بسبب تعثر ملاك في الوفاء بأقساط قروض استخدمت للمضاربة في البورصة
أزمــة رهــونات عقــارية في الأفق القريب .. جداً
تستمر الازمة المالية «الأم» في تفريخ الازمات الواحدة تلو الاخرى، ففي العدد الماضي من «عقارات الاقتصادي» القينا الضوء على ازمة الصفقات العقارية التي خلفتها الازمة المالية التي تمر بها اسواق المال المحلية والعالمية، واليوم نبحث ازمة الرهونات العقارية التي من المنتظر ان تظهر في السوق المحلي عقب اعلان البنوك رغبتها في بيع ما لديها من عقارات مرهونة تعثر ملاكها في سداد ما لديهم من التزامات تجاه البنوك والجهات التمويلية التي منحتهم قروضا مقابل ضمان رهن عقاراتهم.
توقعات خبراء السوق تشير الى ان وضع سوق العقار المحلي سيزداد سوءا في حال اقدمت البنوك والمؤسسات التمويلية على التخلص مما لديها من عقارات مرهونة، خصوصا مع تعثر اعداد كبيرة من المستثمرين الذين حصلوا على تمويلات وجهوها الى الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية ومُنوا نتيجة لذلك بخسائر فادحة، مما جعلهم غير قادرين خلال الفترة الحالية على تسديد ما عليهم من التزامات.
واكدوا ان معاناة السوق منذ بداية الازمة ستتضاعف اذا ما أقدمت الجهات التمويلية على هذه الخطوة، حيث سينتج عنها ارتفاع لحجم المعروض في مختلف القطاعات مقابل تدني الطلب على الشراء في ظل نقص السيولة ووسائل التمويل، الامر الذي سيفاقم ازمة السوق العقاري ويضاعف خسائره.
واشار الخبراء الى ان اسعار العقارات مستمرة في النزول الذي بدأته منذ بداية العام الحالي بسبب عدة عوامل: اولها القرارات الاسكانية التي منعت على الشركات والمؤسسات التعامل في العقارات السكنية ثم اصابها انخفاض آخر عقب قرارات «بنك الكويت المركزي» بالحد من الاقتراض لتمويل شراء العقارات الاستثمارية والتجارية، ولم يكد الحال يهدأ حتى فوجئ السوق بمزيد من الركود الذي تسببت به الازمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على مختلف الاسواق، والآن ينتظر السوق مزيدا من الانخفاض للأسعار مع بداية العام المقبل اذا ما بدأت البنوك في بيع الاصول المرهونة لديها بعد امتناع المدينين عن الوفاء بالتزاماتهم.
نزاعات ودعاوى
وتوقع المتعاملون في سوق العقار الكويتي ان تشهد المحاكم الكويتية مع بداية عام 2009 العديد من النزاعات والدعاوى القضائية التي سترفعها البنوك والشركات التمويلية ضد المدينين من ملاك العقارات المرهونة الذين لم يسددوا التزاماتهم, الى جانب ذلك ستشهد الساحة عددا كبيرا من المزادات التي ستعرض عقارات تم الحكم ببيعها لمصلحة تسديد مديونيات ملاكها للبنوك, متوقعين ان تُعرض اعداد كبيرة من العقارات بأسعار بخسة.
وقال الخبراء ان 60 في المائة من العقارات التي يستخدمها المستثمرون كضمان للقروض التي يحصلون عليها هي عقارات استثمارية, لذلك فانه من المتوقع ان يشهد قطاع العقار الاستثماري اكبر قدر من النزول بالمقارنة مع مختلف القطاعات العقارية الاخرى, وذلك جراء ازمة العقارات المرهونة المتوقع ان يشهدها السوق خلال الفترة المقبلة.
وتتوزع النسبة المتبقية ما بين العقارات السكنية التي تم رهنها في السابق قبل اصدار القرارات السكنية التي منعت الرهن العقاري للسكن الخاص, وكذلك قطاع العقارات التجارية التي تعتبر حصتها من العقارات المرهونة ليست بقليلة, خصوصا ان كثيرا من الشركات الكبرى تقبل على رهن ما لديها من عقارات تجارية مقابل الحصول على قروض, بعضها وجهتها للمضاربة في الاسهم والدخول في محافظ وصناديق استثمارية.
ويشير الخبراء الى ان البنوك متحفظة للغاية في التعامل مع عملائها خصوصا المتعثرين, لا سيما ان اصحاب طلبات التمويل العقاري هم طالبو القروض أنفسهم من اجل الاتجار في الاسهم, لذللك فانها حذرة في تعاملها خلال الفترة الحالية, خصوصا بعد تأكدها من ان الكثير من الحاصلين على القروض وجهوها للمضاربة بالاسهم وخسروا جزءا كبيرا منها.
المعاملة بالمثل
ودعا الخبراء والمتعاملون في السوق العقاري "بنك الكويت المركزي" الى ضرورة معاملة العقارات المرهونة لدى البنوك والمؤسسات التمويلية بمثل معاملة الاسهم المرهونة, من خلال اصدار قرار بمنع تسييل العقارات المرهونة لدى البنوك بسبب تعثر ملاكها عن السداد, وذلك لتفادي تحقيق السوق العقاري مزيدا من الخسائر حال طرح كم كبير من العقارات المرهونة للبيع في السوق, الامر الذي سيتسبب بانخفاض حاد للاسعار.
ودعا خبراء السوق "المركزي" الى حث البنوك والمؤسسات التمويلية على اعادة جدولة القروض المتعثرة او التفاوض مع المتعثرين ومنحهم مهلة لترتيب اوضاعهم والسداد, لاسيما ان الازمة عامة واثارها اصابت مختلف القطاعات, وجميع المستثمرين.
واشار المتعاملون في السوق العقاري الى ان المتورطين في ازمة العــــــقارات المرهــــــونة المقبلة ليسوا من شريحـــــة واحدة دون غيرها, فهم متنـــــوعون ما بين الشركات ســـــــواء كـــانت كبــــرى أو ذات اعمال محدودة, الى جانب التجار والمستثمرين الافراد, خصوصا صغار المستثمرين الذين يعتمدون على عقاراتهم المتواضعة كضمان للحصول على تمويل, وجهه معظمهم الى الاستثمار في سوق الكويت للاوراق المالية على امل جني ارباح بشكل سريع وتسديد ما عليهم من مديونيات. لكن في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البورصة الكويتية خابت امال هؤلاء وتكبدوا خسائر تفوق امكاناتهم على الوفاء بما لديهم من التزامات تجاه البنوك.