ريفالدو
موقوف
- التسجيل
- 26 أغسطس 2003
- المشاركات
- 698
أنــقــذوا اللـــغـــة الــعــــربـيــــة
عن مجلة الحياة المصرية ..
اللغة ظاهرة فريدة في حياة الإنسان وهي ليست اضافة لاحقة بظاهر الوجود البشري بل هي هذا الوجود في أرقي مراتب تعقده وذلك التركيب الغائر الذي يمثل الهيكل الأساسي الذي يصدر منه السلوك والواجهه الحضارية لكل أمة أو دولة وهي الشيء الفريد الذي تنبثق منه كافة الانشطة والابداعات الاخري ولكل أمة لغة تفتخر بها وتصبح مسألة حمايتها مسألة حتمية لابناء هذه الامة .
وقد تفردت الامة العربية بلغة استطاعت أن يصبح لها رونق خاص وطابع مميز .. تشرفت بأن مفرداتها حملت أجمل المعاني والصور البلاغية المتمثلة في القرآن الكريم وهو شرف اختص به الله اللغة العربية .. لذا فقد ظلت محافظة علي نسقها , ماضية في محافظتها علي الوحدة العربية وسعي العرب إلي أن ينهلوا من هذه اللغة الثرية في كل شيء لكن وللاسف ما يحدث الان يدعو إلي الرثاء وعزوف الكثير منا عن تمسكه بلغته العربية الرصينة واتجاهه نحو دراسة اللغات الاخري وهذا ليس عيبا انما تكمن المشكلة في اهمالها للغة العربية فلا غرو أن تجد أبا يلقن ولده الصغير بضع كلمات أجنبية ويحضره وسط جمع من معارفه لكي ينطق هذه الكلمات , متفاخرا بأن ولده يعرف لغة أجنبية , يضاف إلي ذلك انتشار مدارس اللغات حتي المدارس الحكومية أصبحت تهتم أكثر باللغات والمواد الاخري متجاهلة لغتنا العربية .
وفي هذا التحقيق نحاول القاء الضوء علي كيف أن لغتنا العربية أهملت وكيف يمكن أن تعود اللغة العربية لمكانتها بدلا من أن تدخل حيز الغربة في وطنها .
انفصام
في البداية يقول الدكتور أحمد الليثي - أستاذ مساعد النحو و الصرف والعروض المساعد بكلية دار العلوم - للاسف أصبحت اللغة العربية شبه غريبة في وطنها والسبب في ذلك يرجع إلي الانفصام الذي ساد بين اللغة المنطوقة ولغة الكتابة فهناك فارق كبير بين هذين الاسلوبين وأيضا حول بعض الكلمات الاجنبية الدخيلة علي اللغة العربية عن طريق بعض المثقفين أو المتحذلقين الذين ينطقون بهذه الكلمات لمجرد الاستعراض أمام الاخرين .
ويضيف بأن اللغة العربية أصبحت تعاني من الغربة علي ألسنة ناطقيها مما يعرضها لمخاطر عدة منها التأثير علي الاسلوب عامة حيث إن كل لغة تنفرد بأساليبها الخاصة بها فأسلوب العربية يختلف عن غيرها من اللغات وكذلك مخاطر في تركيب الجملة ذاتها وذلك لاختلاف التراكيب في الجملة بين العربية وغيرها من اللغات , اضافة إلي مخاطر علي الكلمة ذاتها فقد تتحول الصيغة العربية إلي صيغة أخري لاعلاقة لها بالعربية وفي النهاية مخارج الحروف فاللعربية أصوات تختص بها ومخارجها تختلف عن مخارج نظائرها في اللغات الاخري .
ويحدد د. الليثي الحل في تقليل الفاصل بين اللغة المنطوقة والمكتوبة فنحن نجد كثيرا من الاعلانات تكتب بلغة غير عربية ولكن بحروف عربية ومن المفترض أن يمنع ذلك تماما , اضافة إلي أنه يجب أن تلتزم وسائل الاعلام باللغة العربية السليمة ويجب علينا تعليم الطفل في مراحل دراسته الاولي اللغة العربية السليمة والاهتمام بالقائمين علي تدريس اللغة العربية وتيسير دراستها وتوفير كتب النحو و القواعد وغيرها .
غربة
ويؤكد الدكتور صلاح رقاي - أستاذ النحو و الصرف بكلية دار العلوم - أن اللغة العربية شأنها شأن كل القيم الجميلة والاصيلة في وطننا العربي تتعرض لابشع مظاهر الانفصام بينها وبين مجتمعنا الذي نعيش بين ظهرانيه ألاوهي ظاهرة الشعور بالغربة في دارها ووسط أبنائها .
فعلي الرغم من كونها من أهم دعائم قوميتهم وأسمي عوامل وحدتهم ولغة كتابهم المبين ووسيلة تخاطبهم وتفاهمهم في شتي أرجاء الوطن العربي نجدها تأتي في آخر ترتيب اهتماماتهم بل قد لا نجد لها موقعا في أجندة أولوياتهم ويرجع ذلك إلي مايتعرض له المجتمع العربي وبخاصة قطاع الشباب من تيار العولمة بدعوي الحداثة والتحديث , ذلك التيار الذي يغزو كل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكأنما الهدف هو جذب الشباب العربي بعيدا عن لغته الأم والالقاء به في أتون التخبط والضياع .
وأضاف بأننا نجد الآن العديد من الصحف والمجلات تؤثر ترقيم صفحاتها بالارقام الاجنبية , بل نجد اعلانات تطلب مهندسين أو محامين أو محاسبين تستعرض صفحة كاملة أو بعض صفحة مكتوبة بلغة أجنبية وكأننا في بلد غربي وليس عربيا .. كما نسمع شخصا يدلي بحديث إلي محطة اذاعية عربية ويضمن حديثه كثيرا من الالفاظ والعبارات الاجنبية وكأن اللغة العربية لا تسعفه أو ليوحي إلي المستمعين إلي أن ثقافته أجنبية وكذلك التلفاز والتي تحمل بعض أسماء برامجه أسماء أجنبية وبرامج أخري تصر علي كتابة اسم البرنامج باللغة الاجنبية إلي جانب العربية.
ويستطرد د. رقاي أنه حتي علي المستوي الشعبي نجد لافتات المحال العامة قد كتبت باللغة الاجنبية فإذا كان الشاب يصطدم بكل هذه الكلمات والعبارات والاسماء الاجنبية طول يومه في طريقه وفي وسائل الاعلام , ناهيك عما يحدث في معاهد التعليم من العمل علي صرف الطلاب عن الاهتمام باللغة العربية حيث قسمت وزارة التربية والتعليم درجة اللغة العربية علي فروعها وخصت مادة النحو وهو عصب اللغة العربية وضمان سلامتها بأربع درجات فقط من خمسين درجة فإذا كانت جميع قطاعات الدولة حتي المسئولة عن تنمية اللغة العربية قد تحالفت علي أن تطعنها في مقتل فمن إذن يوليها بعض الاهتمام ويقدم لها نوعا من الرعاية والعناية وألا يكون ذلك دافعا لها علي الشعور بالغربة في دارها وبين أهلها ومواطنيها ..؟!
ولعلاج هذه الظاهرة النكراء - علي حد وصفه - يحدد د. صلاح رقاي ذلك في أنه أولا يجب الاهتمام بتحفيظ الصبية للقرآن الكريم منذ نعومة أظافرهم لترسيخ الالفاظ والاساليب العربية السليمة وكذلك الاهتمام بتحفيظ الطلاب كبيرا من الشعر العربي في مراحل التعليم لضمان سلامة النطق والكتابة وهو مايستلزم معه ضرورة الاهتمام بمادة النحو والصرف ويضاف إلي ذلك استصدار القوانين اللازمة لمنع استخدام الالفاظ والعبارات الاجنبية في وسائل الاعلام وفي لافتات المحال أو الشركات أو الاعلانات وتجريم ذلك طالما أن لغتنا العربية في غناء عن هذا الهراء .
أزمة
ويوضح الدكتور محمد محمد السكران - الأستاذ بكلية التربية بالفيوم - أن اعتبار أزمة اللغة العربية ناتجة عن أزمة النظام التعليمي فإن ذلك يتطلب تحليلا علميا موضوعيا وعلي هذا الاساس يصعب الوقوف عند مرحلة تاريخية معينة من تاريخ التعليم المصري ونعتبرها المسئولة عن احداث أزمة اللغة العربية فأزمة تدريسها والاستخدام السييء لها في التعامل اليومي والحياتي ليس وليد اليوم , انما يمتد بجذوره الي الماضي البعيد وتشكل الازمة تركة مثقلة لايزال يعانيها نظامنا التعليمي حتي اليوم .
ويضيف بأن اللغة العربية -كما هو معروف ظاهرة اجتماعية وهي بهذا الوصف لايمكن تفسيرها أو تحديد أزمتها بعامل واحد يمكن ردها إليه فنظرية العامل الواحد - كما هو مستفر في الفقه الاجتماعي - لا يمكن ثوق بها وانما نظرية العوامل المتعددة المتداخلة ومن ثم فإنه من الصعب اختزال أزمة اللغة العربية في عامل واحد وهو التعليم رغم أنه أحد العوامل المهمة إلا أنه ليس بالتأكيد العامل الوحيد فهناك عوامل أخري يأتي في مقدمتها المجتمع وأسلوبه في التعامل مع اللغة العربية فهو المسئول وبدرجة كبيرة عن وجود هذه الازمة وبالتالي لابد أن يكون العلاج مجتمعيا لانها أكبر من أن يتولي أمرها شخص معين أو نظام تعليمي معين ولن يتحقق هذا الا إذا وضعنا في الاعتبار أن قضية اللغة العربية هي بالدرجة الاولي قضية قومية تتعلق بكيان الامة ووجودها .
ويشير د. السكران إلي أن اللغة كما هو شائع عناصرها ومكوناتها المتشابكة المتداخلة التي تجعل من الصعب التعامل مع احداها دون الاخر وقد غاب عنا ونحن نتعامل مع أزمة اللغة العربية أن هناك تكاملا وتفاعلا كيميائيا بين عناصر ومكونات الاداء اللغوي لفظا ومعني وشكلا ومضمونا , نحوا وصرفا وبلاغة وغيرها من تلك العناصر التي تتميز بالثراء ومن ثم لابد من توافر هذه القواعد لضمان سلامة الاداء اللغوي وبالتالي يجب علينا جاهدين وجادين علي تحديد موقع لغتنا العربية علي خريطة المعرفة الانسانية بدلا من تشتيت جهودنا في البحث عن اضافة أو حذف باب من أبواب النحو أو الصرف في مناهجنا الدراسية بوهم أن هذا الحل السحري يرتقي بلغتنا العربية ويتغلب علي الازمة التي تعاني منها .
التربية واللغة
ويعقب الدكتور حسني عبد الباري عصر- أستاذ تدريس اللغة العربية المساعد بكلية التربية جامعة الاسكندرية - أنه فيما يتعلق بالتربية واللغة فإن التطوير الحق للتربية اللغوية يقوم علي أساس تطوير الذهن التربوي خصوصا لدي ملاك الحقيقة المطلقة من التربويين وانشاء الاصرة الاكيدة بين كل المهمومين بالتربية اللغوية في كل السبل وفي جميع المعاهد التعليمية حتي يتسني لنا استجلاء نظريات ثلاث تحكم أو يجب أن تحكم العمل في التربية اللغوية وهي النظرية اللغوية نفسها ونظرية لعلم اللغة وتعليمها ثم النظرية الاجتماعية التي تحيط بالنظريتين السابقتين , اضافة إلي ربط جميع مؤسسات تنفيذ آليات التربية اللغوية بالفلسفة اللغوية خصوصا في مراكز البحث التربوي واعادة النظرمليا في فلسفة الكتاب اللغوي . وأضاف د. عصر بأنه يجب التفريق الفلسفي بين اللغة وعلومها وعلم اللغة وبين تعليمها وبين اكتساب اللغة فاللغة اكبر من علومها ومن تعلمها ومن تعليمها واكتسابها وللاسف فاللغة الان ضاعت في الزحام ولا يدري عنها شيء وبالتالي يجب تطوير الادمغة التربوية وتطوير تلك الادمغة هو البنية العميقة للتربية اللغوية وماعداه شكل لاخطر له إلا في افراغه من مضمونه .
عن مجلة الحياة المصرية ..
اللغة ظاهرة فريدة في حياة الإنسان وهي ليست اضافة لاحقة بظاهر الوجود البشري بل هي هذا الوجود في أرقي مراتب تعقده وذلك التركيب الغائر الذي يمثل الهيكل الأساسي الذي يصدر منه السلوك والواجهه الحضارية لكل أمة أو دولة وهي الشيء الفريد الذي تنبثق منه كافة الانشطة والابداعات الاخري ولكل أمة لغة تفتخر بها وتصبح مسألة حمايتها مسألة حتمية لابناء هذه الامة .
وقد تفردت الامة العربية بلغة استطاعت أن يصبح لها رونق خاص وطابع مميز .. تشرفت بأن مفرداتها حملت أجمل المعاني والصور البلاغية المتمثلة في القرآن الكريم وهو شرف اختص به الله اللغة العربية .. لذا فقد ظلت محافظة علي نسقها , ماضية في محافظتها علي الوحدة العربية وسعي العرب إلي أن ينهلوا من هذه اللغة الثرية في كل شيء لكن وللاسف ما يحدث الان يدعو إلي الرثاء وعزوف الكثير منا عن تمسكه بلغته العربية الرصينة واتجاهه نحو دراسة اللغات الاخري وهذا ليس عيبا انما تكمن المشكلة في اهمالها للغة العربية فلا غرو أن تجد أبا يلقن ولده الصغير بضع كلمات أجنبية ويحضره وسط جمع من معارفه لكي ينطق هذه الكلمات , متفاخرا بأن ولده يعرف لغة أجنبية , يضاف إلي ذلك انتشار مدارس اللغات حتي المدارس الحكومية أصبحت تهتم أكثر باللغات والمواد الاخري متجاهلة لغتنا العربية .
وفي هذا التحقيق نحاول القاء الضوء علي كيف أن لغتنا العربية أهملت وكيف يمكن أن تعود اللغة العربية لمكانتها بدلا من أن تدخل حيز الغربة في وطنها .
انفصام
في البداية يقول الدكتور أحمد الليثي - أستاذ مساعد النحو و الصرف والعروض المساعد بكلية دار العلوم - للاسف أصبحت اللغة العربية شبه غريبة في وطنها والسبب في ذلك يرجع إلي الانفصام الذي ساد بين اللغة المنطوقة ولغة الكتابة فهناك فارق كبير بين هذين الاسلوبين وأيضا حول بعض الكلمات الاجنبية الدخيلة علي اللغة العربية عن طريق بعض المثقفين أو المتحذلقين الذين ينطقون بهذه الكلمات لمجرد الاستعراض أمام الاخرين .
ويضيف بأن اللغة العربية أصبحت تعاني من الغربة علي ألسنة ناطقيها مما يعرضها لمخاطر عدة منها التأثير علي الاسلوب عامة حيث إن كل لغة تنفرد بأساليبها الخاصة بها فأسلوب العربية يختلف عن غيرها من اللغات وكذلك مخاطر في تركيب الجملة ذاتها وذلك لاختلاف التراكيب في الجملة بين العربية وغيرها من اللغات , اضافة إلي مخاطر علي الكلمة ذاتها فقد تتحول الصيغة العربية إلي صيغة أخري لاعلاقة لها بالعربية وفي النهاية مخارج الحروف فاللعربية أصوات تختص بها ومخارجها تختلف عن مخارج نظائرها في اللغات الاخري .
ويحدد د. الليثي الحل في تقليل الفاصل بين اللغة المنطوقة والمكتوبة فنحن نجد كثيرا من الاعلانات تكتب بلغة غير عربية ولكن بحروف عربية ومن المفترض أن يمنع ذلك تماما , اضافة إلي أنه يجب أن تلتزم وسائل الاعلام باللغة العربية السليمة ويجب علينا تعليم الطفل في مراحل دراسته الاولي اللغة العربية السليمة والاهتمام بالقائمين علي تدريس اللغة العربية وتيسير دراستها وتوفير كتب النحو و القواعد وغيرها .
غربة
ويؤكد الدكتور صلاح رقاي - أستاذ النحو و الصرف بكلية دار العلوم - أن اللغة العربية شأنها شأن كل القيم الجميلة والاصيلة في وطننا العربي تتعرض لابشع مظاهر الانفصام بينها وبين مجتمعنا الذي نعيش بين ظهرانيه ألاوهي ظاهرة الشعور بالغربة في دارها ووسط أبنائها .
فعلي الرغم من كونها من أهم دعائم قوميتهم وأسمي عوامل وحدتهم ولغة كتابهم المبين ووسيلة تخاطبهم وتفاهمهم في شتي أرجاء الوطن العربي نجدها تأتي في آخر ترتيب اهتماماتهم بل قد لا نجد لها موقعا في أجندة أولوياتهم ويرجع ذلك إلي مايتعرض له المجتمع العربي وبخاصة قطاع الشباب من تيار العولمة بدعوي الحداثة والتحديث , ذلك التيار الذي يغزو كل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكأنما الهدف هو جذب الشباب العربي بعيدا عن لغته الأم والالقاء به في أتون التخبط والضياع .
وأضاف بأننا نجد الآن العديد من الصحف والمجلات تؤثر ترقيم صفحاتها بالارقام الاجنبية , بل نجد اعلانات تطلب مهندسين أو محامين أو محاسبين تستعرض صفحة كاملة أو بعض صفحة مكتوبة بلغة أجنبية وكأننا في بلد غربي وليس عربيا .. كما نسمع شخصا يدلي بحديث إلي محطة اذاعية عربية ويضمن حديثه كثيرا من الالفاظ والعبارات الاجنبية وكأن اللغة العربية لا تسعفه أو ليوحي إلي المستمعين إلي أن ثقافته أجنبية وكذلك التلفاز والتي تحمل بعض أسماء برامجه أسماء أجنبية وبرامج أخري تصر علي كتابة اسم البرنامج باللغة الاجنبية إلي جانب العربية.
ويستطرد د. رقاي أنه حتي علي المستوي الشعبي نجد لافتات المحال العامة قد كتبت باللغة الاجنبية فإذا كان الشاب يصطدم بكل هذه الكلمات والعبارات والاسماء الاجنبية طول يومه في طريقه وفي وسائل الاعلام , ناهيك عما يحدث في معاهد التعليم من العمل علي صرف الطلاب عن الاهتمام باللغة العربية حيث قسمت وزارة التربية والتعليم درجة اللغة العربية علي فروعها وخصت مادة النحو وهو عصب اللغة العربية وضمان سلامتها بأربع درجات فقط من خمسين درجة فإذا كانت جميع قطاعات الدولة حتي المسئولة عن تنمية اللغة العربية قد تحالفت علي أن تطعنها في مقتل فمن إذن يوليها بعض الاهتمام ويقدم لها نوعا من الرعاية والعناية وألا يكون ذلك دافعا لها علي الشعور بالغربة في دارها وبين أهلها ومواطنيها ..؟!
ولعلاج هذه الظاهرة النكراء - علي حد وصفه - يحدد د. صلاح رقاي ذلك في أنه أولا يجب الاهتمام بتحفيظ الصبية للقرآن الكريم منذ نعومة أظافرهم لترسيخ الالفاظ والاساليب العربية السليمة وكذلك الاهتمام بتحفيظ الطلاب كبيرا من الشعر العربي في مراحل التعليم لضمان سلامة النطق والكتابة وهو مايستلزم معه ضرورة الاهتمام بمادة النحو والصرف ويضاف إلي ذلك استصدار القوانين اللازمة لمنع استخدام الالفاظ والعبارات الاجنبية في وسائل الاعلام وفي لافتات المحال أو الشركات أو الاعلانات وتجريم ذلك طالما أن لغتنا العربية في غناء عن هذا الهراء .
أزمة
ويوضح الدكتور محمد محمد السكران - الأستاذ بكلية التربية بالفيوم - أن اعتبار أزمة اللغة العربية ناتجة عن أزمة النظام التعليمي فإن ذلك يتطلب تحليلا علميا موضوعيا وعلي هذا الاساس يصعب الوقوف عند مرحلة تاريخية معينة من تاريخ التعليم المصري ونعتبرها المسئولة عن احداث أزمة اللغة العربية فأزمة تدريسها والاستخدام السييء لها في التعامل اليومي والحياتي ليس وليد اليوم , انما يمتد بجذوره الي الماضي البعيد وتشكل الازمة تركة مثقلة لايزال يعانيها نظامنا التعليمي حتي اليوم .
ويضيف بأن اللغة العربية -كما هو معروف ظاهرة اجتماعية وهي بهذا الوصف لايمكن تفسيرها أو تحديد أزمتها بعامل واحد يمكن ردها إليه فنظرية العامل الواحد - كما هو مستفر في الفقه الاجتماعي - لا يمكن ثوق بها وانما نظرية العوامل المتعددة المتداخلة ومن ثم فإنه من الصعب اختزال أزمة اللغة العربية في عامل واحد وهو التعليم رغم أنه أحد العوامل المهمة إلا أنه ليس بالتأكيد العامل الوحيد فهناك عوامل أخري يأتي في مقدمتها المجتمع وأسلوبه في التعامل مع اللغة العربية فهو المسئول وبدرجة كبيرة عن وجود هذه الازمة وبالتالي لابد أن يكون العلاج مجتمعيا لانها أكبر من أن يتولي أمرها شخص معين أو نظام تعليمي معين ولن يتحقق هذا الا إذا وضعنا في الاعتبار أن قضية اللغة العربية هي بالدرجة الاولي قضية قومية تتعلق بكيان الامة ووجودها .
ويشير د. السكران إلي أن اللغة كما هو شائع عناصرها ومكوناتها المتشابكة المتداخلة التي تجعل من الصعب التعامل مع احداها دون الاخر وقد غاب عنا ونحن نتعامل مع أزمة اللغة العربية أن هناك تكاملا وتفاعلا كيميائيا بين عناصر ومكونات الاداء اللغوي لفظا ومعني وشكلا ومضمونا , نحوا وصرفا وبلاغة وغيرها من تلك العناصر التي تتميز بالثراء ومن ثم لابد من توافر هذه القواعد لضمان سلامة الاداء اللغوي وبالتالي يجب علينا جاهدين وجادين علي تحديد موقع لغتنا العربية علي خريطة المعرفة الانسانية بدلا من تشتيت جهودنا في البحث عن اضافة أو حذف باب من أبواب النحو أو الصرف في مناهجنا الدراسية بوهم أن هذا الحل السحري يرتقي بلغتنا العربية ويتغلب علي الازمة التي تعاني منها .
التربية واللغة
ويعقب الدكتور حسني عبد الباري عصر- أستاذ تدريس اللغة العربية المساعد بكلية التربية جامعة الاسكندرية - أنه فيما يتعلق بالتربية واللغة فإن التطوير الحق للتربية اللغوية يقوم علي أساس تطوير الذهن التربوي خصوصا لدي ملاك الحقيقة المطلقة من التربويين وانشاء الاصرة الاكيدة بين كل المهمومين بالتربية اللغوية في كل السبل وفي جميع المعاهد التعليمية حتي يتسني لنا استجلاء نظريات ثلاث تحكم أو يجب أن تحكم العمل في التربية اللغوية وهي النظرية اللغوية نفسها ونظرية لعلم اللغة وتعليمها ثم النظرية الاجتماعية التي تحيط بالنظريتين السابقتين , اضافة إلي ربط جميع مؤسسات تنفيذ آليات التربية اللغوية بالفلسفة اللغوية خصوصا في مراكز البحث التربوي واعادة النظرمليا في فلسفة الكتاب اللغوي . وأضاف د. عصر بأنه يجب التفريق الفلسفي بين اللغة وعلومها وعلم اللغة وبين تعليمها وبين اكتساب اللغة فاللغة اكبر من علومها ومن تعلمها ومن تعليمها واكتسابها وللاسف فاللغة الان ضاعت في الزحام ولا يدري عنها شيء وبالتالي يجب تطوير الادمغة التربوية وتطوير تلك الادمغة هو البنية العميقة للتربية اللغوية وماعداه شكل لاخطر له إلا في افراغه من مضمونه .