السلطان لـ «النهار»: أزمة مناخ جديدة قادمة قريباً إذا استمرت الأوضاع كما هي!
غدير جرار
كشف المستشار المالي والملكيات الخاصة في شركة نور للاستثمار المالي فاروق السلطان أن وضع الدولة ليس أفضل حالاً عما كانت عليه في الثمانينيات، ولا صحة لما يقال عن وجود فوائض لا يعلمون كيفية تصريفها، وانها أصبحت أكثر ثراء. وأضاف في لقاء خاص مع «النهار» أن مشكلة الكويت الرئيسية أن الجميع يعتقد بغناها ولو كانت فقيرة لما حدثت أي مشاكل أو أزمات من أي نوع كانت، واصفاً خلطة الحكومة بالضعف الذي لا حل له أبداً، وأن المتنفذين هم فعلياً المسؤولون عن ادارة البلد. وأعلن السلطان أن أزمة شبيهة بسوق المناخ قادمة لا محالة، خاصة في ظل عدم دقة المؤشرين السعري والوزني المستخدمين في حساب أداء البورصة، والاحساس بالوصول إلى القمة والامتلاء الذي يؤجج بذور الأزمات ويعمل على تفتيح براعمها، مشيراً إلى أن الواقع يؤكد ذلك في ظل الازدياد المهول لعدد الشركات خاصة الورقية منها وتفريخها واقتحامها لأكثر من مجال عمل لا تفقه به شيئاً. واستطرد قائلاً ان الجميع أصبح مديراً في هذا الوقت، مستنكراً ذلك الوضع ومشدداً على أن الخبرة لا تسير وحدها في «الشارع» ليأتي صاحب الحظ السعيد ويقتنصها، فبرأيه لا يوجد أكثر من ثلاثة أشخاص هم المؤهلون فعلياً للإدارة في الكويت. ويرى السلطان أن صالح الفلاح أفضل من سلفه في ادارة السوق، خاصة أنه اعتمد قوانين وشروطاً ممتازة جعلت هيبة السوق المالي وسمعته الحسنة تعود اليه في الخار ج حتى لا يستمر الآخرون في الضحك علينا، مشدداً على وجوب الاسراع وانشاء هيئة سوق المال ليدعم هذا كله ويساهم في عملية التنمية والتطوير. وأكد السلطان في حواره معنا أن الدينار لا قيمة فعلية له دون ايرادات النفط ولا يسوى فلساً دونها، نافياً في الوقت نفسه أن يكون للتضخم الحاصل حالياً أي علاقة بفرق سعر الصرف أو نوعية العملة المربوط بها الدينار، موضحاً أن التضخم مستورد من الخارج عبر السلع والخدمات. وخلال اللقاء تطرق السلطان إلى الهيئة العامة للاستثمار التي تعد ضمن أفضل عشر هيئات تدير أصولاً في العالم وهي واحدة من الخمس الأوائل، معتبراً ما يحدث من هجوم عليها لا داعي له ويعود لعدم استفادة البعض منها وتعارض توجهاتها مع مصالحهم. واستمر السلطان قائلاً انه متفائل بالوضع العام للكويت خلال هذا العام، إلا أن السوق المالي ستكون صعبة عليه نوعاً ما لم يتم سد الثغرات والعمل على حساب مؤشراتها بدقة أكثر. وفيما يلي تفاصيل اللقاء: برأيك لمَ هذا التذبذب والانخفاض غير المفهوم في أداء السوق المالي على الرغم من التفاؤل السابق بوصوله إلى مستويات قياسية؟
قبل كل شيء لماذا لم يسأل أحد عن ارتفاع السوق لمدة خمس سنوات متتالية، ومن ثم يأتي ليسأل عن سبب انخفاضه المفاجئ؟ وهذا برأيي طبيعي ومحتم في ظل الأوضاع الراهنة، ولو نظرنا بتمعن لوجدنا أنه قبل حوالي سبع سنوات كان يمكن شراء السوق المالي كله بثمانية بلايين دينار، بينما حالياً تصل قيمته السوقية تقريباً الى 55 بليون دينار، لنجد أن شركة واحدة فقط مدرجة بالبورصة تساوي لوحدها ثمانية بلايين دينار، لذا فعندما يصل السوق خلال هذه الفترة القصيرة ويتضاعف ما بين 5 - 6 مرات فهذا يعني تشبّعاً تاماً للسوق من الارتفاعات.
هل ترى وجود سلبية لدينا عند حساب القيمة السوقية للبورصة؟بصراحة العلاقة ما بين التجارة والسوق المالي تتراوح لدينا بنسبة 300 في المئة، أي ثلاث مرات وفي العالم فإن المعدل نجده أقل من واحد في المئة أي حوالي 50 في المئة، وبالتالي لو حسبناها نجد أنه مقارنة بهم فإن القيمة السوقية لدينا أكثر من 5 مرات، وهذا ينطبق على جميع دول الخليج العربي وليست الكويت فقط، وطبعاً كثير من الناس يقولون انه يجب اضافة ايرادات النفط عند حساب JDP للسوق، إلا أن هذا غير صحيح فهي تترجم كسيولة فقط لا أكثر، ومعظم الأنشطة والمشاريع كما يعلم الجميع لا علاقة لها بالنفط.
لسنا أغنى
ولكننا لا نستطيع إنكار أن النفط أساسي في ازدهار النشاط في الكويت وكون الدولة غنية؟على الرغم من أن سعر برميل النفط اليوم بدأ بالوصول إلى 100 دولار، إلا أن القوة الشرائية لعام 1982 كانت أقوى على الرغم من أن سعر البرميل في وقتها لم يتعد 42 دولاراً، وبحسبة بسيطة نجد أن انتاج النفط زاد منذ ذلك الوقت وحتى الآن ما بين 10 - 25 في المئة، إلا أن هذا لا يعني أنني أصبحنا أكثر ثراء ولكن قد تكون قدرتنا الشرائية أصبحت أقل وبكثير، فميزانية الدولة عام 1980 كانت ثلاثة بلايين دينار، بينما اليوم تتجاوز 12 بليون دينار أي حوالي أربع مرات زيادة، كذلك زاد عدد السكان للضعف تقريباً، لذا فوضعنا المالي الآن كدولة أعلنها وبكل صراحة ليس أحسن حالاً من وضعها في الثمانينيات وليست بأغنى، وكل ما يرونه هو وجود فوائض، ولكن يجب أن يعلموا أنها لا تشتري الشيء نفسه بالسعر القديم فكل شيء أصبح أغلى وأعلى سعراً، ويجب التفكير بأسلوب أفضل لاستثمار ما لدينا قبل فوات الآوان.
برأيك.. هل ترى أن المؤشرات المستخدمة في قياس أداء السوق صحيحة؟أعتقد أن مؤشري البورصة السعري والوزني المستعملين غير دقيقين، وبصراحة أرى أن من يقومون بالحساب لا يعلمون الأسلوب الصحيح لما يجب أن يتم احتسابه بناء عليهما، ولكنني أريد التركيز على السعري الذي يعد فريداً من نوعه في الكويت فهو الوحيد في كل دول العالم الذي تتغير فيه عدد الأسهم، لذا فعندما يقولون ان السوق ارتفع فيجب أولاً أن يفصحوا عن عدد الأسهم الذي تم الاحتساب عليها وهل تم تثبيتها أم تغير عددها وزيادته، فعلى سبيل المثال كان عددهم 114 سهماً في نهاية 2004 بينما نتكلم الآن عن 196 سهماً، لذا فعند ارتفاع المؤشر أقول انه ارتفع لزيادة الأسهم وليس فعلياً، واليوم نرى الكثير من الشركات والأفراد خسارتهم المالية كبيرة إلا أنهم ممسكون بأسهمهم بقوة ويعتمدون في تجميلها ودعمها على تصريحات من هنا وهناك.
إذن ما السبب في تراجع السوق المالي على الرغم من أنه الأقدم في المنطقة؟
لنتحدث أولاً عن سوق دبي المالي فعلى الرغم من صغره وحداثته إلا أن أدواته المتطورة جداً تظهر أنه سيسبق سوق الكويت المالي القديم جداً، الذي لو ألقينا نظرة عليه لوجدناه قليل الحركة وأدواته المالية المستخدمة متحفظة جداً، وبصراحة أرى أن القائمين عليه بطريقة أو بأخرى لا تتوافر لديهم الرؤية الواضحة طويلة الأمد، وهذا أمر ينطبق على الكويت ككل.
وما المشكلة الرئيسية برأيك؟مشكلة الكويت الرئيسية انها دولة غنية، ولو كانت صغيرة وفقيرة لما عانينا كل هذه المشاكل، بل كنا سننجح أكثر منهم، ولا أحد ينكر أن الكويتيين وعلى مدى الـ 15 عاماً الماضية أصبحت خبرتهم المالية والاستثمارية أفضل مقارنة بباقي دول الخليج، إلا أنه خلال الأربع سنوات الماضية والخمس سنوات القادمة سبقنا وسيسبقنا الباقون وسيبقون كذلك ما لم ننتبه للوضع.
الأزمة قادمة
إذا كانت هذه هي الأوضاع كما تراها، فهذا يعني وجود خطب ما قادم.. ما تعليقك على ذلك؟
كما أرى فإن حدوث أزمة ما في المنطقة واردة وأرى انها اقتربت نوعاً ما، وأخطر ما واجهناه كان في عام 1982 عندما ارتفع سعر برميل النفط لحوالي 40 دولاراً لنفاجأ بأزمة المناخ التي أصابت الخليج كله، وأنا أجد أن شبيهها قد حان وقته، فكلما أحسست أنك أفضل وأصبحت أغنى ووصلت للقمة وامتلأت، خاصة مع ارتفاع سعر البرميل إلى 100 دولار، وجدت أن بذور الأزمات تتفتح براعمها، وتشجعك على الاستثمار أكثر فأكثر، وتخاطر أكثر، وهو كما نراه واقعاً أمامنا في الازدياد المهول لعدد الشركات وتفريخها خاصة تلك التي لا عمل حقيقياً لها وتعد بمثابة الورقية التي تتفرع لتدخل في أكثر من عمل ومشروع لا تفقه عنها شيئاً.
ولكنهم يقولون ان البقاء للأفضل والسوق مفتوح للجميع في ظل الاقتصاد الحر... ما رأيك؟
تفريغ الشركات هنا امر غير طبيعي بالمرة ويثير التساؤلات، وعلى فرض انها كانت ظاهرة صحية كما يرى البعض، فهذا يحتاج الى خبرات قد تصل لأكثر من مئة عام وجيل كامل من الكفاءات، وأنا شخصيا لا أرى سوى شخصين او ثلاث هم المؤهلون فعليا للادارة، فالخبرة لا تأتي بسهولة ولا تمشي وحدها في «الشارع» ليأتي صاحب الحظ السعيد ويقتنصها، بل هي نتاج تمرس وعمل سنوات طوال، لذا فلا يمكن الا ملاحظة الوضع الحالي الذي أصبح فيه الكل رئيسا ومديرا، اضافة الى ان 90 - 98 في المئة من الشركات التي يتم تأسيسها هي اما عقار او استثمار أسهم، أي تحتاج لتحقيق أرباح تشغيلية فعلية وخبرات قادرة على ذلك، وبصراحة الموجودون «هذولي وينهم ووين» الأرباح التشغيلية!
اذن بماذا تفسّر هذا الاقبال غير المحدود على انشاء شركات وتفريخها تحت مظلة الاستثمار؟
أرى كل ما يحدث ضحكا على الذقون وسحبا لأموال المساهمين، واعتقد ان البعض منهم مسكين ليخرج علينا ويتكلم ويصرّح بأمور لا يفقه بها شيئا ولا يفهمها، فلا استراتيجية محددة، وهناك من يقوم منهم بشراء الأسهم واعادة تدويرها، لذا أقول ان بوادر الأزمة بدأت عندنا سواء من ازدياد في عدد هذه الشركات وعدد الاتجاهات التي تتفرع فيها شركة واحدة لا تعرف عملها الأساسي ولا تقربه.
الفلاح أفضل
يطالب البعض بانشاء بورصات أخرى في الكويت، ولكنهم يقابلون بالرفض منعا لحدوث أزمات جديدة... كيف ترى الأمر؟لا اعتقد ان ذلك صحيح، ففي النهاية المساهم وهيئة سوق المال هما المراقبان الفعليان لأداء هذه البورصات وشركاتها، وفي رأيي يجب السماح بانشاء ما يريدونه ولنخطئ وبعدها نصحّح لنصل للأفضل وهذا كما أرى أحسن من عدم البدء أصلا والاعتماد على لجان ودراسات والاستمرار على هذا المنوال للأبد، وكل شيء لابد وان يصاحبه مشاكل ونواقص وهم يعلمون ذلك، ولكنهم لا يريدون المجازفة والمخاطرة، وهما أمران مطلوبان في أسواق المال خاصة عند ابتكار أفكار وأدوات جديدة.
هل تعتقد ان صالح الفلاح أدى دوره أم يجب عليه التنحّي لغيره؟الفلاح أفضل من المدير السابق كما أرى، وفي فترته رأينا قوانين وشروطا ممتازة، فشروط الادراج الجديدة لا أحد ينكر افضليتها واحتياجنا لها منذ زمن خاصة في ظل الفوضى السائدة، لذا أرى انه أدى عمله وأكثر، فكلما كانت القوانين والنظم أفضل كانت للسوق المالي هيبته وسمعته الحسنة في الخارج، حتى لا يضحك علينا الآخرون، ولكن كل ما نحتاجه هو المتابعة والتحديث المستمر وايجاد أدوات جديدة متطورة، بالاضافة الى هيئة سوق مال تدير البورصة الرئيسية التي تتفرع منها بورصات أصغر للشركات، النفط، الخيارات وغيرها كما هو معمول به في دول أخرى.
وما دور الحكومة في ذلك كله؟ وهل تعتقد بوجوب تغيير بعض الأساليب المتبعة من قبل جهاتها للحد من ذلك؟أولا أجد ان وزارة التجارة على سبيل المثال لا داعي لها أبدا ويجب إلغاؤها، ولكن لا اعتقد أن الحكومة قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار فهي تخاف من تبعاته كما هو حالها دائما، ومن وجهة نظري ونظر الكثيرين فالوزارة لا تفعل شيئا وتشكّل عبئا وأداة تأخير وعراقيل، ومن يرد انشاء شركة فى ليس عليه الانتظار حتى «تحنّ» عليه بالموافقة ومن ثم الرقابة وتأخير أعمالها، كذلك يسري الوضع على البورصة التي يجب الاسراع بانشاء هيئة سوق المال التي تراقب عليها وتلزم ادارتها وشركاتها بقوانينها وأنظمتها، وأيضا يجب إلغاء وزارة المواصلات التي لا عمل فعلياً لها، فشركة الهواتف أكبر منها فكيف تراقبها اذن؟ بل يجب انشاء هيئة مستقلة للاتصالات وتكليفها بهذه المهام لتحسينها وتطويرها.
هل ترى ان الحكومة مؤهلة لحل المشاكل وادارة الوضع لما فيه الصالح العام؟
بصراحة أرى ان حكومتنا خلطتها ضعيفة ولا حل في ذلك حتى وان كانت تحوي بعض العناصر القوية، ولنكن واقعيين في هذا الأمر... يوجد متنفذون هم من يريدون البلد فعليا، اذن فمن الصعب ان تأتي الحكومة لتدين بوجودهم وهي بهذا الضعف والتهاون.
بصراحة... هل تعتقد ان موقف الحكومة تجاه المواطنين والتدليل الزائد لهم هو السبب في الاتكالية التي نراها حاليا؟الحكومة نراها في أغلب الأحيان كالأب الذي يدلل ابناءه ويمنحهم كل شيء متى طلبوا، وهذا خطأ الى حد ما ويجب وضع حدّ له، وعليها اهمال وحرمان المواطنين من أشياء معينة لتضمن جيلا مستقبليا قادرا على العمل والعطاء، خاصة ان الطفل المدلل كما يعلم الجميع لا يفلح في النهاية ويكون الفشل حليفه في المستقبل، والتطور واللحاق بركب من سبقونا يتطلب ان يكون التوجه المصاحب مجردا من العاطفة والتدليل، لذا أقول ان البلد «مدّلعة» والعيب من الأب، الذي يجب ان ينتبه ويرى مدى تغير الأمور عن السابق والحفاظ على الفوائض وتوجيهها نحو الاستثمار الأمثل وليس توزيعها كما شاء.
الدينار لا يسوى
تم فك سعر صرف الدينار بالدولار للحد من التضخم ومع ذلك نراه في ازدياد... ما تعليقك على السياسة النقدية المتبعة؟
لنكن واقعيين فالدينار لا قيمة فعلية له، وهو مربوط بايرادات النفط التي ان لم تكن موجودة فهو لا يسوى فلسا، لذا أرى ان ربط العملة او عدم ربطها بالدولار له أثر كبير على معدلات التضخم، ولا صحة لما يقولون بانه نابع من فرق صرف العملة، والدولار أكبر وأضخم سوق في العالم، وايرادات النفط تحسب به، ويمكن الاستثمار يوميا عبره، وهذا عكس اليورو ذي السوق المحدود نسبيا والاستثمارات غير العميقة والفعلية، وما نستورده من الخارج أصبح في منشئه أغلى بحكم ظروف وعوامل عديدة أدت لرفع الأسعار وبالتالي انعكاسها علينا وهو ما نراه حاليا، لذا فالتضخم مستورد من الخارج ولا علاقة للعملة به.
هجوم مصالح وسنة صعبة
تطالعنا بين الحين والآخر اتهامات ضد الهيئة العامة للاستثمار وادارتها للأصول في الخارج... هل تعتقد انها مقصرة ويجب محاسبتها؟
الهيئة العامة للاستثمار بنظري تعدّ ضمن أفضل عشر هيئات تدير أصولا في العالم وهي واحدة من الخمس الأوائل، كما انها الأقدم في المنطقة، ولا أحد ينسى خالد أبو السعود مستشار الأمير الراحل الشيخ جابر والذي تم ايفاده للمساعدة في تأسيس هيئة أبو ظبي للاستثمار، لذا أرى ان كل هذه الاتهامات لا علاقة لها من ناحية فنية بالاستثمارات والأموال التي تدار في الخارج باسلوب عال وسليم ولا غبار عليه، والتقارير الدولية تشهد بذلك، أما ما يحدث محليا من هجوم عليها واثارة ضجة لا داعي لها فهذا كله عائد لوجود طرف لا يستفيد من استثماراتها وبالتالي نراه يهاجم ويشتكي، أي أن الأمور كلها تصب في خانة المصالح وكيفية تحقيق الاستفادة الكبرى.
البلد... ضائع!
قال السلطان إن البلد ضائع في اتجاهه الاقتصادي وهو ما يعد أحد أبرز السلبيات التي يجب معالجتها، خاصة وأن المتوافرة تسويقياً ومالياً هي الأفضل في المنطقة، مشيراً إلى أن دولة الكويت متأخرة عن دبي حالياً 20 سنة، وقبل عشرين عاماً كانت متقدمة عليها 20 سنة أي يوجد فرق أربعون عاماً يجب تعديل الأوضاع ومحاولة اللحاق بالركب. وأضاف أن الميزة الاضافية لدينا هي وجود ثقافة مالية ثرية والدولة نفسها غنية، كذلك توافر شركات عريقة وقوية سواء أكانت عائلية أو مساهمة والتي لو حصلت على الفرص والتسهيلات نفسها الموجودة في دبي وغيرها لأكلت الجميع في المنطقة، فالأسس لدينا منذ ثلاثين عاماً وأكثر.
سوق مناخ جديد.. قادم!
كشف السلطان عن قرب حدوث أزمة شبيهة بسوق المناخ لعام 1982، حيث ان المطلعين والمتابعين يعلمون ذلك ومتأكدون منه، فبقاء الحال كما هو مستحيل ولن يستمر طويلاً، مستذكراً بروفيسوراً متخصصاً في هارفارد والذي أكد أن أخطر أربع كلمات في تاريخ التجارة هي «This Time is Different» أي هذه المرة «غير».
وأضاف أنه في أزمة المناخ كانت القيمة السوقية للبورصة حوالي 6 بلايين دينار، ووضعت الحكومة 2.5 بليون أي ما يقارب 30 في المئة، ولم تحل الأزمة واستمرت مشكلة المديونيات الصعبة وغيرها، بينما اليوم نجد أن القيمة السوقية 60 بليون دينار ولو حدثت أي أزمة فسنحتاج للثلث فلو اتبعنا الخطوة السابقة نفسها أي 20 بليون دينار وهو مبلغ غير متوافر لدى الحكومة التي تملك 220 بليون دولار أي ما يقارب 67 بليون دينار، فلو قمنا بسحب هذا المبلغ منهم فبالتأكيد لن يوافق أحد وخاصة مجلس الأمة كونه مبلغاً كبيراً يؤثر على المال العام، منوهاً أنه يجب توقع الأسوأ والتخطيط منذ الآن لتلافي هذا الأمر.
غدير جرار
كشف المستشار المالي والملكيات الخاصة في شركة نور للاستثمار المالي فاروق السلطان أن وضع الدولة ليس أفضل حالاً عما كانت عليه في الثمانينيات، ولا صحة لما يقال عن وجود فوائض لا يعلمون كيفية تصريفها، وانها أصبحت أكثر ثراء. وأضاف في لقاء خاص مع «النهار» أن مشكلة الكويت الرئيسية أن الجميع يعتقد بغناها ولو كانت فقيرة لما حدثت أي مشاكل أو أزمات من أي نوع كانت، واصفاً خلطة الحكومة بالضعف الذي لا حل له أبداً، وأن المتنفذين هم فعلياً المسؤولون عن ادارة البلد. وأعلن السلطان أن أزمة شبيهة بسوق المناخ قادمة لا محالة، خاصة في ظل عدم دقة المؤشرين السعري والوزني المستخدمين في حساب أداء البورصة، والاحساس بالوصول إلى القمة والامتلاء الذي يؤجج بذور الأزمات ويعمل على تفتيح براعمها، مشيراً إلى أن الواقع يؤكد ذلك في ظل الازدياد المهول لعدد الشركات خاصة الورقية منها وتفريخها واقتحامها لأكثر من مجال عمل لا تفقه به شيئاً. واستطرد قائلاً ان الجميع أصبح مديراً في هذا الوقت، مستنكراً ذلك الوضع ومشدداً على أن الخبرة لا تسير وحدها في «الشارع» ليأتي صاحب الحظ السعيد ويقتنصها، فبرأيه لا يوجد أكثر من ثلاثة أشخاص هم المؤهلون فعلياً للإدارة في الكويت. ويرى السلطان أن صالح الفلاح أفضل من سلفه في ادارة السوق، خاصة أنه اعتمد قوانين وشروطاً ممتازة جعلت هيبة السوق المالي وسمعته الحسنة تعود اليه في الخار ج حتى لا يستمر الآخرون في الضحك علينا، مشدداً على وجوب الاسراع وانشاء هيئة سوق المال ليدعم هذا كله ويساهم في عملية التنمية والتطوير. وأكد السلطان في حواره معنا أن الدينار لا قيمة فعلية له دون ايرادات النفط ولا يسوى فلساً دونها، نافياً في الوقت نفسه أن يكون للتضخم الحاصل حالياً أي علاقة بفرق سعر الصرف أو نوعية العملة المربوط بها الدينار، موضحاً أن التضخم مستورد من الخارج عبر السلع والخدمات. وخلال اللقاء تطرق السلطان إلى الهيئة العامة للاستثمار التي تعد ضمن أفضل عشر هيئات تدير أصولاً في العالم وهي واحدة من الخمس الأوائل، معتبراً ما يحدث من هجوم عليها لا داعي له ويعود لعدم استفادة البعض منها وتعارض توجهاتها مع مصالحهم. واستمر السلطان قائلاً انه متفائل بالوضع العام للكويت خلال هذا العام، إلا أن السوق المالي ستكون صعبة عليه نوعاً ما لم يتم سد الثغرات والعمل على حساب مؤشراتها بدقة أكثر. وفيما يلي تفاصيل اللقاء: برأيك لمَ هذا التذبذب والانخفاض غير المفهوم في أداء السوق المالي على الرغم من التفاؤل السابق بوصوله إلى مستويات قياسية؟
قبل كل شيء لماذا لم يسأل أحد عن ارتفاع السوق لمدة خمس سنوات متتالية، ومن ثم يأتي ليسأل عن سبب انخفاضه المفاجئ؟ وهذا برأيي طبيعي ومحتم في ظل الأوضاع الراهنة، ولو نظرنا بتمعن لوجدنا أنه قبل حوالي سبع سنوات كان يمكن شراء السوق المالي كله بثمانية بلايين دينار، بينما حالياً تصل قيمته السوقية تقريباً الى 55 بليون دينار، لنجد أن شركة واحدة فقط مدرجة بالبورصة تساوي لوحدها ثمانية بلايين دينار، لذا فعندما يصل السوق خلال هذه الفترة القصيرة ويتضاعف ما بين 5 - 6 مرات فهذا يعني تشبّعاً تاماً للسوق من الارتفاعات.
هل ترى وجود سلبية لدينا عند حساب القيمة السوقية للبورصة؟بصراحة العلاقة ما بين التجارة والسوق المالي تتراوح لدينا بنسبة 300 في المئة، أي ثلاث مرات وفي العالم فإن المعدل نجده أقل من واحد في المئة أي حوالي 50 في المئة، وبالتالي لو حسبناها نجد أنه مقارنة بهم فإن القيمة السوقية لدينا أكثر من 5 مرات، وهذا ينطبق على جميع دول الخليج العربي وليست الكويت فقط، وطبعاً كثير من الناس يقولون انه يجب اضافة ايرادات النفط عند حساب JDP للسوق، إلا أن هذا غير صحيح فهي تترجم كسيولة فقط لا أكثر، ومعظم الأنشطة والمشاريع كما يعلم الجميع لا علاقة لها بالنفط.
لسنا أغنى
ولكننا لا نستطيع إنكار أن النفط أساسي في ازدهار النشاط في الكويت وكون الدولة غنية؟على الرغم من أن سعر برميل النفط اليوم بدأ بالوصول إلى 100 دولار، إلا أن القوة الشرائية لعام 1982 كانت أقوى على الرغم من أن سعر البرميل في وقتها لم يتعد 42 دولاراً، وبحسبة بسيطة نجد أن انتاج النفط زاد منذ ذلك الوقت وحتى الآن ما بين 10 - 25 في المئة، إلا أن هذا لا يعني أنني أصبحنا أكثر ثراء ولكن قد تكون قدرتنا الشرائية أصبحت أقل وبكثير، فميزانية الدولة عام 1980 كانت ثلاثة بلايين دينار، بينما اليوم تتجاوز 12 بليون دينار أي حوالي أربع مرات زيادة، كذلك زاد عدد السكان للضعف تقريباً، لذا فوضعنا المالي الآن كدولة أعلنها وبكل صراحة ليس أحسن حالاً من وضعها في الثمانينيات وليست بأغنى، وكل ما يرونه هو وجود فوائض، ولكن يجب أن يعلموا أنها لا تشتري الشيء نفسه بالسعر القديم فكل شيء أصبح أغلى وأعلى سعراً، ويجب التفكير بأسلوب أفضل لاستثمار ما لدينا قبل فوات الآوان.
برأيك.. هل ترى أن المؤشرات المستخدمة في قياس أداء السوق صحيحة؟أعتقد أن مؤشري البورصة السعري والوزني المستعملين غير دقيقين، وبصراحة أرى أن من يقومون بالحساب لا يعلمون الأسلوب الصحيح لما يجب أن يتم احتسابه بناء عليهما، ولكنني أريد التركيز على السعري الذي يعد فريداً من نوعه في الكويت فهو الوحيد في كل دول العالم الذي تتغير فيه عدد الأسهم، لذا فعندما يقولون ان السوق ارتفع فيجب أولاً أن يفصحوا عن عدد الأسهم الذي تم الاحتساب عليها وهل تم تثبيتها أم تغير عددها وزيادته، فعلى سبيل المثال كان عددهم 114 سهماً في نهاية 2004 بينما نتكلم الآن عن 196 سهماً، لذا فعند ارتفاع المؤشر أقول انه ارتفع لزيادة الأسهم وليس فعلياً، واليوم نرى الكثير من الشركات والأفراد خسارتهم المالية كبيرة إلا أنهم ممسكون بأسهمهم بقوة ويعتمدون في تجميلها ودعمها على تصريحات من هنا وهناك.
إذن ما السبب في تراجع السوق المالي على الرغم من أنه الأقدم في المنطقة؟
لنتحدث أولاً عن سوق دبي المالي فعلى الرغم من صغره وحداثته إلا أن أدواته المتطورة جداً تظهر أنه سيسبق سوق الكويت المالي القديم جداً، الذي لو ألقينا نظرة عليه لوجدناه قليل الحركة وأدواته المالية المستخدمة متحفظة جداً، وبصراحة أرى أن القائمين عليه بطريقة أو بأخرى لا تتوافر لديهم الرؤية الواضحة طويلة الأمد، وهذا أمر ينطبق على الكويت ككل.
وما المشكلة الرئيسية برأيك؟مشكلة الكويت الرئيسية انها دولة غنية، ولو كانت صغيرة وفقيرة لما عانينا كل هذه المشاكل، بل كنا سننجح أكثر منهم، ولا أحد ينكر أن الكويتيين وعلى مدى الـ 15 عاماً الماضية أصبحت خبرتهم المالية والاستثمارية أفضل مقارنة بباقي دول الخليج، إلا أنه خلال الأربع سنوات الماضية والخمس سنوات القادمة سبقنا وسيسبقنا الباقون وسيبقون كذلك ما لم ننتبه للوضع.
الأزمة قادمة
إذا كانت هذه هي الأوضاع كما تراها، فهذا يعني وجود خطب ما قادم.. ما تعليقك على ذلك؟
كما أرى فإن حدوث أزمة ما في المنطقة واردة وأرى انها اقتربت نوعاً ما، وأخطر ما واجهناه كان في عام 1982 عندما ارتفع سعر برميل النفط لحوالي 40 دولاراً لنفاجأ بأزمة المناخ التي أصابت الخليج كله، وأنا أجد أن شبيهها قد حان وقته، فكلما أحسست أنك أفضل وأصبحت أغنى ووصلت للقمة وامتلأت، خاصة مع ارتفاع سعر البرميل إلى 100 دولار، وجدت أن بذور الأزمات تتفتح براعمها، وتشجعك على الاستثمار أكثر فأكثر، وتخاطر أكثر، وهو كما نراه واقعاً أمامنا في الازدياد المهول لعدد الشركات وتفريخها خاصة تلك التي لا عمل حقيقياً لها وتعد بمثابة الورقية التي تتفرع لتدخل في أكثر من عمل ومشروع لا تفقه عنها شيئاً.
ولكنهم يقولون ان البقاء للأفضل والسوق مفتوح للجميع في ظل الاقتصاد الحر... ما رأيك؟
تفريغ الشركات هنا امر غير طبيعي بالمرة ويثير التساؤلات، وعلى فرض انها كانت ظاهرة صحية كما يرى البعض، فهذا يحتاج الى خبرات قد تصل لأكثر من مئة عام وجيل كامل من الكفاءات، وأنا شخصيا لا أرى سوى شخصين او ثلاث هم المؤهلون فعليا للادارة، فالخبرة لا تأتي بسهولة ولا تمشي وحدها في «الشارع» ليأتي صاحب الحظ السعيد ويقتنصها، بل هي نتاج تمرس وعمل سنوات طوال، لذا فلا يمكن الا ملاحظة الوضع الحالي الذي أصبح فيه الكل رئيسا ومديرا، اضافة الى ان 90 - 98 في المئة من الشركات التي يتم تأسيسها هي اما عقار او استثمار أسهم، أي تحتاج لتحقيق أرباح تشغيلية فعلية وخبرات قادرة على ذلك، وبصراحة الموجودون «هذولي وينهم ووين» الأرباح التشغيلية!
اذن بماذا تفسّر هذا الاقبال غير المحدود على انشاء شركات وتفريخها تحت مظلة الاستثمار؟
أرى كل ما يحدث ضحكا على الذقون وسحبا لأموال المساهمين، واعتقد ان البعض منهم مسكين ليخرج علينا ويتكلم ويصرّح بأمور لا يفقه بها شيئا ولا يفهمها، فلا استراتيجية محددة، وهناك من يقوم منهم بشراء الأسهم واعادة تدويرها، لذا أقول ان بوادر الأزمة بدأت عندنا سواء من ازدياد في عدد هذه الشركات وعدد الاتجاهات التي تتفرع فيها شركة واحدة لا تعرف عملها الأساسي ولا تقربه.
الفلاح أفضل
يطالب البعض بانشاء بورصات أخرى في الكويت، ولكنهم يقابلون بالرفض منعا لحدوث أزمات جديدة... كيف ترى الأمر؟لا اعتقد ان ذلك صحيح، ففي النهاية المساهم وهيئة سوق المال هما المراقبان الفعليان لأداء هذه البورصات وشركاتها، وفي رأيي يجب السماح بانشاء ما يريدونه ولنخطئ وبعدها نصحّح لنصل للأفضل وهذا كما أرى أحسن من عدم البدء أصلا والاعتماد على لجان ودراسات والاستمرار على هذا المنوال للأبد، وكل شيء لابد وان يصاحبه مشاكل ونواقص وهم يعلمون ذلك، ولكنهم لا يريدون المجازفة والمخاطرة، وهما أمران مطلوبان في أسواق المال خاصة عند ابتكار أفكار وأدوات جديدة.
هل تعتقد ان صالح الفلاح أدى دوره أم يجب عليه التنحّي لغيره؟الفلاح أفضل من المدير السابق كما أرى، وفي فترته رأينا قوانين وشروطا ممتازة، فشروط الادراج الجديدة لا أحد ينكر افضليتها واحتياجنا لها منذ زمن خاصة في ظل الفوضى السائدة، لذا أرى انه أدى عمله وأكثر، فكلما كانت القوانين والنظم أفضل كانت للسوق المالي هيبته وسمعته الحسنة في الخارج، حتى لا يضحك علينا الآخرون، ولكن كل ما نحتاجه هو المتابعة والتحديث المستمر وايجاد أدوات جديدة متطورة، بالاضافة الى هيئة سوق مال تدير البورصة الرئيسية التي تتفرع منها بورصات أصغر للشركات، النفط، الخيارات وغيرها كما هو معمول به في دول أخرى.
وما دور الحكومة في ذلك كله؟ وهل تعتقد بوجوب تغيير بعض الأساليب المتبعة من قبل جهاتها للحد من ذلك؟أولا أجد ان وزارة التجارة على سبيل المثال لا داعي لها أبدا ويجب إلغاؤها، ولكن لا اعتقد أن الحكومة قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار فهي تخاف من تبعاته كما هو حالها دائما، ومن وجهة نظري ونظر الكثيرين فالوزارة لا تفعل شيئا وتشكّل عبئا وأداة تأخير وعراقيل، ومن يرد انشاء شركة فى ليس عليه الانتظار حتى «تحنّ» عليه بالموافقة ومن ثم الرقابة وتأخير أعمالها، كذلك يسري الوضع على البورصة التي يجب الاسراع بانشاء هيئة سوق المال التي تراقب عليها وتلزم ادارتها وشركاتها بقوانينها وأنظمتها، وأيضا يجب إلغاء وزارة المواصلات التي لا عمل فعلياً لها، فشركة الهواتف أكبر منها فكيف تراقبها اذن؟ بل يجب انشاء هيئة مستقلة للاتصالات وتكليفها بهذه المهام لتحسينها وتطويرها.
هل ترى ان الحكومة مؤهلة لحل المشاكل وادارة الوضع لما فيه الصالح العام؟
بصراحة أرى ان حكومتنا خلطتها ضعيفة ولا حل في ذلك حتى وان كانت تحوي بعض العناصر القوية، ولنكن واقعيين في هذا الأمر... يوجد متنفذون هم من يريدون البلد فعليا، اذن فمن الصعب ان تأتي الحكومة لتدين بوجودهم وهي بهذا الضعف والتهاون.
بصراحة... هل تعتقد ان موقف الحكومة تجاه المواطنين والتدليل الزائد لهم هو السبب في الاتكالية التي نراها حاليا؟الحكومة نراها في أغلب الأحيان كالأب الذي يدلل ابناءه ويمنحهم كل شيء متى طلبوا، وهذا خطأ الى حد ما ويجب وضع حدّ له، وعليها اهمال وحرمان المواطنين من أشياء معينة لتضمن جيلا مستقبليا قادرا على العمل والعطاء، خاصة ان الطفل المدلل كما يعلم الجميع لا يفلح في النهاية ويكون الفشل حليفه في المستقبل، والتطور واللحاق بركب من سبقونا يتطلب ان يكون التوجه المصاحب مجردا من العاطفة والتدليل، لذا أقول ان البلد «مدّلعة» والعيب من الأب، الذي يجب ان ينتبه ويرى مدى تغير الأمور عن السابق والحفاظ على الفوائض وتوجيهها نحو الاستثمار الأمثل وليس توزيعها كما شاء.
الدينار لا يسوى
تم فك سعر صرف الدينار بالدولار للحد من التضخم ومع ذلك نراه في ازدياد... ما تعليقك على السياسة النقدية المتبعة؟
لنكن واقعيين فالدينار لا قيمة فعلية له، وهو مربوط بايرادات النفط التي ان لم تكن موجودة فهو لا يسوى فلسا، لذا أرى ان ربط العملة او عدم ربطها بالدولار له أثر كبير على معدلات التضخم، ولا صحة لما يقولون بانه نابع من فرق صرف العملة، والدولار أكبر وأضخم سوق في العالم، وايرادات النفط تحسب به، ويمكن الاستثمار يوميا عبره، وهذا عكس اليورو ذي السوق المحدود نسبيا والاستثمارات غير العميقة والفعلية، وما نستورده من الخارج أصبح في منشئه أغلى بحكم ظروف وعوامل عديدة أدت لرفع الأسعار وبالتالي انعكاسها علينا وهو ما نراه حاليا، لذا فالتضخم مستورد من الخارج ولا علاقة للعملة به.
هجوم مصالح وسنة صعبة
تطالعنا بين الحين والآخر اتهامات ضد الهيئة العامة للاستثمار وادارتها للأصول في الخارج... هل تعتقد انها مقصرة ويجب محاسبتها؟
الهيئة العامة للاستثمار بنظري تعدّ ضمن أفضل عشر هيئات تدير أصولا في العالم وهي واحدة من الخمس الأوائل، كما انها الأقدم في المنطقة، ولا أحد ينسى خالد أبو السعود مستشار الأمير الراحل الشيخ جابر والذي تم ايفاده للمساعدة في تأسيس هيئة أبو ظبي للاستثمار، لذا أرى ان كل هذه الاتهامات لا علاقة لها من ناحية فنية بالاستثمارات والأموال التي تدار في الخارج باسلوب عال وسليم ولا غبار عليه، والتقارير الدولية تشهد بذلك، أما ما يحدث محليا من هجوم عليها واثارة ضجة لا داعي لها فهذا كله عائد لوجود طرف لا يستفيد من استثماراتها وبالتالي نراه يهاجم ويشتكي، أي أن الأمور كلها تصب في خانة المصالح وكيفية تحقيق الاستفادة الكبرى.
البلد... ضائع!
قال السلطان إن البلد ضائع في اتجاهه الاقتصادي وهو ما يعد أحد أبرز السلبيات التي يجب معالجتها، خاصة وأن المتوافرة تسويقياً ومالياً هي الأفضل في المنطقة، مشيراً إلى أن دولة الكويت متأخرة عن دبي حالياً 20 سنة، وقبل عشرين عاماً كانت متقدمة عليها 20 سنة أي يوجد فرق أربعون عاماً يجب تعديل الأوضاع ومحاولة اللحاق بالركب. وأضاف أن الميزة الاضافية لدينا هي وجود ثقافة مالية ثرية والدولة نفسها غنية، كذلك توافر شركات عريقة وقوية سواء أكانت عائلية أو مساهمة والتي لو حصلت على الفرص والتسهيلات نفسها الموجودة في دبي وغيرها لأكلت الجميع في المنطقة، فالأسس لدينا منذ ثلاثين عاماً وأكثر.
سوق مناخ جديد.. قادم!
كشف السلطان عن قرب حدوث أزمة شبيهة بسوق المناخ لعام 1982، حيث ان المطلعين والمتابعين يعلمون ذلك ومتأكدون منه، فبقاء الحال كما هو مستحيل ولن يستمر طويلاً، مستذكراً بروفيسوراً متخصصاً في هارفارد والذي أكد أن أخطر أربع كلمات في تاريخ التجارة هي «This Time is Different» أي هذه المرة «غير».
وأضاف أنه في أزمة المناخ كانت القيمة السوقية للبورصة حوالي 6 بلايين دينار، ووضعت الحكومة 2.5 بليون أي ما يقارب 30 في المئة، ولم تحل الأزمة واستمرت مشكلة المديونيات الصعبة وغيرها، بينما اليوم نجد أن القيمة السوقية 60 بليون دينار ولو حدثت أي أزمة فسنحتاج للثلث فلو اتبعنا الخطوة السابقة نفسها أي 20 بليون دينار وهو مبلغ غير متوافر لدى الحكومة التي تملك 220 بليون دولار أي ما يقارب 67 بليون دينار، فلو قمنا بسحب هذا المبلغ منهم فبالتأكيد لن يوافق أحد وخاصة مجلس الأمة كونه مبلغاً كبيراً يؤثر على المال العام، منوهاً أنه يجب توقع الأسوأ والتخطيط منذ الآن لتلافي هذا الأمر.