العابثين بالقانون عن تفشي الواسطة، واتذكر بأن احد النواب تحدث عن الفساد الضميري الذي لا يقتصر على الرشوة وانما يذهب الى طعن القانون وخرق هيبة الدولة، وضحكت لان الذين يتحدثون هم ابطال مسرحية الواسطة واغتصاب الحق العام.

وقد اقترحت مع الاخرين ضرورة وضع لائحة السلوكيات للنواب بحيث يسأل من يتجول في الوزارات ويحرج الوزراء حاملا ملفات الاختراق بالواسطة والتهديد والابتزاز، مع تشكيل لجنة برئاسة رئيس المجلس وعضوية بعض النواب لحماية المكانة المعنوية والسياسية للعضوية، لكن الذين يمارسون هذه السلوكيات لا يمكن ان يذعنوا لمقترح المساءلة التي تهدف لاسترجاع هيبة الدولة.

ثانيا: هناك الاغتصاب المستتر وهو يختلف عن الانتهاك المرئي للقانون، وهو اغتصاب الوكالات والعمولات والعقود والتزوير في الاراضي وممارسة فنون الرشوة والافساد، وهي التي تشكل الغول المخيف لهيبة الدولة، ويجب ان يبدأ مسار الاصلاح عند هذا النوع من التسلط وهو اخر ملفات الفساد واكثر أذى للصالح العام، ونود ان يستمر مجلس الوزراء ويواصل د.الشطي اشرافه على تفكيك منظومة الواسطة ومؤسسة الفساد، ولا يتراجع، و سيجد الدعم القوي من اجل الكويت جميعا، لان الضجر وفقدان الامل والمصداقية علامات مخربة للاستقرار.

ونود من نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة ان يتعامل ايضا مع المخالفات المرئية، وهو الاغتصاب المنظور كما نشاهده في بناء الغرف والمخازن والدواوين والكراجات على اراضي الدولة، وكما نراها في المخالفات في ادوار البناء واستسهال التوسع الارضي والعمودي، ولعلنا نتذكر ما يتردد عن عزم فريق ازالة المخالفات بوضع برنامج الازالة ثم نقرأ قضايا التأجيل والامهال واعطاء مساحات من الوقت لمخالفات مزعجة وبارزة، ونجد السماح الوقتي لبقالات بدائية في المناطق السكنية تقفل بالشمع الاحمر ثم تعود مرة اخرى في حالة من العصيان والتحدي.

ثالثا: لا بد ان نتحدث عن الامن الوطني لدولة الكويت عندما نتناول الحديث عن فرض هيبة القانون، التي هي مفتاح الانضباط والاستقرار، واذا كانت القرارات سليمة في فسخ العقود فان الاسلوب الذي اتبعته الحكومة وهي الممارسة الخشنة اضرت بالامن الاقتصادي الوطني ونالت من سمعته في الداخل والخارج، وجلبت هذه الممارسة التخوف من المزاجية المفاجئة في التبدلات والتغييرات في قواعد العمل الاقتصادي والتجاري، وكان بالامكان ممارسة النهج الناعم من التحاور مع المخالفين باعطائهم وقتا للتعديل مع مراعاة الآثار الاقتصادية والسياسية للقرارات المتسرعة التي فيها القسوة والقسر، ويمكن معالجة الافرازات السلبية لقرارات الفسخ بالتأكيد على الالتزام الرسمي بشروط التنمية الاقتصادية، وفق قواعد الانفتاح في تشجيع القطاع الخاص والاعتزاز بدوره في التنمية وفي الترحيب بالاستثمار الاجنبي الذي اخذته المفاجأة في سرعة الغاء العقود، بينما ظل الاطمئنان هو اهم عامل في تعاظم الدور الاجنبي في التنمية التجارية والاقتصادية.

رابعا: مسؤولية الحكومة شاملة في تطبيق القانون وهي شمولية سياسية واقتصادية واجتماعية ودورها اصلاحي وتثقيفي وارشادي تتحمل اعباء هذه المسؤولية برحابة صدر، ولا تجامل في فرض القانون ولا تستنسب الانتقائية، ونطالب بهذا المفهوم، ان نرى فعالية القانون في قانون المرور والبناء والتوظيف والترقي والمكافآت والتقاعدات، حدثني احد الضيوف الزوار عن حالة المرور في الكويت وعن سعة صدرر المسؤولين فيه الى حد السماح للمنقبات بقيادة السيارات في بلد مكتظ بالسيارات وفي بلد له قلق امني خاص، ومع ذلك تستمر الممارسة الناعمة في شأن السلامة الوطنية التي تعاني اختراقات ظاهرة المنقبات في القيادة ومن امور كثيرة لا يمكن تجاهلها.

خامسا: من المفيد التحدث عن الحالة الكويتية في هذه المرحلة، وما يلفت النظر فيها وبشكل ايجابي هو الولاء للدستور والالتزام به كأرضية للعمل السياسي والوعاء الوحيد لمسيرة الكويت السياسية المستقبلية، وقد لفت نظري الحديث المتكرر عن معارضة الحل غير الدستوري في مداخلات الاعضاء في التعليق على برنامج الحكومة، وما يشوبه من توتر وحدة وشكوك في النوايا، واعتقد بان الموضوع قد طواه سمو الامير عندما التقى بمجموعة من النواب وتحدث عنهم النائب مشاري العنجري بدحض الاشاعات، ومن الصالح العام دفن هذا الموضوع فلا فائدة من استحضاره بعدما سمعناه من صاحب الارداة والقرار.

ومع منهج الحكومة في غرس الانسجام مع هيبة القانون، لا بد من التذكير بأن الهيبة التي نريد استعادتها تتأكد وتتقوى بديمومة الممارسة الدستورية دون انقطاع، حتى يطمئن الجميع وتتجذر التجربة ويصبح الدستور الوسيلة الوحيدة الاحتكامية التي تنال اجماع شعب الكويت ويوفر الشفافية التي نطالب بها دائما.
 
أعلى