الشركات الأميركية تدخل في منافسة حامية على امتيازات النفط الليبية
هل للسوق الكويتي نصيب من هذه العقود ؟؟ الايام القادمة ستجيب عن هذا السؤال
======================
قال محللون اقتصاديون ان شركات النفط الأميركية دخلت خلال الفترة الأخيرة في منافسة قوية مع بعضها من أجل اقتناص الفرص الاستثمارية الضخمة التي يوفرها قطاع النفط الليبي بعد فتح الباب فيه بشكل أوسع أمام الشركات الأجنبية خلال الأشهر القليلة الماضية.
عادت الشركات النفطية الأميركية مثل اوكسيدنتال اويل في الربع
الثاني من العام الماضي كما عادت الشركات الأميركية الثلاث الأخرى صاحبة الامتيازات النفطية في ليبيا وهى:
»كونوكو ـ فيليبس«، »أميرادا هيس«، و»ماراثون« بعد دفعت مبلغ 1.3 مليار دولار وشمل الاتفاق المبرم مع المؤسسة الليبية مواقع في مجموعة الواحة، التي تضم إلى جانبهما شركة النفط الوطنية ونصيبها يتجاوز النصف، أو 59.2 في المئة تحديدا.
وسيكون نصيب كل من شركتي »كونوكو ـ فيليبس« و»ماراثون« 16.3 في المئة من أسهم »الواحة«، بينما ستحصل »أميرادا هيس« على 8.2 في المئة من الأسهم.
وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ختام العام الماضي، فإن الشركات الثلاث ستضمن وجودها على الساحة النفطية الليبية لفترة ربع قرن من الزمان وحتى عام 2034.
وكانت المفاوضات بين الطرفين قد وصلت إلى طريق شبه مسدود، إذ لم يكن المفاوضون الليبيون يرغبون في العودة إلى الشروط القديمة ذاتها، خاصة أن الاتفاق الأولي يعود إلى قرابة 50 عاما .
وكان سينتهي العمل به نهاية العام الماضي ما لم يتم التجديد، ولا يستبعد بروز العامل السياسي في الحسابات الليبية خاصة بعد رفع الحظر الأميركي عليها عام 2004.
وسيوفر الاتفاق الجديد الفرصة للشركات الأميركية لزيادة حجم الاحتياطيات النفطية التي تسيطر عليها. فبالنسبة لـ »ماراثون« سيبلغ حجم الزيادة 20 %، ولـ »أميرادا هيس« 9.2 %، و»كونوكو ـ فيليبس« 4 %.
وذلك في البلد الذي يعتبر ثامن أكبر منتج للنفط بين الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط »أوبك«، وثاني أكبر منتج في القارة الإفريقية بعد نيجيريا.
وسيكون التركيز على حوض سرت، الذي ينتج منه قرابة 80 في المئة من النفط الليبي ويتوقع للمجموعة أن تنتج 350 ألف برميل يوميا.
الشركات الثلاث إضافة إلى »أوكسيدنتال«، التي لعبت دوراً كبيراً في تحولات سوق النفط في مطلع عقد السبعينات، عندما وافق رئيسها الأسطوري وقتها أرماند هامر على الطلب بزيادة نسبة العائدات التي تحصل عليها، وكانت تنتج نحو 400 ألف برميل يوميا من الخام عالي الجودة، إضافة إلى تميزه بقربه من مناطق الاستهلاك في القارة الأوروبية.
وكان ذلك الحجم الإنتاجي يمثل نحو ثلث الإنتاج الليبي عندما طلب الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان من الشركات الأميركية ترك العمل في ليبيا.
وطوال فترة الـ 15 عاما التي غابت فيها الشركات الأميركية عن ليبيا يقول بعضها إنه خسر مبالغ تصل إلى خمسة مليارات دولار.
وأهم من ذلك أن المكانة المتميزة التي كانت تحظى بها الشركات الأميركية تراجعت لصالح شركات أخرى أوروبية وآسيوية، أمثال »توتال ـ فينا« الفرنسية، »ريبسول« الإسبانية، والشركة التركية للبترول.
فهذه الشركات وغيرها استمرت تعمل في ليبيا رغم التهديدات الأميركية بمعاقبتها من خلال قانون معاقبة ليبيا وإيران الذي صدر عام 1996، ويقضي بفرض غرامة على أي شركة تستثمر في الصناعة النفطية في البلدين بمبالغ تزيد على 40 مليون دولار.
وهو ما تجاهلته الشركات لأن إدارة كلينتون وتلك التي خلفتها الإدارة الحالية للرئيس جورج بوش في مرحلتيها لم تعاقبا أيا من الشركات الأجنبية التي حصلت على تعاقدات في ليبيا.
وتزامنت عودة الشركات الأميركية إلى الساحة النفطية في ليبيا مع وقت تعيش فيه السوق العالمية حالة من التطورات تتميز بالنمو في الطلب والحاجة إلى دعم القدرات الإنتاجية لدى الدول الأعضاء في »أوبك«، خاصة ومنتجي النفط عموماً.
إضافة إلى الطلب على النفط الليبي بخصائصه المتمثلة في قربه من أسواق الاستهلاك الرئيسية وخامته الجيدة بخلوه من الكبريت تقريبا مثل الخام من نوع السدر، ويبلغ 36 إلى 37 درجة وفق مقياس معهد البترول الأميركي، أو الشرارة بخامة 44 درجة وفق المقياس نفسه.
وأعلنت ليبيا خلال الفترة الماضية عن خطة تستهدف رفع الطاقة الإنتاجية من نحو 1.6 مليون برميل يوميا إلى مليوني برميل بنهاية هذا العقد من خلال جذب استثمارات أجنبية للعمل في ميدان النفط والغاز يصل حجمها إلى 30 مليار دولار، بل تشير الخطط الطموحة إلى رفع الطاقة الإنتاجية إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015.
الصناعة النفطية الليبية وبرزت إلى الوجود بصدور قانون الثروة البترولية رقم 25 عام 1955، وكانت شركة أسو من أولى الشركات التي حصلت على امتياز وحققت اكتشافات مهمة، في الوقت الذي كادت فيه تيأس من الحصول على نفط في هذه المنطقة، وذلك في عام 1959، ليبدأ تصدير النفط من الحقول الليبية بعد ذلك بعامين.
وتصاعد الإنتاج ليبلغ ذروته عام 1970 عندما وصل إلى 3.3 ملايين برميل يوميا، قبل ان يبدأ في التراجع مما أحدث اختلالاً في السوق من خلال بروز المنتجين من خارج »أوبك« وظهور السوق الحرة مؤشرا قويا على الأسعار التي كانت تتحكم فيها المنظمة.
وأدت كل هذه التطورات إلى تآكل في نصيب »أوبك« في السوق، الأمر الذي دفعها إلى تقليص حصتها، وهو ما أصاب من جملة من أصاب من المنتجين ليبيا، التي بدأت قدرتها الإنتاجية تضمحل إلى أن وصلت إلى 1.2 مليون برميل في عقد الثمانينات، ثم شهدت بعض التحسن إلى 1.4 مليون في العقد التالي، ثم إلى 1.6 مليون في الوقت الراهن.
وتستهلك السوق المحلية 237 ألف برميل يوميا، والبقية وهي في حدود 1.34 مليون يتم تصديرها إلى المستهلكين الأوروبيين وعلى رأسهم ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، إسبانيا واليونان.
وبعد التطورات الأخيرة في العلاقات الليبية ـ الأميركية قامت طرابلس بشحن 66 ألف برميل إلى الولايات المتحدة، وذلك في أول خطوة من نوعها في غضون عقدين من الزمان.
ولليبيا طاقة تكريرية تبلغ 380 ألف برميل يوميا، وهي بذلك تزيد على حاجة السوق المحلية إلى المواد المكررة، الأمر الذي يجعلها تدفع بالفائض إلى التصدير.
وتوجد عدة مصاف في كل من رأس لنوف، الزاوية، طبرق، بريقة، السرير، هذا إضافة إلى وجود شبكة تكرير وتوزيع في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا، إيطاليا، وسويسرا.
وتجلس ليبيا على احتياطيات من النفط تبلغ 39 مليار برميل، موزعة على نحو 12 حقلا يبلغ احتياطي كل منها نحو المليار، بينما يراوح حجم البقية بين 500 مليون برميل إلى المليار.
وفي مطلع العام الماضي شهدت ليبيا عقد أول لقاء عطاءات رخص لاستكشاف النفط واستخراجه بعد رفع الحظر الأميركي، وهو اللقاء الذي شاركت فيه 56 شركة بنحو 104 عروض، وفي ختامه فازت الشركات الأميركية بنصيب الأسد.
وهي »أوكسيدنتال«، »شيفرون ـ تكساكو«، »أميرادا هيس«، وشركة النفط والغاز الهندية من بين آخرين أمثال »بتروبراس« البرازيلية، »سوناطراك« الجزائرية، و»فيرنيكس« الكندية، و»وود سايد« الأسترالية.
وكما شهدت ليبيا العطاء الثانى لنحو 44 قطعة بحرية وبرية وشاركت فيه 96 شركة وفازت الشركات الآسيوية بنصيب الأسد في الجولة الثانية من العطاءات للنفط الليبي عمليات ترسية العقود وتنوعت الشركات الناشطة في ليبيا بين آسيوية وأوروبية.
وهناك خمس شركات يابانية رئيسية بقيادة »ميتسوبيشي« و»نيبون بتروليوم«، كما يوجد حضور قوي للشركات الأميركية إلى جانب مجموعة الواحة تمثله »إكسون ـ موبيل« و»أوكسيدنتال«.
وأعلنت شركة النفط الليبية عن اعتزامها عقد جولة ثالثة لمنح تراخيص للنفط والغاز في مارس المقبل بعد جذب جولتين سابقتين منافسات حادة بين كبرى شركات النفط العالمية.
وأفاد رئيس مجلس إدارة الشركة التي تملكها الدولة عبد الله البدري بأن الشركة على وشك إطلاق الجولة الثالثة من التراخيص مع وجود خطط لعقدها بعد ثلاثة أشهر تقريبا.
وتمكنت ليبيا التي تسعى لزيادة إنتاجها النفطي من خلال المزيد من الاستثمار الأجنبي من جمع 103 ملايين دولار في ثاني جولة نظمتها بعد رفع العقوبات في أكتوبر الماضي عقب جولة أولى في يناير من العام الماضي حيث عرضت 15 منطقة للتنقيب في البر والبحر.
ويرى المحللون أن ليبيا بدأت بأخذ موقع ممتاز في عالم النفط مع زيادة إنتاجها النفطي بشكل متزايد حيث يتوقع وصول الإنتاج إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا في المستقبل القريب.
ويقول محللون إنه وبعد سنوات من العزلة الدولية ربما باتت ليبيا صاحبة اليد العليا في سعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية فيما تحول عراقيل سياسية دون الوصول لمناطق بديلة وتدفع أسعار النفط المرتفعة الشركات للسعي وراء موارد نفطية جديدة.
وفي العام الماضي أجرت ليبيا أول جولتين دوليتين لمنح تراخيص استغلال لحقول نفط بعد رفع العقوبات اتسمتا بشفافية نالت الإعجاب.
لكن المنافسة الشديدة كانت تعني المغالاة في الشروط من اجل الفوز بعقود وأن الشركات قد تكافح لتحقيق ربح حتى مع تجاوز أسعار النفط 60 دولارا للبرميل.
وقالت فاليري مارسيل خبيرة الطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية »ان ليبيا مهمة لشركات النفط الدولية لأنها واحدة من مناطق قليلة جديدة ولأنه يمكن للشركات أن تحصل على احتياطيات«.
من جانبه يقول كريج مكماهون المحلل لدى شركة وود ماكينزي للاستشارات: »ليبيا بلد لديه احتياطيات كبيرة من النفط والغاز لكن الاكتشافات لا تزال دون المستوى«.
وتابع انه حتى خليج سرت الذي جرى استكشافه بشكل جيد ما زال ينطوي على إمكانات كبيرة »مضيفا أن تكاليف التشغيل والتطوير الليبية لا تزال منخفضة نسبيا.
وأشارت تقارير إلى أن
بعض الفائزين في جولات اتفاقيات التنقيب وشراكة الإنتاج في العام الماضي ربما قبلوا شروطا لا تسمح لهم إلا بالحصول على نحو عشرة في المئة فقط من الإنتاج فيما تذهب النسبة الباقية لليبيا.
لكن مارسيل قالت ان الشركات ربما يحدوها الأمل في شروط أفضل في المستقبل حيث تختلف الشروط من جولة ترخيص لأخرى. وقال مكماهون: »نظراً لحجم ليبيا فإنه من غير الواقعي أن نتوقع أن تكون شركة النفط الوطنية الليبية قادرة على إدارة كل الفرص المتاحة«.
كما أنها تحتاج للخبرة الأجنبية لتعويض الآثار التكنولوجية للعقوبات. وقال مكماهون ان »شركة النفط الوطنية الليبية حرمت من الحصول على كثير من التكنولوجيات الجديدة في الصناعة طوال سنوات العقوبات الاقتصادية«.
وحصلت شركات نفط كبرى مثل اكسون موبيل وتوتال ومجموعة شركات من أنحاء العالم منها شركات يابانية تقدمت بعروض مغرية في ثاني جولة في أكتوبر. وقالت سيلوا كالدربنك المحللة المتخصصة في شؤون شمال أفريقيا »كان أداء الشركات اليابانية جيداً جدا لأنها كانت مستعدة لقبول حصص منخفضة بهذه الدرجة«.
كما استغرقت المفاوضات بشأن عودة مجموعة اوازيس التي تضم شركات كونوكو فيليبس واميرادا هيس وماراثون فترة طويلة بسبب خلافات الجانبين على الشروط وفي النهاية جرى التوصل لاتفاق في ديسمبر. وقالت كالدربنك »كانت مفاوضات طويلة لأن الطرفين كانا يسعيان للتوصل إلى أفضل اتفاق«.
وأضافت أن الجانبين خرجا فائزين لأن شركات النفط حصلت على تمديد طويل مدته 25 عاما لامتيازاتها النفطية في خليج سرت رغم أنها دفعت مبالغ كبيرة كعلاوة توقيع.