كلمة الوطن
ما الحكومة فاعلة؟
أزمة اقتصادية، بورصة متهاوية، ترى ما الحكومة فاعلة؟ الكل يترقب، اجتماع هام لمجلس الوزراء، الكل ينتظر القرارات الحاسمة، الكل يتوقع قرارات تقلب الموازين وتعيد للبورصة صوابها، فما مجلس الوزراء فاعل؟
بعد اجتماع مطول، قرر مجلس الوزراء الموقر استدعاء مدير البورصة والاستماع لرأيه والاستئناس به، مدير البورصة نفسه الذي عين بين ليلة وضحاها في غبقة التحالف الوطني، مدير البورصة نفسه الذي أزاحه صاحب السمو أمير البلاد عن هيئة الاستثمار لعدم كفاءته، مدير البورصة نفسه الذي حارب أكثر من نصف الشركات المتداولة، وخسر 33 قضية رفعت ضد ادارته، مدير البورصة نفسه الذي يستعين بمستشارين قانونيين من خارج البلاد ليقدموا للجنة السوق ما يشاء هو ويحب، مدير البورصة نفسه الذي أفقد ادارة البورصة مصداقيتها، مدير البورصة السلبي الذي لم نسمع منه أي تحرك أو قرار أو حتى تصريح خلال الأزمة التي تمر بها البورصة، مدير البورصة الذي يبدو انه لا يعلم ان معظم المستثمرين الأجانب أخرجوا أموالهم من بورصته، بورصته التي تخفق كلما خفقت أسواق الخليج ولكنها لا ترتفع كلما ارتفعت تلك الأسواق، بورصته التي ترفض ادراج الشركات القوية والمتينة وتدرج المتردية والنطيحة بانتقائية عجيبة، بورصته التي تسمح لكثير من الشركات بالتلاعب بأرقامها المالية الوهمية وتغض النظر عنها متيحة لها المجال للاستيلاء على اموال المستثمرين الصغار البسطاء وتحارب الشركات الشفافة متعللة بقوانين وهمية مبهمة.
حسنا.. وبعد ان استمع مجلس الوزراء الى مدير البورصة، ترى ما هو فاعل بعدما استأنس برأيه؟ ما هي القرارات الكبرى التي ستصدر؟... لقد قرر مجلس الوزراء ان يكلف وزير المالية باصدار تصريحات صحفية تطمينية معلنة ان الوضع الاقتصادي متين وأن السيولة متوفرة لدى البنوك، أحقا يا معالي الوزير؟
نعم الوضع الاقتصادي متين لولا انعدام التنمية، ولولا انعدام المبادرة، ولولا اللاقرار الحكومي الذي نعيشه منذ سنتين، نعم السيولة متوفرة ولكن الثقة معدومة، كيف لمستثمر أن يثق ببورصة ادارتها بهذا التخبط؟ كيف لمستثمر اجنبي أن يستثمر في الكويت التي يرى حكومتها مترددة في الاستثمار فيها رغم الهبوط الكبير وهي في نفس الوقت تواقة للاستثمار في السوق الأمريكي المتهالك بل وحتى في السوق الآسيوي المرعب، بل وحتى في مزارع الأرز والحنطة، ولكنها مترددة كل التردد في الاستثمار في سوقها.
ما الحل؟ هل رحيل الفلاح هو حل المشكلة كلها؟ لا.. المشكلة ليست في الفلاح وحده.. فهو ليس المشكلة ولكنه احد أعراض المشكلة.. فتعيين الفلاح والاصرار على بقائه حتى بعد كل ما حصل لهو دليل على أن الحكومة مستعدة لمحاباة أطراف متنفذة على حساب بورصتها واقتصادها بمجمله، وهنا مكمن الخطر، ان بقاء الفلاح سيزيد من علامات التعجب والاستفهام حول الحكومة وسيسمح للمشككين أن ينشروا نظريات المؤامرة الحكومية حول تعمد ما يحدث في البورصة.
في دور الانعقاد القادم، تنتظر الحكومة أزمات كبيرة، المصفاة الرابعة وما شابها من تلاعب، وزيرة التربية واستجوابها المرتقب، الرياضة وتبعاتها، وزارة الدفاع وتجاوزاتها، وغيرها، ولكن كل تلك المشكلات تقزمها أزمة البورصة، فبيوت الكويتيين تهدم، ومدخراتهم تضيع، ومستقبل أبنائهم يتحطم امام أعينهم والحكومة لا حيلة لها سوى التطمين.
لكي تخرج الحكومة البورصة كانت ربما تحتاج 3 مليارات دينار تضخها في البورصة، بسبب الانتظار واللا قرار ربما تحتاج الآن الى خمسة مليارات، وكلما تأخرت زادت الفاتورة، وهذه الأموال ليست هبة توزع ولكنها استثمار مغر في شركات ناجحة مشكلتها انها في سوق متخبط الادارة كسوق الكويت، فكيف للحكومة ألا تضخ الاموال فورا؟
وضع الولايات المتحدة مختلف تماما، فهي دولة مدينة ونحن دولة دائنة، بنوكها توسعت اكثر من اللازم ففشلت وافلس عدد من اكبرها، ولكن في الكويت البنوك متينة والبنك المركزي يفرض ضوابطه عليها بصرامة، هم يستوردون النفط ونحن نصدره، وشركاتنا قليلة الارتباط بشركاتهم فلا مجال للتأثر بهبوطهم كما تتأثر السوق الآسيوية والأوربية، فالمصيبة الامريكية كان من المفروض أن تنعكس فائدة علينا وأن نضخ الأموال في بورصتنا لا ان نراها تهرب كما هو الحال اليوم على الرغم من ارتفاع سعر الفائدة على الدينار، فلنتوقف عن مراقبة الوضع الأمريكي والقاء اللوم عليه، فالمشكلة فينا نحن وبتخبطنا وباللاقرار.
ان كانت الحكومة جادة في اعادة الثقة، فليرحل الفلاح كي نضع حدا للتخبط اولا ولنظريات التخاذل الحكومي ثانيا، ثم لتضخ الحكومة 5 مليارات في بورصتنا، هي أقل بكثير وأجدى من مصفاتهم الرابعة التنفيعية، وهي أفضل استثمار لأموال اجيالنا القادمة، وهي أفضل رسالة تبعثها الحكومة الى المستثمرين بدلا من تصريحات صحفية لا تسمن ولا تغني من جوع.
الوطن
تاريخ النشر 08/10/2008
ما الحكومة فاعلة؟
أزمة اقتصادية، بورصة متهاوية، ترى ما الحكومة فاعلة؟ الكل يترقب، اجتماع هام لمجلس الوزراء، الكل ينتظر القرارات الحاسمة، الكل يتوقع قرارات تقلب الموازين وتعيد للبورصة صوابها، فما مجلس الوزراء فاعل؟
بعد اجتماع مطول، قرر مجلس الوزراء الموقر استدعاء مدير البورصة والاستماع لرأيه والاستئناس به، مدير البورصة نفسه الذي عين بين ليلة وضحاها في غبقة التحالف الوطني، مدير البورصة نفسه الذي أزاحه صاحب السمو أمير البلاد عن هيئة الاستثمار لعدم كفاءته، مدير البورصة نفسه الذي حارب أكثر من نصف الشركات المتداولة، وخسر 33 قضية رفعت ضد ادارته، مدير البورصة نفسه الذي يستعين بمستشارين قانونيين من خارج البلاد ليقدموا للجنة السوق ما يشاء هو ويحب، مدير البورصة نفسه الذي أفقد ادارة البورصة مصداقيتها، مدير البورصة السلبي الذي لم نسمع منه أي تحرك أو قرار أو حتى تصريح خلال الأزمة التي تمر بها البورصة، مدير البورصة الذي يبدو انه لا يعلم ان معظم المستثمرين الأجانب أخرجوا أموالهم من بورصته، بورصته التي تخفق كلما خفقت أسواق الخليج ولكنها لا ترتفع كلما ارتفعت تلك الأسواق، بورصته التي ترفض ادراج الشركات القوية والمتينة وتدرج المتردية والنطيحة بانتقائية عجيبة، بورصته التي تسمح لكثير من الشركات بالتلاعب بأرقامها المالية الوهمية وتغض النظر عنها متيحة لها المجال للاستيلاء على اموال المستثمرين الصغار البسطاء وتحارب الشركات الشفافة متعللة بقوانين وهمية مبهمة.
حسنا.. وبعد ان استمع مجلس الوزراء الى مدير البورصة، ترى ما هو فاعل بعدما استأنس برأيه؟ ما هي القرارات الكبرى التي ستصدر؟... لقد قرر مجلس الوزراء ان يكلف وزير المالية باصدار تصريحات صحفية تطمينية معلنة ان الوضع الاقتصادي متين وأن السيولة متوفرة لدى البنوك، أحقا يا معالي الوزير؟
نعم الوضع الاقتصادي متين لولا انعدام التنمية، ولولا انعدام المبادرة، ولولا اللاقرار الحكومي الذي نعيشه منذ سنتين، نعم السيولة متوفرة ولكن الثقة معدومة، كيف لمستثمر أن يثق ببورصة ادارتها بهذا التخبط؟ كيف لمستثمر اجنبي أن يستثمر في الكويت التي يرى حكومتها مترددة في الاستثمار فيها رغم الهبوط الكبير وهي في نفس الوقت تواقة للاستثمار في السوق الأمريكي المتهالك بل وحتى في السوق الآسيوي المرعب، بل وحتى في مزارع الأرز والحنطة، ولكنها مترددة كل التردد في الاستثمار في سوقها.
ما الحل؟ هل رحيل الفلاح هو حل المشكلة كلها؟ لا.. المشكلة ليست في الفلاح وحده.. فهو ليس المشكلة ولكنه احد أعراض المشكلة.. فتعيين الفلاح والاصرار على بقائه حتى بعد كل ما حصل لهو دليل على أن الحكومة مستعدة لمحاباة أطراف متنفذة على حساب بورصتها واقتصادها بمجمله، وهنا مكمن الخطر، ان بقاء الفلاح سيزيد من علامات التعجب والاستفهام حول الحكومة وسيسمح للمشككين أن ينشروا نظريات المؤامرة الحكومية حول تعمد ما يحدث في البورصة.
في دور الانعقاد القادم، تنتظر الحكومة أزمات كبيرة، المصفاة الرابعة وما شابها من تلاعب، وزيرة التربية واستجوابها المرتقب، الرياضة وتبعاتها، وزارة الدفاع وتجاوزاتها، وغيرها، ولكن كل تلك المشكلات تقزمها أزمة البورصة، فبيوت الكويتيين تهدم، ومدخراتهم تضيع، ومستقبل أبنائهم يتحطم امام أعينهم والحكومة لا حيلة لها سوى التطمين.
لكي تخرج الحكومة البورصة كانت ربما تحتاج 3 مليارات دينار تضخها في البورصة، بسبب الانتظار واللا قرار ربما تحتاج الآن الى خمسة مليارات، وكلما تأخرت زادت الفاتورة، وهذه الأموال ليست هبة توزع ولكنها استثمار مغر في شركات ناجحة مشكلتها انها في سوق متخبط الادارة كسوق الكويت، فكيف للحكومة ألا تضخ الاموال فورا؟
وضع الولايات المتحدة مختلف تماما، فهي دولة مدينة ونحن دولة دائنة، بنوكها توسعت اكثر من اللازم ففشلت وافلس عدد من اكبرها، ولكن في الكويت البنوك متينة والبنك المركزي يفرض ضوابطه عليها بصرامة، هم يستوردون النفط ونحن نصدره، وشركاتنا قليلة الارتباط بشركاتهم فلا مجال للتأثر بهبوطهم كما تتأثر السوق الآسيوية والأوربية، فالمصيبة الامريكية كان من المفروض أن تنعكس فائدة علينا وأن نضخ الأموال في بورصتنا لا ان نراها تهرب كما هو الحال اليوم على الرغم من ارتفاع سعر الفائدة على الدينار، فلنتوقف عن مراقبة الوضع الأمريكي والقاء اللوم عليه، فالمشكلة فينا نحن وبتخبطنا وباللاقرار.
ان كانت الحكومة جادة في اعادة الثقة، فليرحل الفلاح كي نضع حدا للتخبط اولا ولنظريات التخاذل الحكومي ثانيا، ثم لتضخ الحكومة 5 مليارات في بورصتنا، هي أقل بكثير وأجدى من مصفاتهم الرابعة التنفيعية، وهي أفضل استثمار لأموال اجيالنا القادمة، وهي أفضل رسالة تبعثها الحكومة الى المستثمرين بدلا من تصريحات صحفية لا تسمن ولا تغني من جوع.
الوطن
تاريخ النشر 08/10/2008