البورصة أكبر ديوانية في الكويت روادها يدمنون الخسارة

bnyder2002

عضو نشط
التسجيل
25 مايو 2003
المشاركات
1,857
الإقامة
kuwait
البورصة أكبر ديوانية في الكويت روادها يدمنون الخسارة
حاتم نصر الدين


هذه المرة ندخل سوق الأوراق المالية من باب جديد بعيداً عن حالة المؤشر وقيم التداول والأرقام الطويلة.. في حين الهدف الحقيقي هو الاقتراب من دائرة المتعاملين النفسية.. وطرح التساؤلات المحيرة هل المتداولون المقيمون في قاعات التداول رابحون أم خاسرون، وهل يملكون الخبرة والمعلومات التي تؤهلهم ليصبحوا مستثمرين في عالم البورصة، أم جاؤوا للاستعراض الاجتماعي والتظاهر بأنهم رجال مال وأعمال بعقدون الصفقات ويوقعون العقود ويرتدون النظارات الطبية وهم يشاهدون الأرقام في الشاشات وكشوف الحسابات، أم أنهم يجتمعون للدردشة وتناول المشروبات والقضاء على أوقات الملل.

في السطور التالية قصص لرجال اجتذبهم بريق عالم المال وصفقاته، ولكن هذه الأحلام جلبت لهم الكوارث.

ديوانية

في قاعات التداول شريحة عريضة من المتداولين على الرغم من خسارتهم أجزاء كبيرة من رؤوس أموالهم إلا أنهم لا يعيرون اهتماماً للخسارة ولا يظهر على ملامحهم التأثر من أحداث السوق على الرغم من شكواهم من سوء الحالة.

وفي الجانب الأيسر بجوار الباب الرئيسي لقاعة التداول يجلس مجموعة من المتداولين عددهم يتجاوز السبعة أفراد، وأمامهم ثلاث شاشات بعضهم يتابع السوق، والآخرون يتحدثون في المطلق.. وقد يظهر عليهم الاهتمام والجدية من خلال بعض التفاصيل فكل منهم يحمل حقيبة يضعها امامه ويخرج منها أوراقاً.. وآلة حاسبة.. وأغراضاً مختلفة يجلسون ويطلبون السندويتشات والافطار ويتناولون الشاي والقهوة وتتعالى ضحكاتهم مع تذكرهم بعض المواقف الطريفة التي حدثت في الديوانية التي جمعتهم ليلة أمس، على الرغم من ان حالة السوق في هذه اللحظات كانت خسائر كبيرة في النقاط. أبو مشاري كان يجلس بجوار هذه المجموعة وعندما سألته هل تربح من استثمارك في البورصة، أجاب قائلاً: البورصة تجارة مثلها مثل غيرها. قد تأتي أيام وتربح وأيام أخرى وتخسر.. ثم صمت قليلاً، وأضاف لكن المحصلة منذ بدأت الاستثمار في الأوراق المالية منذ عام 2000 وحتى الآن خسارة قوية!!

ويكمل أبو مشاري قائلاً: هنا في سوق الكويت قد تربح في يوم 200 دينار ويأتي السوق ليأخذ منك 2000 دينار، وأشار بيده على المجموعة التي بجوارنا وقال: جميع الجالسين أمامك خسروا معظم أموالهم.

سألته السبب في الخسارة يعود لأخطائكم أم لأخطاء السوق، أجاب: نحن نخطئ كثيراً، فأنا بشكل شخصي تأتي أوقات واحقق ارباحاً، ولكنني أخطئ وانتظر ولا أبيع، آملاً في التعويض عن خسائري القديمة لتتحول المكاسب المحققة الى خسائر، ويضيف متحدثاً بصوت منخفض مشيراً بيده لأعلى وكأنه سيبلغني عن سر خطير قائلاً: لا يوجد غير مجموعة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة هم الرابحون في هذا السوق وما عدا ذلك ضحايا. سألته وماذا تقصد باشارتك لأعلى.. هل تقصد في السماء.. فأجاب: أقصد الأدوار العليا من مبنى السوق يجلسون في مكاتبهم الخاصة فهم «الأباطرة الكبار».

سألته: على الرغم من خسائرك واقتناعك بأن الكبار يأكلون الصغار، فلماذا تأتي الى هنا إذاً؟، قال: الأمر أصبح ادماناً ويوجد أمل كبير ان يأتي يوم ونعوض ما خسرناه، فعلى الرغم من حديثنا عن الخسائر فهذا لا ينفي وجود رابحين بشكل يومي. وأضاف: نحن الآن مثل المحاربين الذين انهكهم القتال ولم يبق أمامهم سوى الدفاع عن آخر ما نملكه من جيوب أو انتظار الموت، وفي هذه الأثناء ارتفع صوت المجموعة التي تجلس بجوارنا يضحكون على وصف أبومشاري بحالة حرب، فضحك الرجل ونظر الي وقال: وهكذا نأتي هنا لنتغشمر ونتحاور ونقضي ساعات النهار.

ورقة التوت

أبو طلال متعامل قديم في البورصة ويملك خبرة جيدة ولديه زهن قوي وحاضر على استيعاب الأرقام ونتائج الأعمال وغيرها من الأمور، ويقول عن نفسه انه يتداول بناء عن منهج مدروس، ولكن عند سؤاله هل ربحت من عملك في البورصة؟!، أجاب: بالنفي وبعصبية قال: كيف تربح من سوق يفتقد القوانين ويحكمه قانون الغابة، فالكبار يدهسون الصغار، وأكمل قائلاً: نحن الموجودين في قاعة التداول السواد الأعظم. ليس بيننا اثرياء كبار لديهم القدرة على تحمل الخسارة، فكل منا باع من أغراضه أو اقترض للعمل في البورصة.

والان «سقطت ورقة التوت عن الجميع ولم يبق معنا شيء، ومن خلالكم نناشد السادة المسؤولين التدخل ليقف هذا السيل من المصائب فنحن لم نعد قادرين على التحمل فما يحدث تكسير عظام، وطالب أبو طلال بتعين هيئة لها قوانينها الحديثة التي تحمينا وان يترأسها متخصص في عالم المال ويكمل قائلاً: كل عام تأتي ازمة مفتعلة تعصف بأموالنا.

خليط بشري

داخل سوق الأوراق المالية خليط بشرى متنوع يحمل جنسيات مختلفة وايضا طباعا مختلفة ولكنهم يجتمعون على صفة واحدة وحصة كونهم من صغار المستثمرين ويلاحظ ايضاً ان أكثر المتداولين حرقة وتأزماً من الخسائر هم من الجنسيات الوافدة ممن يستثمرون في بورصة الكويت جزئية أخرى يمكنك ملاحظتها داخل سوق الكويت ان المتداولين بحكم تواجدهم اليومي أصبح بينهم حالة من التآلف فالجميع يعرفون بعضهم وبينهم مواقف يتذكرونها. ومن هؤلاء وافد من جنسية عربية كبير في العمر حتى ان المتداولين يلقبونه «جدو» هذا الرجل انفعالات وجهه كوميدية وحركته مستمرة وتقريباً يجلس بجوار معظم المتداولين رغبة منه في أخذ معلومة عن سهم معين وخسائره في البورصة جعلته يصاب بحالة هستيرية فهو لايترك رجلاً يتحدث عن البورصة بشكل منظم الا وسأله عن الحل في هذا السوق تحدثنا معه فقال الخسائر كبيرة، فسألته ما السبب في هذه الخسائر؟، لم يهتم بالسؤال فسألته لماذا تأتي هنا وأنت تخسر؟، لم يجب على السؤال ولم ينظر الي وتركني وغادر. بعض المتداولين أصبحوا مع مرور الوقت بمثابة محللين للسوق، حتى ان المتداولين يذهبون اليهم ليأخذوا توصيات عن خطة اليوم، أحد هؤلاء الخبراء رجل من جنسية عربية عندما تحدثت اليه كان غاضباً بسبب احوال السوق السيئة في هذا التوقيت وقال: ان ما يحدث ظلم لصغار المستثمرين ولمصلحة الكبار واتهم السوق بسيل من الاتهامات عن عدم الشفافية والاغفال عن عمليات تضليل واسعة النظام وتحدث عن المصالح الشخصية والوسطاء، وقال هناك وسطاء يقبضون في مقابل تسريب معلومات لمصلحة من يدفع.

وقال انا لا أستطيع ان اترك السوق لأنني اصبحت متورطا فأنا اعمل لحساب اشخاص آخرين من الأقارب والاصدقاء بالاضافة الى حسابي الشخصي وفي الوقت الحالي اعمل في السوق الاجل بعد ان تقلصت رؤوس الأموال فتضاعفت الخسائر وقال لي: يمكنك ان تقول عن مدمن بورصة.

كوب شاي

في الأدوار العلوية في مبنى سوق البورصة توجد شركة لادارة المحافظ المالية ومن المفترض ان العملاء الجالسين داخل هذه الشركات يحظون بالاهتمام. تحدثت الى احد المتداولين وسألته انكم المتداولون الكبار والمقربون من الوسطاء الكبار فانتم لا تخسرون مثل الصغار، فأجابني بأن هذا غير صحيح فنحن نخسر اكثر من الصغار وذلك لأننا نستثمر بمبالغ اكبر منهم وبالتالي في حالة الخسارة نحن المتأثرون في هذه الأثناء جاء العامل بكوب الشاي فضحك وقال هذا الكوب ثمنه الف دينار.. الا تصدق، مع حساب العمولات والخسائر التي نتحملها ستعرف ان ثمن الكوب يتجاوز هذا السعر. في قاعات التداول يوجد 14 مكتباً لخدمة العملاء تابع لشركات السمسرة سألت مجموعة كبيرة من التابعين لهذه المكاتب عن طبيعة المتداولين ولماذا لا تقدمون لهم التوصيات بالبيع والشراء. جميعهم اكدوا ان المتداولين لا يمكن التعامل معهم والمخاطرة بتقديم المعلومات لهم لأن المتداولين دائماً مترددون وقد يحملوننا الخسارة في النهاية قال لي مدير خدمة عملاء له خبرة أربعة عشر عاماً ان هؤلاء المتداولين إن ربحتهم لا يتذكروك وإن لحقتهم خساره سيتبعوك من كل مكان.

المشهد الأخير

مهنة التداول في البورصة اكسبت جمهورها القدرة على التحدث في المطلق وفي اي موضوع ولهم اسلوب ففي تحليل الأحداث الاجتماعية والسياسية والربط بين الأحداث بشكل يدعوا للاستغراب وتلاحظ ان معظم احاديثهم منقطعة ومتناقضة فهم يتنقلون من السياسة الى احاديث غرف النوم. بعد انتهاء جلسة التداول يعود الهدوء التام في مبنى البورصة ويجلس بعض المتداولين يتحاورون ويضحكون حتى الساعة الثالثة تقريباً، واثناء خروجهم يجمعون المطبوعات والتقارير والجرائد التي وزعت مجاناً لهذا اليوم ويضعونها داخل الشنطة ويتركون القاعة.

في النهاية قد يكون هؤلاء المتداولون خسروا اموالهم وقد تكون البورصة اكسبتهم ثقافة الهزيمة والخسارة جعلت منهم مغامرين يشعرون بالضعف تجاه الكبار وينامون على أمل ان يصبحوا مثل الكبار، لكن لو دققنا النظر للحظة سنجد المشهد مختلفاً فهم سعداء على الرغم من ادعائهم غير ذلك والسبب انهم استطاعوا من خلال البورصة ان يتوصلوا لبرنامج يومي يقضي على الفراغ والملل.
 

المهلب

عضو نشط
التسجيل
1 ديسمبر 2003
المشاركات
209
في النهاية قد يكون هؤلاء المتداولون خسروا اموالهم وقد تكون البورصة اكسبتهم ثقافة الهزيمة والخسارة جعلت منهم مغامرين يشعرون بالضعف تجاه الكبار وينامون على أمل ان يصبحوا مثل الكبار، لكن لو دققنا النظر للحظة سنجد المشهد مختلفاً فهم سعداء على الرغم من ادعائهم غير ذلك والسبب انهم استطاعوا من خلال البورصة ان يتوصلوا لبرنامج يومي يقضي على الفراغ والملل.

اللهم أجعل المال في أيدينا لا في قلوبنا

شكرا أخي الكريم على المشاركة اللطيفة
 

aliii

موقوف
التسجيل
14 سبتمبر 2005
المشاركات
3,377
أدمان البورصة = الخسارة

معادلة نفسية واقعية


:rolleyes:
 
أعلى