فرصة
عضو نشط
- التسجيل
- 25 أبريل 2008
- المشاركات
- 508
آثار اجتماعية صارخة بدأت تظهر على المواطنين
استأثرت المحنة الاقتصادية بجميع محركات وآليات الدولة، فلا حديث بين اثنين او اكثر الا وكانت المحنة الاقتصادية ضمن اولوياته سواء كان المتحدث متعاملا ومرتبطا بالتعاملات وبالتالي متأثرا مباشرا، او من المتأثرين غير المباشرين او العاملين الذين ظهر لهم شبح فقدان مدخراتهم من جانب ووظائفهم من جانب آخر، أو من غير المتأثرين اقتصاديا الذين لا يتعاملون ولا يعرفون هذا الجانب الاقتصادي اما لجهل في كيفية التعامل او لقلة ومحدودية الموارد التي تسمح لهم بالتعامل في الاسهم والجوانب الاستثمارية الاخرى، والعامل المشترك بين الجميع هو التأثير النفسي السلبي الحالي والمستقبلي.
المعطيات التي يقاس بها وجود التأثير النفسي كثيرة، ويمكن ان يكون «التعامل الساخر» مع الوضع احد هذه المؤشرات التي يقاس بها التأثير النفسي، فعندما يسخر المجتمع من محنته فتلك اشارة واضحة الى وصول التأثير النفسي الى مرحلة الشعور العكسي تماماً مثل الانسان الذي يواصل البكاء والحزن لينقلب بعد وصوله الى حدوده القصوى الى ضحك، واحيانا ضحك هستيري وهو مقياس نتلمس آثاره بشكل يومي من خلال الرسائل الهاتفية القصيرة واللقاءات الاجتماعية المختلفة فقد كانت السخرية حاضرة خلال اقل من نصف ساعة من ظهور خبر اقتصادي مؤثر وهذه المؤشرات توضح بما لا يدع مجالاً للشك ان الآثار الجانبية السلبية الحالية والمستقبلية للمحنة الاقتصادية على المجتمع كبيرة وعميقة.
درجات متفاوتة
المعالجة الاعلامية سواء كانت مكتوبة او مسموعة او مرئية هي المؤثر الاكبر في الحالة النفسية والهلع الشخصي والاهتزاز الوجداني للمجتمع والافراد بدرجات متفاوتة فتأثير المحنة الاقتصادية على المجتمع تخلق بيئة مثالية للاشاعات والاقاويل، والتنبؤات المختلفة التي بدورها تنبت سلوكيات متطرفة غير محسوبة تنتج عنها مشاكل جديدة كبيرة ومؤثرة على استقرار وترابط النسيج الاجتماعي، واكثر شرائح المجتمع تأثراً هي الطبقة المتوسطة بكل تقسيماتها المتوسطة العليا والمتوسطة الدنيا وبكل المقاييس، فان هذه الطبقة وتقسيماتها هي صمام الامان في أي مجتمع وليس في المجتمع الكويتي فقط.
نفتقد في الكويت خصوصاً، والمنطقة بشكل عام الى الارقام والاحصاءات الدقيقة للمتغيرات المباشرة وغير المباشرة على المجتمع، فمثلا لا توجد ارقام بعدد المتأثرين صحيا ممن لديهم امراض العصر ومن تمكن منهم مرضا السكري والضغط كمؤشر فقط للمتأثرين المباشرين الذين يمكن ان يكونوا قد خسروا مدخراتهم ويمكن ان يكونوا دخلوا في نفق المديونية، فالاحصاءات والارقام متى توفرت تكون بداية لتشخيص صريح لمساحة ومدى تأثير المحطة الاقتصادية على المجتمع.
أتصور ان الجميع متأثر بصورة أو بأخرى، رغم معلوماتي شبه المؤكدة ان المتأثرين في المحنة الاقتصادية الحالية بشكل مباشر لا يمثلون أكثر من ربع أو ثلث المجتمع، ولكن المعالجة الإعلامية تظهر الوضع على أنه يشمل كل المجتمع بكل فئاته وشرائحه. وهذا غير صحيح بتاتاً والمحنة الاقتصادية، كما تتناقل وسائل الإعلام، تتحدث عن خسائر تصل إلى أكثر من 20 مليار دينار وهو رقم مخيف وكبير في ظل انخفاض النفط، وقرار أوبك الأسبوع الماضي تخفيض سلة أوبك مليونا ونصف مليون برميل يوميا، مما يرجعنا إلى سياسات شد الحزام وتخفيض الانفاق.
إجراءات مخيفة
الكثير من المواطنين ممن ألتقيهم وممن يتواصل معي لديه تساؤلات كثيرة في ذهنه تؤرقه وتحبطه. وفي تصوري انها تساؤلات مشروعة في ظل دولة الرفاه، ومن هذه التساؤلات: هل تسأل أحدا في ظل المحنة الحالية عن المؤثرات والتأثيرات على المجتمع وأفراده الذين لا دخل لهم في التعاملات الاستثمارية والتراكمات النفسية للموظفين، خاصة العاملين في القطاع الخاص في ظل توارد الأخبار عن استغناء الكثير من الشركات العالمية عن عدد كبير من موظفيها؟ وهل سيكون هناك إجراءات مشابهة في الكويت؟ وهل القائمة الطويلة من المنتظرين للوظائف ستطول أكثر من حيث العدد والمدة؟ وهل ستتأثر المشكلة الإسكانية أكثر؟ وهل سيكون تأثير المحنة الاقتصادية على الخدمات الأساسية التي تعاني من مشاكل أصلاً مثل الكهرباء والماء؟ وهل الخدمات الصحية الحكومية ومشاريع تطويرها وتنميتها ستتوقف؟ وبالتالي سيكون التأثير فاجعيا على خطة الدولة التي لم تناقش حتى الآن في مجلس الأمة؟
وسائل الإعلام المختلفة حتى الآن أغفلت التعامل والمعالجة الإعلامية للآثار الحالية والمستقبلية على المجتمع وشرائحه المتأثرة خاصة التأثير غير المباشر للمحنة الاقتصادية، وهذا القصور في رؤية الصورة الأكبر لم يشمل فقط وسائل الإعلام، بل تعداه إلى دور مؤسسات المجتمع المدني خاصة المتخصصة مثل الجمعية الاقتصادية وجمعية الخريجين وجمعية العلاقات العامة الكويتية وجمعية الاجتماعيين من خلال إقامة ندوات ولقاءات واستضافة متخصصين لشرح هذه التأثيرات، ومحاولة وضع معالجات آنية ومستقبلية لما ستترتب عليه نتائج هذه التأثيرات على جميع شرائح أفراد المجتمع.
أقترح على الصحافة خاصة ووسائل الإعلام الأخرى بما فيها النشر عبر الشبكة العنكبوتية تخصيص مساحة متوازنة في التوقيت وليس بالضرورة والحجم لتحليل وتشخيص هذه التأثيرات واقتراح حلول ومعالجة وسائل الإعلام. كذلك اقتراح أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني خاصة التي لها علاقة مباشرة بالمحنة الاقتصادية التي لها علاقة بالمؤثرات الاجتماعية والنفسية ليتم اقتراح أدوات ووسائل للتخفيف من هذه الآثار على المجتمع.
طارق الرجيب
مستشار علاقات عامة وإعلام
alrujaib-pr@alrujaib-pr.com
استأثرت المحنة الاقتصادية بجميع محركات وآليات الدولة، فلا حديث بين اثنين او اكثر الا وكانت المحنة الاقتصادية ضمن اولوياته سواء كان المتحدث متعاملا ومرتبطا بالتعاملات وبالتالي متأثرا مباشرا، او من المتأثرين غير المباشرين او العاملين الذين ظهر لهم شبح فقدان مدخراتهم من جانب ووظائفهم من جانب آخر، أو من غير المتأثرين اقتصاديا الذين لا يتعاملون ولا يعرفون هذا الجانب الاقتصادي اما لجهل في كيفية التعامل او لقلة ومحدودية الموارد التي تسمح لهم بالتعامل في الاسهم والجوانب الاستثمارية الاخرى، والعامل المشترك بين الجميع هو التأثير النفسي السلبي الحالي والمستقبلي.
المعطيات التي يقاس بها وجود التأثير النفسي كثيرة، ويمكن ان يكون «التعامل الساخر» مع الوضع احد هذه المؤشرات التي يقاس بها التأثير النفسي، فعندما يسخر المجتمع من محنته فتلك اشارة واضحة الى وصول التأثير النفسي الى مرحلة الشعور العكسي تماماً مثل الانسان الذي يواصل البكاء والحزن لينقلب بعد وصوله الى حدوده القصوى الى ضحك، واحيانا ضحك هستيري وهو مقياس نتلمس آثاره بشكل يومي من خلال الرسائل الهاتفية القصيرة واللقاءات الاجتماعية المختلفة فقد كانت السخرية حاضرة خلال اقل من نصف ساعة من ظهور خبر اقتصادي مؤثر وهذه المؤشرات توضح بما لا يدع مجالاً للشك ان الآثار الجانبية السلبية الحالية والمستقبلية للمحنة الاقتصادية على المجتمع كبيرة وعميقة.
درجات متفاوتة
المعالجة الاعلامية سواء كانت مكتوبة او مسموعة او مرئية هي المؤثر الاكبر في الحالة النفسية والهلع الشخصي والاهتزاز الوجداني للمجتمع والافراد بدرجات متفاوتة فتأثير المحنة الاقتصادية على المجتمع تخلق بيئة مثالية للاشاعات والاقاويل، والتنبؤات المختلفة التي بدورها تنبت سلوكيات متطرفة غير محسوبة تنتج عنها مشاكل جديدة كبيرة ومؤثرة على استقرار وترابط النسيج الاجتماعي، واكثر شرائح المجتمع تأثراً هي الطبقة المتوسطة بكل تقسيماتها المتوسطة العليا والمتوسطة الدنيا وبكل المقاييس، فان هذه الطبقة وتقسيماتها هي صمام الامان في أي مجتمع وليس في المجتمع الكويتي فقط.
نفتقد في الكويت خصوصاً، والمنطقة بشكل عام الى الارقام والاحصاءات الدقيقة للمتغيرات المباشرة وغير المباشرة على المجتمع، فمثلا لا توجد ارقام بعدد المتأثرين صحيا ممن لديهم امراض العصر ومن تمكن منهم مرضا السكري والضغط كمؤشر فقط للمتأثرين المباشرين الذين يمكن ان يكونوا قد خسروا مدخراتهم ويمكن ان يكونوا دخلوا في نفق المديونية، فالاحصاءات والارقام متى توفرت تكون بداية لتشخيص صريح لمساحة ومدى تأثير المحطة الاقتصادية على المجتمع.
أتصور ان الجميع متأثر بصورة أو بأخرى، رغم معلوماتي شبه المؤكدة ان المتأثرين في المحنة الاقتصادية الحالية بشكل مباشر لا يمثلون أكثر من ربع أو ثلث المجتمع، ولكن المعالجة الإعلامية تظهر الوضع على أنه يشمل كل المجتمع بكل فئاته وشرائحه. وهذا غير صحيح بتاتاً والمحنة الاقتصادية، كما تتناقل وسائل الإعلام، تتحدث عن خسائر تصل إلى أكثر من 20 مليار دينار وهو رقم مخيف وكبير في ظل انخفاض النفط، وقرار أوبك الأسبوع الماضي تخفيض سلة أوبك مليونا ونصف مليون برميل يوميا، مما يرجعنا إلى سياسات شد الحزام وتخفيض الانفاق.
إجراءات مخيفة
الكثير من المواطنين ممن ألتقيهم وممن يتواصل معي لديه تساؤلات كثيرة في ذهنه تؤرقه وتحبطه. وفي تصوري انها تساؤلات مشروعة في ظل دولة الرفاه، ومن هذه التساؤلات: هل تسأل أحدا في ظل المحنة الحالية عن المؤثرات والتأثيرات على المجتمع وأفراده الذين لا دخل لهم في التعاملات الاستثمارية والتراكمات النفسية للموظفين، خاصة العاملين في القطاع الخاص في ظل توارد الأخبار عن استغناء الكثير من الشركات العالمية عن عدد كبير من موظفيها؟ وهل سيكون هناك إجراءات مشابهة في الكويت؟ وهل القائمة الطويلة من المنتظرين للوظائف ستطول أكثر من حيث العدد والمدة؟ وهل ستتأثر المشكلة الإسكانية أكثر؟ وهل سيكون تأثير المحنة الاقتصادية على الخدمات الأساسية التي تعاني من مشاكل أصلاً مثل الكهرباء والماء؟ وهل الخدمات الصحية الحكومية ومشاريع تطويرها وتنميتها ستتوقف؟ وبالتالي سيكون التأثير فاجعيا على خطة الدولة التي لم تناقش حتى الآن في مجلس الأمة؟
وسائل الإعلام المختلفة حتى الآن أغفلت التعامل والمعالجة الإعلامية للآثار الحالية والمستقبلية على المجتمع وشرائحه المتأثرة خاصة التأثير غير المباشر للمحنة الاقتصادية، وهذا القصور في رؤية الصورة الأكبر لم يشمل فقط وسائل الإعلام، بل تعداه إلى دور مؤسسات المجتمع المدني خاصة المتخصصة مثل الجمعية الاقتصادية وجمعية الخريجين وجمعية العلاقات العامة الكويتية وجمعية الاجتماعيين من خلال إقامة ندوات ولقاءات واستضافة متخصصين لشرح هذه التأثيرات، ومحاولة وضع معالجات آنية ومستقبلية لما ستترتب عليه نتائج هذه التأثيرات على جميع شرائح أفراد المجتمع.
أقترح على الصحافة خاصة ووسائل الإعلام الأخرى بما فيها النشر عبر الشبكة العنكبوتية تخصيص مساحة متوازنة في التوقيت وليس بالضرورة والحجم لتحليل وتشخيص هذه التأثيرات واقتراح حلول ومعالجة وسائل الإعلام. كذلك اقتراح أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني خاصة التي لها علاقة مباشرة بالمحنة الاقتصادية التي لها علاقة بالمؤثرات الاجتماعية والنفسية ليتم اقتراح أدوات ووسائل للتخفيف من هذه الآثار على المجتمع.
طارق الرجيب
مستشار علاقات عامة وإعلام
alrujaib-pr@alrujaib-pr.com