اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ..اللهم آمين.
سألبي طلبكم بذلك وبأقل وقت ممكن كما طلبتم.
وأجيبكم برأي أغلب القانونيين وعلى رأسهم عبد الرزاق السنهوري بأن المالك هو الشخصية الاعتبارية ، وأن ما قدمه المساهم من مال يخوله حقوقاً وليس نصيباً من الشركة إلا في حالة وفاة الشخصية الاعتبارية ( التصفية ) فهنا يظهر الشخص الطبيعي ( المساهم ) ويطالب بصفته قد انتقلت له الذمة المالية والصفة القانونية بعد وفاة الشخصية الاعتبارية.
القانون ينظر إلى المال فإن عدم ينظر إلى الشخص
الفقه ينظر إلى الشخص فإن عدم ينظر للمال.
كالإنسان إذا كان عليه دين يطالب به وهي حيٌ فإذا مات فإنه لا تمت معه الذمة المالية بل تظهر قائمة فتصبح محل للالتزام ولا تبرئ ذمته إلا بالسداد ، والأصل المعمول به قانونا وقضاء وواقعا هو معاملة الشخصية الاعتبارية كشخصية مستقلة لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم المساهمين، ولذا حينما يساهم الشخص في شركة ما فهو يعلم أنه لن يكون مسؤلا عن ديونها او واجباتها أو التزاماتها وإنما هي قائمة بنفسها فهي الشركة بعينها ولكنها تخول مساهميها حقوقا ً.
ولكن دكتور لأختصر عليك الطريق أكثر وأكثر فأقول قد قرأت بحثاً قيماً في هذا الباب للدكتور الغرداقي وايضاً تأصيلا فقهياً للشخصية الاعتبارية للدكتور البعلي حفظهما الله جميعا ، ولكني أشرت إليك بان نفرق بين أمرين مهمين وهما نظام التداول ونظام الشركات وهما نظامان منفصلان عن بعضهما انفصالا تاماً! هنا أعتقد مربط الفرس .
بمعنى :: تخيل معي لو أنه لم يكن هناك نظام للتداول ( تخيل الآن وتصور هذا واقعا ً ) فهل هذا سيقطع النقاش في قضية الشخصية الاعتبارية وملكيتها ؟ لا أعتقد ذلك .. أم هل ستنتهى الشركات وأعمالها ؟ طبعا لا .. فكيف إذا أضفنا نظاماً آخرا منفصلاً عنها ووضعنا له أحكاماً مرتبطة بها !! .
بل دعني أذهب إلى أبعد من ذلك واقول لا إشكال عندي سواء كانت الملكية للشخصية الاعتبارية أو للمساهم .. أنا ابحث في هذا النظام الرديف( وهو نظام التداول ) المنفصل تماما عن نظام الشركات وتاسيسها وشخصيتها الاعتبارية ، فهل لهذا النظام علاقة بالشخصية الاعتبارية ؟
نظام الشركات شئ ، ونظام التداول شئ آخر. أحكام المساهمة شئ وأحكام التداول شئ آخر
نقطة مهمة أخرى للتوضيح ايضاً :: عند من يقول أن المالك هو المساهم أو المالك هو الشخصية الاعتبارية فهم متفقون على أن بيع أو شراء السهم ليس بيع أوشراء لما يقابله من موجودات الشركة ، إذا هو بيع وشراء لماذا ؟
بل لأذهب أبعد من هذا بكثير ودعني اقول إن المساهم هو المالك ويملك حصة شائعة في راس مال الشركة فهل بيعه لحصته قائم على تنضيض حقيقي أو حكمي ؟ قد ذكرت ذلك في مداخلة سابقة أنه غير متحقق لا التنضيض الحقيقي ولا الحكمي ، وان الأمر ليس له علاقة بالعرض والطلب وعوامله الحقيقية المؤثرة فيه.
الخلاصة :: كانت هناك مشكلة اسمها ملكية الاسهم هل تعود للشخصية الإعتبارية للشركة أم للمساهم ؟ ( علماً أن القانون قد حسمها لصالح الشخصية الاعتبارية ) ثم أضفنا مشكلة اخرى إسمها التداول وحقيقته القائم عليها . وكلاهما مشكلتان منفصلتان .. بمعنى حتى وإن حللت المشكلة الأولى تبقى الأخرى لوحدها قائمة مستقلة بذاتها ..
فكيف إذا زاوجنا بين مشكلتين غائرتين فقها وقانونا فإنه يخرج لنا ولد عاق لا نفع فيه ولا صلاح أسميناه ( سهم ) ونريد أن نعطيه أحكام شركة منظبطة بالفقه الإسلامي.
أنا أعرف أنك تحاول أن تحل المشكلة الثانية من خلال إرجاعها إلى المشكلة الأولى وحلها ، ولكن لا ارتباط بينهما فضيلة الدكتور نايف حفظك الله، وقد دللت على ذلك في المداخلات السابقة .
أما نفي كون المساهم شريكا من جانب فقهي فهو اسهل بكثير وعلاماته واضحة وبادية بشكل كبير.
صدقني دكتور نايف أن موضوع الشخصية الاعتبارية وملكيتها يبقى من أبرز اثاره هو موضوع الزكاة فهل تجب الزكاة على الشخصية الاعتبارية دون المساهمين عند من يقول بملكية الشخصية الاعتبارية، ومن يقول بملكية المساهم يوجب الزكاة على المساهم .. وهذه المشكلة يمكن ضبطها .
ولكن الأدهى والأمر هو المشكلة الثانية لأنها متعلق في جواز البيع من عدمه إضافة إلى موضوع الزكاة .
ودمتم بخير