عدنا
أحبتي الكرام، قبل أن ندخل في القيل والقال يجب أن نعلم بأن في فقه البيوع أكبر باب للاجتهاد، لأن الأصل في المعاملات الحل، مالم يوجد مانع شرعي
بعكس العبادات التي لامجال للاجتهاد فيها إلا ما ندر (على ما أظن)، لأن الأصل فيها التحريم، مالم يوجد أمر شرعي فيها
لست بفقيه ولست بعالم، والعلم إللي عندي لايؤهلني حتى لأن أكون طالب علم
لذلك سأدخل في الموضوع بما أعلم:
..........................................................
التورق من المسائل التي اختلف فيها العلماء، وأي علماء
علماء معتبرين لهم وزنهم، لذلك لانستطيع أن نقول بأن هذا غلط وهذا صح، بل نقول:
أميل إلى رأي فلان أو أميل إلى الرأي القائل بكذا وكذا
.........................................................
البيع بالتورق مشتق من بيع العينة والذي أجمع الكل على عدم جوازه
وأول من استخدم لفظ التورق هو شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله تبارك وتعالى، وقال بعدم جوازه
وقد أسماه تورقا من الورِق (بفتح الواو وكسر الراء) وهو الفضة، وفي زمنهم كان يطلق على الدراهم ورِق لأنها من الفضة
كما أنه أخرج لفظا خاصا له ليبين أن إثمه أخف من بيع العينة الصريح.
كيف يتم بيع العينة؟
بيع العينة هو أن تشتري بضاعة من شخص بسعر ما بالأجل (أو الأقساط)، ثم تبيعها لنفس الشخص (كاش) بسعر أقل من الذي اشتريته.
كيف يتم التورق؟
التورق يتم عن طريق شراء بضاعة من شخص بسعر ما بالأجل (أو بالأقساط) ثم تبيعها
لشخص آخر نقدا (كاش) بسعر أقل من السعر الذي اشتريت به
وغالبا ما تكون النية من التورق الحصول على النقد (الكاش) بينما العملية أوضح في العينة لأنك لا تلجأ لهذا إلا بغية الحصول على النقد (الكاش)
........................................................
اختلف العلماء المعاصرين على حكم التورق كما أسلفنا
وعند اختلاف العلماء، ولا سيما إن كانوا أكابر، تأخذ الرأي الذي تميل إليه أكثر دون أن تشوب نيتك البحث عن الرخص
يعني قناعة برأي لا أكثر، وخصوصا أن لكل رأي أدلة، وهذه الاختلافات واردة جدا في المسائل الفقهية
.........................................................
رأي الشيخ إبن باز رحمه الله تبارك وتعالى في التورق
ما رأيكم يا سماحة الشيخ في بيع التورق, وما حكمه، وما صفته؟
بيع التورق لا بأس به على الصحيح، وصفته أن تشتري سلعة من زيد إلى أجل، ثم تبيعها بالنقد لحاجتك تشتري سيارة من زيد بأقساط معلومة ثم بعد قبضها تبيعها بالنقد حتى تتزوج أو توفي دين عليك أو تعمر بيتك أو ما أشبه ذلك هذا هو بيع التقسيط ويسمى التورق، ويسميه بعض الناس الوعدة بالواو والعين، ويسميه بعض الفقهاء التورق فهذا بيع التقسيط، فإن كان لغير البيع فإنه لا حرج عند الجميع، كونه اشترى السلعة إلى أجل لكن ليستعملها هذا جائز عند الجميع أو اشترى بيتاً للتقسيط ليسكنه هذا جائز عن الجميع لقول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) فأباح الله المداينة، لكن الخلاف إذا اشتراه ليبيعه، اشتراه لأجل ليبيعه بالنقد حتى يستعمله في حاجته هذا يقال له بيع التورق، وبيع التقسيط للمبيع بالنقد هذا هو محل الخلاف، والصواب أنه لا حرج فيه ولو أنه للبيع ويسمى التورق ويسميه بعض العامة الوعدة فإذا اشتريت السيارة بأقساط معلومة، وقصدك أن تبيعها لتتزوج أو لتعمر بيتاً أو لتوفي دَيناً فهذا يسمى بيع التورق، وهو صحيح والصواب أنه لا بأس به لأنه داخل في قوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) وداخل في قوله سبحانه: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وداخل في الأحاديث الصحيحة (البيعان بالخيار) إلى غيره.
رابط الصفحة:
http://www.binbaz.org.sa/mat/20265
......................................................................
رأي الشيخ إبن عثيمين رحمه الله تبارك وتعالى في التورق:
السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ يقول هذا السائل ما حكم بيع العينة وأيضاً أسأل عن بيع التورق؟
الجواب
الشيخ: بيع العينة أن يبيع الإنسان شيئاً بثمنٍ مؤجل ثم يشتريه بثمنٍ أقل نقداً مثل أن يبيع هذه السيارة بستين ألفاً مؤجلة بأقساط ثم يعود ويشتريها من صاحبها بأربعين ألفاً نقداً هذه مسألة العينة وهي حرام لأنها حيلةٌ على الربا بصورة بيعٍ غير مقصود وأما إذا باعها المشتري على شخصٍ آخر بأقل مما اشتراها به يريد دراهمها فهذه مسألة التورق وقد اختلف فيها العلماء فمنهم من ألحقها بمسألة العينة ومنهم من قال أنه لا بأس بها والاحتياط أن لا يتعامل بها.
رابط الصفحة:
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6102.shtml
....................................................................
ها قد رأيتم شيخين من أعلام عصرنا اختلفا في التورق
أنا شخصيا أميل لرأي الشيخ إبن عثيمين والشيخ إبن تيمية
وحاشا لله أن أحلل أو أحرم
والله تبارك وتعالى أعلم وأعلم
رحمهم الله تبارك وتعالى جميعا، فقد أثروا الأمة الإسلامية بعلمهم
لذلك أنصح الإخوة الكرام، أنه حين يكون هنالك اختلاف في المسائل الفقهية بين العلماء، أن يعملوا بما يميلون إليه من رأي لاسيما وإن كان صادرا من أكابر علماء الأمة، ولا يجوز أن نجعل هذا الاختلاف بالرأي مصدر جدل بين المسلمين
بارك الله فيكم