Aljoman
عضو نشط
- التسجيل
- 12 نوفمبر 2005
- المشاركات
- 26,848
الاقتصاد والسياسة
ناصر سليمان النفيسي
المدير العام – مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية
لاشك بأن لكل من الاقتصاد والسياسة مجاله الواسع والتخصصي ، وبالرغم من ذلك ، نجد من النادر من الناحية العملية الفصل بينهما إن لم نقل تجاهل تداخلهما بتعبير أدق ، وهذا التداخل بالرغم من عدم ضرورة تلازمه في كل الظروف والحالات إلا أنه قوي للغاية ، ويكاد يكون موضوعا واحدا في العديد من الأحداث عند التعرض لها ، وذلك لأغراض التحليل والتعليق وإبداء الرأي ، ولا أود أن أسهب وأدخل في النظريات والشواهد العملية في هذا الشأن لعدم مناسبة ذلك في هذا المقام .
ونحن كمحللين اقتصاديين بالدرجة الأولى ، نتجنب – قدر الإمكان – التعرض للمواضيع السياسية ، إلا أننا نجد أنفسنا مجبرين قسرا للتطرق للأمور السياسية أعني المرتبطة بالاقتصاد على الرغم من عدم رغبتنا – إن لم نقل كرهنا – لاقتحام ميدان السياسة الذي يعج بالفرضيات والنظريات ووجهات النظر المتعاكسة مع كونها منطقية في جانب مهم منها ، حيث نجد في الاقتصاد – أي لغة الأرقام – مجالا مريحا نسبيا للعمل المثمر نظرا لضيق هامش الجدل ، وذلك في حال كون النقاش الاقتصادي موضوعيا وعلميا .
ومن أمثلة اضطرارنا للتطرق للأمور السياسية – قسرا كما أسلفنا – في معرض تحليلنا لسوق الكويت للأوراق المالية ، عندما نتحدث عن الكتل الاستثمارية المؤثرة بالسوق ، حيث إنه لا بد من الحديث عن بعض الظروف السياسية التي أفرزت بعض الكتل أو أثرت في سلوكها وتوجهها الاستثماري ، ومن الأمثلة الأكثر وضوحا هو تحرك الهيئة العامة للاستثمار – وهي مؤسسة حكومية اقتصادية – في سوق الأسهم بدوافع سياسية صرفة – من وجهة نظرنا – والمتمثل في ضخ سيولة نقدية في السوق فور حل مجلس الأمة في الحادي والعشرين من مايو الماضي كما هو معلن رسميا ، وطبعا لا نعني بعبارة ( معلن رسميا ) اعتراف هيئة الاستثمار بتدخلها في سوق المال لغرض سياسي ، إنما نعني أن الهيئة صرحت رسميا بدخولها بسوق الأسهم – وهو تصريح نادر للغاية – وذلك في اليوم التالي لحل مجلس الأمة بحجة الوضع المغري للاستثمار في سوق المال ! ، ولا شك بأن هناك العديد من الأمثلة الواقعية التي تضطر الكاتب الاقتصادي للدخول في ميدان السياسة لتوضيح واستكمال وبلورة الموضوع الاقتصادي ، وذلك لرفع مستوى الفائدة لدى قارئ الموضوع الاقتصادي لأعلى درجة ممكنة ، حيث أنه من عدم الإنصاف إنكار تأثر كل من الاقتصاد والسياسة ببعضهما البعض .
وقد كتبنا هذه الكلمات لتوضيح وجهة نظرنا – نحن مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية – عن دوافع تطرقنا للأمور السياسية – أحيانا – أثناء القيام بعملنا الرئيسي ، وهو إعداد التقارير والتحاليل الاقتصادية إضافة إلى البحوث المتخصصة ذات الصلة ، حيث تلقينا بعض الملاحظات من المهتمين بنشاطنا والتي تصل أحيانا إلى مرتبة الانتقادات بشأن تطرقنا لبعض المواضيع السياسية ولو بشكل عارض ، حيث إنهم يتوقعون منا دائما تجنب ميدان السياسة المتخم بالمحللين والمنظرين والباحثين سواء كانوا مهنيين أو متطفلين .
وفي الختام نأمل أن نكون قد وضحنا وجهة نظرنا بهذا الموضوع الحساس ، كما نأمل أيضا أن يتفهمنا من أبدى ملاحظة أو انتقادا بشأن موقفنا في هذا الشأن ، متمنين أن نكون عند حسن ظن الجميع .
تم نشر المقال ادناه في مجلة المستثمرون عدد 52 بتاريخ يوليو 2006